الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

حرب الاستعراض النفسي بين ريهام سعيد ويسري فودة

المتعالى الذى لا يرى إلا نفسه يواجه الهستيرية التى لا تسمع إلا صوتها

 ريهام سعيد و يسرى
ريهام سعيد و يسرى فودة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كان يمكننى أن أعبر الأزمة الهزيلة والمصطنعة التى يقف على طرفيها ريهام سعيد مقدمة برنامج «صبايا الخير» على تليفزيون «النهار»، ويسرى فودة المذيع الذى كانت آخر محطاته قناة «أون تى فى»، لكننى وبعد تأمل تفاصيل ما جرى، تأكد لى أننا لسنا بصدد أزمة إعلامية عابرة، لكننا أمام أزمة نفسية، تجلت فيها سمات ريهام ويسرى بوضوح.
لن أتجاوز الموضوعى إلى الشخصى فى هذه الأزمة، إلا بالقدر الذى يجعلنا نفهم حقيقة ما يجرى، خصوصا أن التلاسن الذى جرى بين يسرى وريهام كشف عورات عديدة فى الوسط الإعلامى، لم تكن خافية على كثيرين ممن يتابعون كواليس العمل الإعلامى فى مصر، لكنهم يغضون الطرف عنها، ربما تخوفا من ألسنة إعلاميين يعتبرون أنفسهم فوق النقد والمحاسبة.
أغضبت ريهام سعيد كثيرين بحلقتها (٢٣ سبتمبر ٢٠١٥) التى وزعت فيها ملابس العيد على لاجئين سوريين فى لبنان بطريقة رأى البعض أنها مهينة لهم، فقد أرجعت تدافع اللاجئين على سيارة توزيع الملابس إلى الفقر الشديد الذى حل بشعب أضاع دولته.
قطع شياطين التواصل الاجتماعى الطريق على ريهام سعيد، شنوا عليها هجوما وصل إلى حد المطالبة بمنعها من الظهور على الشاشة، وجمعوا توقيعات لذلك، لكن الهجوم الذى أحدث دويا كان صاحبه المذيع يسرى فودة، الذى تخلى عن وقاره المصطنع، فشتم ريهام بشكل صريح وتجاوز فى حق «اللى شغلها وأسياد اللى شغلوها».

انتشى كارهو ريهام سعيد بما قاله يسرى، اعتبروه طرحها أرضا، انتقم للسوريين مما فعلته بهم، لكن السؤال الأهم بالنسبة لى كان: لماذا فعلها يسرى فودة؟ لماذا هاجم ريهام سعيد بهذه الطريقة؟
وهل غضب فعلا من أجل السوريين، أم أن هناك شيئا ما يخصه هو دفعه إلى أن يتخلى عن تعاليه المعروف عنه، وينزل ليواجه مذيعة وصفها هو بأنها «إحدى بالوعات الصرف الإعلامى»؟ وقد يكون السؤال الأكثر دقة هو: لماذا هاجمها هذه المرة بالذات؟
فعليا قدمت ريهام سعيد حلقات أكثر إثارة، ولها حلقات وجهت فيها إهانات إلى الشعب المصرى، ولم نسمع يسرى ولو مرة واحدة يعترض على حلقة من هذه الحلقات.
إن يسرى فودة مذيع محترف، يعرف كيف يستغل الموقف لصالحه، الحلقات المحلية لم تشغله، فلن يربح من وراء الهجوم عليها الكثير، لكن الإهانة هذه المرة موجهة إلى لاجئين سوريين، القضية دولية، فلماذا لا يظهر فى الصورة بقوة، ولماذا لا يظهر مدافعا عن هؤلاء الذين طردهم وطنهم، وأذلتهم ريهام سعيد؟... أغلب الظن أنه حسبها بدقة، فوجد أن الاشتباك مع ريهام على جثة اللاجئين السوريين سيضعه فى دائرة الضوء الذى انحسر عنه بعد خروجه من «أون تى فى»... خصوصا أنه لم يتركها بسبب موقف سياسى كما يصور، بل لأنه فقد كثيرا من تأثيره، ولم يكن نجما يسعى وراءه المشاهدون والمعلنون، ولم يكن نجيب ساويرس مخطئا عندما قال إن يسرى «دمه تقل».

كشفت هذه المعركة عن وجوه شبه كثيرة بين يسرى فودة وريهام سعيد، وقبل أن تتعجب مما ذهبت إليه، ليس عليك إلا أن تستمر معى قليلا فى القراءة.
قد يبدو يسرى فودة إعلاميا دوليا -وهو كذلك بالفعل- فى مقابل ريهام سعيد التى تبدو غارقة فى المحلية، وقد يكون واضحا للجميع أن ما يقدمه يسرى يختلف تماما عما تقدمه ريهام فى برنامجه، لكن الإنصاف يقتضى منا أن نقول إنهما يقدمان نفس الشىء، لكن كلٌّ بطريقته.

هل آن الأوان الاقتراب من شخصيتهما أكثر؟ أعتقد ذلك.
يسرى فودة يمثل إلى حد كبير الشخصية النرجسية، يحمل كثيرا من صفاتها، فهو كما هو واضح يحب نفسه بدرجة كبيرة، والمبالغة فى حب النفس يعنى اضطرابا فى الشخصية يقود صاحبها إلى الغرور والتعالى والشعور بالأهمية ومحاولة الكسب ولو على حساب الآخرين.
يعانى النرجسى أيضا من أنانية مفرطة، فهو عاشق لنفسه، يرى أنه الأجمل والأذكى والأقوى، وهو ما يستبيح من خلاله استغلال الصفة الأساسية فى الشخصية النرجسية، وهى الأنانية، فالنرجسى عاشق لنفسه، ويرى أنه الأجمل، ويرى الناس أقل منه جمالا، ولذلك فهو يُبيح لنفسه استغلال الناس والسخرية منهم، ويستفزه التجاهل من قبلهم جدا، ويغضب بشدة من النقد، ولا يريد أن يسمع إلا كلمات المديح والإعجاب، وهو ينتظر من الآخرين احتراما من نوع خاص لشخصه وأفكاره، ولا يتورع عن الاستفادة من مزايا الآخرين وظروفهم لتحقيق مصالحه الشخصية.
عندما نسقط هذه الصفات على واقع يسرى فودة، سنجد أنه عاشق لنفسه، لديه إحساس أنه أهم إعلامى فى مصر والشرق الأوسط، يعيش فى عالمه الخاص، الذى يظهر من خلاله علينا منظرا وناصحا، غير مهتم بالنقد، يعتبر من ينتقده تافها غير مدرك لأهميته الكونية، يعتبر زملاءه من الإعلاميين أقل مهنية وكفاءة وخبرة واحترافا.
كان يمكن ليسرى أن يصف ريهام سعيد بأى شىء، لكنه اختار الوصف المهين «بالوعة الصرف الصحى»، تعمد ذلك تماما، وعندما سخرت منه بأنه مجرد مدرس لغة عربية، رد عليها متعاليا ومستعرضا مهاراته اللغوية، ليشعرها أنها جاهلة، أو ليقول للناس إنها جاهلة بالفعل.
على الجانب الآخر يمكنك النظر إلى ريهام سعيد على أنها شخصية هستيرية، وأصحاب هذه الشخصية يبالغون فى إظهار عواطفهم والسعى المستمر للفت الانتباه، وقد تصدر منهم بعض التصرفات الاجتماعية غير المقبولة، وهم أكثر نشاطا اجتماعيا ووظيفيا، وقد يطلبون العلاج من الاكتئاب بعد انتهاء علاقاتهم الرومانسية، فهم عادة ما يفشلون فى حياتهم الشخصية، يميلون إلى تغيير وظائفهم، لأنهم يصابون بالملل بسهولة، ويميلون إلى الإثارة وقد يضعون أنفسهم فى مواقف خطرة، كما أن لديهم حساسية شديدة للنقد والمقاطعة.
ريهام فى مرآة التحليل النفسى تميل إلى لفت الانتباه، متعددة النشاط، مثيرة للمشاكل، تعتمد على شكلها الخارجى بدرجة كبيرة، مارست ريجيما قاسيا لتستمر فى عملها الإعلامى والفنى.
لن يكون مفيدا أن أتعرض لبعض الجوانب الشخصية فى حياة ريهام، فقد تعددت زيجاتها، وتعرضت لمحاولة اغتصاب تحدثت هى عنها، وقالت إنها خرجت منها أكثر قوة، لكن هذه الأحداث على أى حال لها دلالات تؤكد شخصيتها الهستيرية.
فى النهاية نحن أمام صراع سمته الأساسية الاستعراض، بين شخصية نرجسية وأخرى هستيرية، التفوق فيها ليس محسوما، فليسرى جمهوره الذى يقبل منه كل شىء، ولريهام جمهورها الذى يدعمها ويسخر من يسرى وطريقته فى الرد.
لقد حقق طرفا المعركة أهدافهما كاملة، مارس يسرى نرجسيته ومارست ريهام هستيريتها، ولن يكون أمامنا إلا انتظار معركة جديدة يستعرض طرفاها أمراضهما النفسية على الملأ.