الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

كهف الشيطان الإيراني في مصر

"البوابة" تنشر فصولاً من أخطر دراسة (1-3)

 فهمى هويدى و خامنئى
فهمى هويدى و خامنئى و قاسم سليمانى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
■ نقل أسلحة إيرانية من السودان إلى سيناء تحت دعوى دعم المقاومة الفلسطينية
■ فهمى هويدى يقود «لوبى طهران» في الإعلام المصرى وعطايا مالية لعملائها في القاهرة
■ محاولات لنشر المذهب الشيعى عن طريق المناح التعليمية ورحلات الحج إلى إيران
■ سر تصريحات قاسم سليمانى عن «مصر الإيرانية» وخطبة خامنئى عن تصدير الثورة
■ فهمي هويدي يقود اللوبى الإيراني في الإعلام المصري.. والتعاون بين طهران والإخوان بدأ «25 يناير»
لا تزال العلاقات العربية الإيرانية تمثل لغزًا محيرًا للمتابعين والمراقبين على الساحة السياسية، فمن ناحية تطلق إيران تصريحات عن رغبتها في تدعيم علاقتها بالعرب، خاصة مع مصر ودول الخليج، بينما على أرض الواقع تتناقض الأفعال مع تلك التصريحات، فالتهديد الإيرانى المباشر لدول الخليج لا يخفى على أحد، ما أكده القرار الأخير لمملكة البحرين بسحب سفيرها من طهران، والذي اعتبر أكبر مثال على هذه التهديدات غير المحتملة، إضافة إلى دور إيران في اليمن، ودعمها لجماعة الحوثيين، ونفوذها الهائل في العراق، ومؤامراتها المستمرة ضد مصر، وإذا أعدنا ترتيب تلك الصورة، سنكتشف حجم الخطر والتهديد الذي تمثله طهران على العرب.
وتكشف دراسة أعدها الخبير الإستراتيجي، اللواء أركان حرب حسام سويلم، بالوقائع والمعلومات أبعاد المؤامرة الإيرانية على العالم العربى، خاصة دول الخليج ومصر، كما تكشف حقيقة العلاقات الإيرانية - الإسرائيلية، وتؤكد أن حصول إيران على سلاح نووى، ليس هو الخطر الحقيقى على دول الخليج.
في البداية يؤكد سويلم أن محاولات هيمنة إيران على العالم العربى بدأت منذ اندلاع ثورة الخومينى في عام ١٩٧٩، ولم تتوقف بعدها عن محاولات زعزعة الأمن القومى العربى، حيث منهجها هو تصدير الثورة إلى محيطها الإقليمى، حيث يستعيد سويلم أول تصريحات الخومينى فور عودته إلى طهران من باريس، وقال فيه: «لقد حكم العرب هذه المنطقة لعدة قرون، وحكمها الكرد لعدة قرون، وحكمها الترك لعدة قرون، والآن حان الوقت لكى يحكمها الفرس لقرون طويلة قادمة».
وفور صدور التصريح عن المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، تم تشكيل الحرس الثورى بدعوى حماية الثورة الإسلامية، وليكون في الحقيقة أداة ترهيب للمعارضين لنظام حكم الملالى في الداخل، ووسيلة النظام لتصدير الثورة الخومينية إلى الدول العربية والإسلامية، إلا أن نشوب الحرب العراقية - الإيرانية في ثمانينيات القرن الماضى عطّل تصدير هذه الثورة مؤقتًا، لمدة ثمانى سنوات، لكن بعد تورط الولايات المتحدة في حروب أفغانستان ٢٠٠١، والعراق ٢٠٠٣، قدمت واشنطن الدول العربية والإسلامية إلى إيران على طبق من فضة، بعدما استعانت بها في هذه الحروب.
فبعد الاحتلال الأمريكى للعراق، استأنفت إيران تصدير ثورتها بوتيرة أشد تركيزًا وعنفًا وتأثيرًا، من خلال أذرعتها المنتشرة في الدول العربية، متمثلة في حزب الله في لبنان وسوريا، وأحزاب الله الخليجية، وحماس في غزة، والحوثيين في اليمن، وشباب المجاهدين في الصومال، والإخوان في مصر والمغرب العربى، إضافة إلى تحالفها مع إريتريا، وإقامة قاعدة عسكرية مسلحة بصواريخ ساحلية في ميناء عصب، بما يمكنها من تهديد الملاحة في مضيق باب المندب، الذي تريد إيران السيطرة عليه، باعتباره منفذا مهما لتحرك ناقلات النفط والبضائع من الخليج العربى إلى باقى دول العالم.
ويعنى التحكم الإيرانى في مضيق باب المندب تحكمها تلقائيا في قناة السويس، وقدرتها على التأثير سلبا على حركة الملاحة فيها، ما يضيف خطرا جديدا إلى الخطر الأكبر لها، وهو تحكمها في مضيق هرمز، ما يعطيها القدرة على التحكم في حركة ناقلات النفط والبضائع، وبما يؤثر سلبا على سوق النفط في العالم، ومجمل السياسات الدولية.
مصر الإيرانية
تكشف الدراسة بالمعلومات الموثقة محاولات إيران للعبث بالأمن القومى المصرى، مشيرة إلى كشف أجهزة الأمن المصرية عن خلية إيرانية تعمل في سيناء، ففى عام ٢٠١٠، بزعم دعم المقاومة الفلسطينية، وهى الخلية المعروفة باسم خلية سامى شهاب، الذي جرى تهريبه إلى الخارج، عقب اقتحام السجون في ٢٨ يناير ٢٠١١.
ولم تكن خلية شهاب بداية محاولات الاختراق الإيرانى لمصر، فقد تم رصد محاولات من جانب طهران لإرسال إرهابيين وقوافل أسلحة وذخائر إلى داخل مصر، القادمة من مصنع أسلحتها (اليرموك)، الواقع جنوب العاصمة السودانية الخرطوم، مرورًا بالصحراء الشرقية لمصر، كما وصلت التهديدات الإيرانية للأمن القومى المصرى إلى حد السعى لتعطيل الملاحة في قناة السويس، من خلال التحكم في مضيق باب المندب، بعد إقامة القاعدة العسكرية الإيرانية في ميناء عصب الإريترى، والتي تم تسليحها بصواريخ ساحلية طراز C-SS-٢٠٨، وصواريخ أرض/جو طراز Tor-M١، وأخرى قصيرة المدى، بالإضافة لمخازن أسلحة وذخائر يتم إمداد الحوثيين بها، عبر ميناءى ميدى والحديدة على البحر الأحمر.
ووصلت المحاولات الإيرانية لضرب الأمن القومى المصرى ذروتها بعد ثورة ٢٥ يناير، ففى نوفمبر ٢٠١٢، وبعد أقل من ٦ أشهر من صعود «الإخوان» إلى حكم مصر، وقف الجنرال قاسم سليمانى، قائد فيلق القدس، أهم أذرع الحرس الثورى الإيرانى، والمسئول عن العمليات العسكرية له في الخارج، أمام نحو ٥٠ ألفًا من جنوده، ليخطب فيهم قائلا «تمخضت المنطقة اليوم عن عدد من الإيرانات الجديدة، يجمعها العداء للولايات المتحدة»، وعن مصر تحديدًا، قال سليمانى إن «مصر ستكون إيران جديدة سواء أردتم أم لم تريدوا».
وفور اندلاع ثورة ٢٥ يناير، حاولت إيران أن تنسب لنفسها الفضل فيما ما أطلق عليه اسم «ثورات الربيع العربى»، عندما اعتبرتها امتدادًا للثورة الإسلامية في إيران، أو ما أطلق عليه المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، على خامنئى «الشرق الأوسط الإسلامى الجديد».
ووفقًا لدراسة سويلم، لم تأت تصريحات سليمانى اعتباطًا، ولم تكن وليدة الصدفة، فحقيقة الأمر أن النظام الإيرانى كان يعتمد على اتصالات تحتية مكثفة مع قيادات إخوانية في مصر، منذ أيام مؤسس الجماعة حسن البنا، وكاهنها سيد قطب، ثم تواصلت تلك الاتصالات عبر أكثر من ٥٠ عاما، ووصلت ذروتها في عام ٢٠١٢، عندما تولت الجماعة حكم مصر.
وكانت أبرز محطات العلاقات الإيرانية الإخوانية، زيارة نائب وزير المخابرات الإيرانية إلى مصر سرًا، واجتماعه مع كبار أعضاء مكتب الإرشاد، داخل قصر الاتحادية الرئاسى، لعدة ساعات، ناقشوا خلالها التخطيط لإنشاء جهاز مخابرات إخوانى، وقوة حرس ثورى مصرى، ليكون موازيًا لأجهزة مخابرات الدولة، والحرس الجمهورى، ونواة لجيش إخوانى مواز للجيش المصرى على النحو القائم في الحرس الثورى الإيرانى، الذي يتفوق في قدراته وتسليحه ونفوذه على الجيش النظامى الإيرانى، على أن يتولى الحرس الثورى الإخوانى حماية نظام الحكم الإخوانى في مصر.
إيران والإرهاب
تشير الدراسة إلى تقرير صادر عن مركز خدمات الأبحاث في الكونجرس الأمريكى، يكشف عن إنفاق النظام الإيرانى مليارات الدولارات على دعم الإرهابيين الموالين له في لبنان وسوريا واليمن والعراق وغزة، وبحسب التقرير السرى للمركز، الذي حصلت صحيفة «واشنطن فرى بيكون» على نسخة منه، فإن حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، ونظام بشار الأسد في سوريا، وعملاء إيران في العراق، يستلمون مليارات الدولارات من النظام الإيرانى.
وجاء في التقرير الذي تم إعداده بتوصية من السيناتور مارك كرك، أن نظام طهران ينفق مليار دولار على عملائه في العراق، وأن الرئيس الإيرانى السابق، محمود أحمدى نجاد، رفع الميزانية الدفاعية للبلاد من ١٤ إلى ٣٠ مليار دولار، وخصص قسما كبيرا من تلك الزيادة لمساعدة التنظيمات الإرهابية المدعومة من نظام إيران.
وفى سوريا، تؤكد التقارير أن عددًا يتراوح بين ٥ و١٠ آلاف فرد من الميليشيات العراقية، تقاتل بجانب نحو ١٠ آلاف مقاتل من حزب الله اللبنانى، لدعم نظام بشار الأسد، وتفيد التقارير بأن الميليشيات العراقية تلقت تدريباتها في إيران قبل التوافد على سوريا، وفى تصريح أخير لمبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، ستيفن دى ميستورا، قدّر الدعم الإيرانى لسوريا بنحو ٦ مليارات دولار، فيما قدر مراقبون متخصصون في شئون المنطقة ما يحصل عليه النظام السورى بضعف هذا الرقم، فضلا عن ٢٠ مليون دولار لدعم الحوثيين في اليمن، و٥٠ مليون دولار لحركة حماس في غزة، كما يؤكد التقرير أن طهران زودت حزب الله اللبنانى بكميات كبيرة من الأسلحة والذخائر في عام ٢٠١٤، شملت صواريخ متنوعة، فضلًا عن التدريب والدعم السياسي والدبلوماسى والتنظيمى.
وتقدر وزارة الدفاع الأمريكية الدعم الإيرانى لحزب الله بمبلغ يتراوح بين ١٠٠ و٢٠٠ مليون دولار سنويا، ما دفع عددًا من أعضاء الكونجرس إلى الإعراب عن مخاوفهم من أن يؤدى الاتفاق النووى بين إيران ومجموعة «٥+١»، الذي يتضمن رفع العقوبات عن طهران، واستعادتها لأموالها المجمدة في الولايات المتحدة وأوربا، إلى توجيه هذه الأموال لدعم المنظمات الإرهابية في العالم، بما يزيد من قدرة وقوة فيالق الحرس الثورى الخمسة، خاصة فيلق القدس.
تصدير الثورة
كان تصدير الثورة الإيرانية جزءًا أساسيًا من إستراتيجية طهران الخارجية، والتي عملت على تطبيقها بكل الوسائل، وتكشف الدراسة عن استخدام إيران عدة آليات لتحقيق أهدافها، ففور عودة الخومينى إلى إيران، أطلق الدعوة لتصدير الثورة الإيرانية إلى كل أرجاء الأرض، واعتبر ذلك أحد واجبات الثورة الإيرانية، وأن عدم تحملها لهذا الواجب سيضعفها أمام أعدائها، كما اعتبر أن الاعتماد على الإعلام من أنجح وسائل تصدير الثورة، إضافة إلى الاعتماد على تحريض الشعوب، والتنظيمات السياسية والدينية على حكوماتها، التي اتهمها بالاشتراك في مؤامرات «الاستكبار العالمي» مع أمريكا، بهدف إسقاطها، كما أعرب عن أمله في انتشار الثورة الإيرانية في العالم أجمع، حتى تتشكل حكومة عالمية تحت زعامة الإمام المهدى الثانى عشر، الذي ينتظره أصحاب المذهب الاثنى عشرية الشيعي، صاحب الأغلبية في إيران، وشدد على أن إيران ملزمة بمساندة الحركات الإسلامية الراديكالية في العالم، بوصفه واجبا دينيا.
واتخذ الخومينى عدة وسائل في إستراتيجية تصدير الثورة، أهمها الوسائل العسكرية، وتتمثل في طريقين، أحدهما التدخل العسكري المباشر، بمعنى الاعتداء على دول الجوار، واحتلال المناطق الشيعية في الخليج والعراق، بما في ذلك البحرين، والمنطقتين الشرقية والجنوبية من السعودية، وكل اليمن، وأجزاء من الكويت والإمارات.
وأصيب هذا الشكل من التدخل العسكري بنكسة كبيرة في الحرب العراقية - الإيرانية، حتى جاء الغزو الأمريكى للعراق، وما استتبعه ذلك من تكثيف للتواجد العسكري الأمريكى في الخليج، دفاعًا عن الدول الخليجية الصديقة للولايات المتحدة.
أما الشكل الثانى من أشكال التدخل العسكري الإيرانى في شئون المنطقة، فتمثل في الدعم بالسلاح والمال والتدريب للأحزاب والحركات والمنظمات الموالية لإيران في البلدان العربية والإسلامية، وانعكس ذلك بوضوح في الدعم العسكري لفيلق بدر وجيش المهدى وعصائب الحق في العراق، وحزب الله في لبنان، وحركتى حماس والجهاد الإسلامى في غزة، والحوثيين في اليمن.
وكشفت عدة حوادث عن نقل أسلحة وذخائر ومعدات عسكرية من إيران إلى عملائها في الدول العربية، كان من بينها تحطم طائرة ركاب إيرانية في شمال غرب إيران، في منتصف يوليو ٢٠٠٩، ما أسفر عن مقتل ١٦٨ شخصًا، بسبب انفجار ذخائر كانت في طريقها إلى حزب الله في لبنان، كما اعترضت القوات البحرية والجوية الإسرائيلية وقصفت عدة سفن وقوافل برية في السودان والبحرين الأحمر والمتوسط، في عامى ٢٠٠٨ و٢٠٠٩، وتبين أن على متنها أسلحة وذخائر ومعدات حربية إيرانية في طريقها إلى حزب الله وحماس.
وفى ١٠ إبريل ٢٠٠٩، كشفت السلطات المصرية عن خلية تخريبية سعى حزب الله إلى إنشائها في مصر، لتنفيذ عمليات تخريبية ضد منشآت إستراتيجية مهمة في سيناء، والمجرى الملاحى لقناة السويس، بترتيب وتمويل إيرانى، وما اعترف به الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، وقال وقتها إن الخلية كانت تقدم الدعم والمساندة للمقاومة الفلسطينية في غزة.
وصادرت السلطات اليمنية سفينة أسلحة إيرانية في بداية نوفمبر ٢٠٠٩، عند مرورها في خليج عدن، وتبين أنها كانت في طريقها إلى الحوثيين، وتلا ذلك عمليات نقل أسلحة وصواريخ وذخائر إيرانية إلى قوات الحوثيين والرئيس المخلوع على عبدالله صالح بحرًا وجوًا.
أما الوسيلة الثانية لتصدير الثورة الإيرانية، فهى الوسائل التعليمية، حيث تعطى الحكومة الإيرانية آلاف المنح الجامعية سنويًا لطلاب الدول الأخرى، حيث تحاول استقطاب الطلبة المتفوقين للدراسة فيها، وعلى حسابها، وهناك يتم تلقين المذهب الشيعى للطلاب مع التخصصات العلمية، ما يسمح لهم بالحصول على منح أطول للدراسات العليا، وعندما يعودون إلى بلادهم، يكونون خير دعاة لهذا المذهب الساعى إلى فرض السيطرة الفارسية على المنطقة.
وفى هذا المجال، تم رصد محاولات عديدة لترويج المذهب الشيعى في مصر والمغرب والسودان والأردن وغزة، وذهبت عناصر من هذه الدول إلى إيران بدعوات من حكوماتها للحصول على منح تعليمية، ثم عادت إلى بلادها لتدعو إلى المذهب الشيعى.
والوسيلة الثالثة لتصدير الثورة الإيرانية هي الوسيلة السياسية، وتعنى بتصدير الثورة فارسية الهوية، ومفاهيمها ومبادئها، عن طريق تجميل صورتها سياسيا، من خلال إطلاق الخطب الرنانة حول تحدى «الشيطان الأكبر» أمريكا، و«الشيطان الأصغر» إسرائيل، وتأكيد أن الأمة الإيرانية هي المتصدى الوحيد لهما، مع افتعال بطولات وهمية حول انتصارات تحققها الأحزاب والحركات والمنظمات التي ترعاها إيران، مثل «الانتصار الإلهي» لحزب الله على إسرائيل في حرب لبنان ٢٠٠٦، وقد أمكن لحزب الله أن يوظف هذا الشعار سياسيا في إحكام سيطرته السياسية والأمنية على لبنان حتى اليوم، رغم ضآلة التواجد الشيعى هناك.
وأخيرا ما أطلقته حماس بعد حرب غزة ٢٠٠٩، بشأن «الانتصار الرباني» على إسرائيل، ووظفته بدورها لإحكام سيطرتها على غزة، وإقامة «إمارة إسلامية» هناك، إضافة إلى السعى الإيرانى لاختراق أحزاب وحركات المعارضة في الدول العربية، مثل الإخوان في مصر، حيث دعمت مواقف حزب الله وحماس المعادية لمصر، ودعمت أيضا موقف الحوثيين الانفصاليين في اليمن، وتسللهم إلى الأراضى السعودية لتنفيذ أعمال تخريبية في منطقة جيزان الجنوبية، وعارضت جماعة الإخوان في مصر تدخل الجيش السعودى لإعادة فرض سيطرته على هذه المناطق، من خلال بيان يطالب المملكة بـ«وقف القتال فورًا في ساحة المعركة اليمنية»، ما أثار استنكار الأوساط السياسية المصرية، فربطت بين التوجه الإخوانى والتوجهات الإيرانية الساعية إلى إذكاء نار الفتنة والتقسيم في المنطقة العربية، بينما لم تصدر هذه الجماعة أي بيان في السابق يدعو الحوثيين إلى وقف إراقة دماء الشعب اليمنى.
وبنفس الطريقة، دعمت إيران تنظيم القاعدة في بلاد المغرب، وحركتى الجهاد الإسلامى وفتح والجبهتين الشعبية والديمقراطية في فلسطين، ما يكشف عن اختراق فعلى إيرانى لعدد من الأحزاب السياسية العربية، بطرق متعددة.
وتستخدم إيران وسائل الإعلام في خطتها لتصدير الثورة، حيث تسعى الملحقيات الثقافية والإعلامية الإيرانية في الدول العربية والإسلامية إلى إقامة علاقات وثيقة مع الصحف والمجلات ومراكز الأبحاث والدراسات، بالإضافة لدعمها ماليًا، واستضافة القائمين عليها لزيارة إيران، مع دعم بعض الصحفيين والإعلاميين ماليًا، وتقديم دورات تثقيفية مجانية لهم في إيران، من أجل كسبهم في الصف الإيرانى، والترويج للمواقف الإيرانية، والدفاع عنها في الصحف والمجلات والقنوات الفضائية والإذاعية التي يعملون فيها، مثل الصحفى المصرى فهمى هويدى، الذي كان يدافع عن إيران باستمرار في مقاله الأسبوعى بالأهرام، على حساب المواقف المصرية، وتشويهها، إلى أن أوقفته السلطات عن الكتابة في أواخر عام ٢٠٠٨، فراح يكتب في صحف معارضة، تبنى فيها المواقف الإيرانية، كما تحدث في قناة العالم الإخبارية الإيرانية، إلى أن منعت الدول العربية بثها على القمرين نايل سات، وعرب سات، بسبب هجومها على الأنظمة العربية الحاكمة.
ومثلما نجحت إيران مع هويدى، نجحت مع كثيرين غيره في العالم العربى، استخدمتهم في تلميع صورتها، والدعاية لأهدافها وسياساتها واستراتيجياتها، بالإضافة لإعطائها المشروعية الدينية والسياسية، ما يبدو واضحا في وسائل الإعلام السورية، وقناة وإذاعة المنار التابعة لحزب الله اللبنانى، وقناتى الأقصى والقدس، التابعتين لحركة حماس، كما يفسر الحملة التي تشنها بعض الصحف العربية على الصحابة، وهو هجوم له جذور راسخة في المذهب الشيعى. كما تستخدم إيران الوسائل الاقتصادية في تصدير ثورتها، حيث تستهدف توفير الدعم المالى اللازم لاستمرار تشغيل الآليات السياسية والعسكرية والإعلامية للأحزاب والحركات والتنظيمات العربية والإسلامية الدائرة في فلكها، ولهذا الجانب وسائل متعددة، منها الدعم المباشر بالمال، عبر إرساله إلى المسئولين عن هذه الأحزاب والحركات في شكل ميزانيات شهرية، تقدر بـ١٥٠ مليون دولار شهريا بالنسبة لحزب الله، و٢٠ مليون دولار شهريا بالنسبة لحماس.
ومن الوسائل الأخرى المستخدمة في خدمة مشروع تصدير الثورة، دعم المؤسسات والشركات الاقتصادية التي تنشئها التنظيمات الموالية لإيران داخل وخارج بلدانها، وفى أحيان أخرى تنشئ إيران مؤسسات اقتصادية تابعة لها مباشرة داخل البلدان العربية والإسلامية، يديرها أتباع إيران في الداخل، وهم في ذلك يؤسسون لتجارة تقوم على هدف خدمة المذهب الشيعى وتوفير الأموال للمنضمين لهذا المذهب من أبناء البلد المستهدف. هذا إلى جانب وسيلة أخرى تمثل فيما يطلق عليه «السياحة الدينية الشيعية» - والتي اخترقت البلدان العربية مؤخرا - وتحاول اختراق دول أخرى بحجة زيارة الآثار والمقابر الشيعية، والتبرك بمقامات أهل البيت، ويصرف الإيرانيون على زياراتهم لهذه الأماكن ملايين الدولارات يكسبون من خلالها صداقات ومعارف الكثيرين من أبناء البلد المستهدف.
الخطط الإيرانية لم تتوقف، وفى الحلقات القادمة نكشف المزيد عن خطة اختراق دول الخليج، وخطط حرب حتى النصر، وقصة الجنرال الغامض قاسم سليمانى.. فإلى الحلقات القادمة.