الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مصر.. أم الدنيا بجد

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ذكرتنى دموع سائق التاكسى الذى يبحث عن حقنة لطفلته، التى ستدخل إلى غرفة العمليات صباحًا فى أحد المستشفيات الحكومية، وهو يقص علىّ قصة حصوله على ثمن الحقنة فيما رفض رب عمله أن يمنحه المبلغ البسيط الذى يمكنه إنقاذ الطفلة التى وهبها الله إليه على كبر سنه، بحال الكثيرين من البسطاء فى بلادى، الذين لا يطلبون سوى ما يقربهم من البشر، لا ما يرفعهم فوق مستوى هؤلاء الذين تهبط عليهم الإعلانات الموجهة إليهم عن القرى والمنتجعات السياحية، بينما هم لا يجدون من قوت اليوم أو ثمن التداوى إلا القليل، فيما تتسول عليهم الحكومات المتعاقبة، من هنا أو هناك بينما تهمل ما يترفع بها وشعبها عن هذا التسول.
الكلام هنا بالدليل العلمى القاطع، بل وهو بالتأكيد لدى آل الحكم حيث تم تسليم هذه الروشتة مفصلة، لكل رؤساء الحكومات من بعد قيام ثورة ٢٥ يناير المجيدة، لكن أحدًا لم يلتفت إليها.. وللدخول فى الموضوع مباشرة أستطيع القول بحسب علماء عديدين إن ما تكون خلف السد العالى من طمى يصل بالحسابات المبدئية لنحو ١٠ مليارات طن، تزخر بكل ما هو نفيس من معادن الدنيا التى تفتقدها العديد من البلدان، وهو سبب يجعلنا نقلق بل نخشى ما يدور حول قرب اكتمال بناء السد الإثيوبى، بينما نحن نتردد فى الحيلولة دون اكتماله بالشكل الذى يضر اقتصادنا القومى وحصتنا من المياه، باستخدام كل الوسائل المتاحة، ومنها التباحث حول مشاركة دول الحوض جميعًا لتلك الثروة، حيث بالبحث عما تحتويه سنتبين السبب الرئيسى خلف قيام إثيوبيا ببناء هذا السد لمنع تزايد الطمى خلف السد العالى، وبالتالى تصبح الثروة الموجودة فيه ناضبة لا متجددة كما هو الحادث الآن.
الطمى يا سادة به من المعادن التى لن يكون الذهب على الرغم من جدواه السريعة للاقتصاد متصدرًا للأهمية، حيث تستطيع مصر بالاستعانة بالكفاءات المصرية والتكنولوجيا اليابانية استخراج ما يوازى نصف طن ذهب يومى، دون أن تتكلف مليمًا واحدًا، وأنا على استعداد للإشارة إلى الشركة التى تستطيع التنفيذ فورًا، بعد أن هرب أصحابها وهم مصريون إلى الخارج بعد أن داخوا السبع دوخات بين دواوين الحكومة، دون أن يتلفت إليهم أحد بداية من عصام شرف وانتهاء بآل حكم اليوم، أما المعادن الثقيلة الأخرى التى أهونها وأرخصها الذهب فمن شأنها أن تعلى من قدر مصر وترفع اقتصادها عاليًا فى سماء المنافسة العالمية، ذلك عن استخراج ما بالطمى من معادن، فما بالنا بما سيفعله الطمى إذا أعيد إلى مجرى النهر من أمام السد العالى،
فهو من الأهمية بمكان لدرجة إعادة الحياة للأراضى التى بارت حول النهر، ناهيك عن إحياء ظاهرة المرجان الأبيض التى انتهت تمامًا، ومعها نحو ١٦٠ نوعًا من الأسماك، بينما تعمل المياه التى حُمّلت مجددًا بطمى النيل، على تخفيض درجة حرارة مياه البحر، ورفع الدلتا مجددًا فوق سطحه ومعها أكثر من ثلاثة ملايين فدان بارت ولم تعد صالحة للزراعة، أما الأهم فهو نهاية ما يسمى باحتمالات غرقها من جراء ارتفاع حرارة مياه البحر.
الذهب يا سادة يستطيع أن يرد للدولار ما فعله بالجنيه المصرى خلال الثلاثين عامًا الأخيرة، فقط خلال ستة أشهر، أما المعادن الأخرى فمن شأنها أن تمكن مصر، من أن تكون أم الدنيا كما وعد الرئيس فى أكثر من مناسبة، لكن فقط بالاهتمام بالثروات التى لم تش أرض مصر، بعد إلا بالقليل منها كما قال العديد من علماء الثروة المعدنية المخلصين، ذلك بدلا من إهدارها على يد اللصوص الذين يستخرجون الذهب حاليًا من خلف السد دون أن يعود على البلاد منه شىء.
هوامش:
خام الزركون الموجود فى بحيرة البرلس وفى سيناء غير مسموح لمصر بالمشاركة به فى الإنتاج العالمى إلا بنسبة ٣.٥ ٪، رغم العجز العالمى الواضح فلا يسمح لمصر بزيادة هذه الحصة حتى لا تتحكم فى السوق، نظرًا لكون هذا المعدن يدخل فى ٩٠٪ من الصناعات، وهو أغلى من البترول والغاز والذهب، ولغياب الرؤية الحكومية والإرادة السياسية فى الماضى غابت الاستفادة منه نهائيًا، فهل يستجيب الرئيس ليس لنا بل لوعوده بمصر التى ستصبح قد الدنيا؟ نتمنى.