الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

أشرف مروان.. وجه واحد و٣ روايات عـن "الجاســوسية"

"الصهر" الذى يزعج الجميع من قبره

أشرف مروان
أشرف مروان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مؤرخ يهودي: أشرف مروان «عميل مزدوج» أمد إسرائيل بوثائق عن «عبدالناصر» واستخدمه «السادات» فى تنفيذ خطة «الخداع الاستراتيجي»
«زوج الابنة» كان يتقاضى ١٠٠ ألف جنيه إسترلينى عن المقابلة الواحدة مع «الموساد»
«الاستخبارات الإسرائيلية»: كان جاسوسًا لنا فقط
كتاب «الملاك»: «مروان» لم يكن عميلاً مزدوجًا أو جاسوسًا إسرائيليًا لكنه تحرك بـ«تعليمات مصرية»

القصة تستحق أن تروى ألف مرة عن رجل اختلفت فيه الأقاويل.
فى أسوأ الظروف جاسوس لإسرائيل، وفى أخفها وطئًا عميلًا مزدوجًا، تعامل مع «الموساد» الإسرائيلى قبل أن يستخدمه أنور السادات فى «خداع العدو».
حتى هذه اللحظة لا تزال أسرة أشرف مروان، زوج ابنة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، تحمل على كاهلها «تهمة صعبة». لا أحد يعرف الحقيقة، ومن يصرح ببراءته لا يقدم الأدلة، بينما من يتهمونه بـ«الجاسوسية» لديهم من الوثائق والمستندات ما لا يقدر أحد على إنكاره. كان عام 2002 صعبًا على أشرف مروان، فقد خرج لأول مرة كتاب لمؤرخ يهودى يصفه بـ«العميل المزدوج». بدت التهمة صعبة. تعامل أشرف مروان بـ«تجاهل» ، فوصفها بـ«الرواية البوليسية»، حتى جاءته الضربة الثانية بالإفراج عن وثائق إسرائيلية تؤكد جاسوسيته وهذه المرة لإسرائيل فقط، وبعدها توالت الاجتهادات حتى تاهت الحقيقة.
هل كان أشرف مروان جاسوسًا بالفعل؟
إذا كانت الإجابة بنعم، فهل كان جاسوسًا مزدوجًا؟ أم عميلًا لإسرائيل؟ أم هو رجل مصر الذى نجح فى اختراق الموساد؟
لن نعود هنا إلى قضية مقتل أشرف مروان، وإنما نشتبك مع قصة الجاسوسية، فنعرض لـ3 روايات، الأولى تتحدث عن كونه «عميلًا مزدوجًا»، والثانية أنه كان جاسوسًا إسرائيليًا فقط، وأخيرًا عن «مروان البطل المصرى».
الرواية الأولى
التاريخ يعود إلى نوفمبر من عام ٢٠٠٢.. وقتها أصدر المؤرخ اليهودى صاحب الجنسية البريطانية دكتور أهارون بيرجمان، كتابه «تاريخ إسرائيل»، عن دار «بلجراف ماكميلان» للنشر.
كان يمكن أن يمر الكتاب دون أن يشعر به أحد، غير أن ما جاء فى أحد فصوله تحت عنوان: «إسرائيل تقع فى فخ عميل مزدوج»، جعله عصيًا على التجاهل.
فى هذه الأثناء وقعت بين يدى الكاتب الصحفى عادل حمودة - كان يشرف آنذاك على تحرير جريدة «صوت الأمة» - نسخة من الكتاب وصلت إليه عبر البريد من لندن.
بعد اجتماع لمجلس تحرير الجريدة تقرر النشر، فعهد إلى المحررة ماجى ميشيل بالترجمة، مع هوامش عندما يتطلب الأمر، أغلب الظن أن «عادل» هو من كتبها بنفسه.
كتاب «بيرجمان» فيه من التفاصيل ما هو مزعج، ومن الأسرار ما هو غامض.
فى صفحة ١٤٢ وما بعدها، يقول: «إن أفضل جاسوس للموساد كان فردا مقربا ومحبوبا من عائلة الرئيس جمال عبدالناصر ثم أصبح أشد قربا من الرئيس أنور السادات».
أطلق «بيرجمان» على بطله «الصهر» (زوج الابنة).
كان الصهر المقصود هو أشرف مروان، زوج منى عبدالناصر، بعد استبعاد حاتم صادق، زوج الابنة الأخرى لعبدالناصر «هدى» من دائرة الاتهام بالدلائل المنطقية.
يقول: «إن وقوع إسرائيل فى الفخ (فخ مفاجأة العبور) وفشلها فى الاستعداد لخوض حرب يوم كيبور على جبهتين (المصرية والسورية) وفشلها فى تحريك قواتها الاحتياطية فى الوقت المناسب لمواجهة الهجوم المصرى السورى كان سببه الفشل الذريع للموساد».
يضيف: «لفهم كيف حدث ذلك علينا أن نعود إلى ما بعد يونيو ١٩٧٦.. بعد عامين من حرب (الأيام الستة) ظهر شاب مصرى على أعتاب السفارة الإسرائيلية فى لندن وطلب أن يعمل فى الموساد». كان ذلك غريبا وطريقة غير معتادة فى طلب التطوع للعمل فى «الموساد».
لم يكن غريبا أن يقوم ممثل السفارة الإسرائيلية فى لندن بإبعاد هذا الشاب لكنه أصر على موقفه، وقبل أن يعود أدراجه (يغادر السفارة) ترك تفاصيل من سيرته الشخصية، ووعد بأن يعود مرة أخرى وهو ما فعله بعد عدة أيام.
قبل عودة الشاب مرة أخرى كان «الموساد» قد قام بتحرياته حول الزائر الغريب الذى جاء بلا دعوة، وقد أصيب الجهاز بصدمة مذهلة وعدم تصديق عندما اكتشف أن هذا الشاب الذى كان فى منتصف العشرينيات من عمره ليس فقط مسئولا رفيع المستوى، لكنه أيضا من أقرب الأشخاص فى عائلة الرئيس المصرى جمال عبدالناصر، واختاره لينضم إلى العاملين فى رئاسة الجمهورية وكذلك نصبه سفيرا متجولا يطوف العالم ويقوم بمهام نيابة عن الرئيس.
فى ذلك الوقت كان حاتم صادق زوج هدى عبدالناصر يعمل فى رئاسة الجمهورية بعد تخرجه فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، أما أشرف مروان زوج «منى» فكان قد تخرج فى كلية العلوم جامعة القاهرة قسم كيمياء وطبيعة (١٩٦٥) والتحق بالجيش وأصبح ملازما فى القوات المسلحة ويخدم فى المنطقة المركزية ولم يكن مهتما بالسياسة، وهو ما جعل مدير مكتب الرئيس للمعلومات سامى شرف يضعه بعيدا عن مطبخ الرئاسة فى الأرشيف، ولم يكن هو أو حاتم صادق يقومان بمهام نيابة عن «عبدالناصر» ولم يحظ أحدهما فى ذلك الوقت على الأقل بدرجة سفير متجول للرئيس كما جاء فى الكتاب.
يقول المؤلف: «هذا الشاب الجذاب كان من أقارب جمال عبدالناصر.. كان عبقريا.. كان قريبا للغاية من العرش.. وكان ممتلئا بالأفكار الجديدة والمبادرات الخلاقة وبميزانية وفرها له عبدالناصر قام هذا الشاب بتحرير ملفات ضخمة خاصة بالشخصيات المهمة فى العالم العربى خاصة الكويت والمملكة العربية السعودية، وبالتالى كان لهذا الشاب علاقة قوية مع تلك الدول».
يضيف: «فى نهاية الستينيات تحول الشاب إلى نجم يستطع بين المساعدين المقربين من الرئيس جمال عبدالناصر ولم يكن من المستغرب أن الموساد لم يتردد فى أن يستقطب الشاب المصرى الذى تحول ربما إلى أكثر الجواسيس قيمة بين الجواسيس ذوى الشأن رفيع المستوى».
«ولو كانت هناك أى شكوك فى أن وفاة جمال عبدالناصر فى سبتمبر ١٩٧٠ من شأنها أن تعرقل عمل الجاسوس المصرى فتلك الشكوك زالت تماما بعد ذلك، فما حدث هو أن وفاة جمال تحولت إلى ميزة أضيفت إلى وضع الشاب المصرى وبالتالى إلى الموساد، فأنور السادات الذى كان أشبه بريشة فى مهب الريح (وقتها) كان يائسا إلى تلك الدرجة التى جعلته يحيط نفسه بأهم الشخصيات وبالتالى فإن قريب ناصر من المؤكد أنه سيكون من هؤلاء الذين يرغب الرئيس الجديد فى أن يراهم حوله».
فى هذه الفترة كان حاتم صادق قد ترك رئاسة الجمهورية ليعمل فى مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، وظل به إلى أن خرج محمد حسنين هيكل من «الأهرام» فى بداية عام ١٩٧٤ وانضم حاتم صادق إلى الجامعة العربية ومنها إلى البنك العربى الموحد، ليترك السياسة تماما مفضلا عليها البنوك، وهو ما يؤكد أن الشاب المقصود هو أشرف مروان.
«تحت حكم السادات جرى تنصيب الشاب المصرى فى عدة مناصب مهمة منها أنه أصبح وزيرا بلا حقيبة وأيضا كان السكرتير الإعلامى للرئيس وبعد ذلك أصبح ملازما للسادات وموثوقا فيه ومخططا لسياسته».
كان أشرف مروان فى هذه الفترة سكرتير رئيس الجمهورية للمعلومات، وبالتحديد فى ١٣ مايو ١٩٧١ قبل يومين على حركة ١٥ مايو ١٩٧١ التى تخلص فيها «السادات» من كل رجال جمال عبدالناصر، وفى عام ١٩٧٣ أصبح عضو لجنة الإشراف على تطوير وصناعة الأسلحة فى مصر وليبيا وعضو المجلس الأعلى للمشروعات الفنية فى مجال الطاقة النووية فى دولة الوحدة بين مصر وليبيا، وفى ١٤ نوفمبر ١٩٧٤ أصبح سكرتير الرئيس للاتصالات الخارجية، وفى ٣ مايو من العام نفسه أصبح مشرفا على اعمال الأمانة العامة الفنية ومجلس التخطيط التابعين للقيادة السياسية الموحدة بين مصر وليبيا، وفى ٢٩ يونيو من العام ذاته أصبح مقرر اللجنة العليا للتسليح والتصنيع الحربى، وفى ١٨ أغسطس من نفس العام أصبح مشرفا على مكتب الشئون العربية فى رئاسة الجمهورية، وفى عام ١٩٧٧ استقر فى الخارجية بدرجة سفير ممتاز.
أعود إلى الكتاب مرة أخرى حيث يذكر أن «أناسا قليلين فى إسرائيل كانوا على علم بهوية العميل المصرى الأول، ولأنه كان قريبا للغاية من العرش فإنه لم يكن فقط يدفع له بسخاء - ١٠٠ ألف جنيه إسترلينى فى المقابلة الواحدة مع الموساد - وإنما كانت التقارير التى تصل منه يقرؤها دون تعديلات المسئولون فى المؤسسات العليا فى إسرائيل.. رئيس الوزراء، وزير الدفاع، رئيس الموساد، مدير المخابرات العسكرية.. هؤلاء وحتى لا ينطقوا اسمه وحتى يبقى طى الكتمان أطلقوا عليه اسما حركيا (الدكتور هاموتن) والتى تعنى فى العبرية زوج الابنة أو الصهر».
يقول: «الصهر منح الموساد معلومات غاية فى الأهمية جرى التأكد منها ومقارنتها بما توفر من مصادر وعملاء آخرين ليجدوا أنها حقيقية ويعتمد عليها».
يوضح: «من أهم الوثائق التى تسلمها الموساد من خلال هذا العميل كانت نسخة مكتوبة من حوار للرئيس جمال عبدالناصر فى موسكو ٢٢ يناير عام ١٩٧٠ عندما طلب جمال وكرر طلبه فى إمداده بقاذفات مقاتلة طويلة المدى لأن المدى الذى تصل إليه القاذفات التى تملكها مصر لا يستطيع أن يصل إلى عمق إسرائيل».
ومن أهمها أيضًا الرسائل السرية التى أرسلها أنور السادات إلى الرئيس السوفيتى بيرجنيف فى ٣٠ أغسطس عام ١٩٧٢ التى طلب فيها أسلحة هجومية (صواريخ سكود) لشبكة الدفاع الجوى لحماية العمق المصرى من الغارات الإسرائيلية فى تلك الفترة.
وأضاف «أنور» فى رسالته أنه «من الواضح ولا يزال أنه إذا ما حرمنا من تلك الأسلحة فسوف نظل غير قادرين على أن نقوم بأى عمليات عسكرية ضد إسرائيل».
«الصهر لم يقم فقط بتقديم تلك الوثائق المهمة لكنه كان يقوم بشرح تفصيلى للموساد حول قيام كل من الرئيسين جمال عبدالناصر وأنور السادات بالاتفاق على تلك الأسلحة كشرط مسبق لشن الحرب وأنه بدون هذه الأسلحة فإن مصر عاجزة عن مهاجمة إسرائيل».
على أساس تلك المعلومات المكتوبة والمنقولة شفهيا أعادت إسرائيل تشكيل استراتيجية الحرب بعد عام ١٩٦٧.
كان المتعارف عليه هو أن مصر لن تستطيع شن حرب على إسرائيل إلا إذا استطاعت الحصول على تلك القاذفات المتطورة للغاية وصواريخ سكود.. ومنذ ذلك الوقت بدأت إسرائيل فى مراقبة المطارات الجوية المصرية لتعلم ما إذا كانت الأسلحة المطلوبة قد وصلت مصر التى ستقوم على الفور بتجميعها والتدريب عليها، وإذا كانت سيناء لا تزال فى يد إسرائيل فإن مصر ستصبح مستعدة عسكريا لأى هجوم ومن المحتمل جدا أن تنفذه».
«لكن ما فشلت إسرائيل فى الكشف عنه وقتها هو أن الصهر هذا الذى يعتبر كريمة الجواسيس فى مصر والذى كانت تقاريره تقرأ من قبل الصفوة السياسية الإسرائيلية كان فى حقيقة الأمر عميل مزدوج لأنور السادات ففى الوقت الذى زود فيه العميل المصرى الموساد بوثائق كانت صحيحة حول عدم قدرة مصر على الهجوم إلا فى حالة حصولها على تلك الأسلحة المتطورة فإن تلك السياسة كانت حيوية للسادات الذى أيقن أن موسكو لن تستطيع أن توفر له تلك الأسلحة وبالتالى تخلى عن فكرة الحرب الواسعة الشاملة وتبنى فكرة الحرب المحدودة ضد إسرائيل.. ومن الواضح أن العميل الأول للموساد والقريب من السادات كان على علم بالتغيير الحادث فى سياسة السادات، لكن ما حدث هو أنه لن يخبر إسرائيل بهذا التغيير، وكان لحجب هذه المعلومات نتائج خطيرة للغاية على إسرائيل فقد بقيت تؤمن بالتصور القديم للحرب».
ويواصل: «أضف إلى ذلك وبصورة متدرجة تمادى الصهر فى إمداد إسرائيل بمعلومات خاطئة فقد قام بتحذير إسرائيل من حرب وشيكة فى عام ١٩٧٢ وهى حرب لم تقع.. وكرر التحذير ذاته فى ربيع عام ١٩٧٣ وتسبب فى مصاعب لا حصر لها عندما أخبر الموساد أن السادات سيضرب فى ١٥ مايو، فقد استجابت إسرائيل لتحذيره وشكلت لجنة قوات قتالية لرسم خطة للمواجهة اختارت اسما حركيا هو (أزرق أبيض) وكانت تهدف إلى الإسراع بنشر معدات عسكرية وبلورة استعدادات الحرب وكانت هناك رؤى مختلفة داخل الجيش الإسرائيلى حول رد الفعل المناسب لتحذير الجاسوس المصرى، منها رؤية مدير الاستخبارات العسكرية الذى كان يرى أن احتمال الحرب مستبعد وأن مصر لن تقوم بالهجوم.. كان وزيرا تحت رئاسة رئيس الأركان ديفيد أليعازر وتحت رئاسة وزير الدفاع موشى ديان الذى قرر أن ما قاله الصهر ربما يكون حقيقيا وأن عليهم أن يأخذوا التحذير بجدية حتى لو تناقض ذلك مع ما سبق من معلومات سربها إليهم الجاسوس المصرى، والتى تتركز فى أن مصر لن تقوم بأى هجوم إلا إذا حصلت أولا على تلك الأسلحة المتطورة».
لم تقع أى هجمات مصرية بالفعل، وفى ١٣ أغسطس ١٩٧٣ عادت القوات الإسرائيلية إلى حالة الاسترخاء الطبيعية.
كان ذلك قبل سبعة أسابيع فقط من يوم «كيبور» أو حرب السادس من أكتوبر.
تلك الحشود الاحتياطية كلفت إسرائيل ٤٥ مليون دولار، ونتج عنها شكاوى لا حصر لها حول ضياع أموال دافعى الضرائب دون طائل.
ويستطرد: «كان من الواضح أن الصهر العميل المزدوج لعب دورا مهما وخطيرا فى خطة التمويه المصرية لأن ما كان ينقله إلى الموساد كان يعامل بجدية شديدة من قبل صناع القرار فى إسرائيل، وقد فشل الإسرائيليون فى أن يفهموا أمرين مهمين بعد أن قام المصريون بتنويمهم، أولا: أن الاستراتيجية التى سمتها إسرائيل (التصور) والتى قامت على المعلومات التى قام الصهر بتزويد الموساد بها حول عدم قدرة مصر على الحرب إلا فى حالة حصولها على صواريخ سكود وقاذفات طويلة المدى لم تعد استراتيجية مناسبة بعد ربيع ١٩٧٣، وبالتالى كان من الخطأ أن تبنى إسرائيل استراتيجيتها على هذا التصور، وثانيا: أن الصهر الذى اعتبره الموساد أعظم جواسيسه فى العالم العربى كان يخفى معلومات مهمة، وفى الوقت ذاته كان يزود إسرائيل بمعلومات خاطئة حول النوايا المصرية كما حدث فى عام ١٩٧٢ وفى إبريل ومايو عام ١٩٧٣ عندما تسبب الإنذار الكاذب فى تحميل إسرائيل كلفة مادية، أضف إلى ذلك أنه عندما حذر إسرائيل من الحرب الحقيقية كانت هناك انتقادات حادة وشكوك قوية فى مدى صحة الإنذار الأخير وترددت القيادات الإسرائيلية العسكرية والسياسية فى التحرك خوفا من كونه إنذارا كاذبا».
انتهت شهادة «بيرجمان» إلى هنا وبقى أن ننقل رد فعل «الصهر».
رغم أن الكتاب لم يذكر اسم «العميل المزدوج» إلا أن كل القرائن أكدت أن المقصود هو أشرف مروان، زوج منى جمال عبدالناصر.
اتصل عادل حمودة بـ«مروان» ليعلق على ما جاء فى الكتاب، ذهب للقائه، فلم ينف الرجل التهمة بشكل مباشر أو يعلن مقاضاة صاحب الكتاب.
اكتفى «مروان» بتعليق نشرته «صوت الأمة» فى عددها رقم «١٠٥» بتاريخ ٢ ديسمبر ٢٠٠٢، على صفحتها الأولى: «لقد قرأت ما فى هذا الكتاب وشعرت أننى أقرأ رواية بوليسية خيالية تجاوز مؤلفها كل الحدود العقلية والسياسية والمنطقية فلا أنا جيمس بوند ولا علاقتى العائلية بالرئيس جمال عبدالناصر وعلاقتى السياسية بالرئيس أنور السادات تسمحان بأن تترك الأمور بالنسبة لى على هذا النحو الساذج الذى يصوره خيال مؤلف هذا الكتاب، ورغم أن الكتاب ينسب أشياء قد تكون موضع إعجاب لمن تنسب إليه كأن يحرك الجيش الإسرائيلى أو يمنعه من أخذ موضع الاستعداد للحرب فإننى لا أرى فى ذلك سوى صور خيالية وهمية لا أعرف سبب تشكيلها ورسمها فى تلك الأيام وفى هذه الظروف بالذات». وصل تعليق «مروان» إلى «بيرجمان» وهو بالمناسبة آخر من اتصل بالرجل قبل رحيله الغامض فرد: «لقد أهديت أشرف مروان نسخة من الكتاب قبل نزوله المكتبات وتحدثت معه تليفونيا واتفقنا على لقاء بيننا، وأكدت له أن إسرائيل ستكشف خلال شهور عن وثائق تؤكد أنه كان جاسوسا لها».
ذكر «بيرجمان» فى حديث لـ«الأهرام» نشر فى ديسمبر ٢٠٠٢، أنه لم يقل إن الشخص المقصود هو صهر الرئيس جمال عبدالناصر، لكنه قال إنه أحد أقاربه فقط، لكن أشرف مروان ذكر فى حديث صحفى (مع صوت الأمة) أن قصته ما هى إلا من وحى خيال بوليسى لذلك عليه أن يدافع عن سمعته كمؤرخ وأن يرفض كلام مروان، وقال إنه لهذا السبب سيقول بوضوح هذه المرة إن الرجل الذى ذكر فى كتابه هو أشرف مروان، وأنه كان عميلا مزدوجا.
الرواية الثانية
تبدأ هذه الرواية من الوثائق التى تحدث عنها «بيرجمان».
منتصف يناير عام ٢٠٠٣، أفردت صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية صفحة كاملة للتأكيد على عمل أشرف مروان لصالح إسرائيل وحدها.
أعود هنا إلى ترجمة للتحقيق موجودة فى أرشيف «صوت الأمة» للزميلين محمد الدارى، ورشا يسرى.
تبدأ الصحيفة الإسرائيلية تحقيقها بالقول: «إن القاعدة الأساسية لدى جميع أجهزة المخابرات فى العالم هى الحرص الشديد على عدم الكشف عن هوية العملاء الذين عملوا لصالحهم مهما طال الوقت».
تستشهد الصحيفة بالمخابرات البريطانية: «إن البريطانيين يحتفظون فى أرشيفهم الوطنى بملفات تتعلق بعملاء عملوا لحكومة جلالة ملكة إنجلترا منذ ٢٠٠ عام ولم يتم الكشف عن هويتهم حتى الان».
تقول: «إسرائيل حرصت دائمًا على هذه القاعدة فى وحدات تشغيل العملاء بجميع أجهزة المخابرات لديها بدءًا بالمخابرات العسكرية ومرورًا بجهاز الأمن الداخلى (الشاباك) ووصولًا إلى الموساد، غير أن الانضباط - فيما يبدو - قل خلال السنوات الأخيرة داخل الأجهزة الإسرائيلية ما أدى إلى تسرب معلومات عن عدد من العملاء والإعلان عنهم».
تذكر أن «هذا التسيب بدأ منذ نهاية الثمانينيات عندما تم الكشف عن رفعت على سليمان الجمال الذى انتحل شخصية يهودى وأرسلته المخابرات المصرية إلى إسرائيل فى الخمسينيات»، إذ تزعم أن جهاز الأمن الداخلى الإسرائيلى كشفه ليصبح عميلًا مزدوجًا وأحد أنجح العملاء فى أجهزة المخابرات.
مصر هى التى أعلنت عن الجمال فى المسلسل الشهير «رأفت الهجان» الذى عرض فى مصر والوطن العربى عام ١٩٨٨، ولم يظهر ادعاء إسرائيل أن الجمال الشهير برأفت الهجان كان عميلًا مزدوجًا إلا بعد عرض المسلسل بسنوات
وتستطرد: «التسيب والإهمال أديا أيضًا إلى الكشف عن قيام الملك حسين عاهل الأردن الراحل بتحذير إسرائيل من وقوع هجوم وشيك تقوم به مصر وسوريا فى أكتوبر عام ١٩٧٣».
وتواصل: «وسائل الإعلام الأجنبية كشفت مؤخرا عن أحد أهم عملاء الموساد فى مصر، فمنذ عدة أسابيع يدور نقاش كبير فى وسائل الإعلام المصرية حول صحة خبر تجنيد أشرف مروان كجاسوس لإسرائيل».
تقول: «لم يتم قبل ذلك الإعلان عن اسم العميل الحقيقى، وعندما كان يتم التطرق إلى الأعمال التى قام بها فى المناقشات الرسمية وفى المناسبات المختلفة كان يتم الإشارة إليه بالعميل الكبير الذى جنده الموساد فى مصر، والذى زود إسرائيل بمعلومات مهمة عن حرب أكتوبر ١٩٧٣».
تحدثت الصحيفة فى تحقيقها عن «بيرجمان» الذى وصفته بأنه مفجر قضية أشرف مروان، حيث تقول إنه كان يقيم فى إسرائيل حتى عام ١٩٨٩ ثم غادرها بعد رفضه الخدمة فى المناطق الفلسطينية خلال الانتفاضة الأولى.
أما عن كتابه «تاريخ إسرائيل» فتقول: «الكتاب الذى أثار الضجة نشر من عدة شهور باسم (تاريخ إسرائيل) ونشرت صحيفة (يديعوت أحرونوت) أحد فصوله فى سبتمبر ٢٠٠٢ فى عدد خاص بمناسبة مرور ٢٩ عامًا على حرب أكتوبر لم يذكر أشرف مروان بشكل مباشر وإنما بوصفه أحد أقارب الرئيس عبدالناصر وصديق الرئيس السادات، وأن القائمين على تشغيله فى الموساد كانوا يطلقون عليه لقب الصهر».
على عكس رواية «بيرجمان» تقول الصحيفة إن «مروان كان عميلًا لإسرائيل وحدها».
أعادت الصحيفة ما نشر فى المصادر الأجنبية عن تجنيده عام ١٩٦٩ وأنه هو الذى بادر بعرض خدماته على إسرائيل، إذ ذكرت أنه توجه إلى السفارة الإسرائيلية بلندن وعرض تقديم معلومات، وتولى الموساد مسئولية تشغيله.
تقول: «إن المخاوف دفعت المخابرات الإسرائيلية لفحص دقيق كانت نتيجته أن (المتطوع الجديد سليم)، واتضح أيضًا أن دوافعه للتعاون مع إسرائيل ليست بدافع المال فحسب، وإنما أيضًا لأسباب أيديولوجية وسياسية وأسرية».
وتؤكد أن أشرف مروان جاسوس للموساد بالفعل: «قام (العميل الكبير) فى شهر مايو ١٩٧٣ بتقديم تقرير للموساد يتناول مناورة عسكرية للجيش المصرى الهدف منها شن حرب قريبة على إسرائيل، ووقتها أمر رئيس الأركان الإسرائيلى بتعبئة الاحتياط (خلافا لموقف وزير الدفاع موشيه ديان) الأمر الذى حمل الميزانية الإسرائيلية أعباء كبيرة.. لكن مصر لم تشن حربا، وكان هذا الموقف هو السبب فى مجموعة من الأخطاء والحماقات التى قادت إسرائيل إلى الفشل الاستخباراتى الكبير بعد ستة أشهر».
تواصل: «المخابرات الإسرائيلية استخدمت بعد وقوع الحرب حادثة مايو ٧٣ لتبرير موقفها أمام لجنة أجرنات الرسمية التى كانت تحقق فى أسباب التقصير الذى أدى إلى هزيمة إسرائيل وحملت اللجنة رئيس الاستخبارات العسكرية مسئولية الفشل الاستخبارى، فزعم أن العميل الذى اعتمد عليه الجهاز بشكل أساسى (فى إشارة إلى مروان) كان عميلا مزدوجًا وقام بتزويد إسرائيل بمعلومات خاطئة من أجل تخدير المخابرات الإسرائيلية».
قبل اندلاع حرب أكتوبر بوقت قليل قدم أشرف مروان لإسرائيل المعلومات التى من أجلها تم تجنيده وتشغيله وفق «هاآرتس»، فقد قدم الإنذار الذى يحذر إسرائيل من وقوع الحرب، مع الإشارة إلى الموعد المتوقع لبدء الهجوم.
تؤكد الصحيفة أن الإنذار كان حقيقيًا - استندت فى تأكيدها إلى مصادر فى الموساد - لكن المخابرات العسكرية الإسرائيلية «أمان» لم تصدق تحذير «مروان» وأكدت أن المصريين لا يستطيعون شن حرب بمفردهم، وأن فرص قيامهم بهجوم مع سوريا ضعيفة.. لكن تسيفى زامير رئيس الموساد، الذى كان يتبنى موقفًا مخالفًا لذلك قرر السفر للقاء «العميل الكبير» فى أوروبا كى يحصل على دليل يدحض وجهة نظر «زعيرا» مدير المخابرات العسكرية، وتوجه فعلًا يوم الجمعة ٥ من أكتوبر مع الضابط المسئول عن تشغيل أشرف مروان، واجتمعا معه مساء اليوم نفسه.. وبعد هذا اللقاء أسرع «زامير» بالاتصال بمدير مكتبه وأبلغه بالشفرة.. عبارة معناها: «الحرب ستندلع غداً».
فوجئت إسرائيل بالهجوم المصرى السورى المشترك، وبعد الحرب شكلت جولدا مائير لجنة أجرنات لمعرفة أسباب التقصير، وفى التحقيقات اتهم «زعيرا» عميل الموساد الكبير بأنه عميل مزدوج، وأنه زود إسرائيل بمعلومات صحيحة فى بعض الأحيان كى يكسب ثقة المسئولين عن تشغيله، لكنه فى الحقيقة كان يهدف إلى تضليلهم.
رغم عدم قبول لجنة أجرنات تبريرات «زعيرا» فإنه نجح فى زرع الشك فى العميل الكبير بين مسئولى أجهزة المخابرات الإسرائيلية الأخرى، فلم يعد الأمر مقصورا على المخابرات العسكرية فحسب، بل امتدت الشكوك إلى جهاز الأمن الداخلى «الشاباك» وإلى الموساد أيضاً.
ورغم أن تسيفى زامير رئيس الموساد كان متمسكًا برأيه بأن العميل الكبير لم يكن مزدوجًا وأن المعلومات التى قدمها كانت حقيقية ودقيقة فإنه تم تشكيل لجنة خاصة فى جهاز الموساد وهذه هى المرة الأولى التى يتم فيها الكشف عن ذلك لدراسة القضية والتأكد من ولاء ومصداقية أشرف مروان.
شارك فى هذه اللجنة المسئولون عن تشغيله وعدد من خبراء الأبحاث والعمليات الاستخبارية، وتم فحص جميع الملفات المرتبطة به بدءًا من عملية تجنيده وبداية تشغيله، وكل التقارير التى قدمها عنه ضباط الموساد الذين عملوا معه وجميع العمليات التى قام بها وجميع التقديرات الاستراتيجية التى اعتمدت على المعلومات التى قدمها.
تم فحص كل ذلك مرارا وتكرارا بمنتهى الدقة وفى النهاية توصلت اللجنة مثلها مثل جميع من لهم علاقة بهذه القضية إلى أن أشرف مروان لم يكن عميلا مزدوجا، وأنه لم يخدع إسرائيل ولم يكذب فى المعلومات التى قدمها لها.
فى العام ذاته تلقى أشرف مروان ضربة ثانية، بنشر صحيفة «معاريف» وثائق من «الموساد» تؤكد أنه كان جاسوسًا إسرائيليًا فقط، مرجعها كتاب «حرب يوم الغفران- وقت الحقيقة».
فى أحد فصول الكتاب يأتى ذكر شخصية العميل الأسطورى الذى أطلق عليه الإسرائيليون «بافل» وهو العميل الذى كان ومازال مثار خلاف.. فهل هو أكبر جاسوس إسرائيلى على مدى تاريخها أم أنه أكبر فشل فى تاريخ الموساد الإسرائيلى.
كان «بافل» الذى يتحدث عنه الكتاب هو نفسه أشرف مروان.
يذكر الكتاب أنه خلال ٤ و٥ أكتوبر ١٩٧٣، تلقت الوحدة ٨٤٨ التابعة لشعبة المخابرات الإسرائيلية «أمان» تحذيرا واضحا يؤكد أن الروس قاموا بسحب خبرائهم وأسرهم من مصر وسوريا لأن عندهم يقين بأن كلتا الدولتين ستدخلان الحرب ضد إسرائيل، وتقريبا فى التوقيت نفسه اتصل أشرف مروان فى الساعة الواحدة مساء بالمسئول عن تشغيله فى لندن ورمزه «د» وقال له كلمة واحدة «تسنون» وهى عبارة عن كلمة كودية معناها «احتمال وقوع الحرب» وطلب مقابلة رئيس الموساد فى لندن فى اليوم التالى وقام «د» بدوره بالاتصال بـ«فيردى عينى» مدير مكتب رئيس الموساد وقتها «تسفى زامير».
فى الساعة الثالثة فجرا اتصل رئيس الوحدة «أمان» برئيس الموساد «تسفى زامير» وأبلغه أن الخبراء الروس تركوا مصر وسوريا وليس لديه تفسير لذلك لكنه يعتقد أن كلام الموساد عن عدم وجود حرب ليس صحيحا، فقال زامير إنه ينوى السفر إلى لندن بطائرة خاصة فى الصباح الباكر ليقابل أشرف مروان والذى كان يعرفه زعيرا جيدا، لكن ولسبب غير معروف قطع الاتصال بين مكتب رئيس الموساد ومكتب رئيس الوزراء الإسرائيلى، ولذلك لم يصل خبر سفر زامير إلى جولدا مائير، وفى جلسة الحكومة التى عقدت يوم ٥ أكتوبر روى «زعيرا» للوزراء أن رئيس الموساد استدعاه لأوروبا لمقابلة أشرف مروان.
أجريت المقابلة فى العاشرة مساء فى لندن وحضر المقابلة القائد «د» ولم تكن هى الأولى لزامير مع مروان.. فقد قابله قبل ذلك عدة مرات.
استمرت الجلسة ساعتين وكان الخبر الذى نقله أشرف مروان من قلب القيادة المصرية واضحا وهو وفقا للبرنامج المحدد فإن المصريين على وشك الهجوم غدا قبل المساء، فهم يعرفون أن هذا اليوم هو عيد خاص لليهود وهم يعتقدون أنهم سوف يفعلون ذلك قبل الظلام.
فى الساعة الثانية عشرة وخمسين دقيقة مساء غادر أشرف مروان الجلسة وسط مشاعر احترام وحب من جانب رجال الموساد، وفى غرفة مجاورة أنهى معه القائد «د» كل الجوانب المالية وتم منحه مبلغا ضخما يقدر بأكثر من مائة ألف دولار تم نقله إلى حساب سرى باسمه وقال له القائد «د»: إن دولة إسرائيل تشكرك بشدة، وقام وأغلق الباب وراء أشرف.
الرواية الثالثة
الشهادة إسرائيلية أيضًا، لكنها بمثابة «رد اعتبار» لأشرف مروان، وإسقاط لتهمة الجاسوسية عن كاهله.
الوقفة هذه المرة مختلفة مع كتاب «الملاك- أشرف مروان والموساد ومفاجأة حرب يوم الغفران» لأستاذ العلوم السياسية بجامعة حيفا، أورى بار يوسف.
الغرض الرئيسى من وراء الكتاب كان دحض نظرية رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية إبان حرب ٧٣ الجنرال المتقاعد إيلى زعيرا، بأنّ مروان كان عميلًا مزدوجًا، قام عشية الحرب بتضليل الإسرائيليين حول موعد الهجوم المصرى السورى المشترك.
ينفى «يوسف» عن «مروان» تهمة «العميل المزدوج»، إذ يؤكد أنه «لم يكن عميلًا مزدوجًا يجمع المعلومات لصالح إسرائيل، لكنه كان فى الحقيقة يعمل لحساب مصر ويزود الموساد الإسرائيلى بمعلومات حقيقية موثوق فى صحتها، كجزء من خطة الخداع الاستراتيجى التى كان ينفذها بتعليمات من مصر لإنجاح عمله داخل الموساد، لدرجة أنه أمدهم فى يوم ٤ أكتوبر ١٩٧٣، بمعلومة حول استعداد مصر لشن حرب قريبة على إسرائيل، ولكن دون أن يحدد متى. وهى المعلومة التى لو استغلها الموساد والقيادة السياسية ممثلة فى رئيسة الوزراء، جولدا مائير، والقيادة العسكرية ممثلة آنذاك فى وزير الدفاع، موشيه ديان، لكانت تغيرت معالم هذه الحرب».
يقول: «مروان كان عميلا لمصر، بتكليف من الرئيس أنور السادات، ولكنه كان يمد إسرائيل بمعلومات حقيقية عن مصر، حتى بعد انتهاء الحرب، لهذا لم تتمكن إسرائيل من معرفة ولاء مروان لمصر إلا بعد وفاته».
نفس الرواية يؤيدها كتاب لضابط متقاعد من شعبة الاستخبارات العسكريّة (أمان)، يُدعى شيمعون مندس، إذ يؤكّد فى كتابة على أنّ أشرف مروان، كان بمثابة الابن المُفضّل للرئيس المصريّ، أنور السادات، وأنّه كان عميلًا للمخابرات المصريّة، وأوقع المخابرات الإسرائيليّة فى أخطر فشل عرفته، وهو حرب أكتوبر من العام ١٩٧٣.
أعود إلى عرض للكتاب فى صحيفة (هاآرتس)، إذ يتساءل المؤلف: «إذا كان أشرف مروان عميلًا لجهاز الموساد الإسرائيليّ، فكيف تمكنت مصر من مفاجأة إسرائيل ومُباغتتها فى حرب العام ١٩٧٣؟».
ويؤكّد المؤلف أنّ «مروان» تمكّن من خداع الموساد وشعبة الاستخبارات العسكريّة فى إسرائيل، وأكبر دليل على ذلك، أنّه على الرغم من قربه من السادات لم يُخبر الموساد عن موعد اندلاع الحرب على الرغم من معرفته بتاريخها، كما أكّد المؤلّف.
ويعتبر المؤلّف أنّ إصرار رئيس الموساد فى حرب ١٩٧٣، بأنّ مروان كان عميلًا إسرائيليًا ممتازًا، أكبر شهادة تقدير للرئيس الراحل السادات.