الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

المجاري التي طفحت على إعلام مصر

مجدي الدقاق
مجدي الدقاق
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تابعت بابتسامة ساخرة هذا الصعود الصاروخي، للناشط ، والخبير ، والمحلل ، الاقتصادي الذي أصبح بعد مؤامرة يناير والذي يصفها الوعي الجمعي للشعب المصري بوكسة يناير ، ملء السمع والبصر، حاضرا في كل القنوات ، متحدثا في كل شيء في البورصة وميزان المدفوعات والعلاقات الدولية ، وحتى الاقتصاد المنزلي !
وزادت ابتسامتي الساخرة اتساعا عندما قرأت بعض الأنباء التي تتحدث عن القبض أو استدعاء هذا الخبير المدعو ( الدكتور ) صلاح جودة للتحقيق معه في عدة تهم تتعلق بالنصب والتزوير وانتحال ألقاب غير صحيحة تعرضه للمساءلة القانونية ، ولم أندهش من الانباء الجديدة حول الرجل الناشط جدا ، باعتبار ذلك هو التطور الطبيعي والحتمي لهؤلاء الذين ظهروا فجأة في سماء الحياة العامة ، سواء هبوطا بالمظلات ، أو معلبين سابقي التجهيز !!
والحق يقال ان السيد الخبير الإقتصادي ، صناعة محلية ، فشل في إدخال أي مكون أوروبي أو أجنبي في صناعة نفسه ، وان كان قد نجح بعض الشيء في تبادل المنافع والتمويل البحثي مع عدة مصانع خليجية .
للخبير الاقتصادي الذي كان مجهولا ، قصة معي أنا شخصيا ، كانت مفتاح كشفه مبكرا على الاقل بالنسبة لي، سأرويها لكم .
أثناء رئاستي لتحرير مجلة اكتوبر عام 2009 ، اتصل بي رئيس مجلس إدارة دار المعارف ومجلة اكتوبر الزميل الاستاذ / إسماعيل منتصر ، وأبلغني أن لديه عرضًا من احد المراكز الاقتصادية لشراء صفحات من المجلة مقابل مبلغ مالي كبير كل شهر ، ولا يستطيع الموافقة عليه الا بعد موافقة رئيس التحرير الذي لا يمكن نشر أي صفحات الا بموافقته ، وان الرجل ( الدكتور ) سيأتي غدا ، وعلينا مقابلته والاتفاق معه علي ذلك ، قابلت الرجل في الموعد بمكتب رئيس مجلس الادارة وناقشت الامر معة ورفضت فكرة ( تأجير ) أو ( بيع ) صفحات من المجلة ، واشترطت ان أراجع كل موضوع وكل كلمة ، واعتبار ذلك موضوعات إعلانية ، يتم الاتفاق عليها مع ادارة الإعلانات ، وتخضع ايضا لمراقبتي كمسئول عن التحرير ، وحقي في رفض أيه صفحات ، لا تتفق مع سياسة المجلة ، الغريب ان الدكتور ، وافق على كل طلباتي ، وكان همه ان يضع اسمه على صفحتين أسبوعيا في مجلة اكتوبر ، واتفقنا علي ان نتقابل جميعا بالعقود في اليوم التالي ، ولم تمر ساعات إلا وجاءني اتصال هاتفي من مسئول كبير في جهاز أمن الدولة ، حذرني فيه من التعامل مع الرجل ، وأوضح لي انه سبق اتهامه بعدة قضايا نصب ، وأنه متابع من عدة جهات أمنية لاتصاله بجهات خليجية غير رسمية تحوم حولها العديد من الشبهات ، أبلغت الاستاذ إسماعيل بالمكالمة ، وأوقفنا فورا التعامل معه ، ولم يتم بالطبع اللقاء ولا الاتفاق ، وابلغت كافة الزملاء في المجلة اثناء اجتماع التحرير الاسبوعي ، بعدم التعامل معه ، وعدم اعتباره مصدرا من المصادر علي صفحات المجلة ، لم يظهر ( الدكتور ) مطلقا ، إلا بعد أحداث يناير بوصفه ناشطا ، وثوريا ، وخبيرا اقتصاديا ، ومرشحا للوزارة ، ومنذ عام ، أعلن مكتب المجموعة الاوروبية في القاهرة ان صلاح جودة ينتحل صفة خبير ومستشار المجموعة الاوروبية في مصر ، وطالب وسائل الاعلام تحري الدقة في وصفه بذلك وأنه لا يمثل اي جهة من منظمات المجموعة الاوروبية في مصر كلها .
الدكتور ، الذي لا يُعرف كيف ظفر بهذا اللقب مثله مثل العشرات الذين أوهمونا وأشاعوا أنهم يحملون درجة الدكتوراه ، هو موظف ضرائب مفصول ، تم الحكم عليه وسجنه في أوائل عام 2000 ، وأسس مركزا للدراسات الاقتصادية ، اتخذه مقرا لتحركاته الاعلامية وتحليلاته النووية ، وثوريته التي أوهمته بأنه يمكن ان يكون وزيرا !!
الطريف أن الناشط طوال خمس سنوات من العواء الاعلامي ، ظل يتحدث عن الثورة وإسقاط الفساد وتجريف الكوادر ، فزاد يقيني ان عواء النشطاء واحد ، مع اختلاف درجات الصراخ وفقا لامتدادات مجاري الصرف المالي !