الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مؤامرة مكتملة الأركان

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
صدمة كبرى أصابت الرأى العام المصرى والعالمى إزاء الانقلاب الخطير في الموقف الروسى إزاء أزمة تحطم الطائرة الروسية فوق أجواء سيناء.. فرغم العلاقات الحميمة التي جمعت بين القاهرة وموسكو طوال الشهور الماضية وتأكيد الرئيس فلاديمير بوتين، مرارًا وتكرارًا دعمه الكامل لمصر ومساندتها في جميع مواقفها، جاءت أزمة تحطم الطائرة الروسية فوق أجواء سيناء لتفتح صفحة جديدة في كل شيء من العلاقات بين البلدين.
ففى بداية الأزمة اتسم الرد الروسى بالتحفظ والعقلانية.. وبمجرد استباق بعض الدول الأوربية بتعليق رحلاتها الجوية من وإلى شرم الشيخ وسيناء، انقلب موقف «الدب الروسي» بنسبة ١٨٠ درجة حيث فوجئنا بقرار روسيا وقف جميع الرحلات الجوية من وإلى مصر بالكامل وإجلاء المواطنين الروس من الأراضى المصرية.
وكما تقتضى طبيعة الأمور سارعت مصر بتقديم كل أشكال الدعم لتشكيل لجنة تحقيقات (مصرية- روسية) مشتركة للوقوف على جميع أبعاد الوقائع والحقائق المتعلقة بظروف وملابسات الحادث، وتم الاتفاق على عدم نشر أي معلومات إلا بعد انتهاء التحريات التي من المعروف أنها تستغرق شهورًا طويلة، إلا أننا فوجئنا بخروج تصريحات عن الكرملين تجزم بما لا يدع مجالا للشك أن الطائرة الروسية تحطمت بفعل عبوة ناسفة.
الخطير في الأمر ما حمله تعليق «بوتين» من أن روسيا ستنتقم وسترد على الإرهابيين في سيناء وهذا أمر يثير الشك والريبة حول رد الفعل المتوقع من «الدب الروسي»، فهل هذا معناه أن موسكو ستتعاون مع مصر في حربها ضد الإرهاب؟ أم كما يخشى آخرون ستوجه روسيا ضربات عسكرية ضد من تتهمهم بتفخيخ الطائرة الروسية؟
في الواقع إن الأمر في غاية الصعوبة ويكشف بما لا يدع مجالا للشك الازدواجية المقيتة، التي يتعامل بها العالم مع الحالة المصرية على وجه الخصوص، ففى الوقت الذي شهدت فيه فرنسا ٧ تفجيرات إرهابية متزامنة في وقت واحد، فإننا لم نر أي رد فعل متسرع بوقف أو تعليق الرحلات الجوية من وإلى فرنسا، اللهم إلا تلك الإجراءات الاحترازية التي أعلنتها باريس من إغلاق الحدود وإعلان حالة الطوارئ.
الأمر الذي يضعنا في مواجهة «ع المكشوف» مع المؤامرة مكتملة الأركان التي يتم تدبيرها ضد مصر ما بين تصدير صورة أنها ليست آمنة وما قد يستتبعه من إجراءات غير مقبولة من تحجيم عملية السفر من وإلى مصر وهو ما يعد ضربة قاصمة لقطاع السياحة الذي يعد المصدر الرئيسى للنقد الأجنبى في البلاد، إلى جانب المطالبة بتعويضات لضحايا الطائرة الروسية المنكوبة وهو أمر لا يقبله عقل أو منطق، فبأى ذنب تدفع مصر فاتورة انتقال الإرهابيين إلى أراضيها.
وبكل أسف ظهر جليًا للعيان أن التعاطى الحكومى في ظل هذه الأزمة على وجه التحديد لم يكن على القدر المأمول حيث اتسمت التحركات على الصعيدين السياسي والدبلوماسى بالهدوء المريع الذي لا يتناسب بأى حال من الأحوال مع حجم الأزمة التي تمر بها البلاد.
ففى بداية الأمر تجاهلت الحكومة تمامًا التصريحات الروسية رغم صدروها عن الرئيس فيلاديمير بوتين شخصيًا ولم تكن مجرد تسريبات إعلامية مستهلكة، وحين تحدث مسئول بوزارة الطيران فإنه اكتفى بالقول إن مصر لم تبلغ رسميًا بالرد الروسي، الأمر الذي فهم منه أن الكلام لا يعنينا على الإطلاق مادمنا لم يصلنا «على يد محضر» ونقصد بشكل رسمي.
ثم صدر بيان عن مجلس الوزراء يعتبر التصريحات الروسية مجرد استباق لنتائج التحقيقات المشتركة الجارية بشأن واقعة تحطم الطائرة الروسية التي لم تصدر بعد في صورتها النهائية ولم يتضمن هذا البيان أي تعليقات على تصريحات «بوتين» التي يجب أن نأخذها على محمل الجد وليس الهزل.
أما على الصعيد الدولى فحدث ولا حرج، حيث لم نشهد أي تحركات دبلوماسية ردًا على التصريحات الروسية بشأن استباق نتيجة التحقيقات حول حادث تحطم الطائرة الروسية، ورغم امتلاك الهيئة العامة للاستعلامات لعشرات المكاتب على مستوى العالم فإننا لم نر لها أي تحركات إعلامية للرد على الموقف الروسي.
وهنا تظهر أهمية التعاقد مع شركات علاقات عامة دولية للترويج للسياحة في مصر وتصحيح الصورة المغلوطة التي تسعى بعض الدول المتآمرة على مصر لترسيخها في المحافل الدولية من أن مصر لم تعد بلد الأمن والأمان مما يضرب الاقتصاد المصرى في مقتل.
كما تبرز ضرورة التحركات الدبلوماسية والإعلامية لتوضيح الصورة السليمة عن مصر وشرح أبعاد المؤامرة التي تتعرض لها مثلها مثل باقى الدول التي تستهدفها العناصر الإرهابية، كما يتطلب الأمر تكاتف جميع الدول العربية إلى جانب مصر وعدم تركها منفردة في مواجهة قوى تآمرية تسعى لتركيع مصر وإغراقها في أزمات ومشاكل طوال الوقت للانقضاض ليس على مصر وحدها بل على المنطقة بأكملها.