الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

السيسي في فرنسا للمشاركة في قمة المناخ.. العلاقات بين البلدين تتحول إلى شراكة إستراتيجية.. الرئيس أعطى صفعة قوية لأمريكا بصفقات السلاح الفرنسي.. و"داعش" العدو يقرب بين الدولتين

الرئيس المصري عبد
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يستعد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لزيارة باريس للمشاركة في قمة المناخ التي تعقد نهاية الشهر الجاري في فرنسا بحضور عدد من رؤساء الدول والحكومات، وكذلك ممثل المنظمات الدولية كالأمم المتحدة في أكبر قمة تاريخية تعقد لهذا الشأن مع ارتفاع المخاوف العالمية من التغيرات التي باتت تطرأ على المناخ وخطورتها على مستقبل كوكب الأرض، كما ستتضمن القمة توحيد الموقف العالمي تجاه الإرهاب وتشكيل تحالف دولي لوضع حد لهذا الخطر، خاصة بعد هجمات باريس التي خلفت أكثر من 129 قتيلا في 13 نوفمبر، وقد قام وفد من الخارجية المصرية بالذهاب أمس الأربعاء إلى باريس للإعداد لزيارة الرئيس لهذه القمة.
وجاءت مشاركة الرئيس السيسي في هذه القمة بناءً على دعوة من الحكومة الفرنسية، وتقديرا للعلاقات المصرية الفرنسية الوطيدة التي شهدت تقدما كبيرا في العديد من المجالات منذ الإطاحة بحكم الإخوان المسلمين ف يوليو 2013 وجعل القاهرة لباريس كحليف إستراتيجي لها خاصة فيما يتعلق بصفقات السلاح، في ظل برود العلاقات بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية، التي كانت المورد الوحيد للسلاح للجيش المصري.

4 فرقاطات جويند للبحرية المصرية
لم يمر عدة شهور على الإطاحة في مصر بحكم الإخوان المسلمين، وقيام أمركا على إثرها بوقف تصدير المعدات الثقيلة في مصر، حتى نجح الجيش المصري بقيادة المشير عبد الفتاح السيسي يحنها في توقيع صفقة لتسليم مصر 4 فرقاطات من طراز جويند بقيمة مليار يورو، حيث تشمل الصفقة على تصنيع فرقاطتين في فرنسا، واثنتين أخرتين في ميناء الإسكندرية، على أن يكون التسليم النهائي للأربع فرقاطات عام 2018، وتتميز هذه الفرقاطات في كونها متعددة المهام ولها قدرات على قتال الغواصات وكذلك السفن الحربية، وجاءت هذه الصفقة لتفتح صفحة جديدة في العلاقات المصرية الفرنسية مع رغبة مصر في تنويع مصدر سلاحها للجيش بالبحث عن مصنعين آخرين غير الأمريكيين، مثل روسيا وفرنسا.
زيارة السيسي إلى فرنسا نوفمبر 2014
لم يكد يمر 5 شهور على تولي الرئيس السيسي الحكم عقب الانتخابات، حتى قام بجولة أوروبية بدأت في إيطاليا والفاتيكان، وختمها بفرنسا، وخلال الزيارة ناقش الرئيس عبد الفتاح السيسي العديد من الملفات المهمة والتنسيق بين البلدين في الملف الليبي الشائك مع ظهور داعش في ليبيا، كما دعى الرئيس السيسي نظيره الفرنسي فرانسوا هولاند، للمشاركة في المؤتمر الاقتصادي الذي أقيم في شرم الشيخ في مارس 2015 والذي تضمن تقديم العديد من المشروعات للمستثمرين.
كما ناقش الرئيس السيسي خلال هذه الزيارة صفقة شراء مقاتلات من طراز "رافال" الفرنسية لتزويد سلاح الجو المصري وتمكينه من أداء المزيد من المهام لتعقب الجهاديين في سيناء، إضافة إلى فرقاطتين من طراز فريم متعددة المهام ومجموعة من الصواريخ.
صفقة الرافال نقطة انطلاقة جديدة في العلاقات المصرية الفرنسية
استطاع المفاوضون من الجيش المصري مع الحكومة والشركات الفرنسية في التوصل إلى اتفاق لشراء 24 مقاتلة رافال وفرقاطة من طراز "فريم" متعددة المهام ومجموعة من الصواريخ بقيمة 5 مليارات يورو، كما تضمنت الصفقة تدريب الطيارين المصرين على استخدام الطائرة، وقد مولت السعودية والإمارات جزءا من هذه الصفقة، بينما ضمنت البنوك الفرنسية العاملة في مصر وعلى رأسها كريدي أجريكول وسوسيتيه جنرال هذه الصفقة، وبذلك أصبحت مصر أول دولة تقوم بشراء المقاتلة الفرنسية وفي زمن تفاوضي قياسي لم يتعدى 3 شهور، ودخلت دول أخرى على الخط لشراء مقاتلات فرنسية مماثلة مثل الهند التي اتفقت على شراء 36 طائرة ثم قطر التي اشترت 24 طائرة من نفس الطراز.
وجاء الرئيس الفرنسي في بداية فبراير الماضي إلى القاهرة لتوقيع الصفقة بشكل نهائي وإعلان أن مصر سوف تتسلم جزءا من هذه الصفقة وهي 3 طائرات إضافة إلى الفرقاطة لإشراكهم في عرض افتتاح قناة السويس الجديدة في أغسطس، كما أعلنت الشركة المصنعة أنها سوف تسلم مصر 3 طائرات إضافيين قبل نهاية العام الجاري.
صفقة الميسترال تتوج علاقات البلدين
خلال عرض افتتاح قناة السويس الجديدة بحضور عدد من رؤساء العالم في مقدمتهم الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، الذي شارك بنفسه في هذا الحدث التاريخي، عرض الرئيس الفرنسي على السيسي شراء مصر حاملتي المروحيات الحربيتين "الميسترال" اللتين كانتا مصنعتين لموسكو، لكن باريس ألغت هذه الصفقة بسبب الدور الروسي في اوكرانيا.
وعلى الفور بدأت الوفود المصرية تتجه إلى باريس لتحقيق هذه الصفقة في ظل إعلان العديد من الدول اهتمامهم بحاملتي المروحيات، خاصة كندا وهولندا وبلجيكا، ولم يمر أكثر من شهر ونصف، حتى أعلن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في نهاية سبتمبر أن مصر نجحت في اقتناص الصفقة وأن قيمتها 950 مليون يورو، وذلك قبل أن يجيء رئيس الوزراء الفرنسي، مانويل فالس إلى القاهرة للتوقيع النهائي للصفقة، في نفس الوقت الذي أعلنت فيه مصر شراء مروحيات بقيمة مليار دولار من روسيا للحاملتين.
وبمجرد دخول الحاملتين إلى القوات البحرية المصرية، فإن مصر ستتحول إلى قوة عسكرية هامة، إذ انها ستكون الدولة الوحيدة في المنطقة التي لديها مثل هذه الحاملات ويمكنها استخدامها في عمليات عسكرية إقليمية، لما تمتاز به الحاملتين من إمكانية نقل قوات برية وكذلك مدرعات ودبابات، في الوقت الذي نشرت مواقع عسكرية أن مصر تنوي شراء حاملة مروحيات جديدة أخرى من فرنسا.
إنهاء الهيمنة الأمريكية على تصدير السلاح لمصر
نجح الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ توليه الحكم من خلق حلفاء جديدين لمصر، والابتعاد بالبلادعن فكرة الاتباع الأعمى لحليف أكبر يشكل راعي لها مثلما كان الوضع في عهد السادات والرئيس مبارك وازداد في عهد مرسي، إذ شكلت أمريكا مصدر السلاح الوحيد لمصر، والحليف الإستراتيجي الأول دون إمكانية خلق علاقات عسكرية مع دول أخرى، لكن السيسي نجح بإخراج مصر من هذا المدى، وجعل مصر تنشئ علاقات قوية مع حلفاءأخرين خاصة فرنسا وروسيا، حيث رأى الكثير من المحللين أن الصفقات التي وقعتها مصر مع فرنسا والنقارب بين البلدين هي بمثابة صفعة قوية لأمريكا لتعنتها تجاه الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي، ودعمها الكبير للإخوان المسلمين، التي تصنفها مصر منظمة إرهابية.
لا ينسى الرئيس عبد الفتاح السيسي أنه في الوقت الذي اختارت أمريكا الإخوان المسلمين كحلفائها، كانت فرنسا هي من أقوى الحلفاء له على الصعيد الدولي وأول منبر ليؤكد من خلاله أن الإخوان قد قادوا البلاد إلى مأزق اجتماعي واقتصادي وأمني شديد.
في الوقت الذي قامت أمريكا وبريطانيا بشن حملة دولية على مصر بعد سقوط الطائرة الروسية في سيناء، نهاية أكتوبر الماضي، لم تأخذ فرنسا نفس حذو الدولتين ولم تسعى إلى سحب رعايها، مؤكدة أن مصر حليف هام لمواجهة خطر الإرهاب المتطرف باسم الديني الذي بات يهدد العالم أجمع وليس منطقة الشرق الأوسط.