الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

"هجمات باريس" والملاحقة العالمية للإرهاب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
من جديد تثبت هجمات باريس أن التفكير الأحادى النظرة أو حتى الثنائى فى مواجهة الإرهاب، لم يعد كافيًا، حيث إنه لا وطن ولا دين للإرهاب، ما يحتم المواجهة العالمية أو الأممية له بشكل منظم وفاعل وما يتطلبه من توحيد الجهود على مستوى الدول والتنظيمات الإقليمية والدولية، بل دعونا نقول حشدها لمواجهة حقيقية تتجاوز القول إلى الفعل وحتى لا يرسخ فى الأذهان أن السحر انقلب على الساحر، من الضرورى أن تعلن كل دول العالم خاصة الكبرى منها موقفها تجاه المنظمات الإرهابية لاسيما الموجودة فى منطقة الشرق الأوسط، ومن بينها تنظيم داعش الذى يتغول كلما نسجت الدول الكبرى نفسها خيوطًا من سوء النية تجاه دول المنطقة فى إطار ما يمكن تسميته «تقاطع المصالح».
ودعونا لا نذهب بعيدًا بعد حادث تحطم الطائرة الروسية فى شبه جزيرة سيناء، حرصت منذ اللحظة الأولى دول مثل بريطانيا والولايات المتحدة على أن تعلن أن الحادث وقع نتيجة عمل إرهابى، مستبقة نتائج التحقيقات التى لم تجزم بهذه الفرضية، واستتبع ذلك أحكام بحصار معنوى ودعائى ضد مصر لا لشىء سوى لنسف العلاقات المصرية الروسية بعيدًا عن حرص هذه الدول على مواجهة الإرهاب، بل فى حقيقة الأمر تعاقب موسكو على تدخلها العسكرى فى سوريا، وكأن ضرب السياحة فى مصر أصبح من وجهة نظرهم هو الحل لمواجهة تقاطعات المصالح الغربية والروسية فى الشرق الأوسط.
ووسط هذا الجو العبثى فى العلاقات الدولية، فجأة تشهد العاصمة الفرنسية باريس انفجارات غير مسبوقة، كان قد سبقها بـ٤٨ ساعة فقط انفجاران فى الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت، ولو دققنا النظر لاكتشفنا أن رابطًا ما يربط بين كل من هجمات باريس وبيروت، وهو وقوعها فى قلب المدينة حيث التجمعات البشرية بغرض إحداث أكبر قدر ممكن من الخسائر فى الأرواح، ومن هنا كان طبيعيًا أن نجد أن ٦ انفجارات تضرب باريس تجىء أكثر حدة وقسوة، لأنها تمت بأحد المسارح فى منطقة مكتظة بالسكان، وبالقرب من ستاد كانت تقام عليه مباراة كرة قدم بين فرنسا وألمانيا وفى مناطق أخرى بعاصمة النور عشية عطلة نهاية الأسبوع.
بعبارة أخرى إن هذه العمليات الإرهابية، هى بلا شك مقصودة ومتعمدة لإرهاب الدولة الفرنسية، ولا أحد يعلم من سيكون عليه الدور القادم، ما يؤكد فشل السياسة الغربية فى مواجهة الإرهاب والانشغال فى محاولة خلق شكل جديد من أشكال الإمبريالية الجديدة، تريد به التحكم فى مجريات الأمور فى العالم، وبشكل خاص منطقة الشرق الأوسط التى تشكل الآن محور التصارع الإقليمى والدولى، وكنت أتصور أن تتحد الجهود لمواجهة عدو مشترك واحد، هو الإرهاب الذى يطل برأسه من آن لآخر فى كل مكان بالعالم، وفى أى وقت بدلًا من معاقبة مصر على التصدى لمؤامرة ما يمكن تسميته اتفاقية «سايكس بيكو الجديدة»، التى يحاول الغرب بها إعادة رسم خريطة العالم العربى من جديد، وهذا من الناحية العملية يصب بالدرجة الأولى فى مصلحة الدولة العبرية التى تمارس الآن أشد أنواع العنف والانتهاكات ضد الشعب الفلسطينى فى الأراضى المحتلة.
وهكذا نخلص إلى أن الدول الفاعلة فى عالم اليوم، تنقاد إلى صراعات جانبية تاركة المواجهة أو الصراع الأساسى الذى نراه أنه مع التنظيمات الإرهابية، وبدلًا من التعاون مع دول تحارب الإرهاب فى المنطقة، مثل مصر، تعمل على خلق مشكلات معها، وتغض الطرف عن أطماع إقليمية وسياسات عائدة من الماضى، لدول مثل تركيا وإيران، ولو حاولنا تشبيك كل عناصر الموقف الحالى، سنجده يقود إلى دعم الإرهاب وليس التصدى له.
من هنا نتساءل: كيف يشكو الغرب من أى هجمات إرهابية، وهو الذى يتحرك لصالح تغذية دوافع القيام بالعمليات الإرهابية؟ كيف لا يتحرك للتعاون مع الدول التى تناهض الإرهاب، ويشكو من التعرض لعمليات إرهابية هنا أو هناك؟ كلها تساؤلات تحتاج إلى إجابة واضحة، ولهذا من الأهمية بمكان أن تتوحد الجهود الدولية ومن خلال الأمم المتحدة لمواجهة الإرهاب فى العالم الذى لم يعد قاصرًا على منطقة بعينها.
وأليس من باب أولى بدلًا من مقاطعة السياحة المصرية، أن يتم رصد بؤر الإرهاب فى العالم واتخاذ القرارات المناسبة لمواجهته؟ أليس من باب أولى أن تقوم الجماعة الدولية، بدعوة الدول الفاعلة إلى إعلان الحرب على الإرهاب وملاحقته فى أى مكان، وحتى لا يتكرر سيناريو هجمات باريس فى منطقة أو مناطق أخرى من عالم اليوم؟.