الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الفريضة الغائبة في نظام 30 يونيو

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا يمكن الحديث عن استقرار داخلى فى أى مجتمع طالما بقيت الشفافية فريضة غائبة عن الأداء العام للنظام السياسى ونخبته الثقافية والإعلامية والاقتصادية والاجتماعية.
ولا مجال هنا للحديث عن الشأن الخارجى فقد أثبتت دولة ٣٠ يونيو ونظامها السياسى قدرة رفيعة المستوى على بناء التحالفات وعمل المناورات السياسية على نحو ساعدها فى تجاوز معظم الأزمات والتحديات الدولية والإقليمية.
وفى المقابل لا تزال سحب الغموض والالتباس تخيم على كثير من الملفات الداخلية بشكل يحدث قدرًا هائلاً من التشويش على وعى الرأى العام ويؤثر سلباً فى عملية تشكيل اتجاهاته.
قضية رجل الأعمال صلاح دياب تشكل واحدة من القضايا التى تكشف مدى غياب قيمة الشفافية عن الأداء العام للنظام السياسى ونخبته الاقتصادية والإعلامية وهو ما يجعل شعور الثقة لدى الرأى العام يتراوح سلباً وإيجاباً، لاسيما أن رموز كل تلك النخب رفعوا شعارات التغيير.
صحيح أن النظام السياسى الذى يجلس الرئيس عبدالفتاح السيسى فى أعلى قمته أكد غير مرة وبالممارسة العملية مقاطعته لسياسات نظام الحكم ما قبل يناير ٢٠١١ إلا أنه يبدو فى كثير من الأحيان لم يبرح عباءة ذاك النظام.
لهذا الانطباع أسبابه الموضوعية، ذلك أن نظام ٣٠ يونيو لا يزال يعتمد على البيروقراطية التى تشكلت منذ ستينيات القرن الماضى وتصر على التمسك بمنهج وآليات عملها، كما أنه يعمل داخل نفس أطر نخب نظام ما قبل يناير ٢٠١١.
مرة أخرى قضية صلاح دياب خير كاشف عن حقيقة الصراع المكتوم بين النظام السياسى الجديد والنخب القديمة وقد يحتاج الأمر قدرا من التأمل فى بعض التفاصيل.
فمع القبض على دياب شاعت أنباء عن قيام بعض رجال الأعمال بتهريب أموالهم إلى الخارج، وردد إعلاميون وصحفيون لهم وزنهم تلك الأنباء دون إفصاح عن أسماء المتورطين فى هذه الجريمة أو حجم الأموال المهربة، لكن الرأى العام ربط بين توقيت نشر هذه الأنباء، وخبر القبض على صلاح دياب.
وفى المقابل صمتت أجهزة الدولة المعنية وكان الأحرى بها أن تصدر بياناً بحقيقة الأمر يفضح أسماء المتورطين وحجم الأموال التى تم تهريبها.
وما هى إلا أيام ليفاجأ الجميع بقرار الإفراج عن دياب الذى اتهم بالاستيلاء على أراضى الدولة والإضرار بالمال العام، وحيازة سلاح غير مرخص ولم يعرف على وجه التحديد سبب الإفراج لنجده فى قفص الاتهام فى قضية أخرى تتعلق بأحداث شغب فى منيل شيحة بمحافظة الجيزة.
فى السياق ذاته يؤكد خبير البترول د. إبراهيم زهران أنه تقدم بعدة بلاغات للنائب العام السابق المستشار هشام بركات والتى اتهم فيها دياب بارتكاب مخالفات أضرت بأموال الدولة فى مجال البترول، ومع ذلك لم يتم فتح باب التحقيق فى أى منها، ولم تفصح النيابة العامة عن مصيرها حتى الآن.
على الجانب الآخر خرج إعلاميون يستميتون دفاعاً عن دياب وحولوا قضية استيلائه على أراضى الدولة وشرائها بأقل من ثمنها إلى قضية رأى وحرية تعبير واعتبروا القبض عليه رسالة للصحفيين والإعلاميين الأحرار وقرصة ودن لصحيفة «المصرى اليوم».
هؤلاء الإعلاميون أنفسهم سبق أن هاجموا رجال أعمال آخرين ارتكبوا نفس المخالفة أو هكذا قالوا وظنى أن كل من دافعوا عن صلاح دياب كانوا سيتخذون موقفاً مغايراً لو تعلق الأمر برجل أعمال آخر ليس من المنتظر أن يمول صحفهم أو برامجهم، ولا أعتبر خبر القبض عليه خطوة جادة من جانب الدولة على طريق محاربة الفساد، وهذا مؤشر آخر أمام الرأى العام لصحة ما تردد عن تورط صحفيين وإعلاميين كبار فى قضية فساد وزارة الزراعة ترددت أسماء بعضهم أثناء القبض على الوزير السابق د. صلاح هلال.
ولأن هؤلاء المدافعين عن مصدر تمويلهم ارتبطوا بثورة الثلاثين من يونيو، ونظامها السياسى بشكل ما فإن موقفهم أحدث قدراً كبيراً من الالتباس والتشويش لدى الرأى العام، وجعله يتشكك فى مصداقية حديث الدولة عن محاربتها للفساد.
بات على نظام ٣٠ يونيو أن يخلق بيئة قانونية وسياسية واجتماعية واقتصادية جديدة تسمح بتطهير المجتمع من نخبه القديمة الفاسدة.