الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

صقور إيران يعلنون الحرب على العراق

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أمريكا ما زالت تؤدى باقتدار دور لاعب الشطرنج الذي يقوم بتحريك القطع فوق مربعات الطاولة دون حسابات أو تخطيط.. وفق التقرير الذي نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» والذي يؤكد شهادة وزير الدفاع الأمريكى أشتون كارتر أمام مجلس الشيوخ حول جدية التوصية بإصدار قرار نشر عدد «محدود» من قوات العمليات الخاصة إلى جانب القوات العراقية في الحرب ضد «داعش» - دون أن تفصح التصريحات عن آلية أو جدوى مثل هذا القرار- وأن نشر القوات سيكون لأداء مهام محددة منها الانخراط ضمن الجيش العراقى فيما قد يصبح أول مواجهة مباشرة لأمريكا مع مقاتلى «داعش».. القرار ما زال يخضع لدراسة الرئيس الأمريكى وفق عدة موروثات.. أولها حقيقة أن لكل رئيس – عبر تاريخ أمريكا- حربه الخاصة التي يفخر بقيادتها تحت شعارات مختلفة مما يُرجح أن يكون هذا التدخل البرى سواء في العراق أو سوريا بمثابة «حرب أوباما الخاصة» التي يخوضها وهو يقضى عامه الأخير في البيت الأبيض.. بينما تستدعى قراءة أخرى لتردد أوباما بين ضرورة إحداث تقدم عسكري على أرض الحرب يوقف تمدد «داعش» وبين كونه أسيرا لمخزون الشعارات التي رفعتها حملته وتم انتخابه على أساسها لفترتين ثم كانت سببا في حصوله على جائزة نوبل للسلام.
القرار الأمريكى بإرسال قوات برية قطعا يحمل إضافة إلى البعد العسكري مغزى سياسيا موجها إلى روسيا التي تمضى بكل حسم نحو تأكيد وجودها العسكري والسياسي في سوريا - حفظا على مصالحها في وجود دولة سورية متماسكة وليس دفاعا عن أشخاض أو أنظمة- وهو ما دعا الطرف الأمريكى إلى القبول على مضض ما سبق أن رفضه حول الوصول إلى صيغة تنسيق حول سوريا مع الجانب الروسى.. التدخل الأمريكى بشكل منفرد بعيدا عن التحالف الذي رعته أمريكا للحرب ضد «داعش» سيوجه رسالة سياسية مباشرة إلى زعيم الكرملين عن قدرة أمريكا على التحرك في مواجهة النقد المتكرر إلى أوباما حول فشله في إدارة الحرب ضد التنظيمات الإرهابية.
تطورات الحرب الدائرة في العراق ضد «داعش» تزايدت خيوطها المتشابكة تعقيدا مع تصاعد الأزمة السياسية التي خرجت من حالة الصراع المكتوم إلى دائرة العلن بين رئيس الوزراء العراقى حيدر العبادى من جهة ومجموعة تمثل تيار اليمين الإيرانى في حزب الدعوة وعلى رأسهم رئيس الوزراء السابق نورى المالكى.. إذ انطلقت دعوات داخل البرلمان من ائتلاف دولة القانون وهو الحزب الحاكم الذي ينتمى أعضاؤه إلى حزب الدعوة تُهدد بإقرار قانون يحظر على العبادى اتخاذ الإجراءات الإصلاحية دون موافقة الائتلاف وبسحب التفويض الذي سبق أن أقرته للعبادى بمنحه سلطة اتخاذ إجراءات إصلاحية تهدف إلى امتصاص حالة الغضب الشعبى التي تتكرر في صورة مظاهرات حاشدة تنطلق أسبوعيا من كل محافظات العراق.
العبادى حاليا في موقف لا يُحسد عليه بعدما أصبح وسط دوامة ضغوط.. أولا الضغط الشعبى ومن المستبعد التوقع له أن ينتهى بالتهدئة مع الإصرار على استمرار الحالة الثورية حتى أن العبادى بدأ يميل نحو ترجيح المطلب الشعبى والسياسي الذي يدعوه إلى تشكيل ائتلاف برلمانى جديد يضم كتلًا شيعية وسنية لتشكيل أغلبية برلمانية حاكمة فيما يعد إعلان «طلاق» رسمى من السيادة الإيرانية - خصوصا بعد رفضه طلب قاسم سليمانى قائد قوات الحرس الثورى الإيرانى بالإبقاء على المالكى نائبا لرئيس الجمهورية.. العبادى قدم للشارع العراقى إجراءات إدارية وتقشفية فرضها الواقع الاقتصادى لكنه ما زال بعيدا عن المطلب الشعبى المتمسك بإجراء إصلاح جذرى ولن يقبل بحلول الجرعات المسكنة.. من جهة أخرى صقور حزب الدعوة لن يقبلوا التخلى عن مكاسبهم السياسية والمالية التي حصدوها عبر سنين رئاسة المالكى ولن يسمحوا بكشف ملفات الفساد التي فاقت مثيلاتها في بلاد العالم، إضافة إلى أن تواصل الغضب الشعبى سيشكل عائقا أمام العبادى في إقناع إيران أنه جزء من مشروعها في العراق بينما مطالب الشارع كلها موجهة ضد هذا المشروع.. أمريكا أيضا لا تنظر بعين الرضا إلى انضمام حكومة العبادى إلى الحلف الرباعى مع «روسيا سوريا إيران» وترحيبها بالتدخل الروسى لمساندة العراق في حربه ضد «داعش».
كل هذه الأزمات ستلقى بظلالها على الحرب الدائرة في العراق.. وبالتأكيد لن تجدى معها القوات المحدودة التي سترسل بها أمريكا إلى أرض الحرب.