رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

روح أكتوبر والعبور للمستقبل

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بدأت الخطوات الحثيثة تمضى فى اتجاه إنجاز الاستحقاق الثالث لثورة الثلاثين من يونيه، وهو إجراء الانتخابات البرلمانية، وفى غضون ذلك تواكب معها الاحتفال بمرور ٤٢ سنة على حرب أكتوبر التى حقق المصريون فيها انتصارا عسكريا غير الكثير من المفاهيم السائدة فى ذلك الوقت، وقلب التوازنات التى كانت تميل لصالح إسرائيل بعد هزيمة يونيه عام ١٩٦٧ وتلاحقنى ذكريات أكتوبر ويسارع العقل إلى الربط بين ما نحن فيه وكنا فيه حتى تحقق النصر، ليبرز سؤال عريض هل نحن فى حاجة إلى عبور جديد؟
نقول نجح الجندى المصرى فى أن يسترد زمام المبادرة ويثبت أكذوبة أسطورة جيش إسرائيل الذى لا يقهر بل ويؤكد أن جزءا ليس قليلا من الدعاية المعادية، قد استند إلى غير الحقيقة، وهو ما كان موجها إلى العمق المصرى أكثر من جبهة القتال للنيل من معنويات المواطن البسيط.
إن حرب أكتوبر قد أعادت للشخصية المصرية زخمها وقدرتها على الإنجاز وتراجع إلى حد كبير قبل عام ١٩٧٣ خاصة بعد رحيل جمال عبد الناصر، لكن المعجزة من وجهة نظرى كانت تحويل الهزيمة إلى قدرة على إزالة آثار العدوان وإعادة بناء الجيش من جديد، وشارك المصريون جميعهم فى تحمل عبء الهزيمة النفسى والمادى حتى تم الانتقال عام ٦٨ إلى مرحلة الاستعداد لتحرير الأرض، وعندما تم التهجير الكامل لمدن القناة الثلاث عام ٦٩ كان هذا مؤشرا لمرحلة أخرى جديدة على طريق معركة الثأر ولكن رحيل جمال عبد الناصر فى ٢٨ سبتمبر ١٩٧٠ كان هزة قوية واختبارا صعبا للشعب المصرى الذى أثبت مدى تحديه للواقع الجديد بدون عبد الناصر.
وفى الفترة من عام ٧٠ إلى عام ٧٣ استطاع الرئيس أنور السادات أن يكمل مسيرة بناء قوة مصر العسكرية، ويعد لخطة نجح فى التمويه والخداع لإخفائها ثم يتخذ فى السادس من أكتوبر قرارا انتظره المصريون بفارغ الصبر بعبور أكبر مانع مائى فى التاريخ، وتدمير خط بارليف على الضفة الشرقية لقناة السويس الذى كم أشادت به العسكرية الإسرائيلية وضخمت منه فى محاولة لإرهاب المصريين. هكذا نجد أن الانتصار فى حرب أكتوبر فتح صفحة جديدة فى حياة الشعب المصرى، وجدناها فى الشارع المصرى تتسم بالقدرة على التحدى وتجسد ملامح الطابع القومى الحقيقى للمواطن عندما انتقل من روح الهزيمة إلى روح النصر وقد انعكس هذا بالإيجاب على الشخصية المصرية.
ويتفق علماء السياسة والاجتماع على أن حرب أكتوبر قد ساعدت المصريين على استرداد هويتهم التى فى حقيقة الأمر لم تفقد، ولكنها تعرضت لنوع من الضبابية الاجتماعية والسياسية نتيجة ضغوط الفترة من ١٩٦٧ حتى ١٩٧٣.
وأتصور أن مصر بعد عام ٢٠١١ عانت من ضبابية جديدة نتيجة ما حدث من اختراق ثم اختطاف لثورة ٢٥ يناير، وهنا لحقت بالشخصية المصرية مؤثرات سلبية لم نعهدها من قبل فى الأداء السلوكى لقطاع كبير من الشعب المصرى، ما يؤكد أنها دخيلة على النسق القيمى للمجتمع المصرى ولكن بعد نحو ثلاثة أعوام عبر المصريون هذه الغمة والضبابية عندما قامت ثورة الـ ٣٠ من يونيه لتؤكد من جديد قدرة المصريين على استرداد الهوية، لكن المشكلة ودعونا نتحدث بصراحة أن عدونا فى ٧٣ كان محددا وواضحا، أما أعداؤنا اليوم فهم كثر ومتلونون وغير واضحين، ومن هنا تصبح المشكلة أعقد نسبيا خاصة إذا أضفنا لصورة الواقع تحديات أخرى مثل الفساد والتخلف بثالوثه الشهير الفقر والجهل والمرض، والفارق بين مصر ١٩٧٣ ومصر اليوم أن الخطر كان فى الأولى من الخارج وفى الثانية الخطر من الداخل والخارج فى ٧٣ كنا شعبا واحدا وأمة واحدة، فحققنا الانتصار وفى عام ٢٠١٣ كنا شعبا مازال يبحث عن ذاته ولا مخرج من ذلك إلا باستعادة هيبة الدولة المصرية، وتبنى قيام دولة المؤسسات وأعتقد أنه قد آن الأوان للوصول إلى لحظة تصبح مصر فيها وطنا للجميع ما يجعلنا فى حاجة ماسة لروح أكتوبر من جديد، وأى متطلع للمستقبل لابد أن يسعى إلى هذه الروح لمواجهة كل التحديات الداخلية والخارجية، فهل لدينا القدرة على العبور من جديد؟!