الخميس 09 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

إدارة التوحش.. وإدارة الفجور

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كنت أجلس مع بعض الأشقاء العراقيين المقيمين فى مصر هربا من جحيم ديمقراطية (الولايات المتحدة الأمريكية) التى فرضتها على الشعب العراقى بعد سقوط الرئيس صدام حسين، والتى تسعى أمريكا جاهدة بنشر هذه الفوضى فى جميع الدول العربية، وخاصة مصر والسعودية تحت مسمى الديمقراطية، وقد سألتهم عن أحوال «داعش»، حيث إنهم من المناطق التى تسيطر عليها «داعش» فأخبرونى أن «داعش» قوى وليس من السهل القضاء عليه لأسباب عديدة منها رغبة الولايات المتحدة الإجرامية فى بقاء «داعش» للاستمرار فى تهديد أمن المنطقة العربية عامة والخليج خاصة، ومنها أن عدداً من السكان يؤيدون «داعش» الذى نجح بسياسته المسماة إدارة التوحش من فرض الأمن على المناطق التى يسيطر عليها وباختصار فإن خلال حالة انهيار النظام وتفكك أجهزة الأمن يعيش الناس فى فوضى عارمة تنتشر خلالها عصابات السرقة بالإكراه والخطف والقتل على الهوية وفرض الإتاوات على أصحاب المصانع والشركات... إلخ وتنتشر أيضاً الميليشيات الطائفية المسلحة التى تقتل على الهوية وتتحول حياة الناس إلى جحيم لا يطاق فيهربون من مناطق الفوضى مهما كان الثمن ويتحولون إلى لاجئين كما نرى عشرات الآلاف كل يوم، وكل هذا وراءه مخطط خبيث لتفريغ هذه المنطقة.. المهم يدخل «داعش» إلى مناطق الفوضى التى انهارت فيها الحكومة المركزية وأجهزة الأمن ليفرض سياسته على المنطقة وهى سياسة «إدارة التوحش» فيقوم بإلقاء القبض على عصابات السرقة والخطف ويقوم بإعدامهم أمام الناس وقطع رءوسهم وتعليقها فى الشوارع ويقوم بقطع أيديهم وأرجلهم أمام الناس ويقوم بإعدام كل الميليشيات المخالفة لها فى الفكر حتى لو كانت إسلامية كما أعدموا ١٦٦ شخصاً من جيش النصرة فى سوريا وهو فرع تنظيم القاعدة هناك ويقوم «داعش» وبكل قسوة بقتل كل من يخالفهم هو وجميع أفراد عائلته، فيخضع كل السكان لـ«داعش» ويفرض الأمن على المناطق الخاضعة له فلا يجرؤ أحد على اختراق النظام ويشعر السكان بالأمن مع الخوف الشديد من «داعش» إلا أنه خلصهم من فوضى العصابات المسلحة ومن توحش الميليشيات الطائفية وفى بعض المناطق التى يسيطر عليها «داعش» اشتكى السكان من جشع المدرسين الذين يعطون الدروس الخصوصية التى انتشرت بشكل عام فى العراق بحجج بعضها مقبول منها عدم الأمن وبالتالى يطلب المدرس من التلاميذ الحضور إليه ومنها عدم انتظار الحكومة فى دفع الرواتب وكلها حجج مقبولة ولكن «داعش» طلب من المدرسين الذهاب إلى المدارس وأعطاهم الأمان وطلب منهم عدم إعطاء دروس خصوصية مطلقاً فخالف اثنان من المدرسين هذا الأمر فقام «داعش» بإلقاء القبض عليهما وتحويلهما على حد زعمهم لمحكمة شرعية حكمت عليهما بقطع اليد واعتبرتهما لصوصاً يجب إقامة حد السرقة عليهما فقام التنظيم الإرهابى بإحضار المدرسين فى فناء المدرسة وقاموا بقطع أيديهما أمام الطلبة والمدرسين فاختفت ظاهرة الدروس الخصوصية تماماً، ومهما كانت الإغراءات فلا تجد مدرساً واحداً فى مناطق «داعش» يجرؤ أن يعطى درساً خصوصيا، وهكذا يفعلون مع المخالفين للأسعار وخلافه.. هذا شرح مختصر ومبسط لمعني «إدارة التوحش».
ونحن فى مصر تأتى حكومة لا نعلم كيف جاءت وترحل حكومة ولا نعلم لماذا رحلت هكذا منذ عقود ولم تستطع كل هذه الحكومات من القضاء على الفساد وخاصة فساد التعليم الذى أتناوله فى هذه المقالة، فإن الدروس الخصوصية أفسدت منظومة التعليم فى مصر حيث أصبح المدرس يطلب من التلاميذ عدم الحضور للمدرسة وتصل نسبة الغياب فى بعض المدارس إلى ٨٠٪ ونشرت الصحف أن وزير التعليم السابق مر على إحدى مدارس الحكومة فلم يجد لا طلبة ولا مدرسين وتسير فى الشارع ترى الفجور فى إعلانات الدروس الخصوصية كأكبر فضيحة لنظام التعليم فى مصر وتقرأ صاروخ الكيمياء وقنبلة الرياضيات ومعجزة اللغة الإنجليزية وسيبويه اللغة العربية وهكذا بمنتهى الفجور والتوحش يستنزفون ١/٣ دخل الأسرة المصرية التى تعيش حالة من الفقر مستمرة بسبب ارتفاع الأسعار الجنونى والذى لا سقف له وارتفاع أسعار العلاج بدرجة لا يتحملها أغلب الشعب المصرى ثم تأتى الدروس الخصوصية لتحرم أغلب الشعب من دخله المحصور بين الطعام والعلاج والدروس الخصوصية ولم يستطع وزير على مدى عقود حل مشكلة التعليم ولا نجد منه إلا تقعر فى الكلام وسفسطة عند أول يوم يتولى فيه الوزارة ثم يختفى الوزير وتستمر مشاكل التعليم حتى يرحل مصحوباً بكل أنواع اللعنات، لأنه موظف كل طموحه أن يصل لمنصب وزير ليس مبدعاً ولا لديه رؤيته هو فى النهاية شخص مفلس ينتظر أن تأتيه أوامر عليا لكى ينفذها حتى لو خربت مالطة كما يقال لماذا لا يقوم الوزير بتدريب عشرات الآلاف من خريجى الجامعات المصرية وهم عاطلون عن العمل، وخاصة من كليات العلوم والتجارة والآداب والحقوق... إلخ لماذا لا يتم إعطاؤهم دورة تدريبية لمدة ٦ أشهر على العملية التعليمية، ويتم فصل كل مدرس ثبت أنه يعطى دروساً خصوصية وخاصةً أصحاب الإعلانات الفاجرة ومع الفصل من الوظيفة يتم حرمانه من المعاش ومن التأمين الصحى وحرمان أولاده من التعليم المجانى ومنعه من التدريس فى المدارس الخاصة وتحذير المدارس من تشغيل هؤلاء الفاسدين ومنعه من السفر لمدة خمس سنوات، حتى يتحول إلى متسول على أبواب المساجد ويكون عبرة لكل جشع وفاسد هؤلاء هم الذين يفسدون أخلاق التلاميذ قبل إفساد التعليم ويتم الدفع بدلاً منهم بهذا الشباب المتعلم العاطل بعد تدريبهم وتثـقيفهم عن أهمية التعليم بالنسبة لنهضة الأمم ونتخلص بذلك من منظومة فاسدة لا يستطيع أى وزير كائناً من كان إصلاح منظومة التعليم وهذه الوحوش الضارية الفاسدة هى التى تسكن جنبات الوزارة وهى التى يتكون منها جسد الوزارة المريض وأنا طفل صغير وعمرى ١٠ سنوات تقريباً فى زمن الرئيس جمال عبدالناصر كان يوجد فى المنطقة التى أعيش فيها «بولاق أبوالعلا» بقال يبيع بأزيد من التسعيرة فألقت مباحث التموين القبض عليه ولم يكن هناك غابة من القوانين التى لا تنفع ولا تضر ولا تقضى على فساد إلا أن رجال المباحث أعطوا الرجل قرابة الـ١٠٠ قلم على وشه وعلى قفاه ومسحوا به أرض الشارع وألقوا له البضاعة كلها فى الشارع وذهب معهم وعاد بعد شهر واحد فقط لا أكثر إلا أنه استمر فى إغلاق المحل حتى توفى إلى رحمة الله، وكل البقالين فى المنطقة التزموا بالتسعيرة حتى انتقل جمال عبدالناصر إلى رحمة الله.. فهل كان جمال عبدالناصر لديه معرفة بإدارة التوحش؟