الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

المخرج كريم حنفي في حواره لـ"البوابة": "باب الوداع" لا يصلح للعرض في المولات التجارية

يقدم السينما بغض النظر عن شباك التذاكر

المخرج كريم حنفي
المخرج كريم حنفي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«باب الوداع» من الأفلام المميزة التى تسحرك بصورتها ولغتها البصرية المختلفة عن كل ما هو موجود واعتاد المشاهد أن يراه، فيلم يذكرك بالعمالقة الكبار داود عبدالسيد وشادى عبدالسلام ويوسف شاهين، تلك السينما الغارقة فى التجريد، والتى تسير عكس التيار، ورغم أن الحوار يغيب عن الفيلم، إلا أن المشاهد يجد نفسه فى حوار دائم مع هذه الجماليات التشكيلية فى كل كادر، ومشتبكا مع أداء الممثلين، وموسيقى راجح داود.. بمجرد رؤيتك للفيلم ستعتقد أنك امام مخرج هضم الحياة وتركت آثارها عليه، غير أنك ستندهش حين تعرف أنه مخرج شاب هو كريم حنفى.
يمثل «باب الوداع» أولى تجاربه فى الأفلام الروائية الطويلة، حصل على جائزة الهرم الفضى لأحسن إسهام فنى من مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، ويعرض الفيلم حاليا للجمهور بسينما «زاوية».. التقينا بالمخرج وتحدثنا معه.
■ لماذا لم يعرض الفيلم تجاريا واقتصر عرضه على أسبوع فقط فى سينما «زاوية»، على الرغم من تصريحاتك السابقة بأنه لا يوجد مانع لعرضه تجاريا؟
- حقيقى كنت متوقعا أنه حال عرضه تجاريا سيكون ذلك فى art house الوحيدة الموجودة حاليا وهى سينما زاوية، لأن المكان والمسار الطبيعى للفيلم أن يذهب لمثل هذه القاعات الفنية المشغولة بالأعمال الفنية المختلفة، التى تحتمل هذه النوعية من التجريد فى صناعة الفيلم والشكل الفنى، واستخدامه لأدوات سرد مختلفة، ولم يكن منطقيا أن يذهب «باب الوداع» للعرض فى سينما تعرض فى مول لجمهور يبحث عن سينما من نوع آخر، لأن ذلك سيكون سوء تقدير، وأعتقد أن مدة عرضه لأسبوع واحد تعود لازدحام جدول «زاوية» باعتبارها المساحة الوحيدة الموجودة فى مصر الان التى تعرض أفلاما مغايرة للذوق العام لدى الموزعين للسينما فى مصر، والسبب الثانى أن هذا النوع من الأفلام غير مرشح لأن ينزل الصالة لمدة ١٠ أسابيع «ليكسر الدنيا ويبيع»، ولكن حال الإقبال عليه تستطيع الصالة مد عرضه فلا أحد يكره المكسب.
■ لماذا اخترت أن تكون بدايتك الفنية بفيلم تجريدى لن يفهمه سوى الصفوة أو المتخصصين، وتخسر قطاعا عريضا من الجمهور تحتاجه فى بدايتك الفنية؟
- أنا مهتم بأن أقدم عملا فنيا يعبر عنى، وليس عملا فنيا يعجب الناس، ومدرك جدا أن فيلمى سوف يلاقى إعجاب البعض من الجماهير والنقاد ولن يعجب الاخرين، فهو اختيار يعود للمخرج، ولن أستطيع إجبار نفسى على تقديم فيلم لا يشبهنى لمجرد فقط أن يلاقى الرواج، لأنه فى حالة رواجه لن يصبح معبرا عنى فى شيء.
■ كيف استلهمت فكرة فيلمك؟
- تركيبة هذا الفيلم مختلفة تجعل فكرته مسئولية مشتركة وجماعية لكل عناصر الفيلم بنسب متفاوتة، فالممثل أمام كاميرا باب الوداع له وجهة نظر أيضا، فمنذ عرض مشروع الفيلم على جميع العناصر سواء تلك امام الكاميرا أو خلفها، أصبحنا جميعا بصدد فكرة تتطور على الأرض بمجهود الفريق كله، والمفترض أن صانع العمل الفنى يقدم فى عمله هذه الرؤية وأنا كنت مشغولا جدا بشأن رحلة الحياة والموت، المادة والروح، وهذا النوع من الأسئلة كان شاغلنى جدا، البحث عن قالب درامى لصياغة قصة الفيلم بشكل يعبر عن هذه الرؤية، وفكرة الفيلم بسيطة وغير معقدة، يحكى عن ثلاث قصص، الجدة «آمال عبدالهادى»، الأم «سلوى خطاب» المرأة الوحيدة التى هجرها زوجها، الابن «أحمد مجدى»، الذى نشأ فى هذا البيت فى كنف تلك السيدتين، ونرى من خلال هذه الشخصيات الثلاث قصصا متوازية وإجابة كل شخصية عن سؤال الحب والحياة والموت بطريقته، وكل واحد منهم يجيب عن سؤال ما الذى يخيفه فى حياته وما الذى يعطله بطريقته أيضا، فالفيلم عبارة عن حكاية لثلاث قصص فى بيت واحد وكل واحد فيهم يجاوب على هذه الأسئلة بطريقة مختلفة.
■ وهل كان مقصودا أن يختلف كل مشاهد فى فهمه لحدوتة الفيلم؟
- هذا صحيح، وكان مخططا له تماما، فلم يكن لدى رغبة بأن أقدم فيلما يستلب وعى الجمهور ويفرض عليهم رؤية ما ويبتزهم عاطفيا، ويضعهم تحت سيطرته، لا توجد أى محاولة بالفيلم لاى غسيل مخ أو إقناع المشاهد برؤية معينة، وبالتالى لا يوجد إجبار للمشاهد على إجابة أسئلة الفيلم بطريقة واحدة، ففى النهاية تصور ورؤية الجدة عن الموت تصورا مغايرا لرؤية الام، فالأولى ترى أن الموت بداية لحياة أخرى وفرصة بأن تلتقى بزوجها الراحل، وبالتالى ترى أن الموت عرس، لأن لديها من الإيمان والصفاء الروحى والسلام الذى يجعلها تستقبل هذه اللحظة بذلك الحب، عكس الام فهى ترى أن الموت هو غياب وخوف وعدم، أما الابن فلا يعرف الإجابة عن ذلك السؤال لأنه ابن هاتين السيدتين، ومشتت بين تلك الرؤيتين، ولديه جدل كبير حول الحياة والموت وخائف أن يبدأ رحلته فى الحياة أساسا، والذى حرك كل أحداث الفيلم فعليا موت الجدة، فأصبحت الأم والابن فى وجه بعضهما فى البيت، وأن هذه الام مع مرور العمر سوف ترحل، وهنا أدرك الابن أنه إذا لم يتحرك سيظل فى هذا المنزل وحده.
■ كيف أقنعت سلوى خطاب بالقيام بهذا الدور وتلك الشخصية بلا حوار فى الفيلم؟
- فى الحقيقة لم أفكر فى ممثلة أخرى لهذا الدور سوى الفنانة سلوى خطاب، كنت طول الوقت أسير موهبتها وأحلم بالعمل معها، وأعتبر نفسى سعيد الحظ فى عملى الأول فى ظل ظروف صعبة لتمويل الفيلم وصناعته، بأن يتاح لى التعاون مع كل الفنانين الذين أحب أن أعمل معهم، منهم سلوى خطاب بالضرورة، والمخرج مجدى أحمد على كمنتج، والموسيقار راجح داود، وعلاء الكاشف المصرى الوحيد الحاصل على جائزة «الجرامى» فى الموسيقى، وهو فنان مهم فى الصوت.
■ هل كان للفنانة سلوى خطاب ملاحظات على السيناريو وعلى دورها؟
- فى الحقيقة بعد أن قرأت السيناريو وعجبها، وافقت على تقديم الشخصية، وطورتها معى سنوات طويلة، وتحملت ظروفا صعبة كثيرة والإنتاج، والوقت الطويل الخاص بالتصوير، وكانت متفهمة لذلك، وهى ممثلة قادرة على التحدى وخوضها هذا الفيلم لتعبر عما لديها من طاقات متعددة.
■ صرحت من قبل عن ظروف إنتاجية صعبة واجهت فيلمك، حدثنا عن أزمة السينما المستقلة فى مصر وما تحتاج إليه من دعم الدولة؟
- من المفترض أن كل الدول بالعالم تمثل مواطنيها، ومن المفترض أن ميزانيات هذه الدول يخصص جزء منها لدعم المعرفة والثقافة والفنون، وهذا ليس اختيارا أمام الدولة، إنما واجب عليها أن تفعله، مثل دعم الصحة والتعليم وغيرهما، ومفهوم أن مصر دولة نامية ومأزومة اقتصاديا، لكن الحديث عن دعم السينما لا يقتصر على كونها فنا فقط بل هى صناعة، بها أيد عاملة كثيرة، فدعم وزارة الثقافة الذى منحوه لفيلمى ٣٠٠ ألف جنيه لم يذهب كأجر نجم واحد، بل تم إنفاقه على جميع العاملين بالفيلم، لذا أمام الدولة أكثر من صيغة لدعم هذه الصناعة، والفائدة من عائدها وكل ما نحتاجه فى هذا الإطار إدارة رشيدة.
■ البعض يعتبرك امتدادا للمخرج شادى عبدالسلام فى فيلم المومياء.. ما تعليقك؟
- شيء يشرفنى جدا أن يرى بعض الناس أن عملى الأول فيه امتداد للأستاذ شادى، ولا أنكر تأثيره على مستوى فهمى البصرى والجمالى لصناعة الفيلم، وقادر على فهم ذلك الربط بين المومياء وباب الوداع، لان الفيلم بصريا تشكيلى جدا، ولكن كل ما أستطيع قوله أن مشروع شادى عبدالسلام السينمائى مختلف وحجم مشروعه فى المومياء مختلف تماما عن تجربتى، وهو فيلم بسيط وقليل التكلفة، وهذا تأثير طبيعى من مخرج كبير مثل شادى عبدالسلام
■ من المخرجون الآخرون الذين ساهموا فى تشكيل وعيك السينمائى والفنى؟
- يوسف شاهين علمنى كيفية التعبير عن نفسى بدون خوف، وهو أشطر مخرج حقق ذلك، وداود عبدالسيد أثر علىّ فى فكرة عدم الخوف من طرح رؤية فلسفية خلال الفيلم، وخيرى بشارة كان له تأثير عدم الخوف فى السرد.