الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

معالم شارع المعز"6".. حضارتنا المنسية خلف ركام الإهمال.. مسجد الأشرف برسباي وسبيل الشيخ المطهر.. رمما منذ 15 عامًا.. الجدران تتآكل تلقائيًا والشروخ تهدد بسقوطهما في أي وقت.. والمسئولون في عالم آخر

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بين أتربة الواقع والأبنية التراثية، تكمن الدهشة من هذه الصورة غير المتناسقة الألوان ولا التعابير، حيث يقف التاريخ في شارع المعز متحدثا عن نفسه فقط، بينما يصر الحاضر أن يفرض نفسه بأخطائه وعشوائيته، معلنا وبشكل صارخ عن إهمال متعمد من جانب المسئولين عن الآثار الإسلامية.
يقول الدكتور محمد حمزة وكيل كلية الآثار: إن معالم شارع المعز تعاني من جور المحال التجارية التي سلبت المكان طابعه الأثري وحولته إلى سوق تجاري، بعد افتراش معروضاتها أرض الشارع، وكأن ملامح القرن التاسع عشر قد تلخصت في المحال التجارية ومقاهي الأرابيسك كوسيلة لمواكبة هذا الزمان حتى الفنانين القانطين هناك أتخذوا من اللونين الأبيض والأسود آداه لتسجيل الماضي وكأن الحاضر يسير في ركب والماضي أوقف مسيرته عند تلك البقعة من الأرض..
وأوضح بالرغم من قدم العصر الذي يعبر عنه شارع المعز، إلا أن رواده لا يواكبون هذا العصر فعلى المقاهي تجتمع حلقات الفتيات والشباب في يد كل منهن أرجيلة ضاربين بأعراف المجتمعات الشرقية عرض الحائط، فضلًا عن بساطة المعروضات التي تقدمها المحال، إلا أن أثمانها فاقت ما يعول أسرة لأيام ومع ذلك هذا لم يمنع مواطني مصر البسطاء من الذهاب لرؤية ما قام به أجدادهم.
وأوضحت رحاب الصعيدي بكلية الآثار أنه بالرغم من كل المعالم الأثرية التي يزخر بها هذا الحي، إلا أن الإهمال قد كسا كل شيء، لتأتي مجهودات الحكومة الجديدة لتنفض هذا الغبار عن كنز الفاطميين المدفون في وسط القاهرة وتذكرنا بتاريخ ومكانة كل أثر ومعلم هنا في شارع المعز.
"البوابة نيوز" قامت بجولة في أروقة شارع المعز بدأت بجامع السلطان الأشرف برسباي.
فيقع هذا المسجد في شارع القاهرة المعز لدين الله عند تلاقيه في شارع جوهر القائد، أنشأه الملك الأشرف برسباي فبدأ في عمارته سنة 1424م وهو أحد مساجد ثلاثة مازالت باقية إلى الآن أنشأها الأشرف برسباي، وثانيهما مسجده الملحق به مدفنه وخانقاه، والواقع بقرافة الممالك، وثالثهما جامعه الكبير الذي أنشأه ببلدة الخانكة سنة 1437م، وكلها تنطق بجمال الهندسة وحسن الزخرف، التي اعترتها الظروف المناخية والزمنية الآن، فقد بلغت فيها صناعة الرخام وخصوصًا بالمدفن شأوا عظيما في الدقة والإتقان، كذلك الشبابيك الجصية المفرغة المحلاة بالزجاج الملون فإنها جمعت بين براعة التصميم ودقة الصناعة..
أنشئ هذا المسجد على نظام المدارس ذات التخطيط المتعامد، أي صحن مكشوف تحيط به أربعة أيونات متقابلة وتقع القبة ملاصقة لإيوان القبلة. وهذا الإيوان كمثيله في المدارس الأخرى أهم الأيونات وأكثرها زخرفة. ويسترعي النظر فيه أرضيته الرخامية الجميلة وشبابيكه الجصية الدقيقة المصنوعة حديثا على نمط نظيراتها القديمة بمدفن الأشرف برسباي بقرافة المماليك، أما منبره الخشبي فحافل بالتطعيم بالسن شأنه في ذلك شأن منابر المساجد التي أنشئت في القرن التاسع الهجري - الخامس عشر الميلادي.
ولكن المفاجأة رطوبة اكلت الجدران من الخارج والشروخ سوف تودي إلى انهياره، وباب المسجد تعرض للسرقة النحاس المرصع به والسؤال يأتي هنا هل وصل الحال إلى إهمال تراث إسلامي بهذا الشكل؟، مع العلم أنه ترمم منذ 15 عاما فمن المسئول.
وأثناء الجولة تفقدت "البوابة نيوز" مسجد وسبيل الشيخ مطهر وكانت المفاجأة جدران متآكلة كالعادة، وإنارة خافتة لمكان يستحق الرؤية والإشادة، وذات الواقع المتكرر للامبالاة المذكورة بكافة تراث المطرية الفاطمية، مع السؤال المكرر نفسه "اين مسئولي التراث من إهمال أهم الأماكن التراثية بمصر؟
ويقع مسجد وسبيل الشيخ المطهر بنهاية الصاغة، وجدد إنشاءه الأمير عبد الرحمن كتخدا، وكان قبل ذلك المدرسة الصوفية التي أنشأها صلاح الدين للسادة الحنفية وعرفت وقتئذ بالسيوفية حيث إن سوق السيوفيين كان على بابها، السبيل عبارة عن حجرة مستطيلة في ضلعها الجنوبي الشرقي شباك للتسبيل يقع داخل دخلة معقودة بعقد نصف دائري، وقد فرشت أرضية هذه الحجرة بألواح رخامية ملونة ذات زخارف بسيطة وغطيت بسقف خشبي بسيط يزينه مستطيل بداخله نجمتان بكل منهما ستة عشر ضلعا.
في الضلع الشمالي لممر المدخل والذي يلي ردهته فتحة باب تفضي إلى سلم حجري صاعد ينتهي إلى الكتاب، وهو عبارة عن حجرة مربعة في ضلعها الجنوبي بائكة مكونة من عقدين يرتكزان على عمود رخامي في الوسط تليها بائكة خماسية العقود ترتكز على ستة أعمدة خشبية وفي ضلعها الشمالي فتحة الباب للدخول إلى الكتاب وفي ضلعها الشمالي الشرقي كتبية حائطية وغطي سقف هذا الكتاب بسقف خشبي بسيط تزينه حيث إنه مزين بزخارف هندسية.
ويعتبر أنه أحد أقدم الآثار الإسلامية، كان منبرا للعلم وتبادل المعارف والحل والعقد، وكان غنيا بالزخارف والنقوش النادرة والأدوات الخشبية المميزة، لكنه تعرض لعمليات سرقة متتالية، وبدت عليه آثار التهدم مما ضيع الحس الجمالي المميز له.