الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"المنصة".. الفيلم الممنوع عن اغتيال "السادات"

بشير الديك كتبه منذ 20 عامًا

 الرئيس السادات
الرئيس السادات
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
منذ أكثر من عشرين عاما كتب السيناريست الكبير بشير الديك سيناريو لفيلم يحمل اسم «المنصة»، لكن العمل لم يخرج إلى النور، رغم إشادة على أبو شادى، رئيس الرقابة على المصنفات وقتها، ليتحول السيناريو إلى كتاب يحمل نفس الاسم، ويضم بين جنباته تفاصيل مؤرخة لحكاية حاكم قتل على يد أحد جنوده، السيناريست الكبير بشير الديك أكد أن الهدف من كتابة العمل وقتها كان الإجابة عن سؤال واحد، وهو كيف تم اغتيال الرئيس السادات؟
ذلك التوجه الأساسى فى السيناريو على حد قول بشير «كانت له مبررات رصدها فى فكرة الكتابة من تلك الزاوية تحديدا، أولها خاصة بالحدث نفسه، فلم يحدث فى تاريخ الشعب المصرى بالكامل أن قام أحد الجنود بقتل الحاكم وصاحب القرار!! خاصة أن الحاكم المصرى له منزلة خاصة لدى جنوده، وبالطبع يتضمن العمل أيضا كيف تم هذا الاغتيال؟ أما الأمر الثانى الذى دفع الديك إلى كتابة سيناريو المنصة فهو رغبته فى تقديم الواقع الحقيقى للشعب المصرى فى تلك الفترة بشكل غير مباشر، مدعوما بفعل شديد القوة، وهو قتل الزعيم المفدى الذى حقق النصر وأصدر قرار العبور، وإن كان قد تأخر فيه بضع سنين وصفها بسنوات الضباب، لكنه أصدر القرار فى النهاية بعبور الجيش المصرى وحقق انتصارا كنا ننتظره طويلا وفى نهاية المطاف تم اغتياله». 
ويضيف الديك: «المدهش رغم ذلك أن إذاعة الـ«بى بى سى» فى تلك الفترة قامت بإنتاج فيلم يحمل اسم «لماذا القاهرة هادئة»، ويقصد «وقت اغتيال السادات»، قبلها بأكثر من سنة قامت نفس الإذاعة بإنتاج فيلم يحمل اسم «ناصر»، وكانت تتكلم عن جنازته على اعتبار أنها حدث لم يحدث من قبل فى التاريخ الإنسانى بالكامل، حيث إن خروج عدد كبير ومهول من البشر كى يودع رئيسا قد مات ليس بيده أن يفعل أى شيء لهم ظاهرة غريبة، فى حين أنه وقت جنازة السادات طرحت الإذاعة تساؤلا عبر الفيلم «لماذا القاهرة هادئة إلى هذا الحد»؟ حيث لم يحضر جنازة الرئيس سوى بعض الزعماء، ومنهم رئيسا إسرائيل وأمريكا فقط، وهذا ما كان يعمل من أجله السادات، أما البشر الذين خرجوا فى جنازة عبد الناصر فهم من كانوا يعمل من أجلهم عبد الناصر، وهذا هو الفارق النوعى بين رئيس ورئيس، والنتيجة واضحة بيننا، شاهدناها وعشناها، وهذا ليس مجرد رأى، بل هو واقع حقيقى عاشته مصر بالكامل، وهذا هو الموقف الذى انطلقت منه فى السيناريو حتى أقدم هذا الفيلم، وبالتالى فقد قمت بجمع عدد هائل من المعلومات والوثائق والكتب التى كتبت عن تفاصيل الاغتيال وغيرها، وهناك سرد فى الكتاب الذى جمع السيناريو بين ضلوعه بعد أن تعطل، يحمل كل كتاب استعنت به فى كتابة الفيلم، وبعد أن خرج الكتاب للنور تم عرضه على الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، وكان برفقتى وقتها المخرج منير راضى، والكاتب الصحفى عادل حمودة، وقال هيكل وقتها: «أنا مندهش لأن السيناريو يحمل قدرا كبيرا من الموضوعية لأننا لم نغمط أحدا حقه» وأنا كنت سعيدا برأى هيكل لأنى اعتبره الأستاذ».
ويستطرد الديك: «بعد أن انتهيت من كتابة السيناريو لم يتم رفضه من قبل الرقابة على المصنفات الفنية التى كان يشغل رئاستها وقتها على أبو شادى الذى أشاد بالفيلم بعد قراءته للسيناريو، وإنما تم رفضه من قبل جهات سيادية لا نستطيع أن نتحدث عنها أو معها، حتى إننا لم يجبنا أحد أو يطلب مناقشتنا فى العمل، رغم أننا كان بالإمكان أن نتناقش ويحدث تفاهم وتقريب فى وجهات النظر، لكن لم «يعبرنا» أحد نهائيا رغم أننا قدمنا السيناريو أربع مرات فى السنوات الماضية، والتى انقضى منها أكثر من ٢٠ سنة حتى الآن». 
وأضاف بشير، «كان بالإمكان أن نعيد وجهة النظر فى الكتابة لكن شيئا من ذلك لم يحدث بالمرة». 
وعن رأيه فى فيلم «أيام السادات» الذى تم عرضه بعد ذلك قال الديك:
«كان لى رأى خاص فى فيلم «أيام السادات» قلته وقتها، وكان سببا لزعل أحمد زكى منى وقتها، حيث وصفت الفيلم بأنه عبارة عن جريدة ناطقة فقط وليس فيلما، أحمد زكى قلد السادات لأنه شخص يجيد التقليد، لكنه قدم ناصر بروحه، ولذلك خرج فيلم «أيام السادات» بدون أن يزعل منه أحد ولا يمدح فيه أحد». 
المعروف عن بشير الديك أنه كان رافضا لسياسات وقرارات السادات، ومن الممكن أن يكون سيناريو العمل يحمل قدرا من التحامل على السادات، خاصة أنه استعان أيضا برأى محمد حسنين هيكل، وهو ضد السادات أيضا، وعن ذلك برر الديك ما جاء فى السيناريو بأنه انطلق من كتب 
الإرهابيين ومحامين لهم وليس من رأيه الخاص بالرئيس السادات، قال الديك: كان نفسى أتكلم عن الانهيار العظيم الذى حدث فى مصر بعد ١٩٧٤ مباشرة، مازلنا نعانى منه حتى الآن عندما تباع الأرض وتجرف وتحول القيم إلى لا شىء وقتها صرخنا كمثقفين، وعلى رأسنا نجيب محفوظ الذى قدم وقتها «الكرنك» وغيرها من الأعمال التى شرحت بشكل مبسط الوضع الذى عشناه وقتها، وقلنا إن القيم الإنتاجية بالكامل تم ضربها، وأن البلد فى مرحلة انهيار اقتصادى، والقيم الاستهلاكية تعلو وهناك محاولة لمحو القطاع العام. 
ويضيف: «حاولت من خلال العمل تقديم محاكمة لعصر السادات، كما اراه، هذا العصر عصرنا وبلدنا، ومن حقنا أن نشعر بها كما نراها من خلال تحليلات، المطلوب نناقش التحليلات هل حدثت أم لا؟ هل لم يحدث انفتاح اقتصادى وصفه أحمد بهاء الدين وقتها بالانفتاح السبهللى، أعتقد أن بهاء الدين لم يختلف معه أحد، وكل الحاجات معروفة، وأنا جمعتها وقلت لماذا قتل السادات فى تلك الفترة، حيث وصلت ظاهرته من وجهة نظر قاتليه إلى منتهاها، كما وصلت ظاهرة مبارك إلى منتهاها فقمنا بالثورة.
وكلنا كنا مع الثورة إحنا تكلمنا عن مجتمع وظواهر اجتماعية وتطور اجتماعى ودولة كانت ناهضة، وكانت تبحث عن تطوير ونمو، وتبحث عن اكتفاء ذاتى واستقلال سياسى واقتصادى، لكن السادات وعد أن يسير على خطى عبد الناصر، ولكنه لم يفعل ذلك بل مشى عكس اتجاهه».
وينهى الديك كلامه «أنه فى حال أعاد النظر فى السيناريو وإمكانية إنتاجه كعمل فإنه سيعيد كتابته مرة أخرى حتى يخرج بأفضل شكل ممكن».