الخميس 23 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بدل السكوت

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
منحنا الله القلم لنكتب لا نكذب، نرسم قوس قزح، ونشطب على مقلب زبالة، نمسح عن ضمير الوطن دنس الرياء والخداع، وننكر على الباطل قبحه وظلامه.
لذا لا أستحي أن أكتب عن شرطي أكثر وطنية من ممثلين، وكذبة، وحملة لافتات ضدية، و“,”هتيفة“,” تمرد ورفض، رجل أعطى لم ينتظر، وقدم لم يأخذ، وضحى ولم يربح.
كانت الكتابة عن ضابط شرطة دائمًا متهمة، ممقوتة، مرفوضة، وراءها ألف شك وشك، وحولها شبهات لا حصر لها.
كانت صورة ضابط الشرطة في صحافتنا سلبية، رجل قاسٍ، متكبر، متسلط، دينه الغطرسة والتكبر على خلق الله، يعبس عندما يلتقي العامة، ويتجهم عندما يأتونه طلبًا للعون، كانت صورته في إطار أسود كريه ربما شاهدناه في فيلم “,”زوجة رجل مهم“,”، عبد من عباد السلطة، يُسبح بحمدها، ويُخوّن ويُجرّم كل من يختلف معها، “,”ملفقاتي“,” بارد لا يرتبط بعلاقات أسرية ناجحة، ولا يترك لدى جيرانه أي شعور بالمودة.
ظلت الصورة في إطارها الأسود حتى انطلق قطار الثورة في يناير 2011 في مصر الراقدة، فهلل كثيرون لسقوط الشرطة، وشمت من شمت، وفرح من فرح، حتى تبخر الأمن فصرنا نتشمم رائحته، ونفتش عنه، ونقدم اعتذاراتنا.
إنني أعترف لكم أن الشهيد نبيل فراج، قلب الآية، محا الرجل الظلال السوداء عن إطار الصورة، شطب تاريخًا من الكراهية والنفور، وألقى ببطل “,”زوجة رجل مهم“,” إلى عالم الخيال واللا واقع، رد الاعتبار لرجل الشرطة ردًا جميلًا عظيمًا رائعًا مبهرًا.
نبيل فراج، اسم على مسمى، يكتب القلم ثم يكتب فلا يُوفيه حقه، يسقط الساسة، وينكمش أبطال المظاهرات وتصمت حناجر الفضائيات الزاعقة، أمامه تعيد البطولة فرض معانيها، وترجمة مرادفاتها إنه رجل وثيق الصلة بخالقه، يؤمن بقدره، ويؤدي واجبه، وينتظر شهادته، إنسان دمث الخلق، لم ينكر عليه الناس خلقًا، كان ممن يُؤلفون ويألفون، قدم روحه فداءً لمصر، ورحل ليعرف الناس كيف كان يعيش حياة بسيطة متواضعة، يسكن بالإيجار ويمتلك سيارة شعبية صغيرة، وتقتصر حياته على العمل والبيت ولا شيء آخر.
شهيد، وأي شهادة أعظم من مطاردة القتلة، وملاحقة مروعي الناس!! شهيد، لم يقذف طوبًا بدعوى النضال، ولم يحطم زجاجًا بزعم التمرد، ولم يسب الناس ويكفرهم متدثرًا بالثورية، شهيد استحق نهايته التي هي أفضل كثيرًا من نهايات قتلة وسفاحين ومكفّرين ودعاة فتن أطلقت عليهم صفة “,”الشهادة“,” في غفلة من التاريخ.. والله أعلم.