الجمعة 24 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

جحا والسعادة والبالونة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أصبحا اليوم نعيش كثيرًا من المعارك ونبذل جهدًا كبيرًا لنستطيع فقط أن نعيش ونتعايش مع الحياة المليئة بكثير من التفاصيل.
أصبحنا نبحث عن السعادة فى كل مكان ولا نجدها ونعتقد فى كل مجال نخوضه أننا سنجد سعادتنا فى آخر الطريق، لنكتشف أن ذلك الطريق الذى سلكناه من البداية لم تكن فيه غايتنا، وأننا كنا نبحث عن شىء لا نعرفه وأننا نبحث عن سراب ونسميه السعادة، لقد أضعت وقتك وطاقتك وبذلت مجهودًا فيما لن يوصلك إلى ما تتمناه.
لعلنا ننسى دائما أننا لسنا بمفردنا فى هذا العالم، وربما أن سعادتنا ليست بأيدينا بل بأيدى أناس آخرين، وأن سعادة الآخرين بأيدينا نحن، فخالقنا جعل كل منا يكمل الآخر، سواء كان فى السعادة أو فى أى شىء آخر، ونأبى دائمًا بطبيعتنا البشرية أن نسلم بذلك، فنحاول ونحاول أن نحقق أشياءنا وسعادتنا بمفردنا، وأن نقنع أنفسنا أننا لا نحتاج للآخرين ولا نطلب المساعدة ولا نساعد بعضنا البعض.
بل نتخوف دائمًا من كل من يقترب مننا ونعتقد دائما أن هناك غرضًا ما لا نراه، وفى بعض الأحيان نتوقعه، فنبدأ فى عمل التحصينات والدفاعات ونعيش منفردين فى وسط البشر.
هذا هو حال كل فرد وبالتالى حال كل مجموعة وكل هذا يؤدى بنا إلى حال كل الشعب، نرى أننا أصبحنا نعيش فى جزر متباعدة.
هذا هو حال كل الشعوب بوطننا العربى فلا عجب من تباعد الدول العربية ولا عجب من موقف كل دولة من الأخرى، وكل شعب من الآخر، طالما كان موقف كل فرد من أخيه داخل المبنى الواحد.
تبنينا فكر جحا: «طالما الخطر بعيد عن بيتى فلا علاقة لى به».
لا حل للأوطان إلا بحل مشاكل الأفراد وليبدأ كل واحد بنفسه قبل أن ينظر للآخر، وكل مجموعة لنفسها إلى أن نصل لكل دولة لنفسها.
كانت هناك تجربة لإثبات أن سعادتك تكمن فى سعادة الآخر وسعادة الآخر تكمن فى سعادتك، وأن إسعادك للآخرين سيجلب لك سعادتك.
مجموعه من ٥٠ فردًا كان يحضرون مناظرة، وفجأة وقف المتحدث عن الكلام وقرر أن يعمل نشاطًا للمجموعة كلها، أعطى كل واحد من المجموعة بالونة وطلب من كل واحد فيهم أن يكتب اسمه على البالونة التى معه.. بعدها جمع كل البالونات ووضعها فى غرفة ثانية.
ثم سمح لهم أن يدخلوا الغرفة الثانية وطلب منهم أن يقوم كل واحد خلال ٥ دقائق بالعثور على بالونته، وبكل حماس بدأ كل فرد فى المجموعة البحث عن بالونته.
ووقعت فوضى وأصبح كل واحد منهم يدفع المجاور له حتى يجد بالونته وسيطرت حالة من «الهرجلة» فى الغرفة، وبعد ٥ دقائق لم يجد أحد بالونته فطلب منهم وقف البحث ويقوم كل واحد منهم بأخذ البالونة التى أمامه ويقرأ الاسم ويعطيها لصاحبها.. وخلال دقائق كان كل واحد منهم معه بالونته المكتوب عليها اسمه.
ثم قال المتحدث: هذا ما يحدث بالضبط فى واقع الحياة.. كل واحد يبحث عن سعادته فى حماس ولا يعرف مكانها، لكن السعادة الحقيقية تكمن فى إسعاد الآخرين.. حاول تسعد الناس وقتها ستجد السعادة التى تبحث عنها..
وهو ده الغرض من حياة البشر: اسعد غيرك تسعد.