الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

الروائي الشاعر حسين أبوالسباع: الأعمال الأدبية الجاسوسية ضللت المصريين والعرب .. والجنس هو الطريق الأسهل لاختراق الأنظمة السياسية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كاتب متعدد الابداعات، جمع بين الشعر وكتابة القصة القصيرة والرواية الطويلة. أصدر مجموعته القصصية الأولى «ربع ميت» العام 2003، ومن بعدها جاءت روايته الأولى «حيواناس»عام 2006، ثم روايتا «امرأة على الماسنجر» و»يحدث في السعودية»، وطرح كتابا سياسيا اجتماعيا بعنوان «التحريض، ولادة قيصرية»، وأتبع ذلك بديوان شعر عنوانه «حبَّات سكر مرة»، وأخيرا أصدر روايته «سيرين الاسرائيلية» التي أثارت ضجة كبرى في المحافل الثقافية والسياسية.
حول أعماله، وروايته الأحدث، وموقفه ورأيه في العلاقات العربية – الاسرائيلية، وغيرها من القضايا الشائكة، طفنا مع الأديب المصري حسين أبو السباع، وكان هذا الحوار:

- هل رواية «سيرين الاسرائيلية» من وحي الخيال أم أنَّ أحداثها وقعت بالفعل؟

- لا توجد رواية كاملة الخيال، ولا كاملة الحقيقة، فليست مهمة الروائي نقل الواقع بحذافيره، أو اللجوء إلى الخيال المحض، والانفصال عن الواقع، فالرواية برأيي، وبحسب نظرية المرايا المتجاورة، تعد انعكاسًا، وليس نقلاً للواقع، وبالنسبة لرواية «سيرين الاسرائيلية»، فكل الشخوص التي وردت بها حقيقية، وكل الأماكن أيضًا حقيقية، وقلت من خلال هذه الشخوص والأماكن ما أريد قوله.
- لماذا اخترت اسم «سيرين» بالذات عنوانا للرواية، ولم نعتها بالاسرائيلية؟

- كل من قرأ الرواية، أو سيطالعها سيعرف البطلة الحقيقية، التي عنونت باسمها الرواية، ليست مصادفة، «سيرين» بالفعل اسرائيلية الجنسية، والتصرفات أيضًا، تدَّعي دائمًا أنَّها شخصية نضالية، لكنَّها في الحقيقة غير ذلك تمامًا.
- لماذا قلت إن «بطلة الرواية ستبلع لسانها حين تقرأ حقيقتها التي تخفيها»؟

- هذا ما حدث بالفعل، بطلة الرواية، بلعت لسانها فعلاً، ولم تعلق على الرواية، ولم تنف ما فيها، لأنَّها لا تملك أكثر من الصمت، معتقدة أنها لا تزال تخفي حقيقتها القذرة، هي تخفي حقيقة يعرفها كل من اقترب منها، وتصدِّر الوجه الضاحك المخادع، الذي تريد من خلاله تمرير التطبيع مع جواز السفر الاسرائيلي بأي طريقة، وهذا ما أرفضه تمامًا، واكتشفت أنَّها ليست وحدها من بلع لسانه، بل كل من يعرفها عن قرب، ويراها وهي تتسول جوائز سينمائية في مهرجانات عربية، لم تحصل عليها الا بطرقها المعروفة.
- هناك من يقول إن هناك خلطاً بين الزمان والمكان في الرواية؟

- لا يمكن أن يكون هناك خلط بين الزمان والمكان في أي رواية، بدأت الرواية، بزمن البعث، والوقوف للاعتراف، ويبعث الأبطال ليروا الأحداث، فكان المشهد أرضاً غير الأرض الحقيقية، للتدليل على أن كل كلمة ستقال لها شهود عليها، فلا يمكن لأحد من أبطال الرواية أن ينكرها، ثم كانت الأحداث داخل الرواية، مرتبطة بالزمن الحالي الذي نعيش فيه، فغطت الرواية الـ20 عامًا الماضية، وتناولت خلالها أحداث «الربيع العربي» المأسوف عليه، والصراع في الداخل المصري بين مختلف التيارات السياسية.
- هل زرت الأماكن التي جاءت في أحداث الرواية؟

- زرت كثيرًا منها، فلي سفرات عدة لأكثر من بلد، فلا تصدق كاتبًا لم يسافر، ويرى العالم من حوله، قبل الكتابة.


أدب الجاسوسية
- هل تعد الرواية من أدب الجاسوسية؟

- أرفض تصنيف الأدب بشكل عام، فلا شيء اسمه أدب الجاسوسية، أو الأدب النسائي، الأدب حر طليق، لا يمكن قولبته، ومتى ما تمت قولبته صار واجبًا مدرسيًا لا ابداعًا.
- هل تراها حربًا أو رفضًا للتطبيع؟

- رفض التطبيع نوع من أنواع الحرب في هذا الزمن الذي امتلأ بأرباع المثقفين ومدَّعي الفهم السياسي والثقافي، الحرب التي أشنها على من يسأل، ويريد أن يعرِّف التطبيع، حتى يتم التعامل مع اسرائيل وفق هذا التعريف المنشود، ناسيًا متناسيًا أنَّ اسرائيل ككيان محتل، مثل كيس الفحم، من أي مكان تقترب منه تتسخ يداك.
- ماذا تقول لمن يرفض اسرائيل، لكن يحمل جواز سفرها؟

- هناك من رفض فكرة التطبيع مع جواز السفر الاسرائيلي الأزرق، الذي يعتبره البعض لعنة، وهو لا يزال يحمله، مدعيًا أنَّها ضرورة حتمية، وهناك من أخذ أموالاً اسرائيلية خالصة، وأنتج بها عملاً سينمائيًا، وكان من المفترض أن يعرض في مصر. وأقول لمن يحمل جواز سفر اسرائيلياً لو أنك تعـتبر جواز سفرك لعنة اتركه، واخرج من الأرض المحتلة، لا تدفع لهم ضرائب ليشتروا أسلحة يقتلونك بها.

شراك التجسس
- إلى أي مدى يمكن منع المهرولين للتطبيع من الوقوع في شراك التجسس؟

- لا يمكن منع الفساد نهائيًا، فلولا الفساد ما دخلت إلى مصر الأسمدة المسرطنة في حقبة التسعينات، التي بسببها ارتفعت نسب مرضى الكبد والفشل الكلوي، لكن يمكن أن نقول ان التطبيع سهَّل لهذا الفساد مهمته.
- كيف ترى العلاقة بين الدول العربية واسرائيل في المستقبل؟

- انظر إلى مستوى التعليم في الدول العربية، مقارنة باسرائيل، ومستوى الانفاق على التطور العلمي والتكنولوجي، انظر إلى نظافة الشوارع، ستعرف إلى أي مدى وصلت العقول التي ستفكر في العلاقة بين الدول العربية واسرائيل في المستقبل، لا يوجد مشروع عروبي قومي في الدول العربية، بينما اسرائيل لديها مشروعها الأهم بالنسبة لها، وهو البقاء، أليس البقاء قادرًا في حد ذاته على هزيمة أي عدو، العلاقات بين الدول العربية واسرائيل في المستقبل، لو استمر الوضع على ما هو عليه في الدول العربية، فمن السهولة أن تحقق اسرائيل أحلامها التي وردت في «بروتوكولات حكماء صهيون»، ونحن نغط في سبات عميق.
- ما رأيك في الأعمال الدرامية والسينمائية المصرية حول الجاسوسية؟

- أشهر هذه الأعمال «دموع في عيون وقحة» و»رأفت الهجان»، علاوة على أعمال أخرى تم عرضها، وجاء تناولها شديد السذاجة والسطحية، غيَّبت المصريين عن حقيقة الشخصية اليهودية والصهيونية والاسرائيلية، التي لا يعرفها الا من عاصر اليهود الذين عاشوا في مصر، اذ لا يعرف المواطن المصري، وأتصور العربي أيضا أنه غير قادر على التفرقة بين هذه المصطلحات، خصوصا أن الأعمال الدرامية والسينمائية لم تتناول شخصية الجاسوس الحقيقية الذي يعيش مندمجًا في المجتمع، لسنوات طويلة، وقد يمضي حياته كلها بمعلومة واحدة.
- هل سيتم تحويل الرواية إلى فيلم سينمائي؟

- ليس لديَّ أي مانع أن تتحول رواية «سيرين الاسرائيلية» إلى فيلم سينمائي، فربَّما تضيف سطرًا غائبًا لم يتم تناوله للأسباب التي سقتها.



ضرورة سياسية
- ما رأيك في مسألة التطبيع منذ العام 77 وحتى اليوم؟

- أرفض التطبيع شكلاً وموضوعًا، ولست مع الرأي القائل إن العلاقات المباشرة مع العدو تسهل عمليات التفاوض، العدو هو العدو، مصر دفعت ثمن هذا التطبيع غاليًا جدًا، التطبيع مصطلح سياسي، أريد به أن تكون العلاقات العربية – الاسرائيلية طبيعية، وأنا أقول، هل يمكن أن تكون مثل هذه العلاقات طبيعية؟ في ظل الاعتداء اليومي على الفلسطينيين وقتلهم، واستباحة أرضهم، وتهجيرهم، هل يمكن أن تكون مثل هذه العلاقات طبيعية؟ وننسى أن العدو الصهيوني محتل الأرض العربية، أمَّا مبادرة السلام التي فرضتها مصر العام 1977، فكانت ضرورة سياسية، ولم يكن الهدف منها الخنوع والخضوع الكامل للهيمنة الصهيونية، كما أن مصر لم تستفد من السلام مع اسرائيل ، بل انَّ اسرائيل هي من استفادت كثيرًا، وتقدمت في أكثر من مسار علمي وتقني، ونحن «محلك سر»، بل ونتخلف أكثر.
- ماذا تقصد بـ»المرأة المباحة»، وما خطورتها على مصر والمجتمعات العربية؟

- المرأة المباحة، هي امرأة الفراش العابر، صاحبة الجسد المباح للجميع، شرط أن يخدم مصالحها، أو أهدافها التي تسعى اليها، وخطورة مثل هذه المرأة كبيرة، سواء على مصر أو المجتمعات العربية بشكل عام، لأنَّ هذه المجتمعات تدعي التدين، وتستسلم لأول امرأة مباحة، وعلى مدى التاريخ، الجنس هو الطريق الأسهل لاختراق الأنظمة السياسية.
- لك كتاب بعنوان «التحريض ولادة قيصرية»، فما المقصود بالتحريض، ممن وضد من؟

- التحريض كما ذكرت في الكتاب، يكون لمن شارف على الموت، وتريد أن تحثه على فعل شيء، ان لم يفعله هلك، وقد يكون التحريض ايجابيًا، وسلبيًا في الوقت نفسه، حسب من يتناوله، فحين قال الله تعالى في كتابه الكريم: «يا أيها النبي حرِّض المؤمنين على القتال»، فان كنت مسلمًا، بالتأكيد ستتناول التحريض وفكرته، باعتباره أمرًا محمودًا، وفق سياق الآية بالرجوع إلى أسباب نزولها بالطبع.
- هل تراه كذلك في وقتنا الحالي؟

- أراه عملاً سلبيًا في كل اتجاه، والسلاح الأشد فتكًا بالمجتمعات العربية، فقد لعب دوره بين السنة والشيعة في العراق مثلاً ووصل بهم في مرحلة من مراحل الاقتتال إلى القتل على الهوية، ووصل التحريض مداه إلى المرحلة «الداعشية»، المؤدية إلى تكفير المجتمع ومن ثم محاربته، فالتحريض سلاح لم يفطن أحد من الدول العربية اليه، حتى ولو تم من فوق منابر الجمعة.
- لماذا عنونت الكتاب هكذا؟

- لأن التحريض كان البطل الرئيس الذي تم استثماره بمنهجية رائعة، فلأول مرة رأيت بسبب الخريف العربي أو الربيع العبري كما يطلق عليه البعض، فصيلين في الشارع المصري على شفا حفرة من الاقتتال، ولأول مرة أرى التراشق بالمصطلحات الكارثية بين العامة، وكثيرًا ما أدت إلى كارثة، فالشعوب العربية جاهلة بما يحدث فيها مع الأسف، حربنا ضد التحريض الذي استثمر الجهل، ولعب على هذا الوتر حتى أسقط دولاً كبيرة.