الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

كله تمام يا افندم

 عماد الصابر
عماد الصابر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«كل شىء تمام يا افندم» ذلك هو الشعار الغالب على العلاقة بين المرؤوس ورئيسه، وكلما وقعت مصيبة فوق رؤوس المصريين، تجد التصريحات التى تنفى كل ما يدور على الساحة الإعلامية، أو حتى على المقاهى، هى العلامة المسجلة لكل الأجهزة المعنية بالواقعة محل الحديث، أما الكارثة الأكثر ترويعًا من وجهة نظرى المتواضعة فتتمثل فى أن مسئولًا واحدًا لم يتحقق مما يقوله مرؤوسه، اتقاءً للخطأ الذى سيصبح فضيحة مدوية فى العالم كله، إذا ثبت عكس ما ذهب إليه المرؤوس وسار خلفه الرئيس.. أى رئيس فى أى عمل.
تلك هى مصيبتنا فى مصر.. تحدث الواقعة فيسير الإعلام خلف التصريحات الرسمية كالقطيع، وهو واجب إذا كانت هناك معايير حكومية لتلك التصريحات، لكن إذا كانت لمجرد الاستهلاك الشعبى، والتعاطى معها كمخدرات للعقول دون النظر بالتحليل أو حتى تأمل مايمكن أن يعكسه عدم صدق الرواية الرسمية لأى حادث، فمن المعروف أن غالبية السادة الإعلاميين مطلعون على الصحف العالمية، ومواقع التواصل الاجتماعى التى لا تترك شاردة ولا واردة إلا وتوقعت، على الأقل ما حدث فيها، فإن صدقت توقعاتهم دخلت الحكومة فى الكهف المريب صمتًا وسكوتًا على ما يدور، أو بحثا عما يتم شغل المنتقدين به، فتمر المسألة الأهم ذات المؤشر على كذب المسئولين وعدم درايتهم بالمفروض عمله فى وقت الأزمة، وكأنها لم تكن!
وتبقى المصيبة تتوالد فى دوائر الحكم فى مصر، منذ أن قال المشير عبدالحكيم عامر للرئيس عبدالناصر فى أحد اجتماعات ما قبل النكسة: «رقبتى يا افندم»، وكلنا يعلم ما أنتجه هذا القول من كارثة معروفة لكل من هب ودب، وتستمر المقولة الكارثية تعمل حتى اليوم، فلا يوجد مسئول واحد يخرج ليعلن تحمله نتيجة ما حدث من أزمة، ولا خرجت علينا نتيجة لتحقيق يشفى غليل الناس ويطمئنهم أن فى البلاد قانونًا يحكم الجميع، ولعل تساؤلاتى اليوم عن نتيجة التحقيق فى غرق مركب الوراق مثلًا، ولا ما هى الإجراءات التى تم اتخاذها للحيلولة دون تكرارها، اللهم قيام الحكومة بفرد عضلاتها على الغلابة من ملاك المراكب النهرية المواجهة للفندق إلى حل مكان هيلتون النيل، الذى حينما تحريت السبب الكامن خلف الواقعة، علمت أن مالكه سدد مبالغ من المال، لكى يرحل هؤلاء الذين يسببون الضوضاء للنزلاء، رغم أن افتتاح الفندق تلا إلغاء وجود هؤلاء من على خريطة النيل، ودون أن يقول له المسئولون إن الفندق القديم ظل طوال حياته وهؤلاء موجودون، دون أن يتضرر منهم سائح واحد، كما لم يقل له أحدهم، إن هؤلاء قبلة الفقراء للتمتع بمياه النيل التى تغيب عنهم فى غالبية المواقع على كورنيش النيل.
أيضا خرج رئيس الحكومة السابق ينفى عن أعضاء حكومته، ما نسب إليهم فى وسائل الإعلام المختلفة حول القضية المحظور النشر فيها حاليًا، أيضا كان نفيه اعتمادًا على ذات المقولة على لسان وزير زراعته «كله تمام يا افندم شغلنا على ميه بيضا»، وعليه خرج دون تحرى الدقة، بل إنه اعتمادًا عليها أعاد الفاسدين فى هيئة التعمير الذين ذكرناهم بالاسم إلى مواقعهم، وكأن مائة وخمسين ألف فدان، قيمتها ما يزيد على ٢٠٠ مليار جنيه لم تضع على خزينة الدولة بسببهم، ولم يخرج أحد ليقول للناس التى قرأت تفاصيل الفضيحة إن تحقيقات تجرى، وإن نتيجتها ستعلن على الناس قريبا ليؤمنوا بوطنهم الحامى للجميع.
البلاد المتقدمة تعتمد على القانون، فلا يمكن لأى قاضٍ أن يحظر النشر فى قضية، ولا بد للمدعى العام أن يجيب عن أسئلة الإعلاميين، أيّا كانوا دون فرز أو إقصاء، وإذا ثبت أنه ضلل أحدًا منهم فى معلومة فلن يرى منصبه مرة أخرى، هذا إذا استمر من الأساس دون دفعه للاستقالة بعد ثبوت الكذب عليه، أما فى البلاد المتقدمة للخلف من أمثالنا، فالكذب يعتبر مؤهلًا لتولى المهمة أيّا كانت، فمادام الموظف يتملق رئيسه بالكذب يستمر فى الترقى، ولعل فى قضية البنك العقارى المصرى المثل الأعلى، فالمسئولون فيه نافقوا هشام رامز، ضمانًا لاستمرارهم، وها هم يستمرون دون عقاب فى نفاق خلفه عامر.. النهاية أن النفاق والكذب هما سبب بلايا الأمة، فإذا أردتم إصلاحًا فتعالوا إلى طريق الصدق القويم، وأضمن لكم ألا تخسروا وألا تخسر مصر.