الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

لا تكسروا الدستور

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كيف تدار البلاد؟ لا أعرف.. هل بالتهديد يمكن أن يدار شعب بحجم شعب مصر؟ لا أعتقد.. فما يقال عن فرض غرامة ٥٠٠ جنيه على كل من يمتنع عن المشاركة فى التصويت، لهو تكسير للدستور لا مخالفته فقط، فتلك حرية ربما لا يعرفها من صرح بتلك العقوبة، مكفولة لكل مواطن بموجب الدستور بل بالمواد المسماة بفوق الدستورية، فحريتى فى أن أختار من أراه متوافقًا مع متطلباتى كمواطن يعيش على أرض هذا البلد، تتماثل مع حريتى فى عدم المشاركة، إذا لم أجد ذلك الشخص المرشح لينوب عنى فى برلمان البلاد، فكلتا الحريتين جائز ومكفول، لذلك أدعو الأخوة أصحاب التهديد ألا يغرقوا فى أحلامهم، فما قالوه ودفعوا به إلى الشارع لم يعد أحد يصدقه أو يأخذ به، وكما يقول المثل الشعبى: «كيف آمنك وهذا أثر فأسك».
فما حدث فى الأيام السابقة على الانتخابات البرلمانية من تخفيض مزدوج للجنيه، يعقبه ارتفاع جنونى فى أسعار السلع والخدمات، يتلوه تدن مستمر فى مستوى حياة المصريين، ثم تصريحات غير مسئولة من وزراء لن تثير الغضب بين الناس فحسب بل يمكنها أن تصل بالصبر الذى طُلب منهم إلى ما لا تحمد عقباه، فيما الأخبار تتناثر من هنا وهناك مؤكدة أن احتمالات إفلاس البلاد تقترب من التحقق، فالاحتياطى النقدى وصل نزيفه إلى نقطة سوداء، فى الوقت الذى يتداول الناس أسئلة من نوع «أين ذهبت أموال المعونات الخليجية، وفيم تم استخدامها؟، وهل عادت على الناس بأى خير؟»، تلك التساؤلات ربما كانت الشعلة التى ألهبت روح المقاطعة للانتخابات، حيث لم يجد الناس إجابة لها، بينما هم يقرأون عن زيادة الرواتب هنا أو هناك، بينما يتم تصدير نفس المقولة: «ها نجيب لكم منين؟».
كل ذلك وأنباء الانخفاض ثم تعويم الجنيه أمام الدولار بمقدار ٢٠٪ على يومين، نزل فوق رءوس الناس حتى المدافعين منهم عن الصبر، الدافعين بالأمل فى الغد الأفضل كالصاعقة، فجعلهم كعصف مأكول لا يريدون سوى الحياة ولو فى أقل مستوياتها، لا يشغلهم انتخابات أو برلمان، يتعاملون مع العقوبة على طريقة: «إيش يأخذ الريح من البلاط»، جيوب الناس وبيوتهم أصبحت كالبلاط يا سادة، ولَكَم صرخنا ونادينا وطالبنا بتعليمهم، وتوعيتهم بصدق لا بطريقة القنوات إياها، فالصدق هو الطريق الأقرب لقلوبهم، ولأنهم تعودوا الجوع سيصبرون، وساعتها سينزلون بكثافة بدافع الأمل، وهم لا ينسون الكذب ولا يضيعونه فى رد فعلهم، والتاريخ يشهد على ذلك فى كل الانتخابات التى حدثت فى العهد الأسبق، ولولا التزوير الفاضح لكانت فضيحة السابقين الأسبقين مسجلة فى كتب التاريخ الآن.
الشعب لا ينسى وعدًا لم يتحقق أو وجها ثبت كذبه، أو خديعة سيقت إليه مزركشة فى ثياب ناعمة، أو كلامًا قيل له يدفعه دفعًا للتأييد ثم كانت النتيجة صفرًا كبيرًا، الناس يا سادة لا ينسون، طالما تعلق الأمر بحياتهم المستمرة لا المؤقتة بفعل الزيت والسكر والرشاوى هنا أو هناك، ذاكرة الشعوب أكثر وأكبر من ذاكرة التاريخ، فهى أساس هذه وأسس تلك، لذا فالعقوبة التى تكرر التهديد بها وصرح وزير قامت الثورة ضد حكومة كان بها، أنه سيفرضها على الموظف إذا تخلف فورًا، وأن النيابة ستلاحق المواطنين من غير الموظفين لفرضها عليهم، قائلًا: «قولوا إنى مش راجل لو ما عملت كده »، ستثير زوبعة قد تصل إلى ثورة لأنها صدرت من مسئول لا يعلم عن المسئولية شيئًا، غير أنه مستوزر يجب عليه أن يصرح، وأشعر أن تصريحه كضربة الدبة لصاحبها فكانت النتيجة سقوطه قتيلًا !.
لا أتمنى حقيقة أن تصبح البلاد فى مهب الريح بسبب هبل مسئوليها، وعدم درايتهم بآلام شعب يحكمونه، فيما ضغطهم عليه لن يولد سوى شرارة ستحرقهم أولًا، مهما أوتوا من قوة ومن رباط الخيل، الانتخابات ليست هى المخرج من الأزمة بل السياسات والقوانين التى سيوافق عليها البرلمان المقبل إن شاء الله، وإلا فمصيره الحل، هكذا قال لى سائق تاكسى لم يلق حظه من التعليم، لكنه يتحدث ويناقش فئات مختلفة من الناس خبرها جميعًا ثم خرج برأيه الذى يجب أن يحترم.