الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

"واحنا مين يعزينا؟"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
جل أمنياتى أن أموت فى بيت الله الحرام، وغيرى كثيرون من المسلمين المؤمنين بأن المرء يبعث على الحالة التى مات عليها، لكن مع هذا أعلن أننى لن أسامح المتسبب فى عدم استكمال تمتعى فى الدنيا بالوجود فى هذه البقعة الشريفة، لا هو ولا من تسامح معه ولم يأخذ لى بحقى، وأنا هنا أتحدث عن أمنية مستقبلية مرتبطة بحاضر مؤلم، يشاركنى فيه كثير من الناس ممن ألتقيهم يوميا فى الشارع أو وسائل المواصلات، الذين بات الواحد فيهم يتمنى الخروج من مصر هربا من ضيق الحال والحياة فيها، حيث الموت المجانى فى كل شبر فيها، عطشا أو غرقا أو على الأسفلت، أو جوعا أو تسمما بالأكل من صفائح القمامة، ناهيك بمن يموتون كمدا من الغيظ الذى يسببه ارتفاع الأسعار، على الغلابة فقط دون كبار وعلية القوم، فما بالك بالموت الناتج عن أخطاء بشرية فى الداخل أو على الحدود فى البحر، وحتى فى البيت العتيق، كل ينتج الدموع التى تشتاق لمن يربت فوق كتفى صاحبها، فيحيل حزنه إلى شجن رقيق ثم إلى تعود ثم إلى اعتياد للحياة والعودة إليها من جديد.
كل شىء فى عصرنا هذا وفى العصور التى سبقته له ظلال، وكل ظل له جذر، وكل جذر يعود فى مجملة إلى مقولة عمر بن الخطاب رضى الله عنه «لو أن ناقة فى العراق عثرت لسئل عنها عمر فى المدينة».. هكذا كان عمر ومن سار على دربه من حكام لا نرى أيا منهم الآن، اللهم ماما أمريكا حينما تهب لنجدة أحد رعاياها ولو كان «شومان» فى فيلم «WAG THE DOG».. ذاك الفيلم الأمريكى الذى كشف كثيرا من عورات الساسة والسياسيين، خصوصا الرئيس وحواشيه وحوارييه بل وصناع نجوميته أيضا، وكلهم معلق أفعاله فى رقبة الرئيس أى رئيس.
الواقع أن الكل معلق برقبة الحاكم أيا كان، سيسأل عنه يوم القيامة، ماذا فعل ليسترد حق المظلوم إذا ظلم والمقتول طالما ثبت أن هناك مسئولا عن موته معلوما ومعروفا للكافة؟.. هكذا تعلمنا وهكذا فعل التاريخ، الذى دائما ما يعلق الجرس فى رقبة من يسمى العصر باسمه، فعصر الرسول «ص» سمى باسمه وكذا عصر الخلفاء الراشدين من بعده، ومن جاء بعدهم جميعا، فكل عصر يسمى باسم حاكمه، له ما له وعليه ما عليه وهو الأكثر ثباتا ورسوخا فى عقول الناس.
لكن يبقى السبب فيما تقدم، وهو اتصال تليفونى أعلن عنه بين الرئيس عبدالفتاح السيسى والعاهل السعودى الملك سلمان، قدم خلاله الرئيس تعازيه للملك فى وفاة ضحايا الحرم المكى الشريف، إلى هنا والأمر لا غضاضة فيه، لكن يبقى اللوم المسبب موجها إلى الرئيس، لأن من قدم إليه التعازى هو المسئول سياسيا عن وفاة -ولا نقول قتل أكثر من 700 حاج-، منهم بحسب التصريحات الرسمية 55 حاجا مصريا، مضاف إليهم كما قيل اثنان ممن لقيا حتفهما من جراء سقوط رافعة الحرم الشريف، هكذا فعل الرئيس وهو حر فيما يفعله، إلا أن الواجب أن نلفت نظره إلى أن من يجب أن تتم تعزيتهم فى وفاة ذويهم هم من وصفهم الرئيس نفسه بأنهم نور عينيه.
فعندما يقدم الرئيس بوتين أو أى رئيس غيره التعازى إلى الملك سلمان، فى ضحايا حادث التدافع فى منى أو ما سبقه من سقوط الرافعة فى الحرم فوق رءوس الحجاج، فلا يمكن أن نلومه بل يجب أن نشكره على هذه اللفتة، لكن أن يعزى رئيس ملكاً مسئولاً عن وفاة ولو واحد من رعيته، ذلك هو محل اللوم أو العتاب، فنحن لا نطالب بالقطيعة من السعودية مثلا لا سمح الله، لكننا نطالب الرئيس بأن يصدر ولو بيانا لعزاء أو مشاطرة للحزن مع أهالى الضحايا من المصريين نور عينيه، فهم الأولى بالرعاية من أى فرد على وجه الأرض ولو كان الملك سلمان.