السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"البوابة" تجيب عن السؤال الصعب: لماذا انخفض الاحتياطي النقدي؟

تحذيرات من انفجاره المؤثر سلبًا على الاقتصاد

هشام رامز محافظ البنك
هشام رامز محافظ البنك المركزي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
■ رد الوديعة القطرية وسداد قسط نادي باريس وانخفاض إيرادات السياحة وتحويلات المصريين بالخارج أبرز الأسباب
■ أمين عام المستثمرين العرب: التقارير المرفوعة للرئيس عن سياسة الترشيد بها أخطاء فادحة
■ خبير بنكى: انخفاضه يمكن أن يؤثر على تصنيف مصر الائتماني
عقب إعلان البنك المركزى أول أمس أن حجم الاحتياطي من النقد الأجنبى لمصر، انخفض إلى 16.33 مليار دولار، بنهاية شهر سبتمبر 2015، مقارنة بـ18.09 مليار دولار بنهاية شهر أغسطس 2015، بانخفاض قدره 1.76 مليار دولار، أرجع خبراء ومحللون ماليون تراجع هذا الاحتياطي إلى عدة أسباب، أهمها قيام البنك المركزى المصرى برد الوديعة القطرية وسداد قسط نادي باريس السنوي، فضلًا عن انخفاض إيرادات السياحة وتحويلات المصريين بالخارج، وضعف الاستثمارات، حيث تراجع الاحتياطي الأجنبى خلال الربع الأول من العام المالى بنحو 3.7 مليار دولار، إذ فقد 1.7 مليار دولار خلال سبتمبر الماضى، ليسجل 16.33 مليار دولار مقابل 18.1 مليار دولار.
فيما أرجع البنك المركزى الانخفاض الكبير إلى سداد مصر لسندات دولية بضمان الولايات المتحدة الأمريكية بقيمة 1.25 مليار دولار أصدرت منذ عام 2005، إضافة إلى سداد فوائد عليها بنحو 27.8 مليون دولار.
بينما قال مسئول خزانة بأحد البنوك الأجنبية: «إن التزامات مصر تجاه العالم الخارجى من أهم أسباب تراجع الاحتياطي الأجنبى خلال سبتمبر الماضى»، مشيرا إلى ارتفاع معدلات الإنفاق على السلع الغذائية لتلبية الاحتياجات الاستهلاكية الأساسية، وتوقع المسئول مزيدا من الانخفاض مع التزام مصر بسداد الشريحة الأخيرة من الوديعة القطرية البالغة 500 مليون دولار خلال الشهر الجارى.
وأشار البنك المركزى إلى تراجع الاحتياطي من الذهب بمعدلات طفيفة بلغت ٢٥ مليون دولار، ليسجل ٢.٣٣٧ مليار دولار بنهاية سبتمبر الماضى مقابل ٢.٣١٢ مليار دولار بنهاية أغسطس السابق له، في حين بلغت أرصدة حقوق السحب الخاصة نحو ١.١٦٧ مليار دولار، مقابل ١.١٧٤ مليار دولار.
وبلغ إجمالى التراجع في الاحتياطي الأجنبى لدى البنك المركزى نحو ٣.٧ مليار دولار خلال الربع الثالث من العام الجارى، ليسجل ١٦.٣ مليار دولار مقابل ٢٠ مليار دولار بنهاية النصف الأول.
وسددت مصر ٦٧٠ مليون دولار من ديونها لنادي باريس مطلع يوليو الماضى، لتنخفض ديون مصر للنادي بنسبة ١٨٪، وفقا لتصريحات هشام رامز محافظ البنك المركزى.
وتلقت مصر ودائع بقيمة ٦ مليارات دولار من ثلاث دول خليجية في أعقاب المؤتمر الاقتصادي، وهو ما عزز استقرار الاحتياطي النقدى عند مستويات مقبولة، إلا أن عدم تعافى إيرادات الدولة بالنقد الأجنبي، وارتفاع المصروفات الدولارية، وسداد ديون خارجية، أدت إلى استئناف معدلات التراجع في يوليو الماضى.
من جانبه، قال الدكتور أشرف العربى، وزير التخطيط والإصلاح الإدارى، إن الوزارة تبحث ترشيد الاستيراد من الخارج لتخفيف الأعباء عن موارد الدولة من العملات الأجنبية، خاصة بعد أن هبط الاحتياطي النقدى بقيمة ١.٧ مليار دولار خلال شهر سبتمبر الماضي، ليصل إلى ١٦.٣ مليار دولار مقابل ١٨.٠٩ مليار دولار بنهاية أغسطس، نتيجة لارتفاع فاتورة السلع الغذائية المستوردة، واستيراد المواد البترولية والغاز، مؤكدًا ضرورة ترشيد الاستيراد من الخارج للحيلولة دون تشكيل أعباء على موارد الدولة من العملات الأجنبية، خاصةً أن قوائم السلع المستوردة تضم العديد من المنتجات غير الضرورية التي يمكن توفير بدائل محلية لها بأسعار تنافسية.
وأضاف العربى: إن المشروعات الصغيرة والمتوسطة لها قدر أكبر من الاِهتمام بحيث توفر المنتجات الأولىة والوسيطة اللازمة للصناعات الكُبرى، بما يُسهم في الحد من الاستيراد وتوفير فرص العمل وتشغيل الشباب والعمل على أهمية تطوير قطاع الصناعة، والعمل على زيادة الصادرات عبر الارتقاء بجودة المنتجات المصرية، مؤكدًا أن الوزارة تأخذ في الاعتبار توافر مستلزمات الإنتاج والأيدى العاملة بأسعار تنافسية على الصعيد العالمي، فضلًا عن ضرورة دعم المصدرين وتقديم الحوافز لهم بما يسهم في تعزيز مكانة المنتجات المصرية في الأسواق الدولية لتوفير العملة الأجنبية.
وأشار وزير التخطيط إلى أن الدولة تستهدف زيادة حجم الاستثمار الأجنبى المباشر بنسبة ٢٠ – ٢٤٪ خلال العام المالى ٢٠١٨/٢٠١٩ لزيادة حصيلة الدولة من العملة الأجنبية.
من جهة أخرى، كشف عدد من الخبراء أن حجم العملة الأجنبية الموجود في السوق السوداء يقارب حجم احتياطي النقد الأجنبي، وأوضحوا أن تجار العملة والمضاربين وبعض شركات الصرافة هم أكبر المستفيدين من سياسة خفض قيمة الجنيه المصرى مقابل الدولار، التي بدأ البنك المركزى تطبيقها.
وأضافوا، أن البنك المركزى يحارب هذه الشريحة، لكن بقرارات تأتى في صالحهم، لأنه كلما زاد الضغط على الدولار في ظل عدم توفره في البنوك يلجأ المستوردون إلى السوق السوداء التي تتحكم في الأسعار بعيدًا عن التي تحددها البنوك والبنك المركزى.
خطط بديلة للإنقاذ
قال الدكتور عاطف حرز الله، الخبير المصرفى: إن انخفاض الاحتياطي النقدى بالبنك المركزى المصري، جاء بسبب سداد مصر لقسط من ديونها لنادي باريس، مؤكدًا أنه على الحكومة سرعة تشغيل المصانع والشركات المتوقفة منذ ثورة يناير. وأضاف حرز الله: إنه على الحكومة محاولة إيجاد خطط جديدة لزيادة الإنتاج والصادرات وعودة عجلة الإنتاج للعمل من جديد، كما يجب عليها ضخ استثمارات جديدة في أسرع وقت ممكن.
وأشار الخبير المصرفى إلى أن سياسة البنك المركزى جنبت مصر عدة أزمات عالمية، لكنها في نفس الوقت فشلت في تثبيت سعر الصرف، مستشهدًا بارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه المصرى خلال السنوات الماضية بشكل كبير، وداعيًا البنك المركزى لوضع إستراتيجية جديدة للحد من انخفاض الجنيه أمام العملات الأجنبية.
ولفت حرز الله إلى أن أهم العوامل التي تساعد على زيادة الاحتياطي النقدى هي إيرادات قناة السويس والصادرات والسياحة وتحويلات المصريين بالخارج، مؤكدًا أن جميع هذه العوامل تدهورت بشكل كبير خلال الفترة الماضية.
السبب عوامل رسمية
قال الدكتور مصطفى النشرتى، أستاذ التمويل والاستثمار، بكلية الإدارة بجامعة مصر الدولية: إن رصيد الاحتياطي النقدى المصرى يكفى الواردات الشهرية لثلاثة أشهر، مشيرًا إلى أن هناك عدة عوامل موسمية تتسبب في انخفاض الاحتياطي النقدى، على رأسها سداد قسط نادي باريس.
وأضاف النشرتي: إن انخفاض الاحتياطي لن يؤثر على جذب استثمارات لمصر، مؤكدًا أن زيادة الاستثمارات يسهم في ارتفاع الاحتياطي الأجنبى بشكل كبير.
وأشار أستاذ التمويل والاستثمار إلى أن المصدر الرئيسى النقدى هو تحويلات المصريين بالخارج، حيث يقوم المغتربون بالاحتفاظ بثرواتهم بالدولار للحفاظ عليها من التضخم، داعيًا الحكومة لزيادة الفائدة على الجنيه المصرى.
وحول ما اقترحه بعض الخبراء لإنشاء «سلة عملات» لربط الجنيه بعدة عملات أخرى بدلًا من الدولار فقط، أكد الخبير الاقتصادى أنه على الحكومة تغيير نظام النقد، وبذلك يصبح التغيير في قيمة العملة يتم حسابها بالتغير في العملات الثلاثة، فيحافظ الجنيه على استقراره أمام باقى العملات.
السلة البديلة فاشلة
قال الدكتور عادل عامر، الخبير الاقتصادى: إن فكرة إنشاء سلة عملات للحفاظ على قيمة الجنيه فكرة أثبتت فشلها، لافتًا إلى أنه تم تطبيقها في مصر من قبل إبان تولى الدكتور عاطف صدقى رئاسة الوزراء وفشلت في الحفاظ على قيمة الجنيه أمام الدولار.
فيما قال الدكتور عادل عامر: إن الحل الوحيد للحفاظ على الاحتياطي الأجنبى وقيمة الجنيه هو زيادة الإنتاج وإعادة تشغيل المصانع والعمل على دخول مصانع جديدة للسوق، مؤكدًا أنه لا يوجد حل آخر لإنقاذ الاقتصاد سوى العمل وزيادة الإنتاج.
كما أشار الخبير الاقتصادى إلى أنه تم خروج ٥ ملايين عامل من منظومة العمل منذ قيام ثورة يناير وحتى الآن، مشيرًا أن هناك ١٠٥٥ مصنعا متوقفة عن العمل لابد من إعادة تشغيلها مرة أخرى بأسرع وقت.
وقال رئيس أحد البنوك الاستثمارية، رفض ذكر اسمه: إن هذا الانخفاض لا يؤثر بالشكل المفجع على الاقتصاد المصرى، وهناك دول عديدة لا يوجد بها نقد أجنبى من الأساس.
وأضاف: إنه في عام ١٩٩٠ كانت مصر لا يوجد بها احتياطي من النقد الأجنبى، وكانت الأمور طبيعية جدا في الاقتصاد المصرى، ولم تحدث أزمات، وطالب المصدر بعدم التهويل في الحديث عن هذا الانخفاض.
يؤثر سلبا على البنوك
على النقيض قال أحمد الحداد، المسئول بالبنك الأهلي المصرى: إن الاحتياطي النقدى عندما يقل يكون تأثيره السلبى على فتح الاعتمادات البنكية، خاصة فيما يخص المأكل والمشرب والأدوية وغيرها من المستلزمات المهمة، إضافة إلى أن هذا الانخفاض يتسبب في كارثة أخرى وهى انخفاض مستوى مصر في التصنيف الائتمانى العالمي.
المرفوع للرئيس خاطئ 
قال جمال بيومى، أمين عام المستثمرين العرب: المشكلة الحقيقية أن التقارير التي ترفع للرئيس عن سياسة ترشيد الواردات تقارير خاطئة أدت إلى أزمة حقيقية في احتياطي النقد الأجنبي، وأن ما أشيع عن أن أكثر وارداتنا أدوات ترفيهية خطأ فادح وعار تماما من الصحة، والحل ليس في ترشيد الواردات، لأن أكثر من ٧٠٪ من واردات مصر عبارة عن آلات صناعية وقطع غيار ومواد غذائية.
وأضاف، أنه لا بد من زيادة الواردات والإنتاج والتصدير، فقد وصلت الصادرات المصرية عام ٢٠١٢ إلى أعلى معدل، وحققت ٣١ مليار دولار، ثم انخفضت إلى ٢٦ مليار دولار عام ٢٠١٤، لتأتى أزمة أخرى في السياحة والتي وصلت عام ٢٠١٠ إلى ما يقرب من ١٥ مليار دولار، إلى أن انخفضت إلى أقل من ٥ مليارات دولار، ولم يتبق لنا إلا دخل قناة السويس المتماسك حتى الآن، وهو ٥ مليارات دولار سنويا، إضافة إلى تحويلات المصريين المقيمين في الخارج التي تصل إلى ما يقرب من ١٥ مليار سنويا، وتراجع دخل البترول بسبب زيادة استهلاك مصر الذي زاد عن إنتاجنا خلال السنوات الأخيرة، ما اضطرنا إلى استيراد كميات ضخمة من الغاز والبترول.
وأضاف أنه لابد من سياسة جديدة، فليس معنى أننا حفرنا قناة السويس الجديدة أو اكتشفنا حقل غاز أننا سنشعر بها بين ليلة وضحاها بثمار هذه المشروعات.
"السوداء" هزمت "المركزي"
قالت الدكتورة بسنت فهمي، الخبيرة المصرفية: إنه منذ ثورة ٢٥ يناير وهناك تراجع بالاحتياطي النقدى من ٣٦ مليار دولار وصولا إلى ١٦.٣٣ مليار دولار حاليا، معظمها ودائع، معتبرة أن وجود مبلغ ١٠ مليارات دولار كاحتياطي صافٍ يعد أمرا غير مجد في ظل اعتمادنا على استيراد معظم السلع من الخارج بواقع ٦٠ مليار دولار سنويا، مشيرة إلى أن ما يحدث الآن من رفع سعر الدولار كان بهدف دعم عدد من المستوردين، معتبرة أن سعر صرف الدولار بالبنوك غير واقعي، وأن ظاهرة السوق السوداء لم تختف حتى بعد إجراءات البنك المركزى لمحاربتها، مؤكدة أنها أصبحت أعنف عما كانت عليه من قبل.
وأوضحت فهمى أن سعر صرف الدولار بالسوق السوداء تجاوز الـ٨ جنيهات، على الرغم من وجود أزمة في تدبير العملة الدولارية للتجار والمستوردين، لشراء المواد الخام أو الأدوية التي تعانى نقصا داخل الصيدليات حاليا بسبب الدولار، وأوضحت أنه ينبغى العمل على تحرير سعر صرف العملة، وتركها للعرض والطلب، مقابل دعم السلع للفئات الأكثر فقرا، وذكرت أن خفض سعر الدولار سيكون قريبا في ظل قيام الصين بخفض سعر عملتها بنحو ٣ مرات في أسبوع واحد.
سيؤثر على الاستيراد
قال محسن التاجورى، نائب رئيس شعبة المستوردين بالغرف التجارية: إن انخفاض الاحتياطي الأجنبى سيؤثر بشكل كبير على عملية الاستيراد، مشيرا إلى أن تخصيص مبلغ ٥٠ ألف دولار شهريًا لكل مستورد لا تكفى للعمل.
وأضاف التاجوري: إن السياسة المالية للبنك المركزى المصرى تعمل على إعاقة عمل المستوردين، مؤكدًا أن المستوردين بالخارج لن ينتظروا جمع الدولارات من السوق نهاية كل شهر ليتم سداد أموالهم.
وطالب نائب رئيس الغرف التجارية، بعقد اجتماع مع الحكومة ومسئولين من البنك المركزى لإنهاء أزمة المستوردين، والتركيز على استيراد السلع الأساسية فقط، مع الاستغناء عن غير الأساسية مثل الشكولاتة وطعام الحيوانات.
فيما قال المهندس مدحت يوسف، نائب رئيس هيئة البترول الأسبق والخبير البترولى: إن انخفاض الاحتياطي النقدى إلى ١٦.٣٣ مليار دولار، بنهاية شهر سبتمبر ٢٠١٥، مقارنة بـ١٨.٠٩ مليار دولار بنهاية شهر أغسطس ٢٠١٥، بانخفاض قدره ١.٧٦ مليار دولار سوف يوثر على قطاع البترول.
وأوضح يوسف أن قطاع البترول وضع لنفسه خطة كانت على رأسها سداد مستحقات الشركاء الأجانب بهدف اتخاذ خطوات سريعة والاستمرار في عمليات تنمية الحقول وزيادة كميات الزيت الخام والغاز الطبيعى، وهو ما جعله يوجه حصيلته الدولارية الناتجة عن بيع الزيت الخام والنفط وبعض المنتجات التخصصية لسداد مستحقات الشركاء الأجانب.
وأضاف يوسف: إن قطاع البترول اتخذ عدة إجراءات حتى لا يرهق الاحتياطي النقدى المصرى ويقلل الأعباء عليه، منها الاقتراض من البنوك وعقد اتفاقيات طويلة الأجل لشراء احتياجات السوق المحلية من المنتجات البترولية، إضافة إلى شراء الخام وتكريره لصالح الغير لتوفير سيولة نقدية، لافتا إلى أن قطاع البترول مستهلك ضخم للاحتياطي النقدى.
وإشار إلى أن البترول له تأثير قوى على سعر صرف الجنيه المصرى، متوقعا أن يشهد الاحتياطي النقدى انخفاضا كبيرا خلال الفترة المقبلة.