الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الرئيس وضمير المخاطب

عماد الصابر
عماد الصابر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أعلم مسبقًا أن هذا المقال سيغضب البعض ممن يعتبرون انتقاد الرئيس كفرا بينا، رغم حديثهم المتوالى عن الديمقراطية، فيما الحاصل أن هذا الانتقاد فى الديمقراطيات الحديثة مباح بل ومطلوب حتى من أولى الحكم، فهو يمثل قوة للرئيس لا إضعافا له كما يصر البعض على القول بذلك، فالمعارضة القوية بحسب الأعراف الديمقراطية تنتج نظامًا قويًا لا يتأثر بأى هزة، حيث المعارضة تشير إلى الأخطاء فيتولى هو إصلاحها ومن ثم يقوى ويستقر وتعود تلك الإصلاحات لحياة الناس.
جاء الرئيس ومن قبل أن يجىء أعلن مرارا وتكرارا أن مصر ستكون «أد الدنيا»، ومر عام ولم تصبح مصر أيا مما وعد الرئيس به، وقد وعدنا بكل جميل و«نا» هنا هى الضمير الذى ينوب عن المخاطب وهو الشعب- وعدنا بحكومة تنفذ مشروعاته القومية الاستراتيجية، فإذا بتلك الحكومة تقف موقف الاتهام بل وتدخل جزءا منها إلى السجن بتهمة مخلة بالشرف، رغم أن المتهم أقسم كما أقسم زملاؤه على احترام الدستور، فيما الناتج لم يكن سوى قوانين هنا أو هناك، كانت فى مجملها لصالح الكبار وهم فقط، رغم أن بعضها أصيب بالسكتة الدستورية، والبعض الآخر مطعون بعدم دستوريته، بينما ظلالها تهبط كما تسقط الأسقف المريضة فوق رؤوس سكانها، والأدهى والأمر أن إشارة صدرت من الرئيس حول الدستور، أنشأت لوبى ضغط لتعديل الدستور الذى أقسم الرئيس نفسه على احترامه!
مصر أم الدنيا وستكون «أد الدنيا»، هكذا كان الوعد الأثير للرئيس عبدالفتاح السيسى، فماذا كان الناتج فى عام وربع من حكمة؟ الذى نتمنى أن يصبح حكم التاريخ عليه بالفعل لا بالوعود، الإجابة يجب أن تكون بعد استعراض الحكومات التى تعاقبت منذ تولى الرئيس للسلطة، حيث شهد عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى ثلاث حكومات حتى الآن، الأولى برئاسة إبراهيم محلب بعد تقديمه استقالته من حكومته الأولى فى عهد الرئيس المؤقت عدلى منصور، عقب إعلان نتيجة انتخابات رئاسة الجمهورية مباشرة يوم ٨ يونيو العام الماضى بعد إعلان فوزه بالرئاسة.
ثم كلفه الرئيس السيسى بتشكيل الحكومة وحلفت اليمين الدستورية فى ١٧ يونيو العام الماضى ومن أشهر ملامحها استحداث وزارة التطوير الحضارى والعشوائيات، وإلغاء وزارتى الإعلام والتنمية الإدارية، وضمت الحكومة ٣٤ وزيرًا منهم ٢٠ من الحكومة السابقة و١٤ من الجدد.
أما الحكومة الثانية فقد تشكلت بعد إجراء تعديلات وزارية محدودة كان أبرزها إقالة وزير الداخلية محمد إبراهيم، وقد حلفت اليمين الدستورية فى ٥ مارس الماضى، ومن أشهر ملامحها استحداث وزارة دولة للتعليم الفنى والتدريب ووزارة للسكان، ثم تأتى الحكومة الثالثة المعدلة بنسبة ٥٠٪ من تشكيل حكومة محلب، وتم فيها إلغاء وزارات استحدثها الرئيس ثم ثبت فشلها وعدم إضافتها لجديد، وهو ما يحمد عليه لتراجعه فالرجوع للحق فضيلة، فليس كل ما يفعله الرجل خطأ، لكنه بشر يخطئ ويصيب، والبلاد لا تتحمل والشعب مثقل مهموم.
إذن الإجابة هى أن الرئيس يقف وأمامه ثلاثة أرقام يجب أن ينتبه إليها وهى كما عددها كثير من خبراء الاقتصاد دون إشارة للأسف إلى مسئولية الرئيس «٢٦٪ من الشعب لا يزال أميا لا يعرف الألف من كوز الذرة، فيما يسكن نحو ١٨ مليونًا منه فى العشوائيات التى كانت تابعة للوزارة التى ألغيت فى التشكيل الأخير، ذلك بالإضافة إلى وجود ما يقرب من ٢٦ مليونا يعيشون تحت خط الفقر»، وهؤلاء وأولئك يمثلون قنبلة موقوتة يجب على الرئيس الالتفات إليها، فهى الأشد خطورة ليس على حكمه فحسب، لكن على مصر كلها حاضرا ومستقبلا، فالحاصل أن هؤلاء بدأوا فى الشكوى فيما بينهم، وإذا لم يكن هناك حل أو علاج، ربما تتحول هذه الأنات السرية، إلى صرخة جماعية غير مرتبة لا يستطيع كائن من كان أن يوقفها، مهما بلغت قوته أو تنظيمه.
وأعود إلى ما وعد به السيد الرئيس، ولا تستطيع التفريعة الجديدة لقناة السويس مهما علا شأنها أن تضيف شيئا للناس دون استكمال المشروع، ومعه مشروعات أخرى تستطيع حل الأزمة، ومنها مشروع منخفض القطارة، و«ذهب» ما وراء السد العالى، وكلها مشروعات يمكنها علاج الألم الشعبى من غلاء الأسعار وخلافه، ولنا فيها حديث آخر بإذن الله.