السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

كبار و صغار سوق النفاق

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في ظل حالة الضعف الذى تعانيه الأحزاب، صعد دور الإعلام الخاص ليلعب دور المرشد السياسي ، وفى اوقات أخرى جبهة المعارضة ، وتحول من مهنة جمع الأخبار ونشرها الى اعطاء الراي وفى احيان اخرى تحريك الحكومة نحو قضايا معينه ثم تطور الامر الى قيادة الثورة مرتين.
وتحولت شخصيات إعلامية الى قيادات سياسية، تنتظر كل محركات البحث ووسائل التواصل الاجتماعي طلتهم النهارية عبر المقالات اليومية في صحفهم "الملاكي"، وطلتهم المسائية في برامجهم الملاكي أيضا ،و"يا سواد ليل الوزير أو المسئول اللي يقع في طريقهم"، وحينما يختلفون حول مسئول يصبح الرأي العام في حيرة..هل هو صالح أم فاسد؟ فلديهم قدرات فاجرة على تحويل الفاسد الى شهيد حريات، والجاني الى ضحية والعكس.
في قضية صلاح دياب، تجمع كبار الاعلاميين للدفاع عن الرجل المتهم بالفساد واستغلال النفوذ وردم النيل، وحاولوا بكل الطرق الدفاع عن صاحب "المصري اليوم"، وأتضح أن له نفوذًا على الإعلام لم يتوافر لوزراء الإعلام السابقين مجتمعين ، وسطوه على المثقفين لم يحظ بها فاروق حسنى الشهير بصاحب "حظيرة " المثقفين، وبمهاره ارادوا توجيه الرأي العام للتعاطف مع رجل أعمال له علاقات قوية بالولايات المتحدة بإعتباره مناضلا من مناضلي حرية الرأي والتعبير.
ولعل الأزمة الفاضحة التي وقعت بين خالد صلاح وعمرو أديب تشيرالى انهيار الخطوط الحمراء في علاقات الزملاء والأصدقاء من الإعلاميين وزيادة مساحات التخبط بعدما مل الرأي العام لعبهم دور المعلم والناصح والموجه.
إلا أن النموذج الأخطر هو حاله التلون والقدرة الفائقة على التحرك من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار بنفس القوة والمهارة، مجدى الجلاد- على سبيل المثال لا الحصر- حاله جسدت كل هذه التناقضات، فقد وصف نفسه بـ"الصرصار" في مواجهة النظام فى مقال شهير قبل أن يترك رئاسة تحرير "الوطن"، ثم عاد ليتحدث بنفس النبرة في "المصري اليوم" التي دافع عن صاحبها المحتجز على ذمة قضية حيازة سلاح عن المنافقين الجدد، وفيه اعترف أن الكل ينافق الكل دون أن يحدثنا عن من ينافقه هو شخصيا، طالما الشيء بالشيء يذكر! ،  شخصيا أتفق معه في أن سوق النفاق بها كبار وصغار.. الكبار لهم مدارس، و«لكل منافق طريقة».
وأستأذن في التوقف هنا وأترك حضراتكم مع مقال كتبه "الجلاد" نفسه عام 2009 عن الوريث الذى قامت ضده ثورة 25 يناير بعنوان الحياة على «أكتاف جمال مبارك»!
قال فيه نصا "ربما تتعجبون إذا قلت لكم إننى أشفق على «جمال مبارك».. وربما تتعجبون أكثر إذا عرفتم أننى لم أعد مهتمًا بـ«ملحمة التوريث» بقدر اهتمامي ببحث وتحليل هذا الرجل "الظاهرة"، وأضاف جمال مبارك من جيل أنتمى إليه.. يحمل الرجل حلمًا لا يعرفه سوى الله.. يريد أن يغمض عينيه ويفتحها ليجد نفسه فى المكان الذى يسعى إليه.. رئيسًا للجمهورية.. أو وزيرًا.. أو رئيسًا للوزراء.. أو حتى أمينًا عامًا للحزب الوطنى.. لا أريد أن أحاكمه أو أحاسبه على طموح لا أعرفه.. وليس من حقى أن أضع يدى داخل صدره لأفتش عن نواياه.. وربما يكون عدلاً أن نمنحه فرصة للعمل إذا كان مخلصًا.. أو نقف فى مواجهته إن ثبت عدم إخلاصه غير أن «الشفقة» عليه لها ألف محل ومليون مبرر وسبب.. فالأحلام تفرض على صاحبها أن يأخذ بنواصى الحكمة.. والطموحات المشروعة لن تجدها إلا فى الماء الصافى.. العكارة تقتل الطموح.. والطفيليات تفسد الأحلام الجميلة.. ويبدو أن ابن جيلى جمال مبارك انهمك فى أمور كثيرة، فنسى أن السياسى الحقيقى ينبغى أن يسير فى طريق المخاطر والحسابات والتوازنات متخففًا من الأحمال والأثقال.. ويقولون فى أوروبا إن الرجل السياسى يجب أن يحمل فى جيب «البدلة» زجاجة مطهر قوى وفعال.. ففى كل لحظة عليه أن ينظر حوله، ثم يرش المكان لتنقيته من الهواء الفاسد الذى ينفثه أشخاص يعيشون على دمائه!
وأضاف الجلاد " فى ظنى أن «جمال» لا يحمل شيئًا في «بدلته».. وإلا لما دفع ثمن المحيطين به فى كل الاتجاهات.. الرجل الطموح والمؤدب يسير فى طريقه السياسي حاملاً على كتفيه كائنات متوحشة تتغذى على دمه.. والأحجام متفاوتة.. من الديدان إلى «الخراتيت» والوحوش الكاسرة.. معظمهم لا يحبون جمال مبارك بقدر ما يسعون إلى تحقيق أكبر المكاسب السياسية والمادية «من لحمه الحى».. والثمن يدفعه الرجل دون أن يدرى، الثمن هو المزيد من الجفاء بينه وبين المواطن.. فمن يريد تقييمه لم يعد قادرًا على النظر إليه وحده.. الكادر يسوده الطفيليون فحجبوا الرؤية وطمسوا ملامحه.
واستكمل: "سياسيون يكتسبون نفوذاً وسطوة بتحلقهم حول جمال مبارك.. رجال أعمال يحصدون المليارات بزعم قربهم منه.. وصحفيون يرهبون الجميع بادعاء تعبيرهم عنه.. ربما يعرف «جمال» هذه الحقيقة.. وربما لا يعرفها كاملة، ولكنه فى كل الأحوال يخسر أغلى ما يسعى إليه أي سياسي: حب الناس.. وصورته فى المجتمع.. واقتناع النخبة السياسية والفكرية به.. والسبب أن مَنْ «يروجون ويسوقون» له، تحولوا إلى «بلطجية» وهجامين".
واختتم "الجلاد" مقاله بقوله: "ليس من حقى أن أنصح جمال مبارك بالتخلص من «الأدران» التى تحيط به.. ولكن من حقى أن أنير الطريق أمام أحد أبناء جيلى حتى لو اختلفت معه.. ومن حقى وحقك أيضاً أن نقول لأحد أبرز مَنْ يوجهون سياسات البلد: خلى بالك من الحاشية التى أنهت عشرات السياسيين قبلك.. فليس أغلى ولا أعز من حب الناس.. وعليك أن تختار بين ٨٠ مليون مصرى.. و٨٠ «دراكولا» يمتصون دمك فى وضح النهار"!
فعلا النفاق لعب وفن وهندسة.. مدارس كما وصفها الأستاذ مجدى الجلاد.