الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ثعبان يعض ذيله.. دائرة المؤامرة الجديدة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رافقت محاولة الغزو المسلح لمصر فى يناير ٢٠١١، تحركات قوية من مجموعات المتدربين والجواسيس والعملاء الذين صاغت منهم أجهزة المخابرات الدولية سبيكة واحدة عُرفت بأنها (نخبة يناير)، وقفزت جميع الأطراف على الكتلة الاجتماعية الضخمة الغاضبة التى خرجت لتعلن احتجاجها على سياسات اجتماعية - اقتصادية ظالمة من وجهة نظرها مطالبة بالإصلاح، وليس ما هو أكثر من الإصلاح، وتصورت نخبة يناير الخائنة والعميلة أنها بذلك سيطرت على الموقف دون إدراك لأن الإخوان والسلفيين وعموم الإسلاميين يقفون على الجانب الآخر من الشارع ينتظرون اختطاف كل شىء، وقد خطفوه - بالقطع - لأن نخبة يناير العميلة كانت مدفوعة بتحريض ممن يحركوها فى الخارج إلى التحالف مع الإسلاميين، وقد تواصل ذلك التحالف إلى نقطة كارثية هى اختراع نظرية (عصير الليمون) لتبرير تأييد محمد مرسى ليصبح أول جاسوس مدنى منتخب.
تحالف الخونة مع الإسلاميين، فيما عادت الكتلة الاجتماعية إلى المنازل، تتفرج على ما يحدث ولا تفهمه، وتشعر بشىء غامض حرك كل ما جرى، وأن ذلك الشىء الغامض لا يريد خيرًا لمصر، ونما ذلك الشعور بضراوة حين وضح استهداف تحالف الخونة والإسلاميين لضرب مؤسسات الدولة وبالذات الجيش والقضاء بعد الشرطة والإعلام.
ثم سارت الأحداث فى مسلسل تعرفونه إلى نقطة اندلاع ثورة ٣٠ يونيو العظمى، وإطاحتها بكل الكراكيب السياسية الإقليمية والدولية من مشروع إحياء العثمانية التركى، إلى مشروع الخلافة الإخوانى، إلى مشروع الشرق الأوسط الأوسع الأمريكى المؤيد من الاتحاد الأوروبى، إلى مشروع الإمبراطورية الفارسية الجديدة فى أربع عواصم عربية توطأة للوصول إلى مصر، إلى المشروع الأزلى لإسرائيل فى إقامة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات.
نجحت ثورة يونيو فى القضاء على ما بدا لنا جميعا أنه المؤامرة، وسارت الأمور بطريقة شعرنا معها جميعا أن هناك مقاومة داخل جسم الدولة للسيسى (رمز ثورة ٣٠ يونيو)، ولكنه عبر فوق الإعاقات مهندسا مشروعه المستقبلى للتنمية وعلاقات دولية بناها بصبر وكفاءة، ولكنه - قطعا - لم ينتبه إلى خطورة كمون فلول الإسلاميين ونخبة يناير الخائنة فى داخل بدن الدولة المصرية، وأكبر دليل على ذلك خطأه الوحيد وهو عدم الموافقة على إنشاء ظهير حزبى له، يتولى ترميم الجبهة الداخلية وإعدادها للتصدى إلى كل التحديات المتوالية، التى لا نكاد نفيق من إحداها حتى تعاجلنا الأخرى.
وظل ذلك الخطر ساكنا لم نشعر بكامل قدرته إلا حين بدأ ما يعرف باسم (الموجة الثانية للمؤامرة) وهى التى بدأت - مباشرة - بعد افتتاح قناة السويس الجديدة، والتى اختلطت فيها الحملة العسكرية وشبه العسكرية للإخوان والتكفيريين ضد القوات المسلحة، بموجات مروعة من الحرب النفسية والشائعات، ومحاولات التحريض وهو ما أخذ الأشكال التالية:
أولًا: محاولة إحياء مشروع اقتطاع جزء من سيناء تحت عناوين مختلفة منها المغالاة فى السماح لحماس بالتسلح، أو محاولة تدويل أمن سيناء عبر الإلحاح فى المشاركة والدفع والتحريض لأحداث إرهابية فى سيناء.
ثانيا: استهداف الاقتصاد والأمن والإعلام، عبر ضرب الاستثمار والسياحة والتشكيك فى جدوى مشروعات الدولة فى الضبعة وقناة السويس والمليون ونصف المليون فدان والعاصمة الإدارية الجديدة والعلمين، مع التحريض على زيادة الاحتقان الشعبى ضد قصور بعض الخدمات أو حول معاناة الطبقات الفقيرة، والترويج لاتهامات تؤكد أن السيسى يعيش فى أحلام بعيدة عن المصالح الحقيقية للمستضعفين والمهمشين.
أما ضرب الأمن فتنشط فى سبيل تحقيقه حملات تشويه مروعة، يساعد عليها غل يد الأمن عن المواجهة سواء عبر إعاقة تنفيذ القانون، أو تخويف الضباط والأفراد من محاسبات قاسية إذا نجح بعض النشطاء فى الإيحاء بتجاوزات، أو تعميم الأخطاء الفردية الصغيرة لتدمير صورة مؤسسة الشرطة، أو إضعاف تأثير الأمن فى بعض المسائل السياسية التى يقدم فيها توصيات سواء بتعيين بعض العناصر، أو إبعاد بعض العناصر، أو الالتزام بسياسات معينة أو اتخاذ إجراءات وقائية تؤدى إلى محاصرة الأخطاء.
أما الإعلام فقد تحوّل واحدًا من أهم الأخطار التى تهدد كيان دولة السيسى ومشروع مصر الجديدة، فيما المفترض كان أن يصير أهم أدواتها، وأسباب ذلك سيطرة رأس المال الخاص التابع للغرب وأمريكا على معظم وسائله وتوجيهه فى بعض الملفات على نحو يهدد الدولة بأخطار كبيرة، ويساعد على ذلك تجمع من المذيعين والإعلاميين المجندين لخدمة أغراض التنظيم الدولى للإخوان أو الطابور الخامس الكامنين فى بدن الدولة، كما ساعد على ذلك المحاولة الخائبة من بعض رجال السلطة لاحتواء أولئك أو (لمهم) أو احتضانهم، على نحو أثبت فشله حين ظهر أن أولئك الإعلاميين الذين احتضنتهم السلطة، كانوا جاهزين تماما للانقلاب عليها حين بدأت الموجة الثانية من المؤامرة، وتسيير عجلة الإعلام المضاد فى أربعة مسارات تشبه حركة ثعبان يعض ذيله، أى يسلمك آخرها إلى أولها فى حلقة مفرغة، وتلك المسارات هى مواقع التواصل التى صارت المصدر المغزى لمعظم القنوات والإعلاميين، والمسار الثانى هو فرق الإعداد التى يتشكل قوام معظمها الآن من الإخوان والإسلاميين والاشتراكيين الثوريين والعناصر اليسارية الأخرى المناهضة للسيسى، أو المعارضين المحيطين الذين يحاولون الضغط فى مربع الإعلام لتعظيم أى معارضة فى الشارع بعد أن فشلوا - أساسا - فى إثبات أنفسهم سياسيا فى ذلك الشارع!
هذا إعلام خائن، وأنا لا أخجل من الحديث عن التخوين طالما أن هناك خيانة، ولا أشعر بكسوف من التفكير التآمرى طالما هناك مؤامرة.
هذا إعلام يسعى إلى تعميق أزمة الثقة التى خلقوا فيها بعض ثغرات بسيطة هنا أو هناك من خلال أزمات مرافق أو غيرها، وهذا إعلام يسعى إلى تشويه صورة البلد فى الخارج حتى يصير ما يذاع فيه وينشر مادة يتكئ عليها أى متآمر على الوطن.
ثم رن المسار الرابع الذى تتحرك فيه مؤامرة الإعلام هو ترويج بعض ما تبثه وسائل الإعلام الأجنبية وهو ما يشمل دعاية سوداء وحربًا نفسية ودعائية، وكذلك توظيف وتشغيل وتلميع تجمعات فلول يناير وأعضاء الطابور الخامس.
ثالثًا: استغلال جهل الشباب وبطالته وتحويل كتلته الرقمية إلى كيان معاد للدولة، وتعظيم فكرة عزوفه عن المشاركة السياسية وتبريرها بأنها عزوف عن مساندة القيادة الحالية، ومحاولة تحريك بعض تجمعات الشباب فى نشاط هدام مثلما يحدث فى مجموعات الأولتراس.
رابعًا: تكاثر المشتاقين الجدد حول السيد رئيس الجمهورية ومحاولتهم ضرب تجربته وإفسادها عن طريق خلق حالة الخوف الإدارى والتحسب لاحتجاجات فلول يناير وأصحاب الصوت العالى، ضد اشتراك أى من عناصر نظام ما قبل يناير فى الحياة العامة، بما يخلق منهم حزبا مناوئا، ويؤدى إلى إهدار البلد لطاقته، ويصور أن الرئاسة منحازة للأقلية التى ثبت تواطؤها وخيانتها مع كل متآمر ضد الوطن.
ضاقت هذه السطور بما رحبت ولكن أفكارها تتسع لأن نعاود مناقشتها كلما تيسر.