الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

إعلام "شمال"!!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ابتليت الساحة الإعلامية على مدار الأعوام الماضية بظاهرة شاذة وخطيرة تنسف الهدف الأساسي من وجود الإعلام في حد ذاته كرسالة سامية .. حيث اعتدنا من آن لآخر على ظهور بعض الأبواق المزعجة التي تستحق عن جدارة لقب "أرا جوزات الإعلام" وإن كنا في الواقع نظلم الأراجوز الذي يرسم الابتسامة على وجوه مشاهديه في حين تنضح تلك البالوعات الإعلامية بكل ما فيها من قاذورات وروائح كريهة تزكم الأنوف.
ومن عجب الأقدار أن يتفق هؤلاء الأراجوزات على هدف واحد وأجندة ثابتة ألا وهي تشويه كل ما هو جميل وإفساد الذوق العام للمشاهدين على طريقة أغاني "التوك توك" التي يتحفنا بها المعلم السبكي كل حين في محاولة لإقناعنا بأنه يقدم فناً وهو في الواقع يقدم وجبة فاسدة و"حمضانة".
وتتنوع بضاعة هؤلاء الأراجوزات لتقدم للضحايا المشاهدين المنكوبين كل ما هو إسفاف وانحطاط بداية من التشهير بالبنات ضحايا التحرش وقلة أدب بعض الشباب المنحطين ومروراً بألاعيب "القراميط" التي تنمو وتترعرع في مياه البرك القذرة وانتهاءً بدس الأكاذيب ونشر "الغسيل الوسخ" وتبادل السباب والشتائم على الهواء مباشرة ولا ننسى في هذا المقام حلقة فوائد مشاهدة الأفلام الإباحية التي أثارت جدلاً واسعاً نتج عنه زيادة الإقبال على هذه المواقع بعد الفتوى التي تضمنتها الحلقة عن أنه من لم يستطع الزواج فليصبر نفسه بمشاهدة "أفلام البورنو".
ولا أحد يدري الهدف الحقيقي من إنفاق مئات الملايين على هذه البرامج وهؤلاء "الأراجوزات" .. البعض يعتقد أنها مؤامرة محكمة لإفساد المجتمع المصري بالكامل وذلك سيراً على نهج "أعطني إعلاماً بلا ضمير أعطيك شعبا بلا وعي" التي ابتدعها جوزيف جوبلز وزير الاعلام النازي في زمن أدولف هتلر.
ظاهرة "الأراجوزات" هي إفراز طبيعي لعصور ما بعد الثورات حيث يستغل الكثيرون الحرية المكتسبة من هذه الحالة الثورية ليقلبوها إلى حالة انفلات وسيولة ليست إعلامية فقط بل وأخلاقية أيضاً.
وما بين أنصار التفسيرين "التأمري والثوري" .. نجد فريقاً ثالثاً يضع هذه الظاهرة برمتها في إطار قانوني آخر يرى أن ما آلت إليه حالة الإعلام "المزرية" ترجع بالأساس إلى ميوعة بل وغياب اللوائح والقوانين التي تنظم العمل الإعلامي وبالتالي يعمل هؤلاء الأراجوزات بمبدأ "من أمن العقوبة أساء الأدب".
وفي الواقع ومع الوضع في الاعتبار جميع التفسيرات السابقة التي تبدو متفرقة ولا يجمعها رابط قوي .. فإن الحقيقة المؤكدة أننا بتنا أمام حالة يرثى لها من "التهريج" وليس الإعلام .. فبدلاً من الاستفادة بتلك الفضائيات لرفع وعي المشاهدين وتحفيزهم على المشاركة الإيجابية في دفع عجلة التنمية في "هذا البلد الأمين" .. نضع كل إمكانياتنا لإقناع المشاهدين بفوائد "قنوات البورنو" وفضح المحصنات الغافلات والتطبيل والنفاق لأولي النعم.

كلمة أخيرة
لا يليق أبداً بمصر بلد الأف مأذنة وأعرق الكنائس في العالم أن يترك فيها الحبل على الغارب لـ"شلة" من "أراجوزات الإعلام" لإعطاء صورة عن مصر وتقديمها على أنها بلد "منحل أخلاقيا" ولا يخفى على أي محب لتراب هذا البلد أننا لا نملك رفاهية الانتظار فلا بد من إصدار التشريعات الإعلامية اللازمة لوقف حالة الفوضى دون المساس بحرية التعبير.