الخميس 09 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

إخصائية طب نفسي: الخلافات الزوجية "ظاهرة صحية ومدمرة"

الدكتورة نهلة نورالدين
الدكتورة نهلة نورالدين حافظ أخصائي الطب النفسي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أكدت الدكتورة نهلة نورالدين حافظ إخصائي الطب النفسي أن الخلافات الزوجية تعد ظاهرة صحية أو مدمرة لحياة الطرفين، ولكن في كثير من الأحيان تعد صحية لأنها تؤكد أن العلاقة بين الزوجين ما زالت قائمة، ولم تنتهِ بعد برغم أن الخلافات هي الجانب السلبى للعلاقة ولكن لا تزال المشاعر قائمة رغم أنها خليط من الغيظ والحنق، وتكمن المشكلة فقط في تلاشى هذه الطاقة ووصول العلاقة إلى حالة من البرود حيث إن شعور الزوج بالغضب من زوجته، فهذا يعني أن طريق الإصلاح ما زال موجودًا، أما أن تبدل الحال إلى لا مبالاة بحيث لا تشكل تصرفات الزوجة أي فارق هنا تكمن المشكلة حيث يسود حالة من الطلاق العاطفي والتي تلقى ظلالها على الزوجين والأولاد.

العلاقة الزوجية مودة ورحمة
وأوضحت دكتور نهلة أن العلاقة الزوجية إن وفرت السكينة والمودة والرحمة فمن المفترض أنها تخلق بيئة أسرية هادئة تسمح للزوجين بأداء واجبات ومتطلبات الحياة بقوة نفسية تدفع للأمام كما أنها تسمح أيضًا بتنشئة الأبناء في بيئة أسرية سوية، وهذا يعنى أنه في حالة وجود الخلافات ومشاعر الحنق والغضب المزمن معلنة أو كأمنة لا بد من وقفة مع النفس للتفكير في كيفية علاج ذلك قبل الوصول لمرحلة التلاشى، مضيفة أن الخلافات بين الأزواج ظاهرة طبيعية لأننا كبشر مختلفين عن بعضنا البعض كذلك تختلف عاداتنا وأزواقنا وقيمنا ومعاييرنا.
مشيرة إلى أنه قبل الزواج قد يكون الطرفين على تمام الاقتناع ببعضهما، وكما نقول بالعامية "مراية الحب بتفضل عامية وقت الخطوبة أو أحيانًا في ناس بنفسها بتعميها وتخزق عنيها بنفسها"؛ لأن هناك قرارا لا شعورى بإتمام الزواج وبعد أن يتم تنفيذ القرار وتبدأ العلاقة تزداد عمقًا ومع الحياة اليومية تبدأ الذات تعود لرغبتها في تقديم نفسها على الآخر، وتظهر الاختلافات بيننا واضحة وصريحة بدون أقنعه، وتكمن المشكلة لو بدأنا نشحذ أسلحتنا ونوجهها للطرف الآخر بدلًا من أن نركز على المشكلة وطبيعتها، ولكن هناك من يستطيع أن يعي ويفهم ويتعلم كيف يحدث التكيف وكيف تعالج المشكلة، وهناك آخرون يتعمدون الكتمان بداخلها لتتركم المشكلات وتدخل في دائرة الحنق المزمن..

كيفية التكيف مع الخلافات الزوجية وعلاجها
تبين نهلة نورالدين أنه لكي نعالج المشكلات الزوجية ينبغي أولا أن نتفهم أصل المشكلة، ونعي أن خلافات الزوجين طبيعية ومتوقعة، ينتج عنها خلاف في الرأى، ثم صراعات يتبعها سلوك يأخذ فيه الطرفين أحد اتجاهين:
-إما تجاهل المشكلة الرئيسية والتركيز على الصراع دون التوغل في أسبابه مما يهدد العلاقة بصراعات مزمنة.
-إما الوصول لحل الصراع نفسه.

السلوكيات التي تؤدى إلى تجاهل المشكلة الأساسية
1- الانسحاب، والانسحاب قد يكون جسديا أو نفسيا أو الإثنين معًا، والانسحاب النفسى أكثر شيوعًا هنا حيث يبقى طرف منسحب لا يسمع الطرف الثاني ولا يهتم بمشاكله ولا بطموحاته ولا يشاركه همومه، وهذا الطرف في الغالب يخلق لنفسه اهتمامات أخرى، مثل التركيز في العمل، الخروج مع الأصدقاء، الجلوس ساعات وساعات على النت والانغماس في الشات مثلًا، أما الانسحاب الجسدي، فهو يعنى الانسحاب من العلاقة الخاصة أيضًا، وجدير بالذكر أن الانسحاب النفسى لا يعني الامتناع عن العلاقة الخاصة، لكن تكون إلى حد كبير علاقة لا يحدث فيها الإشباع بل تتحول إلى روتين ثقيل على الطرف الذي قرر الانسحاب النفسى.
2- التنازل: وهنا يهمل أحد الطرفين الصراع ويتجاهله ويتجاهل معه احتياجاته، وهنا في الغالب يكون شخصية شديدة الاعتمادية وفاقد للثقة بالنفس، ولا يستطيع أن يفعل أكثر من التنازل فينكر احتياجاته ويحجب آراءه، ويكون ذلك على مستوى اللاشعور؛ لذلك نجد أن من يعاني من مشكلات نفسية والاكتئاب والقلق أو نفس جسمية مثل مشكلات الهضم وآلام العظام، وضيق التنفس واختلال نبضات القلب والضغط كل ذلك يحدث نتيجة لكبت وإنكار الاحتياجات الأساسية المرتبطة بتأكيد الذات من المناقشة وطرح الآراء، وعرض وجهة نظره والتعبير عن أفكاره أو ببساطة كبت مشاعر الغضب الناتجة عن الشعور بالاختلاف والخلاف في الآراء، لكن لأنه يعانى من خوف مزمن كأمن في اللاوعى من فقدان العلاقة نظرًا لطبيعة تكوينه الاعتمادى، فيحدث الإنكار اللاشعورى للذات ويتحول الغضب لأعراض نفسية أو جسمية، فيحدث لهؤلاء تحول تام عن المشكلة الأساسية بمعنى أن تبدو الحياة الزوجية طبيعية تمامًا لكن الأعراض التي يعانى منها الطرف الضعيف المتنازل هي مشكلة الزوجين.
3- الاستغلال: وهنا يدرك أحد الطرفين نقاط ضعف الطرف الآخر واحتياجاته فيتحايل عليه الطرف الآخر، ويقنعه دومًا بأنه يقبل كل آرائه وينفذها له، لكن في الغالب هو لا يفعل ولا ينفذ إلا ما يريده من خلال التحايل أو استغلال نقاط ضعف الطرف الآخر، وقد يستغله كذلك استغلالًا ماديًا ولا يبحث من وراء هذه العلاقة إلا على المكاسب التي يحققها، وقد يفعل الطرف المستغل ذلك، ويبقى راضيًا مدى الحياة، ولكن قد يمر بفترات من الضعف والبحث عن المشاعر الحقيقية، وقد تزداد أزمته عند الدخول في أزمة منتصف العمر حينما يدرك أنه لم يحقق أي نجاح عاطفى في حياته مما يؤدي لدخوله في حالة من الاكتئاب والحزن.
4- الحل الوسط: هنا في الغالب الطرفان يدركان حقيقة الاختلاف بينهما وما ينتج عنه فيلجأ كل منهما للحل الوسط.

التواصل الصحي بين الزوجين
وهو الدخول إلى عمق وحقيقة الصراع، إنه الاعتياد على تفحص الذات والتواصل مع الآخر بشكل إيجابي، إنه السلوك الذي نرى فيه ذواتنا وبداية تكوين نواة الغضب، إنه السلوك الذي ندرك فيه ضعف الآخر من أجل أن نعذره ونحتويه لا من أجل أن نستغله، إنه السلوك الذي نبحث فيه عن الحل ونفكر في الحلول البديلة إذا لم يتسنَّ لنا تنفيذ الحل المقترح، إنه السلوك الذي يغير طعم الحياة ويحقق السكينة ويدعم المودة والرحمة.