الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

تساؤلات مشروعة في ملف أزمة مفتعلة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا أعرف بالضبط من أين أبدأ.. هل أبدأ بزيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى للعاصمة البريطانية «لندن» أم بأزمة الطائرة الروسية التى احتلت أخبارها صدارة المشهد السياسى والإعلامى.
القراءة الموضوعية- على الأقل بالنسبة لى- تؤكد أن كلا الحدثين له علاقة وثيقة بالآخر والشواهد على هذه الرؤية كثيرة، فقد جرى استخدام أزمة الطائرة كورقة ضغط من جانب الحكومة البريطانية بهدف إحراج الدولة المصرية فور وصول الرئيس لأراضيها، الأمر الذى تباينت فيه وجهات النظر حول بقاء الرئيس فى لندن ومواجهة الحكومة البريطانية، بشكل مباشر أو العودة إلى القاهرة احتجاجا على السلوك البريطانى الذى انصاع للإرادة الأمريكية، إلا أن الرئيس السيسى غلب منطق الشجاعة والقدرة على المواجهة.
ما بين الزيارة وأزمة الطائرة تختبأ تفاصيل كثيرة مرتبطة بالصراعات الإقليمية والمطامع الدولية، ناهيك عن أمور أخرى فى مقدمتها صناعة الإرهاب وتمويل عناصره ومدهم بالسلاح المتطور وخلافه من أساليب الدعم القائمة على اختلاق الادعاءات وترويجها فى وسائل الإعلام.
فى هذا السياق لا أستطيع إنكار أن قضية الطائرة أصبحت شائكة وراحت أحداثها تتسارع بصورة مذهلة، فضلا عن أن المواقف الدولية بشأنها بدأت تتقلب صعودا وهبوطا بنفس الوتيرة المتسارعة، لذا لم يعد بمقدور أحد مهما كانت براعته فى قراءة الطالع السياسى، التنبؤ بما ستسفر عنه الأيام القادمة من تداعيات سواء كانت هذه التداعيات إيجابية لصالح الدولة المصرية أو سلبية ستضعنا فى مرمى سهام الاتهامات وما يتبع ذلك من محاولات خبيثة ترعاها أجهزة الاستخبارات. أنا هنا لا أملك سوى طرح التساؤلات التى أرى أنها مشروعة، خاصة إذا علمنا أن الطائرة الروسية التى سقطت فى سيناء بعد إقلاعها من مطار شرم الشيخ صاحبها الكثير من اللغط.
ففور سقوطها أعلن «داعش» مسئوليته عن ارتكاب الحادث وراحت وسائل الإعلام الأجنبية تنقل البيان بصورة تهدف إثبات صحة ما تقوله قيادات التنظيم الإرهابى، على إثر ذلك بدأت التكهنات وفبركة المعلومات عن إسقاط الطائرة بصاروخ تم إطلاقه بمعرفة الإرهابيين.
مثل هذه الادعاءات لا يمكن تجاهلها أو التعامل معها بنوع من الاستهزاء والاستهانة، لأنها مشحونة بأغراض سياسية دنيئة، فهى تروج لامتلاك التنظيمات الإرهابية قدرات قتالية غير عادية بما يعنى أنها قادرة على مواجهة الجيش المصرى، وهو ما يريده الأمريكان والبريطانيون، باعتباره مبررا للتدخل فى الشأن الداخلى بزعم محاربة «داعش»، فضلا عن توجيه إهانة للدولة الروسية بما يشير إلى أن الإرهاب قادر على تهديد موسكو فى أى مكان جراء تدخله فى سوريا.
الغريب أن هذه الأكذوبة- «صاروخ داعش»- وجدت أرضا خصبة ومناخا ملائما للتنظير والتقعير فى وسائل الإعلام المصرية من جانب مهووسين بالظهورعلى الشاشات، حيث تحول الجميع بقدرة قادر إلى خبراء وفنيين، كل ضيف يدلى بدلوه وإن لم يكن هناك ضيوف يقوم مقدمو البرامج بتأدية المهمة ذاتها على أكمل وجه دون الحاجة إلى متخصصين.
فقبل أن تنته لجان التحقيق من الفحص الفنى لمعرفة أسباب سقوط الطائرة، خرجت عدة تصريحات وبيانات من مسئولين فى الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا، تربط الحادث بقدرات داعش، مرة بشكل صريح بأنه فعل إرهابى ومرات كثيرة بصورة ضمنية عبر استخدام مصطلحات افتراضية تشير إلى احتمالية وجود عمل إرهابى أى أن الأمر مجرد شكوك، أعقب التصريحات المتناقضة إصدار نشرات تحذير لرعايا تلك الدول من السفر لشرم الشيخ وطابا، وسرعان ما تطور الأمر إلى تعليق الرحلات الجوية من وإلى مصر وليس شرم الشيخ فقط.
أما بقية الادعاءات فتم إرجاؤها لكى تكون متزامنة مع زيارة السيسى لبريطانيا، وهو ما حدث بالفعل عندما أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية أن الأقمار الصناعية رصدت صورا لوميض حرارى خرج من الطائرة أثناء سقوطها بما يعنى أنها انفجرت نتيجة عبوة بداخلها، للتشكيك فى قدرات أجهزة الأمن المصرية فى تأمين المطارات، لذا لم يكن غريبا أن يخرج تصريح من الحكومة البريطانية، مفاده أن أجهزة استخباراتها رصدت مكالمة تليفونية بين داعش وإحدى الحكومات للاتفاق على تهريب قنبلة داخل إحدى الحقائب.
الغريب فى كل ماجرى هو التغيير المفاجئ للموقف الروسى من الأزمة، وهو الموقف الذى اتسم منذ البداية بالحكمة والموضوعية فى التعامل مع الحدث انتظارا لنتائج التحقيق لكنه تغير بفعل الضغط البريطانى على بوتين.
أنا هنا لا أستطيع استباق نتائج التحقيق فى القضية، لكن إذا كان ما قيل على لسان مسئولين فى الدولتين أمريكا وبريطانيا صحيحا، لا أستبعد تورط مخابراتهما فى هذا العمل انتقاما من روسيا وفى ذات الوقت محاولة لإثارة الأزمات ضد الدولة المصرية، وهذا لا يمنع توجيه الانتقادات لأمن مطار شرم الشيخ.
السؤال المهم فى كل ما جرى.. لماذا لم تبلغ بريطانيا الحكومة الروسية بما توصلت إليه من معلومات فور وقوع الحادث؟ أما السؤال الأهم فهو..لماذا انتظرت حكومة ديفيد كاميرون الإبلاغ عما لديها من معلومات لحين زيارة عبدالفتاح السيسى إلى لندن؟ ألم تكن هذه الأزمة مفتعلة لضرب السياحة من ناحية والتأثير على نجاح السياسات الاقتصادية التى تشهدها البلاد.. مجرد تساؤلات!!