الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الحملة العسكرية الروسية تربك حسابات أمريكا والتحالف الدولي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عندما حدد الروس مدة زمنية افتراضية بأربعة أشهر لإنهاء الحملة العسكرية ضد الإرهابيين فى سوريا.
بينما حدد التحالف الدولى بقيادة أمريكا مدة زمنية لا تقل عن 10 سنوات لمحاربة (داعش) وقد مضى حتى الآن عام كامل منذ هذا الإعلان الذى تقوده واشنطن على الإرهاب فى سوريا والعراق، ولم تظهر نتائج حقيقية ملموسة على أرض الواقع سواء بتدمير البنية الأساسية لتنظيم (داعش) أو حتى على الأقل الحد من تمدده على الأرض.
قد شن التحالف آلاف الطلعات الجوية على مواقع داعش سواء فى العراق أو فى سوريا ولم تحقق هذه الضربات نتائج حقيقية بل على العكس فقد تمدد تنظيم الدولة الإسلامية طوال هذا العام، واستطاع أن يثبت أقدامه على الأرض، وأن يحظى بحاضنة آمنة فى المناطق التى استولى عليها إضافة إلى عمليات التهجير القسرى التى تحدث نتيجة تواجد داعش بقوانينها الرجعية، مما يدفع السكان المدنيين للهروب من المناطق التى تستحوذ عليها داعش، وهو نفس المشهد الذى يتكرر فى جميع المناطق التى تقع تحت سيطرة التنظيمات الإرهابية مثل جبهة النصرة وجيش الفتح وأحرار الشام.
بينما فى الأيام القليلة الماضية ومنذ بدء الحملة العسكرية الروسية ضد التنظيمات المسلحة المعادية للنظام السورى بشكل عام فقد شهدت عملية فرار العناصر المسلحة فى اتجاه تركيا بعد أن ركزت الحملات العسكرية الروسية حملتها على إدلب وريفها ودير الزور والرقة.
بينما مقاتلو داعش هربوا فى اتجاه العراق، ولا يعتبر هذا دليلا قاطعا على تحقيق الحملة العسكرية النجاح، بل إن هناك مؤشرات تؤكد أن تكثيف الغارات الجوية الروسية على البنية التحتية للتنظيمات المسلحة قد يساعد على تقليص مساحة المواجهة مع تلك التنظيمات، حيث يعجز النظام السورى عن مجابهة هذه التنظيمات فى مواجهات عسكرية مفتوحة وقد تؤدى الحملة الروسية على جميع التنظيمات المسلحة إلى الوحدة فيما بينها، وتعمل على أفغنة سوريا بدعم أمريكى عربى ضد الاحتلال الروسى، خاصة بعد ما تردد أن روسيا ستخوض حربا على الأرض بالتعاون مع حلفائها إيران والعراق، وبالطبع نظام بشار الأسد، وأن روسيا قد تدفع بما يقرب ٢٠ ألف جندى فى مرحلة تالية، وقد جاءت ردود فعل المواطنين السوريين فى دير الزور والرقة عقب ظهور مقاتلى داعش بمناطق شرق سوريا إلى العراق خوفا من الضربات الروسية، حيث خلعت النساء الرداء الأسود من الوجوه، وعادت إلى ارتداء الزى الإسلامى التراثى على الرأس فقط.
ويرى المراقبون أن روسيا ستعتمد على خطط لقطع طرق الإمداد ومنع الأسلحة والمعدات سواء من الحدود التركية أو من الحدود العراقية.
وهذا ما يفسر إعلان سوريا عن اقتراب حسم معركة جسر الشعوب الاستراتيجى ثم إدلب، وبالطبع فإن التنسيق بين روسيا وإيران سيثمر نتائج إيجابية لصالح بقاء نظام بشار الأسد، حيث إن الحرس الثورى الإيرانى وفيالق القدس إلى جانب ميليشيات حزب الله تتواجد بالفعل ومع الاستعانة بالأسلحة الروسية وقدرة الطيران الروسى على توجيه ضربات ذكية، أما على الجانب الآخر، فإن أمريكا لن تترك الدب الروسى يخطط وينظم ويحذر، بل على العكس من ذلك، فإن واشنطن حسب تعبير وكالة (رويترز) عن مصادر حكومية أمريكية تدرس إمكانية زيادة الدعم المقدم لمقاتلى المعارضة (المعتدلة)، ويقصد بها (الجيش السورى الحر)، وأكدت الوكالة أن الولايات المتحدة تبحث مع تركيا سبل دعم فصائل الثوار العربية السورية مع تحفظ تركيا على استيلاء الأكراد على مقطع كبير من الحدود السورية التركية.
ولكن تجربة تسليح الجيش السورى الحر قد أثبتت فشلا ذريعا، إضافة إلى أن روسيا أعلنت على لسان وزير الخارجية الروسى (لافروف) أن موسكو مستعدة لإقامة اتصالات مع الجيش الحر فى سوريا، وأنها لا تعتبر الجيش السورى الحر تنظيما إرهابيا بل تدعوه للمشاركة فى العملية السياسية، وأكد لافروف أن الجيش الحر تنظيم وهمي، ولقد تلقى من وزير الخارجية الأمريكى (جون كيري) (بتقديم معلومات ما حول مواقع هذا الجيش الحر وقادته دون إجابة حقيقية)، وقد جاءت ردود الفعل العالمية على الحملة العسكرية الروسية وعلى سوريا متباينة.
فبينما صرحت المستشارة الألمانية (ميركل) بأن الجهد العسكرى ضرورى فى سوريا، لكنه لن ينهى الحرب وأنه يمكن لروسيا وأمريكا والسعودية وإيران أن تضطلع بدور هام إلى جانب ألمانيا وفرنسا وبريطانيا.
بينما صرح السيد سامح شكرى، وزير الخارجية المصرى، بأن التدخل الروسى بسوريا سيسهم فى محاصرة الإرهاب، فيما قال رئيس وزراء فرنسا، إن روسيا لا يجب أن تخطئ الأهداف فى سوريا بضرب منظمات غير تنظيم الدولة الإسلامية مذكرا ومحذرا من خطورة ضرب المدنيين، وأنه لا تجب مهاجمة المدنيين كما يفعل بشار الأسد باستخدام براميل البنزين والأسلحة الكيميائية ضد المدنيين، وأخيرا أكد أن الحل السياسى هو عملية انتقالية سياسية لا بد من المرور بها ضد بشار الأسد.
بينما دعت تركيا والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وحلفاؤها فى دول الخليج السعودية وقطر فى بيان مشترك روسيا إلى وقف ضرباتها الجوية (ضد المعارضين السوريين والتركيز على ضرب الدولة الإسلامية)، هذا وقد أعرب رئيس المجلس الأعلى الإسلامى العراقى (عمار الحكيم) عن أمله فى استقرار المنطقة بعد تدخل روسيا فى قذف عصابات داعش، ودعا إلى إنشاء صندوق دولى لتمويل الحرب على الإرهاب فى العراق.
بينما حذر ٥٢ من علماء ودعاة المملكة العربية السعودية من مغبة التدخل العسكرى فى سوريا لحماية بشار الأسد من السقوط، مؤكدين أن روسيا لم تتدخل إلا لإنقاذ النظام من هزيمة محققة، وأضاف البيان أن التحالف الغربى الروسى مع الصفويين والنصرية حرب حقيقية على أهل السنة وبلادهم وهويتهم ورغم ردود الأفعال المتباينة والانتقادات فإن روسيا عازمة على تكثيف غاراتها فى سوريا، ولن تغادر المنطقة مرة أخرى بعد أن باتت مصالحها مهددة، فعلى سبيل المثال فإن خسائر روسيا من انخفاض سعر برميل البترول إلى عشرة دولارات (حسب تسعيرة داعش) كبد روسيا خسائر تصل إلى ٢٠٠ مليار دولار، إلى جانب محاولات الضغط على نظام بشار لتصدير الغاز الطبيعى القطرى عبر الموانئ السورية إلى أوروبا لضرب سوق الغاز الروسى، ولولا رفض بشار الأسد ضغوط الغرب لخسرت روسيا المليارات من عوائد الغاز الطبيعى.
إذن روسيا تدافع عن مصالحها قبل كل شيء والشعب الروسى يثق فى بوتين ويدعمه، ولكن ماذا لو اتسع نطاق الحرب والمواجهة المفتوحة مع الغرب وأمريكا.