الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

قصة على شرف المهندس شريف إسماعيل رئيس الحكومة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أعلم جيدًا أن أشياء كثيرة فى الوطن تحتاج لتدخل سوبر مان وليس مجرد وزير أو رئيس حكومة، أو حتى تدخل رئيس جمهورية لينصلح حالها، قطاع الصحة فى مصر من القطاعات التى تحتاج إلي معجزة سماوية، لينصلح حالها، ليذهب الدواء لمن يستحق، ويعالج على نفقة الدولـــة من هو فى احتياج لهذا القرار، لا من يمتلك وساطــــة أو معرفة ليحصل عليه، ولا لمن يمتلك حق الرشوة ليدفعها للحصول على قرار بالعلاج على نفقة الدولة، قد تسمع يوميًا عن عشرات القصص، أبطالها من البسطاء، الذين لم يتمكنوا من الحصول على سريــــر داخل مستشفى حكومى، وماتوا على أعتاب مستشفيات رفضت استقبال حالتهــــم الحرجة، الكاتـبـــة سلوى محسن، قامت بتعرية الحكومــــة والنظام، بقصة أسرة من صعيد مصــــر، فشلت فى الحصول على حضانة لإنقاذ رضيعها، أعلم أن القصة تتكرر كــــل يوم مئات المرات، ولكننى قررت أن أعيد نشرها، لعل المهندس شريــــف إسماعيل رئيس الحكومـــة، يشعر بالمواطـــن الذى كـــــان يدفع رئيس الوزراء السابق المهندس إبراهيم محلـــب، لعدم الجلوس فى مكتبه يوميًا، فى محاولة منه لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، أرجو أن تصل الرسالة لرئيس الحكومة أو حتى مكتب رئاسة الجمهورية، ليخرج لنا بمبادرة يعلن عنها الرئيس تفيد البسطاء، بدلًا من المبادرات المجتمعية العبثية التى لا تسمن ولا تغنى من جوع.
«فى يوم إجازة، قلت أنزل أمشى، مشيت على النيل فى اتجاه اتعودت عليه عمرى كله، الجيزة. شدنى الحنين لكليتى وللميدان عديت قريت الفاتحة فى سرى ورجعت للكورنيش، وصلت كوبرى المنيب مشى وأنا باعدى، التفت شفت ثلاثة، رجل ومراته فى سن الشيخوخة، وشابة على إيدها لفة تشبه رضيع، التلاتة شكلهم تايهين، قربت وكانت نظراتهم كلها توسل مشفوع بسؤال، قربت أكتر وسألت: بتدوروا على مكان ولا شارع معين؟ رد الرجل: يا بنتى عايزين نوصلوا مستشفى أبو الريش. نظرت للفة على دراع الأم الشابة ومنطقتش، حاضر: أوقف لكوا تاكسى؟
- هم ميروحولهاش إلا بتاكسى؟
- لا طبعا ممكن بالأوتوبيس أو الميكروباص، لكن..بصيت للفة القطن مرة تانية وقلت أنا أروح معاكم المستشفى.. دعوات ورجاء متعطليش روحك اوصفى لنا بس وإحنا نروحوا. وقفت تاكسى: أبو الريش لو سمحت؟ ركبت جنب السواق. بصيت له وبص لى وسكتنا، وسمعت سكات التلاتة اللى ورانا. وصلنا المستشفى حسيت إنى زى الغرقانة، اتمنيت السواق يفضل معانا لأنى حطيت احتمال أنهم يمشونا ـ مجرد هاجس ـ دايما بيكون صح للأسف، السواق شاف اللهفة والاستعطاف فى عينى، قال أنا معاكم ـ قلت فى سرى شكله هيُعْكُم مبلغ وقدره ـ سلمت أمرى لله... الحقيقة السواق كان ابن بلد وحِرك جدًا ولسانه حلو وهادى ـ استغربت ـ بعد مداولات عرفنا أن مفيش حضانة، خدت الممرضة على جنب وقلت لها ينوبك ثواب دول شكلهم غلابة قوى ومش حمل بهدلة قولى لى بالأمانة فعلا مفيش ولا حضَّانة فاضية؟ خدتنى من إيدى وأنا شاورت للسواق بإيدى التانية وقلت له تعالى نشوف، دخلنا نشوف، كمامات الأكسجين، رُضع فى حالة موت، النبض طالع بالعافية من بطون هزيلة نحيلة جدا، قلت لها وأنا تايهة:
- فعلا مفيش مكان؟يعنى مفيش حضّانة واحدة للطوارئ؟
- فيه طبعًا. شميت نفسى وقلت أفرح.
- فيه ٢٠ حضّانة.
- يا كرم الله عايزين واحدة بس.
- دول طوارئ علشان لو جالنا تليفون من الحكومة.
- الحكومة بتعوز حضانات؟ ليه؟ هم نسوان الحكومة بيجيبوا عيال ناقصة؟ ضِحكِت بصوت عالٍ.
- وكتاب الله ما قصدت أضحكك، أنا بتكلم جد.
- دول حضانات التوصيات اللى بتبقى من وزراء أو ناس كبيرة فى البلد، لو حد منهم طالب خدمة من المستشفى. عليت صوتى:
- يا نهار أسود؟ ٢٠ حضّانة احتياطى خدمات واللى جايين من سوهاج ميلاقوش حضّانة؟ بان عليها الحرج، واترجتنى أوطى صوتى، والسواق ابتدى يولع سيجارة من سيجارة، خد الممرضة على جنب يتفاوض معاها- ما هو أنا بعصبيتى ضيعت فرصة التفاوض.
بعد حوالى ١٠ دقايق كلام مسمعتش منه حرف رجعوا وجهت لى الكلام وقالت:
- شوفى ياستى إحنا لقينا لكم مستشفى تانى يقبل الرضيع اللى معاكم، بس عشان نطلع من هنا لابد ناخد أنبوبة أكسجين ودى عهدة ورهنها ١٥٠ جنيه، وأنا أجرة إيدى ٢٠٠ جنيه عشان أروح معاكم أعرفكــــم المستشفى وأحجز لكم وأجهز الرضيع للحضّانــــة. بصيت للعجوزين وبنتهم الشابة، قال الجد: الأمــــر لله. ركبنا التاكسى طبعا أنا اتحشرت ورا مع الجديـــن والأم ولفة القطن على دراعها، والممرضة والأنبوبة جنب السواق. قالت: ساقية مكى يا أسطى، وصلنا ساقية مكى قصاد المترو قالت له استعدل وقفتك واركن هنا. نزلنا دخلنا عمارة ١٢ دور، الممرضـــة شكلها رجلها واخدة على المكان ومعروفة وذائعـــة الصيت من أول باب العمارة لغاية باب الحجـــز. الليلة ١٢٠٠ جنيه، والرضيع (عمره ٦ أيام) محتاج ٣٥ يوم عشان يبتدى يعيش، يعنى الحسبة ٤٢٠٠٠ جنيه طبعا ده بخلاف الأكل والشرب والمواصلات والإكراميات والذى منه - المستشفى دى تبقى ملك مدير مستشفى أبو الريش، أيون ملك مدير مستشفى أبو الريش اللى حاجز ٢٠ حضّانة للحكومة، رجليا لفت حوالين بعضها، بصينا كلنا لبعض ومن غير كلام خرجنا من المستشفى، لا أنا سألت ولا السواق سأل ولا حد نطق، فجأة انفجرت ١٠ عيون، والله العظيم بكينا بقهر، قعدنا على الرصيف، خدت الأم فى حضنى، ومديت إيدى أطبطب على الجد والجدة، والسواق أخيرا نطق:
- إيه رأيك يابا الحج؟ من غير ميرفع عينه المليانة دمع زى الحجر.
- يموت يا بنى يموت.. جريت بسرعة أبعد من المكان، قلت للسواق أنا راجعة هدور على مكنة صرف قريبة متمشيش، استنانى.
رجعت وقلت نوصلكم لمحطة القطر، طلع الجد محفظته يدى فلوس للسواق اللى حلف ميلزمه مليم، بدى أنا السواق فلوس إكراما للتلاتة حلف برضه وقال جملة متتقالش غير فى عزا الشهداء والأطفال: قهوته متتشربش يامدام. وصلناهم القطــــر.... وصلناهم القطر. وصلنى السواق لبيتى وكان الحــــوار بينى وبينه كلام مقطع غرقان حزن - بيشتغل فى دولــــة فى الخليج ونزل من ٩ شهور بس- بدى له فلوس حلف ما ياخد، ساب لى تليفونه وقال:
- بكره أنا طالع على السفارة أملا أبليكيشن عودة، لو عُزتى حاجة لكى أو لولادك تليفونى معاكى، أقدر أساعدكم.
وكان البُكا نَجدَة.
٤٢٠٠٠جنيه و٢٠ حضّانة محجوزة خدمة للحكومة؟.