الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

التدخل العسكري الروسي في سوريا والمخطط الأمريكي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
جاءت كلمات رؤساء وزعماء الدول أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الاثنين ٢٨ /٩ /٢٠١٥ تعبيرا عن موقف كل دولة بشأن الصراع فى منطقة الشرق الأوسط، خاصة الصراع فى سوريا. فمنذ أن أطلق فلاديمير بوتين حملته العسكرية على تنظيم داعش فى سوريا التى حدد فيها أن أولوية المهام فى سوريا هى القضاء على التنظيمات الإرهابية.
وأن روسيا ستدعم نظام بشار الأسد فى مواجهة التنظيمات الجهادية، وعلى رأسها تنظيم الدولة الإسلامية. وفى كلمته التى ألقاها أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة أكد السيد بوتين أنه لا بديل عن دعم جيش الرئيس السورى بشار الأسد لمواجهة الإرهاب فى منطقة الشرق الأوسط؛ بينما اتهم الغرب بتغذية العنف عبر توظيف مطالب الحرية فى تدمير الدول، وفرض الوصايا عليها.
وأضاف بوتين أن بلاده تقدم الدعم الفنى لسوريا والعراق لمواجهة كافة الحركات الانتقالية، ورأى أن من الخطأ عدم دعم الجيش السورى الذى (يحتاج الشجاعة لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية)، نافيا أن يكون تحرك روسيا يجيء من منطلق طموحها لتعزيز وجودها فى المنطقة. 
وقال إن البعض تسيطر عليه مشاعر الحرب الباردة بينما موضوع مواجهة الإرهاب لا ينبغى ربطه بطموحات دولة معينة.
ودعا بوتين لإيجاد تحالف حقيقى لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية يضم مختلف الأطراف المستعدة على غرار ما حصل إزاء أيام النازية، وطالب القيادات الدينية الإسلامية بالبحث عن نبذ العنف والتقاتل، ورفض منهج الإرهابيين الذين يسيئون لرسالة الإسلام وقيمه. وأكد أن روسيا التى ترأس حاليا مركز الأمن ستعقد مع الأيام اجتماعا وزاريا لتحليل المخاطر فى الشرق الأوسط.
وقد اتهم بوتين الولايات المتحدة ودول الغرب بتغذية الإرهاب والعمل على خلق ظروف تؤدى للعبث بأمن الشعوب واستقرارها، ودلل على وجهة نظره بالقول بأن العديد من عناصر تنظيم الدولة الإسلامية جنود سارقون للجيش العراقى الذى حلته أمريكا عقب غزوها للبلاد عام ٢٠٠٣، وقال إن المعارضة السورية التى يسميها الغرب بالمعتدلة تقف بجانب المسلحين الإسلاميين، فى إشارة إلى تسليم ٥٠ مقاتلا من الذين دربتهم أمريكا أسلحتهم لجبهة النصرة.
وحذر بوتين من تسليح الإرهابيين خلال منظور قد يؤدى لاندلاع النار، وأن تنظيم الدولة الإسلامية يجمع أجانب من مختلف الدول، من بينهم روس يمكن عودتهم لبلادهم لنشر الفوضى.
وانتقد بوتين بشدة تناقضات وعدم فاعلية الأمم المتحدة وحرص بعض القوى على فرض قراراتها وخياراتها على الشعوب.
بينما جاءت كلمة الرئيس بارك أوباما لتؤكد استعداد بلاده للتعاون مع أى دولة بما فيها إيران وروسيا من أجل حل الأزمة السورية، غير أنه شدد على أن المرحلة الانتقالية فى سوريا يجب ألا تتضمن بشار الأسد الذى وصفه بالطاغية، ورفض أوباما فكرة أن اللجوء للتعامل مع الأسد أفضل من القبول ببديل إرهابى.
ولكنه أكد العزم على استخدام القوة العسكرية فى إنهاء تنظيم داعش وهكذا، وقد أصبحت الساحة السورية مسرحا لتقاطع المصالح بين الدول الإقليمية مع الدول الأخرى. وقد دعا بوتين إلى مشاورات عاجلة مع الدول التى تحارب تنظيم الدولة الإسلامية (إيران والسعودية والعراق ومصر وروسيا) فى تكوين جبهة واحدة.
بينما ما زالت أمريكا تضع آمالا كبيرة على الجانب التركى والقطرى، ثم يظل الطرف الإسرائيلى فى الجنوب. لا شك أن التدخل العسكرى الروسى سيفرض واقعا جديدا من التعاون الإقليمى، فالعراق الذى فقدت٣٠٪ من أراضيها  لصالح داعش سيصبح نقطة انطلاق الحملات العسكرية الجوية، إضافة إلى الدعم المخابراتى، ومع تحول سماء سوريا إلى مجال لشن الهجمات الجوية سواء من قبل دول التحالف بقيادة أمريكا أو بالقصف الروسى.
لابد أن يكون هناك تنسيق على درجة عالية من الدقة لتفادى الكوارث التى قد تنجم عن أخطاء القصف الجوى، ما سينطبق على تحديد الأهداف المطلوب قصفها على الأرض (معسكرات تدريب مخازن أسلحة حصون.... الخ).
إذن ستشهد المرحلة القادمة تعاونا إجباريا بين الجانبين الروسى والأمريكى، وحتما ستتراجع فكرة المنطقة العازلة التى طالما طالبت بها تركيا كشرط أساسى لمواجهة داعش، حيث إن المستفيد الأول من المنطقة العازلة هو جبهة النصرة التى تمددت نفوذها فى المنطقة، فاستطاعت أن تستولى على الأسلحة التى قدمتها أمريكا لما يعرف بالجيش السورى الحر.
إن غياب ضمير المجتمع الدولى سيدفع روسيا للقتال بشراسة إلى جانب بشار الأسد، ولن يخجل بوتين من مساندة نظام ارتكب أبشع الجرائم ضد شعبه. وفى نفس الوقت فإن قوات التحالف تحت القيادة الأمريكية لم ولن تستطع حسم المعارك لأى طرف من الأطراف، بل على العكس من ذلك، ظلت تحافظ على التوازن بين الأطراف تحت صيغة «لا غالب ولا مغلوب فى هذه الحرب»، لتدفع سوريا فى اتجاه التقسيم عاجلا أم أجلا.
فهل يستطيع الدب الروسى مع حلفائه الإيرانيين إفساد المخططات الأمريكية والخروج بحل سياسى فى سوريا أمام العالم يضمن الحفاظ على بشار الأسد فى الحكم، ويضمن لروسيا البقاء فى منطقة المستقبل القريب.