الثلاثاء 07 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

أكتوبر العظيم "1"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أعترف أنى أكثر الناس حظا حين كلفتنى الإذاعة المصرية فى عام ١٩٩٢ بكتابة مسلسل درامى عن حرب أكتوبر بعنوان «أبطال من بلدى»، وذهبت إلى إدارة الشئون المعنوية بخطاب ممهور بتوقيع الراحل حلمى البلك، رئيس الإذاعة، آنذاك، وبصحبتى المخرج القدير محمد مشعل، وهناك وجدت نفسى كمن وقع على منجم من الذهب، لاسيما بعدما التقيت ضباطاً شرفاء يحبون تراب هذا الوطن ويتمنون الشهادة لأجله، واغترفت كثيراً من هذا المنجم بغية أن أسد عطشى لإدراك معنى أكتوبر، وبالفعل عرفت ما لم أكن أعرفه عن هذه الحرب الخالدة، وازددت معرفة حين التقيت برجال المخابرات الحربية الذين قدموا لى الكثير من قصص الأبطال والشهداء، وتكرر ذهابى إلى المكانين خاصة بعدما عهد لى البرنامج العام أمر مسلسل أكتوبر من كل عام، فرحت اغترف أكثر وأكثر من هذا المنجم الذى لا ينضب، والتقيت أصحاب البطولات وبعض القادة الذين شاركوا فى ملحمة النصر، واستطعت أن أسجل معهم أشرطة كاسيت مازلت أحتفظ بها فى مكتبتى وأعود إليها بين الحين والآخر، وتمكنت خلال ما يقرب من عشر سنوات من جمع معلومات تكفى لكتابة مائة فيلم سينمائى وعشرات المسلسلات والسهرات والروايات، وبالفعل قمت بكتابة العديد من الأعمال الإذاعية التى تجسد بطولات حرب أكتوبر، وأثناء تواجدى الدائم طوال هذه السنوات مع ضباط وقادة الشئون المعنوية عكفت على كتابة فيلم سينمائى كبير لتخليد هذا الحدث التاريخى الفريد، لكنه ولظروف إنتاجية لم يدركه النور بعد، وخصص لى اللواء عادل مسعود من وقته ساعات طويلة يشرح لى فيها تفاصيل المعركة، والحق أن أول سؤال يرنو إلى ذهنى دائماً حين أتحدث عن النصر، هو ماذا لو أن ٦٧ كانت هى آخر الحروب؟ هل كان بوسعنا أن نرفع رؤوسنا ونستشعر كرامتنا؟ وهل كنا سنصل إلى هذه النتيجة التى أعادت سيناء إلينا وأصبحنا نرتاد رأس سدر وسانت كاترين وشرم الشيخ ورأس محمد ودهب أم أن الوضع كان سيبقى على ما هو عليه عقب نكسة يونيو؟ وكنا الآن لم نزل ننتظر المبادرات الأمريكية لحل الأزمة وننتظر قرارات مجلس الأمن بمد وقت إطلاق النار، وليس لأحد أن يتحدث عن الديمقراطية أو انتخابات أو حرية، فنحن جميعاً أسرى للمعركة القادمة بما فى ذلك ميزانية الدولة التي سيذهب النصيب الأكبر منها لتجهيز الجيش، لكن أكتوبر العظيم فتح أبواباً جديدة للتاريخ وغير خارطة حاضرنا ومستقبل أولادنا، أقول هذا لهؤلاء السفلة الذين يشككون فى نصر أكتوبر، ومن بينهم تلك الهاربة التى تنعق عبر وسائل التواصل الاجتماعى بما لا يليق عن جيش مصر، وتصف رجاله بالعسكر الذين هم من خير أجناد الأرض والذين نعيش الآن بفضلهم فى دولة متماسكة لها هيبتها بين الأمم، وإذا أردنا الحديث تفصيلاً عن حرب أكتوبر من خلال ما جمعته من مادة مازالت تحت يدى فإننا يجب أن نبدأ من يونيو ٦٧ حيث بدأ الاستعداد للمعركة من ذلك اليوم الذى أدركنا فيه أننا نواجه نكسة خطيرة، وأن جيشنا لم يهزم لأنه لم يدخل المعركة أساسا، وإنما تم الغدر به فى صباح ٥ يونيو.. وكان لزاما على القيادة السياسية أن تعترف بهذه النكسة للشعب المصرى وأن تتحمل مسئوليتها التاريخية أمامه.. وللحديث بقية..