السبت 01 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

بلد المعجزات

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
دعانى صديقى العزيز محسن فاروق إلى حفل أوركسترا النور والأمل، وحرصت على الذهاب لأننى أسمع عن هذا الأوركسترا من زمن وعن نجاحاته الكبيرة فى أوروبا.
وأوركسترا النور والأمل يتبع جمعية خيرية غير هادفة للربح تأسست سنة ١٩٥٤ على يد مجموعة من السيدات المتطوعات برئاسة الجليلة «استقلال راضى»، وهو أول مركز فى الشرق الأوسط لرعاية وتعليم الفتيات الكفيفات، ولما دعت السيدة استقلال الدكتورة «سمحة الخولى» عميدة معهد كونسرفتوار القاهرة للتعاون فى إنشاء معهد موسيقى الجمعية على أسس علمية وأكاديمية حيث تدرس طالبات المعهد الموسيقى، وفى الوقت نفسه المواد الدراسية المقررة فى التعليم العام بمراحله المختلفة صباحًا والموسيقى مساءً.
ومعهد الموسيقى وأوركسترا النور والأمل فريد من نوعه فى العالم حيث إنه مكون بالكامل من مكفوفى البصر من مختلف الأعمار، تتعلم فيه الفتيات عزف أدوارهن فرادى كما يتلقين التدريب الجماعى كأوركسترا مرتين أسبوعيًا، والفرقة تعزف الموسيقى العالمية بالإضافة للموسيقى العربية، وقد ساهم أكثر من قائد لقيادة الأوركسترا فقد قام المايسترو المعروف أحمد أبو العيد بتدريب وقيادة الأوركسترا وتطوير أساليب خاصة للعزف دون الحاجة إلى قراءة النوت الموسيقية بطريقة برايل أثناء العزف، ودون الاعتماد على إشارات المايسترو، ومنذ عام ٢٠٠٤ قاد الأوركسترا الدكتور على عثمان بنجاح.
وكان أول حفل موسيقى مكونًا من ١٥ فتاة كفيفة فى دار الأوبرا المصرية القديمة، وفى عام ١٩٨٨ قدم الجيل الثانى من العازفات واللاتى كن ٣٤ عازفة فى أول الحفلات خارج مصر فى فيينا بالنمسا، ثم توالت الحفلات فى ٢٤ دولة مثل إنجلترا والسويد والمانيا وإسبانيا واليابان وسويسرا والكويت والأردن إلى آخر قائمة الدول التى تقدر الفن سواء فى العالم الغربى أو فى العالم العربى.
ومن أشهر حفلات هذه الفرقة حفل فى مدينة «كوفرييه» بفرنسا، وهى مسقط رأس «لويس برايل» العبقرى الشهير الذى اخترع نظام القراءة والكتابة للمكفوفين، قاد هذا الحفل المايسترو «محمد سعد باشا»، وللحق كان العزف مذهلًا خاصة روائع الموسيقى العالمية والعربية، وقد امتازت الأخيرة ببعض الصولوهات الارتجالية والتى تعبر عن قدرة العازفات.
وعلاقتى بالمايسترو محمد سعد باشا علاقة قديمة موسيقية وإنسانية فقد قاد حفل فرقة المصريين على مسرح الساقية بخلفية من الوتريات وكانت من أجمل الحفلات للفرقة.
وقد أسعدنى العزيز محسن فاروق بخبر تولى صندوق التنمية الثقافية رعاية هذا الأوركسترا، وإن كان يسعى ونحن معه فى أن تشارك الشركات والمؤسسات فى رعاية هذا الأوركسترا المعجز بكل المقاييس.
ولأن هذه الفرقة تمثل النور والأمل بالفعل لكل الناس وبالأخص لذوى الاحتياجات الخاصة فى أن الإنسان يستطيع بالتصميم والإرادة أن يتخطى عاهته ويتخطى فقره فكما قال الدكتور الأديب يوسف إدريس «مشكلتنا فقر الفكر، وفكر الفقر».
أتمنى فى يوم من الأيام أن تختلف نظرتنا لذوى الإعاقة أو الظروف الخاصة فهم إخوتنا وأخواتنا وبناتنا، وإذا كان الله الرحمن الرحيم قد ابتلاهم فبرحمته وضع فيهم إصرارًا وتحديًا يفوق الخيال، وأتمنى أيضًا أن نحذف من الفولكلور المصرى الأمثال التى تدين ذوى الإعاقات أو الظروف الخاصة وإذا تيسر لأى أحد المساعدة فأرجو ألا يبخل بها على فتيات بهرن العالم وأثبتن أن مصر بلد المعجزات.