الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

فتنة الأفعى

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«لا أمان لمن تربى فى بيت الأفاعى».. مقولة رائعة من موروثنا الشعبى.. بسيطة فى معناها الشكلى الظاهرى، عميقة فى دلالاتها المشحونة بالحكم على الأشياء الملتبسة والشخصيات الكريهة الموبوءة، باعتبار أن من تربى فى غياهب تلك الجحور والأوكار، سيصبح قطعا من الأفاعى «حية أو حرباء» أيا كان الاسم المتداول وفق ثقافة كل مجتمع، فهذه التربية ستجعله مكتسبا لأخلاقهم الموصومة بالخيانة وخداع الآخرين، باعتبار أن الحيات لايخرج من لسانها العسل، ولا يسلم الناس من أذاها ولدغاتها المباغتة القاتلة، مرورا بغدرها الفطرى بفعل الجينات الوراثية.
هى لا «تبخ» السم فقط، لكن لديها براعة وقدرة فائقة على تغيير جلدها تلقائيا للتعايش والتكيف مع محيطها، على حسب لون الجحور سواء كانت فى الريف أو الصحراء. 
ربما يتساءل البعض.. لماذا الحديث عن الأفاعى فى هذا المقام؟ وما الهدف من استدعاء المقولة التى يرددها البسطاء فى بلادنا بهذا المقال؟ 
الأمر ببساطة شديدة أننى رأيتها، أى المقولة، ملائمة للحكم على عبدالمنعم أبوالفتوح ومواقفه المتناقضة وتاريخه المشين فى العمل الدءوب لعرقلة أى تقدم لهذا البلد، فهو لم ولن يخرج من عباءة الإخوان، وهذا اليقين لم يأت فقط من كونه تربى فى كهوفهم الظلامية، إنما لأنه أحد الذين غرسوا بذور الإرهاب فى هذا البلد عندما أوكل إليه تأسيس الجماعات الإسلامية مع رفيقه عصام العريان داخل الجامعات والأوساط الطلابية فى النصف الأول من سبعينيات القرن الماضى، كان ذلك بتعليمات مباشرة من مرشده عمر التلمسانى الذى جنده فى مستشفى قصر العينى، فضلا عن أنه كان وما زال أبرز القيادات الإخوانية الداعية لأفكار حسن البنا، وهى ذات الأفكار التى تدور فى فلك تحويل الدولة المصرية بكل إمكانياتها وعمقها الحضارى إلى أداة فى يد التنظيم الإرهابى. 
إن حديثه الدائم عن منهج إمامهم «البنا» يعنى عدم خروجه عن أفكارهم ويفيد أنه لم يدخل فى خانة المراجعات، باعتبار أن رفض الجماعة يمثل رفضا لأفكار قياداتها ومرجعياتها الفكرية من البنا إلى الهضيبى.
أبوالفتوح لم يخرج فعليا من كهف الإخوان فهو يدور فى فلك التنظيم لإثبات أنه الأجدر بقيادة فلولها، خاصة إذا علمنا أن فصله من مكتب الإرشاد فى أعقاب ٢٥ يناير ٢٠١١ جاء عقابا له على مطامعه الشخصية فقط وجرأته على التقدم لهذا الأمر من تلقاء نفسه. 
قبل أيام قليلة وفى توقيت مريب، خرج «أبوالفتوح» من جحره ساعيا لإرباك المشهد السياسى وداعيا عبر «هرتلات مجنون» لإثارة الفتنة بابتكار الأكاذيب وخلق المعطيات الوهمية القائمة على افتراضات ليست موجودة على أرض الواقع، فى محاولة من جانبه لإثبات أنه مؤثر وفاعل فى المشهد العام.
ارتدى ثياب الواعظين وأطلق العنان لخياله المريض فى توجيه الدعوة لمقاطعة الانتخابات النيابية، بل ذهب لأبعد من ذلك عندما خير المصريين بين إجراء انتخابات رئاسية مبكرة أو الفوضى فضلا عن الحديث حول الاصطفاف الوطنى بهدف مواجهة الدولة!!
ففى سياق محاولاته أراد أبوالفتوح من خلال اإحاءات مكشوفة تمرير حزمة من الأفكار الخبيثة أراد من خلالها بث بعض السموم والرغبات الشيطانية، مفادها عدم استقرار الأوضاع فى البلاد، المثير للدهشة أن البعض تناول ما قاله القيادى الإخوانى بقدر من الاهتمام، دون إدراك لحقيقة مهمة أنه يحاول تعويض خروجه المهين من حظيرة الجماعة بالحصول على كرسى الرئاسة الذى كان سببا رئيسيا فى طرده وإعلان الغضب عليه فى إطار الصراع الداخلى، المثير أكثر للاستغراب أن أطروحاته المريضة والخبيثة، جاءت متزامنة مع إجراء الاستحقاق الثالث والأخير من خارطة الطريق وفق متطلبات ثورة ٣٠ يونيو التى أطاحت بإخوان أبوالفتوح، كما أنها جاءت فى ظل أوضاع مستقرة ليس بها ما يجعل أى عاقل يتحدث فى ما قاله. 
أبوالفتوح يعلم قبل غيره أن الرأى العام لن يصدقه فى ما يقول لأنه دأب على الكذب، وهو منهج خالص للجماعة فى تعاملها مع الآخرين، ويدرك أن المصريين لن يستجيبوا لدعواته المشبوهة باعتبارها ضد مسيرة البلد واستقرارها. 
النائب السابق للمرشد يعلم ويدرك أنه خارج الحسابات الوطنية، والدليل على علمه بذلك، أن حزبه لم يستطع المشاركة فى أى استحقاق دستورى لدرايته المسبقة بأنه مرفوض شعبيا لأن مرجعيته الفكرية إخوانية، فضلا عن أن دفاعه الدائم عن جماعته التى تربى فى أوكارها جعل المصريين يتعاملون مع أبوالفتوح بقدر هائل من الكراهية سواء على مستوى الشخص أو لأفكاره التى خرجت من نفسه الموحشة وعقله المريض.
فى أعقاب تصريحاته التى أدلى بها لقناة بى بى سى العربية، تحدث الكثيرون فيما قاله أبوالفتوح وطبعا بالرفض، لكن فى المقابل طرأ على الساحة السياسية سؤال، أرى أنه فى غاية الأهمية: لماذا تترك الدولة أبوالفتوح حرا طليقا دون محاسبة على مشاركته فى الخراب الذى جرى فى مصر، ألم يكن الرجل مسئولا كبيرا فى مكتب الإرشاد أثناء التنسيق مع جهات أجنبية لإحداث الفوضى فى ٢٥ يناير.. وهل من الممكن أن تتم أى اتصالات بعيدا عن النائب الأول للمرشد.. لماذا لا تتم محاسبته على تبديد أموال نقابة الأطباء لصالح التنظيم الدولى ودعم الجماعات الإرهابية؟.