الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

معركة تحرير الدقي

 عمرو عبدالسميع
عمرو عبدالسميع
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لما انقشع غبار معركة المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية المصرية، وجدنا أنفسنا أمام فسحة من الوقت تسمح لنا بتأمل ما جرى واستخلاص الدروس والعبر.
وقولا واحدا فصلا فقد كنا أمام معركة بين مجموعات تنتمى إلى عملية يناير ٢٠١١، وأخرى تنتمى إلى ثورة ٣٠ يونيو العظمى ٢٠١٣ من جهة، ثم أمام فصائل ترتبط بمفهوم الإسلام السياسى وأخرى لا تعرف إلا الدولة المدنية العصرية شكلا للحكم وإدارة البلاد.
فماذا كانت النتيجة؟!
لعل معركة دائرة الدقى هى الأكثر دلالة فى هذا الإطار، إذ كان الفوز الكاسح للدكتور عبدالرحيم على، ثم - فى الإعادة - لأحمد مرتضى منصور يخبرنا - بوضوح - أن معسكر ٣٠ يونيو هو الحائز على الرضا والتأييد الشعبى الكاملين.
أما معركتا الإسكندرية والبحيرة فهما تشيران إلى الاختيار الشعبى الكاسح للدولة المدنية ورفضه تيار الإسلام السياسى، وإجباره على التقهقر والانسحاب إلى مواقع بعينها ودوائر يتركز فيها جمهور ينتمى (مباشرة) إلى ذلك التيار، حتى إن الإسلاميين لم يتحصلوا فى المرحلة الأولى سوى على ثمانية مقاعد.
وأعود إلى معركة الدقى لأنها كانت تجسيدًا واضحًا جدًا للانحياز الجماهيرى إلى ٣٠ يونيو، حتى على المستوى الشخصى، لأن الفائزين هما علامتان على تلك الثورة فاسما: عبدالرحيم على ومرتضى منصور هما ماركة سياسية (إذا جاز التعبير) على ثورة ٣٠ يونيو.
وبعد النتيجة كثرت تماحيك المهزومين، فسمعنا أصواتا تقول لنا ليست هناك معركة بين ٢٥ يناير و٣٠ يونيو، وأنهما جزأين من شىء واحد.
يا سلام!!
الآن - فقط - نرى أولئك الذين مارسوا إقصاءً إجراميًا طوال السنوات الخمس الماضية، وطاردوا كل من ظهر فى مشهد نظام مبارك، ومارسوا إزاءه عمليات ممنهجة للنفى والحصار والتجاهل والإبعاد، يتحدثون عن أن يناير ويونيو شىء واحد!!
إن ثقافة الإقصاء الصفراوية الشريرة التى اعتنقها أولئك الناس منذ اللحظة الأولى لعملية يناير هى التى جعلت من رموز يونيو أعداء ليناير.
ثم إن أحدًا من رموز يونيو لم يقل إنه عدو ليناير على إطلاقها.
إذ إن الجميع يفرق - على نحو قاطع - بين الكتلة الاجتماعية الوطنية والطليعة القائدة الخائنة التى تصدرت المشهد وضمت زمرة الجواسيس والعملاء والمتدربين فى صربيا وأكاديميات التغيير فى بريطانيا وقطر و«هليبة» الجمعيات الأهلية، والمستثمرين الأجانب فى عملية يناير من ممثلى أجهزة مخابرات تنتمى لست عشرة دولة عملوا فى ميدان التحرير، فضلا عن المستثمرين المحليين فى الإرهاب من قوى الإخوان والسلفيين، وقد كانت صورة الموسم والمواسم التالية هى قيام نخب يناير القائدة بتأييد محمد مرسى (أول جاسوس مدنى منتخب) فى فندق فيرمونت، تحت شعار ساقط يتحدث عن «عصير الليمون»، اعتبر أولئك الناس أن يناير هى نهاية التاريخ، التى تكفل لهم إقصاء كل منافس مهنى أو شخص لأرباع الموهوبين من أمثالهم، وقد مارسوا من التهميش والإذلال لمن اعتبروهم خصومهم ما لم تره مصر فى العصر الحديث إطلاقًا، لا بل وبلغ الأمر حد تفصيل القوانين لعزل أشخاص بذواتهم من ممارسة حقوقهم السياسية، والمدهش أن واقعة قانون العزل التى شهدها برلمان الإخوان كان بطلاها نائبين أحدهما ينتمى إلى معسكر الإسلام السياسى، والآخر هو أحد الذين دفعت بهم الولايات المتحدة ليكونوا نجوم عملية يناير.
فى الدقى كانت المواجهة حاسمة وحسمتها الجماهير لصالح رجل خاض معارك كشف عناصر الطابور الخامس الخائنة ومدى تورطهم فى عمليات تخابر سافلة، واقتحام لمقار مؤسسات سيادية، وتقاضى أموال لقاء تنفيذهم لتكليفات سادتهم وراء البحار.
كما خاض نفس الرجل معارك كشف الإخوان وعلاقتهم بالإرهاب والقاعدة.
وباتت تسريبات الصندوق الأسود التى تشكل عصب الخطاب السياسى والإعلامى للدكتور عبدالرحيم على، هى وسيلة التثقيف والمعرفة للناس والبسطاء فى مصر، إذ لم تعن تلك التسريبات بالجانب الفضائحى، ولكنها استهدفت الجانب التعليمى بالدرجة الأولى.
ومن جانب آخر فإن الجماهير (مع احترامنا الكامل للأستاذ أحمد مرتضى منصور) كانت حين تنتخبه، تمنح أصواتها - فى حقيقة الأمر - لاسم مرتضى منصور، المحامى المناضل الذى كادت نخبة يناير الخائنة أن تدخله السجن فيما عرف بقضية (موقعة الجمل) ضمن عمليات التلفيق واسعة النطاق التى جرت لإبعاد رهط من نجوم الساحة الوطنية إلى أبعد بعيد، ولو كان ذلك البعيد هو السجن فى أحد أركانه المعتمة الباردة.
مرتضى منصور خاض عبر أجهزة الإعلام حربًا حقيقية، مستخدمًا أسلوبًا فريدًا فى الإقناع وكشف الحقائق، والذي - رغم بعض التجاوز - أحدث تغييرًا حقيقيًا فى اتجاهات الرأى العام فى مصر، وقاد حركة الناس ضد الإخوان والعناصر الخائنة المرتبطة بيناير.
كانت معركة تحرير الدقى لحظة كاشفة فى الانتخابات البرلمانية، لا بل فى المشهد السياسى المصرى عامة، إذ فازت فيها ثورة ٣٠ يونيو العظمى بالضربة القاضية، وبعد تلك المعركة صارت الساحة فضاء لعمليات تطهر مفتعلة من بعض نخبة يناير يتحدثون عن أن يناير ويونيو ليستا فى حرب، وأن من يحاول جعلها كذلك إنما هم ضد البلد.
ألا يخجلون؟!
وهم يحاولون خداعنا من جديد على نحو يتجاهل الحقيقة ويحاول المراوغة والتجمل وإخفاء تاريخهم الأسود فى إقصاء الناس وإضاعة فرصهم فى الحياة!