رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

حتى لا يضاف لمطالبنا.. إعادة دستور 2014 !

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يبدو أن قصة دستور ١٩٢٣ تتكرر الآن مع دستور ٢٠١٤.. فقد كان دستور ١٩٢٣ هو أبرز ثمار الثورة الشعبية الكبرى سنة ١٩١٩.. إذ لم يتحقق الهدف الأول والوطنى للثورة ولكفاح المصريين منذ الاحتلال البريطانى سنة ١٨٨٢، وهو الجلاء التام وبلوغ مصر حرة مستقلة، كما لم يتحقق الهدف الاجتماعى الشعبى الكبير على أى نحو أو بأى درجة، فلم تنزح وطأة المظالم الاجتماعية الصارخة عن كاهل أوسع الجماهير.. وإنما تمكنت الحركة الوطنية والمصريون بثورتهم المشتعلة وكفاحهم الطويل، من أن يصلوا إلى إنجاز دستور موفق فى مجمله، خاصة بمعايير عصره وفى ظرفه، وأياً كان التحفظ هنا أو هناك، فى ظل ملابسات أو فى تفاصيل.
ومن المشهور مثلاً أن سعد زغلول الرمز الوطنى الأكبر والممثل الأول للحركة الوطنية والجماهير الثائرة آنذاك، وصف مبكراً لجنة وضع دستور ١٩٢٣ «والمكونة من ثلاثين عضواً» بتعبير «لجنة الأشقياء»!
لكن الجميع، أى مجمل الحركة الوطنية، وجدوا أنفسهم أمام دستور موفق يستحق الدفاع عنه، بل لم تلبث القوى الرجعية المدفوعة والمتعاونة مع الاحتلال والسراى، أن أخذت تحيك المؤامرة تلو الأخرى لوأد هذا الدستور، وكانت كلما وجدته عبئاً عليها، معرقلاً أو معطلاً لشراهتها فى إحكام السيطرة وبسط النفوذ، والتسلط وإطلاق الاستغلال فى كل مجال، ازداد تآمرها على «دستور ٢٣»، وتفاقمت محاولاتها المحمومة لتفريغه من مضمونه أو الالتفاف على مواده، حتى تمكنت عبر رجلها «إسماعيل صدقى باشا»، من أن تلغى هذا الدستور، وتحل محله دستوراً شائهاً هو دستور عام ١٩٣٠، والذى ظل معمولاً به لمدة خمس سنوات، حتى أسقطه الكفاح الوطنى الشعبى بالإصرار والتضحيات.
أحسب أننا نمر بأحوال مماثلة الآن، إزاء دستور ٢٠١٤، والذى نراه بدوره أبرز ثمار الثورة الشعبية الكبرى الجديدة بذروتيها: «الأصل» فى ٢٥ يناير ٢٠١١، و«الرافد» فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣.
بل نراه أحد أعظم الثمار، لهاتين الثورتين، إلى جانب افتضاح موقف وطبيعة تيار اليمين الرجعى الدينى «وأساس البلاء فيه: الإخوان»، لدى معظم جماهير الشعب، فإن قطاعات عديدة فيه، ظلت مخدوعة لسنوات بل عقود فى طبيعته ومراميه، لكن بفضل السنة التى حكم فيها الإخوان «المنتهية فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣»، والتى كانت «سنة كاشفة» بحق «لا منشئة بطبيعة الحال»: أدرك من لم يدرك، ومن خدع يوماً، كل العيوب الخلقية والأخلاقية معاً فى ذلك التيار، وكل زيفه ومعاداته لجوهر الحياة المصرية بل جوهر الحياة ذاتها! ولذلك «عن نفسي» كنت وما زلت فرحاً بهذه السنة، مستبشراً بها حتى فى ذروتها، وكنت وما زلت أعتبرها من هذه الزاوية «سنة رائعة مباركة!».
وليست هناك إنجازات كبرى لثورتنا «بذروتيها» حتى الآن، غير هذين الإنجازين: افتضاح خديعة الإخوان لدى أوسع الجماهير.. والدستور!
فلم تتغير أحوالنا بعد الثورتين، خاصة الاجتماعية، وما زالت الفوارق الطبقية هائلة والمظالم الاجتماعية مهولة.. لكن حتى دستور ٢٠١٤ الذى قلنا إنه إنجاز حقيقى يمكن أن يبنى عليه، تحاك من حوله مؤامرات أصحاب المصلحة فى النظام القديم، أهل النفوذ بالأمس واليوم، وهم ليل نهار يلعنون «ثورة ٢٥ يناير»، ويطلقون عليها سفهاً «من نوع: الوكسة.. و٢٥ خساير.. والمصيبة إلخ».. والآن بدأ يعلو صوتهم، وفحيحهم، ضد الدستور أيضاً.. ويكرر بعضهم فى تخابث وتلعثم، وبعضهم بفجاجة أو ابتذال المناداة بتغييره أو ضرورة تعديله.. لأنهم التفتوا إلى أنه بالنسبة لهم، ولمصالحهم فى النهب والهيمنة، يمكن أن يعرقل أو يعطل!
لقد كان ولا يزال للمنتمين إلى ثورتى الشعب فى ٢٥ يناير و٣٠ يونيو، ملاحظات على مواد معينة فى دستور ٢٠١٤، وهو بالتأكيد فى نظرهم دستور موفق فى المجمل، لكنهم تحفظوا على القليل وتمنوا لو أن تعديلاً يتم بشأنها مستقبلاً، باستهداف أن يكون أكمل.
لكننا الآن أمام هجمة رجعية، من أعداء وخصوم الثورتين، ونتوقع أنها سوف تزداد شراسة فى الآونة المقبلة، من أجل نسف هذا الدستور.. واستبدال جوهره بآخر يناسبهم.
ولذلك فإننا فى هذه السطور، ندعو إلى الانتباه واليقظة، إزاء هذه المحاولات والهجمات الآخذة فى ازدياد ضد الدستور.
إنه دستور الشعب وثورتيه.. ولولا ظرف ومناخ الثورتين ما صيغ على هذا النحو الإيجابى الصحيح فى مجمله أو حتى فى معظمه.
إننا نطالب بتشكيل أداة ما، أو لجنة، تمثل حركتنا الوطنية اليوم وثورتينا، للدفاع عن الدستور.
حتى نحول دون تآمرهم عليه، مثلما تآمر أسلافهم ضد دستور ١٩٢٣، الذى ألغى، فأضيف مطلب إعادته، إلى جانب الجلاء ومجمل أهداف الحركة الوطنية.
وحتى لا يضاف إلى مطالبنا وأهدافنا.. مطلب: إعادة دستور ٢٠١٤!.