الأربعاء 05 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

أجمل القصص "2"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في العدد الماضى توقفت أمام خمسة من كتاب القصة القصيرة المصريين وبعض قصصهم المنفردة أو مجموعاتهم أو أعمالهم القصصية التي أعتبرها من أفضل ما قرأت والتي تركت في ذاكرتى ووجدانى أثرا لا يُمحى، واليوم أستكمل بخمسة مؤلفين آخرين وأعمالهم.
«حيطان عالية» و«محطة السكة الحديد» لإدوار الخراط
لم أكن أعرف من هو إدوار الخراط، عندما أشتريت بالصدفة نسخة مستعملة من الطبعة الأولى من أولى مجموعاته القصصية «حيطان عالية» في سن مبكرة من حياتي.
كانت شيئا لم أقرأ مثله من قبل، وقد انطبعت في عقلى بعض قصص المجموعة التي لم أزل أذكرها رغم نحو ربع قرن على قراءتها، بعدها قرأت مجموعته «محطة السكة الحديد»، التي تعتبر استكمالا لقصة قصيرة بالاسم نفسه ضمن مجموعة «حيطان عالية».. ثم واصلت قراءة بقية رواياته ومجموعاته التي وصل في بعضها إلى قمم غير مسبوقة في الأدب العربى مثل «رامة والتنين» و«ترابها زعفران» وغيرها.
أكثر ما يلفت النظر في «حيطان عالية» هو أن قصصها مكتوبة في الأربعينيات والخمسينيات، ولكنها تبدو حديثة ومعاصرة حتى بمقاييس اليوم. سبق إدوار الخراط كُتاب الستينيات ومن بعدهم في نفسه الحداثى التجريبى ولكنه يتميز عن الجميع بتمكنه اللغوى الفائق، ومن بين كل الأدباء لا أعتقد أن هناك من يسيطر على اللغة العربية ولا من يجيد التعبير عن جمالياتها مثله.
الأعمال الكاملة لمحمد المخزنجي
في الثمانينيات أصدرت الهيئة العامة للكتاب سلسلة بعنوان «مختارات فصول» نشرت الأعمال الأولى لعدد من كتاب السبعينيات من بينهم إبراهيم أصلان، يوسف أبوريا، ومحمد المنسى قنديل ومحمد المخزنجى وغيرهم، وقد ساهمت هذه السلسلة في التعريف بمعظم هؤلاء الأدباء المتميزين، وعلى رأسهم في اعتقادى بالطبع، أصلان والمخزنجي.
أصدرت «مختارات فصول» لمحمد المخزنجى مجموعتى «رشق السكين» و«سفر»، وبعدها صدرت له مجموعتان هما «أوتار الماء» و«الموت يضحك» قبل أن ينصرف لسنوات في العمل الصحفى بالخليج ويهمل مشروعه الأدبي.
يملك «المخزنجى» حيوية وحميمية تذكرنا بأفضل أعمال يوسف إدريس، كما يملك أسلوبا رشيقا خفيفا يذكرنا ببعض أعمال إحسان عبدالقدوس، ولكنه على العكس من هذين الاسمين يملك قدرة على الإيجاز والاقتصاد في التعبير لا يضاهيه فيها سوى أصلان ويحيى الطاهر عبدالله.
قراءة أعمال محمد المخزنجي، حتى غير الأدبية، مصدر متعة بالغة مهما كان هول المأساة التي يتكلم عنها.
«كلبى الحبيب.. كلبى الهرم» لأسامة الدناصوري
لمع اسم أسامة الدناصورى في سماء الشعر والأدب خلال تسعينيات القرن الماضى مثل محطم أصنام غاضب في زمن تقليدى بليد ساد فيه النفاق الاجتماعى والأخلاقي، قبل أن يرحل شابا نتيجة الفشل الكلوى الحاد.
ترك الدناصورى عددا من الدواوين المهمة وبعد رحيله أصدرت دار ميريت نصه الأدبى «كلبى الحبيب.. كلبى الهرم»، وهو نص عابر للأنواع الأدبية يعتبره البعض رواية، ويمكن اعتباره نصوصا قصيرة مجمعة، ولكن بغض النظر عن التصنيف، فهو نص ساحر وموجع وعصى على المحاكاة أو التقليد، شديد الخصوصية ولا يمكن الفكاك من تأثيره.
«وديع والقديسة ميلادة وآخرون» لغالب هلسا
للأسف لا يحظى اسم الأديب الأردنى غالب هلسا، بما يستحقه من شهرة وتقدير، ربما لأنه قضى حياته منطويا في هدوء ما بين عمان والقاهرة وعدد آخر من العواصم العربية، دون أن ينخرط في «شلة» ثقافية أو يكون له «ظهير» نقدى يدافع عنه.
كتب غالب هلسا عددا من الروايات الرائعة مثل «الخماسين» و«الضحك» و«الروائيون» وقد صدرت كلها في ثلاثة أجزاء عن دار نشر أردنية، ولكن لغالب هلسا، مجموعة قصصية بديعة بعنوان «وديع والقديسة ميلادة وآخرون» هي أول أعماله وقد صدرت في القاهرة في نهاية الستينيات، قبل سنوات من طرده من مصر.
أكثر ما يتسم به أسلوب غالب هلسا هو العذوبة، والصدق، ودقة تصويره للمحيط سواء كان قرية ريفية صغيرة في الأردن، أو عالم المثقفين في القاهرة، وهو أول من سجل الحياة في وسط البلد قبل أن تصبح موضة في الألفية الجديدة.
في المركز العاشر لم أستطع أن أختار عملا واحدا لأن القائمة تحمل أسماء كثيرة لا أستطيع تجاهلها، من أول الرائد محمود تيمور، الذي قد يبدو تقليديا وقديما بالنسبة للأجيال الجديدة، ولكننى أذكر بالكثير من الشوق المتعة التي شعرت بها وأنا أقرأ أعماله.. وحتى «درب النصارى» للأديب الزميل خالد إسماعيل، والتي صورت عالم الصعيد بشجاعة وبلاغة نادرة.. مرورا بأعمال الأديب المحلاوى الجميل جار النبى الحلو، وهو واحد من القلائل الذين استطاعوا مقاومة إغواء القاهرة، وظل مخلصا للبقاء في بلدته برغم كل «الخسائر».
لا يمكن أن أتجاهل أيضا أسماء محمد مستجاب، ونبيل نعوم، ومجيد طوبيا، ويوسف السباعي، ويوسف الشارونى، والسورى عبدالسلام العجيلي.. وكل من هذه الأسماء له قصة واحدة على الأقل لا تنسى.
مع ذلك ففى المركز العاشر لا يمكن أن أختار شيئا سوى رائعتى نجيب محفوظ «أصداء السيرة الذاتية» و«أحلام فترة النقاهة»، فهما أقرب للقصص القصيرة من أي جنس أدبى آخر، وبعض نصوصهما ترقى إلى مصاف أجمل القصص التي كتبت باللغة العربية.