الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

كاسك يا مصر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"لسه الطيور بتحن .. والنحليات بتطن .. والطفل ضحكه يرن .. مع إن .. مش كل البشر فرحانين" تجسدت أمامي هذه الكلمات المتدفقة بالأمل والمشاعر التي كتب حروفها الشاعر العظيم صلاح جاهين وشجت بأنغامها الفنانة الرائعة ماجدة الرومي .. وأنا أتأمل المشهد العبثي الحالي الذي نعيشه نحن المصريون .
حيث تخيم سحابة قاتمة من اليأس والكآبة على مشاعرنا ولا يخلو حديث بين اثنين أو أكثر إلا عن الحالة الصعبة التي نعيشها خصوصاً بعد قرار "الدب الروسي" المتسرع بتعليق جميع الرحلات الجوية بين مصر وروسيا.
وبطبيعة الحال قامت الفضائيات عبر كابوسها المزعج الذي يسمونه "التوك شو" بمفعول السحر في تسريب حالة اليأس والزهق والاختناق هذه إلى كل المشاهدين وعرض المشهد الذي تشهده مصر على أنه "صورة سوداء" حتى أنني أتوقع ارتفاع معدلات الانتحار في الأيام المقبلة وارتفاع عدد نزلاء مستشفى الأمراض العقلية بسبب "جرعة النكد" اليومية التي يتحفنا بها بعض الإعلاميين الذين لا يجيدون إلا التطبيل والتهليل تارة أو الصراخ والعويل تارة أخرى .
لا أحد ينكر تلك الظروف الصعبة التي مرت وتمر بها بلدنا الغالية مصر والتي توحدت في الزمان لتتكالب علينا دفعة واحدة ما بين سيول مدمرة تغرق عروس البحر المتوسط وتحطم طائرة روسية فوق أرض سيناء الحبيبة وانهيار جنوني في قيمة الجنيه المصري وما صاحبه من موجة ارتفاع خطيرة في الأسعار هذا طبعا بخلاف جرائم الإرهاب التي لا يمر يوم إلا وتصيبنا بالحسرة .. كل هذا مضافاً إليه حالة التردي في الخطاب الإعلامي والتي جسدتها الإعلامية التي ذهبت غير مأسوف عليها .
كل ما سبق وغيره كثيراً جعل حالة المزاج العام في مصر "مش ولا بد" حسب التعبير الدارج خصوصاً إذا ما أضيف إليها تدني الأداء الحكومي بصورة ملحوظة بحيث وصلنا إلى مرحلة الاكتفاء بترقيع الثوب ومعالجة الأخطاء ومحاولة مواجهة الأزمات التي "تفاجأنا" كل يوم دون الإحساس بوجود أي رؤية شاملة أو خطة استراتيجية للمواجهة .
والملاحظ في ظل هذا المشهد المتردي الذي لا تنقصه الكآبة أننا نسينا الإجابة على تساؤل غاية في الأهمية يتعلق بالبحث عن مخرج أو إيجاد حل للخروج من هذا "المطب" الذي انجررنا إليه جميعا حتى غاب صوت العقل المبدع القادر على وضع الحلول بدلاً من الاكتفاء بالبكاء على "اللبن المسكوب".
فلا يمكن بأية حال لكائن من كان إنكار أننا نعيش أزمة حقيقية .. لكن هل هذه نهاية الكون .. بمعنى أدق هل هذه يجب أن تكون "نهاية مصر" .. بالطبع لا .. فجميع بلدان العالم تواجه أزمات خانقة ربما أشد وطأة من تلك التي نواجهها .. فهل تستسلم هذه الدول لتلك الحالة المحبطة .. فهذا أمر لا يقبله عقل أو منطق ولا حتى يقره ديننا الحنيف الذي يحذرنا من اليأس والقنوط .
فوسط هذه الأمواج المتلاطمة التي تحاول تقاذفنا لا بد من يقظة أمل حقيقية نستمع خلالها إلى صوت العقل الذي ننتظره ليدلنا على ماذا نفعل .. فالمطلوب من كل مسئول في موقعه وضع أجندة عملية ، لا خيالية ، لمواجهة أزماتنا اليومية خصوصاً تلك التي باتت تتكرر علينا كل حين .
ولعل هذا ما قصده الرئيس عبد الفتاح السيسي في خطابه الأخير حين دعا الإعلاميين للكف عن بث الإحباط واليأس في نفوس المشاهدين وزرع الأمل وتسليط الضوء على الإيجابيات إلى جانب انتقاد السلبيات والتخلي عن العمل باستراتيجية "كله ضرب ضرب ما فيش حاجة تانية".

كلمة أخيرة
مصر هتفضل بخير طول ما شعبها قادر على مواجهة أزماته والتكيف مع الواقع بكافة صعوباته .. والخوف كل الخوف من الاستسلام لروح اليأس وغياب الأمل .. وكما أختم في كل مرة .. ربنا يستر .