الثلاثاء 19 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

بعد تصريحات أردوغان عن خسارة روسيا صداقة تركيا.. أنقرة لن تستطيع تحمل تكلفة فاتورة تحدي الدب الروسي.. بلاد الأناضول فقيرة من حيث احتياطي الغاز الطبيعي.. وموسكو وحلفاؤها هم المورد الأول

أردوغان
أردوغان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

انتقدت تركيا روسيا بشكل قوي بسبب العمليات الجوية الروسية في سوريا وانتهاك مقاتلاتها الحربية للمجال الجوي التركي على الحدود مع سوريا لأكثر من مرة، حتى أن رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان أكد مؤخرا في تصريحات له أنه إذا خسرت روسيا صداقة تركيا، فعند ذلك ستخسر الكثير.

ولكن حتى مع هذه الانتقادات يرى الكثير من المتابعين للعلاقات التركية الروسية ومدى تشابكها وتقاطعها،أنه لن يمكن لتركيا أن تتلفظ لروسيا بعبارة "One Minute"، "دقيقة واحدة"، التي رددها أردوغان تسع مرات متتالية في 30 يناير 2009 عندما قاطع منسق جلسة عقدت على هامش منتدى "دافوس" الاقتصادي في سويسرا، ليرد على كلمة دافع فيها الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز عن الحرب التي شنها الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة، ثم انسحب من المؤتمر، وتحولت لاحقا هاتان الكلمتان إلى شعار مهرجان ضخم نظمه "التجمع التركي للسلام العالمي" بأحد ميادين اسطنبول، وهلل له العالم العربي وقتها.

لن يستطيع أردوغان ترديد هذه العبارة لروسيا مثلما رددها لإسرائيل لأن تركيا مرتبطة تماما الارتباط بروسيا، وهناك علاقات حاسمة بين البلدين في كثير من المجالات، وخاصة في حلبتي العلاقات السياسية والاقتصادية، بل يمكن القول إن تركيا لن تستطيع تحمل تكلفة فاتورة تحدي روسيا لعدة أسباب.

ويأتي على رأس هذه الأسباب أن تركيا بلد فقير من حيث احتياطي الغاز الطبيعي، وهو ما يدفعها لاستيراد الغاز لسد احتياجاتها، وأغلب وارداتها من الغاز من روسيا، حيث يغطي الغاز الروسي نسبة 43.5% من احتياجات تركيا من الغاز، وبذلك تأتي روسيا على قمة الدول التي تستورد منها تركيا الغاز الطبيعي، ثم تليها إيران، حليفة روسيا، التي تغطي 22.8% من احتياجات تركيا من الغاز، ثم أخيرا تأتي آذربيجان، الدولة المقربة من تركيا، لتغطي 14% فقط، حيث تمر تركيا كل عام بموسم شتاء قارص وتتكرر الأزمة بينها وبين روسيا حول تدفق كميات الغاز الطبيعي.


ومن جانب آخر، فقد وقعت تركيا وروسيا على اتفاقية بناء محطة "آككويو" النووية في مدينة "ميرسين" المطلة على البحر المتوسط بجنوبي تركيا، وهي صفقة مهمة للغاية لتركيا، ومن المتوقع أن تصل قيمتها الإجمالية إلى 20 مليار دولار.

وأيضا على موجة العلاقات الاقتصادية القوية بين تركيا وروسيا، هناك واقع مؤداه أن حجم التبادل التجاري بين البلدين يصل إلى 30 مليار دولار، ويشغل الغاز الروسي من هذا التبادل حيزا مهما بصورة جدية، كما أن السياحة والصناعات التشييدية والفواكه والخضروات التركية الطازجة تتمتع بمكانة مهمة في الأسواق الروسية.

أما على الجانب السياسي، فتلعب ورقة الأرمن دورا مهما في مسار العلاقات التركية-الروسية، حيث شارك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أواخر العام الماضي في احتفالات الذكرى المئوية لما تطلق عليه الصحافة التركية "مزاعم الإبادة الجماعية للأرمن".

وعلى الرغم من الإدانات المتشنجة من جانب الخارجية التركية لمشاركة بوتين في إبريل الماضي في مراسم إحياء الذكرى المئوية للإبادة الجماعية للأرمن على يد الدولة العثمانية في عام 1915 إبان فترة الحرب العالمية الأولى، إلا أن دميتري بيسكوف، السكرتير الصحفى للرئيس الروسي، رد بشكل قوي وحاسم، حيث أكد أن "الكرملين" لا يرى في مشاركة الرئيس الروسى مبررا لوجود رد فعل سلبى من جانب تركيا، موضحا أن أرمينيا شريك مهم لروسيا وعضو في الاتحاد الاقتصادى الأوراسى، مذكرا بأن عددا كبيرا من الأرمن يعيشون في الأراضى الروسية، وأن جذورا تاريخية عميقة تربط بين موسكو ويريفان.

وكان البرلمان الروسي قد تبنى في عام 1995 إعلانا يدين ما اسماه بـ"الإبادة الجماعية بحق الأرمن" التي وقعت خلال الفترة من عام 1915 حتى 1920، وعقد جلسة خاصة يتخذ فيها قرارا باعتبار 24 إبريل يوما للاحتفال بمئوية "إبادة الأرمن"، مشيدا بالقرار الأخير الذي صدر مؤخرا عن البرلمان الأوربي الذي يطالب دول الاتحاد الأوربي بالاعتراف ب "إبادة الأرمن".