الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

يا بخت مَن بكّاني

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
اتهمنى زميل بكراهية الرئيس وعدم حبى لمصر، لمجرد أنى كتبت مطالبا إياه بإصدار بيان، يعزى فيه أهالى ضحايا حادث التدافع بمنى أثناء موسم الحج، اتهمنى الرجل وكأن مصر بملايينها الـ٩٠، بمن فيهم جيشها قد اختصرت فى شخص السيد الرئيس، وكأن أى نقد نوجهه للسياسة التى ينتهجها الرئيس تصب فى شخصه الكريم، وهو أو أى إنسان فوق الرأس، ما لم يفعل ما يتناقض مع هذه المنزلة، والرجل حتى هذه اللحظة لم يفعل ما يمكن أن يجعلنا ننزعها عنه أو حتى يفعل عكسها فننزله منزلة أخرى، هو بحسب الأدبيات السياسية يجتهد، وكذلك نحن نجتهد فى كشف ما يمكن أن تخفيه عنه التقارير المرفوعة إليه، أو حتى لا يعلمه رافعوها إليه، وهنا أؤكد أنى سأظل أردد أن المعارضة القوية الوطنية تنتج نظاما، هو أقوى من كل الأنظمة الأمنية أو المخابراتية.
أنا أؤيد مصر وشعبها أولا، ثم بعد ذلك يأتى أى رئيس، سواء كنت مؤيدا له أم هتفت يسقط كما سقط من قبله، فالناس يا زميلى هم الأولى برعايتنا.. أولا.. إذا كنا كما يقال عنا ضميرًا للأمة، ثم يأتى دور الرئيس، الذى إذا قرأ عرِف وإذا عرِف صار مكلفا بإزالة آلامهم، وزيادة أفراحهم والعمل جاهدا على نزع أتراحهم من جذورها، هكذا أحِب الرئيس أى رئيس، على ذات طريقة المثل الشعبى القائل: «يا بخت من بكانى وبكى عليّ، لا من أضحكنى ثم أضحك الناس عليّ».
الحب ليس كلمة فارغة تقال فى كل وقت وفى أى مكان، الحب فى نظرى رؤية للقادم الأحلى برفقة الحبيب، فما بالك والحبيب هو رئيس الجمهورية، الذى إذا أحببته بصّرته بالحق لا بالباطل كما يفعل البعض، بحثا عن مصالح وقتية أو عن انتقام أو تخليص حقوق، هى فى الأساس باطل لا لبس فيه.
الحُب كما أعرفه بحث عما يجعل الحبيب فوق كل البشر، سواء بتحرى دقة وصف جماله وطلاوة حديثه، لا بنفاقه وتجميل كل سيئ يفعله على طريقة «مراية الحب عمياء»، فما يسعى البعض لإلصاقه بأناس غيرهم، تقربا وتزلفا للرئيس ليس سوى توريط للرجل، وتعجيل بكراهية الناس الذين طالبوا به ثم انتخبوه رئيسا، وهو حب على طريقة « الدبة اللى قتلت صاحبها».
لذا أقول: أحبوا الرئيس فقط بتبصيره بما غُم عليه فى الشارع، انقلوا إليه نبض الناس بصدق وشفافية، تلك الكلمة التى فقدت معناها من كثرة ما قيلت فى غير موضع، أحبوه بصدق أيها المحبون زيفا وبهتانا، فحب الرئيس لا يجب أن يكون لأنكم تكرهون أعداءه فقط، لكن لأنكم تحبون من انتخبه من البسطاء ورقصوا فرحا بتوليه السلطة، هؤلاء هم الطريق الوحيد لحب الرئيس، هؤلاء هم مسوغ تعيينكم كمحبين لا للرئيس فحسب لكن للحب ذاته، أحبوا يحبكم الحب.. لا تحبوا لأنكم تكرهون، فالحب الناتج عن الكراهية، لا ينتج سوى كائن مشوه، لا يستطيع كائنا من كان أن يستوعب رؤيته أو يتحملها.
هكذا قلت للزميل المتوهج حبا للرئيس، وهو حر فى ذلك، لكنى أحب من يحب بطريقتى، بالرؤية التى تحمى الحبيب من التحول إلى نصف إله يعبد فى الأرض، فيصبح منزها بالباطل عن كل خطأ، فإن شعر واستمتع بشعور الآلهة صارت يده تبطش فى المحبين قبل الكارهين، أحب بالطريقة التى تجعل الرئيس دائما مشغولا بمسئوليته التاريخية، عن عصره وما يحدث فيه، يرى من خلال أحاسيس الشارع ومن فيه، فيصبح إحساسه أكثر شعبية منهم، ومن ثم يتحول عصره إلى الباب الواسع فى كتاب التاريخ، ينام وهو مطمئن فقد عدل مع الناس، كما عدل عمر بن الخطاب، ووزع خيرات البلاد عليهم، كما فعل الحفيد عمر بن عبد العزيز، واستمد قوته منهم، فصار كسيف خالد بن الوليد، مع الحق وللحق ظهيرًا.
ينام الرئيس أى رئيس مطمئنا إذا رسخت قوانينه فى قلوب الناس جميعا، بعد أن ساوت بينهم، فلا فرق بين غنى منهم أو فقير، انحيازه الدائم للحق هو المسوغ الأصلى للحب، لكن هذا الحق يجب أن يكون فى الله لا فى الشيطان، وما أكثر نوابه فى هذا الزمان، وعلى الرئيس أن يحذرهم، فجنته فى البعد عنهم وناره فى الارتماء فى أحضانهم.