الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

دراسات: تعدد الزوجات يطيل عمر الرجل.. فايد: مبالغ فيها ويحدث ذلك لحالات نادرة.. خضر: ظاهرة تم استيرادها من الخليج بغرض المتعة.. هارون: يجعل حياة الرجل غير تقليدية.. ونصير: الشرع اشترط العدل بينهن

 تعدد الزوجات يطيل
تعدد الزوجات يطيل عمر الرجل
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مع ارتفاع معدلات العنوسة في مصر والوطن العربي وفقا لأحدث إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة للإحصاء حيث تتزكز النسبة الأكبر في مصر والسعودية، تأتي إحدى الدراسات البريطانية الحديثة لتؤكد أن تعدد الزوجات يطيل عمر الرجل بنسبة 12%، ولم يقتصر الأمر على هذا فقط بل تتحسن حالته الصحية والمزاجية، ويصبح أكثر قدرة على الإنتاج والإبداع، خصوصا أنه في الفترة الأخيرة بدأت الدراما المصرية تصدر فكرة تعدد الزوجات من خلال عدد كبير من المسلسلات وكان أبرزها الحاج متولي،""القاصرات" وفيلم سيادتي آنساتي" الذي قدم معالجة صريحة لحل مشكلة العنوسة، ليظل السؤال قائما: هل تعدد الزوجات الحل لمشكلات اجتماعية متجذرة في المجتمع؟ ومن واقع هذه الدراسة ما مدى تأثير ذلك على المجتمع؟

في البداية أشارت د. سوسن فايد، أستاذ علم الاجتماع بمركز البحوث الجنائية والاجتماعية، إلى أنه أحيانا كثيرة تصدق فكرة تعدد الزوجات وتؤثر بشكل إيجابي على الرجل، وهذا يرتبط بالحالة البيولوجية والفسيولوجيه له، فهناك رجال تتحسن حالتهم النفسية بالزواج أكثر من مرة، ولكنها حالات نادرة؛ لأن التعدد فيه نوع من المسئولية الكبيرة الملقاة على كاهل الرجل خصوصا في حالة وجود أطراف من زيجاته المختلفة، حيث تتزايد عليه الضغوط الاقتصادية وأيضا فكرة تحقيق العدل بينهم والمساواة في حد ذاتها تمثل ضغطا شديدا عليه.
وأشارت فايد إلى أنه في مرحلة منتصف العمر هناك من الرجال من يحتاج إلى تجديد شبابه، ويشعر بأنه ما زال مرغوبا فيه، لافتة إلى زيادة نسبة العنوسة في مجتمعنا في الوقت الحالي وهن اللاتي يطلبن أن يصبحن زيجات ثانية، ما يشجع الرجل على هذا الأمر، والاستجابة السريعة من قبل الفتيات ساعدت كثيرا في تعدد الزوجات.
وأضافت د. فايد أن هناك من الرجال من يستطيع عمل نوع من التوازن بين زوجاته مثل "الحاج متولي" ذلك النموذج المثير للجدل بحيث يحسن إرضاء كل زوجاته، لكن أغلب هذه الدراسات مبالغ فيها خصوصا لأن تعدد الزوجات يؤثر بشكل سلبي على الأبناء نظرًا لوجود صراعات مستمرة بين الزوجات ما يخلق حالة عدائية بين الأبناء، خصوصا في مجتمعنا فلا تقبل سيدة على نفسها هذا الأمر على خلاف المجتمعات العربية" دول الخليج "الأخرى التي تسعي للزواج بأكثر من واحدة، منوهة بأن فكرة تعدد الزوجات واردة من هذه المجتمعات فهو سلوك سلبي، والدين الإسلامي وضع منهجا للزواج وتعدد الأزواج بحيث يتم ذلك بشرط واضحة.

وترى د. سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع، أن مثل هذه الدراسات تثير كثيرًا من المواجع، ووصفتها بأنها دراسات غير واضحة، لافتة إلى أن الغرب دائما ينتقدون المجتمعات العربية في مسألة تعدد الزوجات، وهذه الأفكار تم استيرادها من دول الخليج خصوصا الأثرياء الذين يقدمون إلى مصر للزواج من أكثر من واحدة بغرض المتعة، لافتة إلى أن مسلسل الحاج متولي وقت عرضه كتبت إحدى الصحف الألمانية تقول إنه دليل على تخلف الدول الشرقية والعربية، فهذا دليل واضح على عدم احترام العرب للمرأة والتعامل معها على أنها سلعة.
وقالت خضر: إن مثل هذه الدراسات سوداء لها أغراض معينة، فهي تهدف إلى محاربة الفكر الإسلامي من خلال البحث عن كل ما يهين المرأة، مشيرة إلى أن الإمام محمد عبده حارب تعدد الزوجات وقال إنه يؤدي إلى فشل الأبناء وإضعاف القدرات الذهنية والعقلية.

وفرق د. أحمد هارون، مستشار العلاج النفسي، عضو الجمعية العالمية للصحة النفسية، في البداية بين ثلاثة أشياء هم الذكر والرجل، والفرق ما بين المرأة والأنثى، والثالث بين التناسل والجنس، الأول يعني أن كل رجل في الأصل ذكر وليس كل ذكر يصلح لأن يكون رجلا، أما الرجل والمرأة فبينهما مجموعة من الصفات، لافتا إلى أن الكثير من الناس يعتقدون أن الزواج إشباع لغريزة الذكر في عش الأنثى، لذلك يفشل الزواج؛ لأنه منقوص ما يجعل الرجل يلجأ إلى الزواج الثاني.
وأشار د. هارون إلى أن التعدد ينجح عندما نفرق ما بين الجنس والتناسل، فما يحدث بين الذكر والأنثي تناسل، أما ما يحدث بين الرجل والمرأة جنس، خاصة أن التناسل هو علاقة للحافظ على النوع، وعندما يلجأ الرجل لتعدد الزوجات فإنه يريد ممارسة الجنس وليس التناسل، وأحيانا كثيرة نجد رجلا متزوجا من سيدة جميلة لكنه يتزوج من خادمة أو سكرتيرة، فهذا الرجل يبحث هنا على الجنس لإشباع الفطرة الإنسانية.
وأكد أستاذ الطب النفسي أن الرجل الذي يتزوج أكثر من واحدة في وقت واحد يميل لتفضيل واحدة فيهن، وغالبا ما تكون السيدة القادرة على الاهتمام به وتوفير كل احتياجاته، فالرجل نفسيا هو طفل صغير أقل شيء يفرحة ودائما ما يبحث عن زوجة متعددة الوظائف، بحيث تكون زوجة وعشيقة  وصديقة، سيدة جميلة يتباهي بها، ومن الطبيعي توافر كل هذه المواصفات في زوجة واحدة ما يجعله يتجه للزواج من أخرى حتى يحقق لنفسه الإشباع النفسي والجنسي، لافتا إلى أن تعدد الزوجات يجعل حياة الرجل غير تقليدية.

أما عن دور الدراما المصرية في تصدير فكرة تعدد الزوجات، أكد الناقد الفني أحمد سعد الدين أن التعدد في الدراما والسينما المصرية جاء بغرض تحقيق الترفيه للمشاهد، وهذا ظهر بشكل كوميدي من خلال صراع الزوجات والحموات، لكن في الوقت نفسه هناك أناس كثر أصبحت تقتدي ببعض النماذج الدرامية وتحاول تقليد هذا الأمر كما حدث في فترة عرض مسلسل " الحاج متولي" لتجديد شبابه وإشباع رغباته، ولفت سعد الدين النظر إلى أنه في نهاية السبعينيات لعبت الهجرة إلى دول الخليج دورا كبيرا في مسألة تعدد الزوجات، فأصبح موروثا أخذته الدراما من الواقع وعادت هي لتصدره للواقع مرة أخرى خلال هذه الآونة.


من جانبها، قالت د. آمنة نصير، أستاذة الفلسفة الإسلامية بجامعة الأزهر: إن تعدد الزوجات قضية شائكة ما بين أنها روشتة لعلاج العنوسة خصوصا في أوقات الحروب أو أن يأتيها الرجل دون سبب واضح وهنا تكون " طفاسة".
وأضافت أنه في كلا الأمرين لا بد أن ننظر إلى حكم الشرع الإسلامي "وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةَ "، إذن فالعدل هنا شرط أساسي لتعدد الزوجات، لافتة إلى أن هناك أكثر من رأي لبعض الفقهاء الذين أكدوا أنه إذا استشعر الرجل بأنه لا يقيم العدل فيحرم عليه هذا الأمر.
وأوضحت د. نصير وجود بعدين في هذا الأمر أولا البعد النفسي والأخلاقي، فهناك من الرجال الذين يريدون تدليل أنفسهم ضاربين بمشاعر الزوجة الأولى عرض الحائط ودون مراعاة لحالتها النفسية، وهنا تظهر أنانية الرجل، ما يجعل شريكة حياته تطلب الطلاق ويترتب على ذلك مشاكل اجتماعية ونفسية كثيرة للأبناء.
وأكدت نصير أنه لا بد أن يراعي في تعدد الزوجات الآتي: في حالة الحروب كما كان في دول "البلقان" وما حدث من قتل للرجال هناك وأسر النساء، فهنا التعدد يكون فيه صلاح للمجتمع على أن يتحقق العدل، أما الأمر الثاني فأن تكون المرأة عقيما، وفي هذه الحالة من حق الزوج أن يكون لديه أبناء من أخرى وعليها أن تختار العيش معه وزوجته الثانية أو الطلاق خشية الكراهية مع مراعاة إعطائها حقوقها كاملة، وأن يتم بمعروف وإحسان، الأمر الثالث أن يكون زواجا للترف وطول العمر كما تقول الدراسات الحديثة، فهذا يخرج عن دائرة حكمة تعدد الزوجات.
وتنصح د. نصير الأزواج بأن يدركوا أنه إذا دخل تعدد الزوجات من النافذة خرجت من الباب الرحمة والألفة والمودة.