الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

أكتوبر العظيم "2"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
اليوم الخميس التاسع من يونية ١٩٦٧، هدوء وعقول مشتتة وهواجس داخل كل بيت فى مصر، الجميع يتساءلون: ماذا حدث ؟ أهو حلم أم حقيقة ؟.
الإحباط يملأ العقول والقلوب، مازال بعض أفراد الجيش يتوافدون من سيناء عبر قناة السويس، وحتى هذه اللحظة لم يتمكن أى قائد سواء كان كبيرا أو صغيرا من حصر ما بقى من وحدته، المصريون عطشى لمعرفة الحقيقة حتى وإن كانت مؤلمة، وقد بدأت تتسرب عبر الإذاعات الأجنبية الموجهة، وإن كنا مازلنا ننكرها، أذيع أن الرئيس جمال عبد الناصر سيدلى ببيان مهم، فتعلق الجميع بالراديو ينتظرون على أحر من الجمر هذا البيان لعله يرحمهم، ويذهب عنهم الشك والريبة، ولكن وعقب إذاعة البيان زاد الإحباط والألم، فقد أعلن عبد الناصر مسئوليته عن الهزيمة، وأعلن تنحيه عن السلطة، وأنه سيعود إلى صفوف الشعب، انهمر الجميع فى البكاء، ولا أحد يمكن أن يحدد أهو بكاء مرارة الهزيمة أم بكاء تخلى عبد الناصر عن القيادة، فلقد عرف هذا الجيل عبد الناصر كزعيم وقائد وبطل وها هو ذا يتركهم، فماذا يفعلون؟ خرجت جموع الشعب صغيرها وكبيرها، شبابها وشيوخها، بناتها ونساؤها ترفض الهزيمة وتطالب عبد الناصر بعدم التخلى عنها فى هذا الوقت وهذه المحنة، وأعلن الشعب إصراره على مواصلة الكفاح ورغبته فى الثأر واستكمال المعركة التى لم تبدأ بعد، نعم هذه هى الحقيقة، المعركة لم تبدأ بعد، لقد باغتتنا إسرائيل فى صباح الخامس من يونيه بينما كان جنودنا فى سيناء يتناولون الإفطار، لم نشتبك، لم نقاتل، واستجاب عبد الناصر لرغبة الشعب وزاد يقينه أن يقود مصر إلى النصر، وأدرك أن هذا الشعب يصعب عليه الهزيمة، ويصعب عليه أن تنكس أعلامه أو تنحنى هاماته، أو أن يصمت وأرض سيناء باتت محتلة، وهكذا أعلن الشعب المصرى رفضه الاستسلام ورفع شعار «ما أخذ بالقوة لن يسترد إلا بالقوة». 
وعلى الجانب الآخر كانت نشوة الانتصار تغمر إسرائيل طولها وعرضها، احتفالات وأفراح لا حدود لها، فقد حقق الجيش الإسرائيلى ما لم يكن فى الحسبان، وأقنعت إسرائيل العالم كله بأسطورة الجيش الذى لا يقهر، وأن مصر لن تقوم لها قائمة قبل عشرين سنة، وأعلنت أن هذه الحرب ستكون نهاية الحروب مع العرب، لأنهم لن يتمكنوا من دخول حروب أخرى بعد الخسائر التى تكبدوها فى٦٧، أما الأراضى التى تمكنت إسرائيل من احتلالها، فقد أصبحت جزءًا أساسيًا من دولة إسرائيل ولن يتم التفريط فيها، وبالفعل بدأوا فى وضع خطة دفاعية عن سيناء على أعلى مستوى من الكفاءة، وكانت أعمال التجهيز الهندسى المكثف فى سيناء تسير على قدم وساق، ومن منطق القوة والانتصار رفضت إسرائيل جميع القرارات الدولية للانسحاب من الأراضى التى احتلتها فى يونيه ٦٧ وبدأت تتصرف بتعنت وصلف مع أى مبادرة أو قرار دولى، وقد يكون غريبًا على الجميع أن يعلموا الآن أن قرار الحرب قد اتخذ فى العاشر من يونيه ٦٧ حيث تحددت الغاية القومية للدولة فى ضرورة تحرير الأراضى المغتصبة وإعادة سيناء إلى حضن مصر، ولكى تتحقق هذه الغاية فلابد من إعادة بناء القوات المسلحة، وفى ذات الوقت لابد من استنزاف طاقة إسرائيل بإيقاع خسائر فى أفرادها ومعداتها، وفى الأول من يوليو ٦٧ بدأت أولى المعارك الحقيقية، وهى معركة رأس العش والتى تكبدت فيها إسرائيل خسائر فادحة.. وللحديث بقية..