الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

دراسات المركز العربي

ما لا يعرفه الاخوان عن "حسن البنا" (2-2) : علاقات البنا بالمخابرات الأجنبية و"التقيا" والنفاق في منهج الاخوان


صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يقف وراء شائعة “,” إشهار هتلر إسلامه وتسميه بـ “,”الحاج محمد هتلر“,”
كان ينمى علاقته بألمانيا النازية ويؤسس لعلاقات وثيقة مع الاحتلال البريطاني
شبّه معاهدة “,”صدقي – بيفن“,” التي رفضها الشعب “,”بصلح الحديبية“,”
عرض “,”خدماته“,” على الأمريكيين لمواجهة “,”الخطر الشيوعي“,” في المنطقة
نافق حتى في نعي الملك فؤاد : “,”مصر تفتقد اليوم بدرها في الليلة الظلماء“,”
“,” “,”
ألقينا في الجزء الأول من هذه الدراسة الضوء على حقيقة هوية هذا الرجل - حسن البنا - وما تكشف عنه من أهداف ومخططات تدور كلها حول تخريب المجتمعات الإسلامية من داخلها باسم الدين ، وإثارة الصراعات المسلحة بين طوائفها وفئاتها بما يؤدي إلى إضعافها وإنهاكها وتقسيمها وسيطرة العدو الخارجي عليها، وتحكمُّه في مصائرها، ولتثبت وتؤكد أيضا على أن حسن البنا بتأسيسه جماعة الاخوان، إنما كله يؤسس في الحقيقة وعن علم لجماعة خوارج هذا العصر، الذين لا يختلفون كثيرا عن طوائف الخوارج واليهود والمجوس الذين دخلوا الاسلام في القرن الثالث الهجري ليفسدوه ويهدموا دولته من داخلها، وها نحن نستكمل الجزء الثاني والأخير بالتأكيد – بالأدلة والبراهين – على أن حسن البنا، وسيد قطب كانا عملاء للماسونية العالمية تمت زراعتهما في مصر لتحقيق أهدافها في تخريب الاسلام من داخله بضرب أهله بعضهم ببعض، فقد كان الاثنان أيضا بالتوازي عملاء لأجهزة مخابرات دول أجنبية عملت في مصر وتعمل لتحقيق الأهداف السياسية والاستراتيجية لتلك الدول، وأبرز هذه الاهداف إسقاط الدولة المصرية من الداخل ، لأنها إذا سقطت – لا قدر الله – ستسقط بالتالي بقية الدول العربية والاسلامية فريسة مخططات الشرق الأوسط الكبير القائم على أساس تقسيم الدول العربية والإسلامية على أسس عرقية وطائفية، وأسلوب ذلك إثارة الصراعات المسلحة والحروب الأهلية بين أبنائها، أما وسيلة تحقيق ذلك فهي جماعة الاخوان وحلفائها.
“,” “,”
وقد نجحت القوى الغربية في تحقيق أهدافها هذه في العراق والسودان ولبنان واليمن والصومال ، وجاري تنفيذ مخططاتها بهمة عالية في سوريا وليبيا، ويتبقى أمامها ما أطلقت عليه “,”الجائزة الكبرى“,” في مصر، وهو ما تسعى إلى تحقيقه بواسطة جماعة الاخوان التي اعلنت مشروعها لقيام “,”دولة صعيد مصر العليا“,” في محافظات بني سويف والفيوم والمنيا وأسيوط وسوهاج. ولذلك يسعى الاخوان بعد سقوط نظام حكمهم في ثورة 30 يونيو إلى إثارة التظاهرات وممارسة أعمال العنف في تلك المحافظات، بدعم وتمويل وتسليح التنظيم الدولي لجماعة الاخوان، وكان ذلك أبرز توصيات مؤتمراته الأخيرة في استانبول في 14 يوليو الماضي، وفي جنوب تركيا في 16 أغسطس. وفي ذلك نجد قيادات الاخوان تكرر نفس أخطاء قياداتهم القديمة، وأن وضعتها في آنية جديدة، وأبرز هذه الاخطاء وأخطرها على مصر إصرار قيادات الاخوان على مقابلها مع الدول الأجنبية كسبيل لتحقيق أهداف الجماعة في بسط سيطرتها وهيمنتها على الدولة المصرية ومؤسساتها وهيئاتها.
لذلك لم يكن غريبا، وكما تعاون حسن البنا مع الانجليز، وأيضا مع ألمانيا النازية، وكذلك الولايات المتحدة، أن نجد قادة الاخوان اليوم يمارسون نفس الأسلوب في التعامل مع الولايات المتحدة والاتحاد الاوربي من أجل عودتهم إلى حكم مصر بعد أن لفظهم الشعب المصري في ثورة 30 يونيو، بل وتحريض الدول الأجنبية ضد النظام الجديد في مصر والضغط على جيشها وقيادته العسكرية، لكنها نفس اللعبة القديمة التي تصور حسن البنا أنه يتقنها، وهي اللعب بأوراق عدة ومتناقضة ليتلاعب بالجميع ضد الجميع مستفيدا من الجميع ، لكن الحصاد كان مريراً، حيث اكتشف البنا قبل اغتياله وفي اللحظة الحاسمة أن الجميع يتلاعبون به ، إلا أنه رغم مرارة الدرس السابق تعود قيادات الجماعة اليوم لتكرار نفس الاخطاء.
“,” “,”
علاقاته ببريطانيا وألمانيا النازية
لم يغفل حسن البنا قوة ونفوذ سلطة الاحتلال البريطاني، كما لم يستطع أن يتجاهل قوة المانيا النازية التي كان يحكمها هتلر إبان فترة الأربعينيات من القرن الماضي وهو ما كشف عنه المؤرخ البريطاني “,”جورج كيرك“,” في كتابه “,”موجز تاريخ الشرق“,”، حيث ذكر أنه بجانب حصول حسن البنا على حوالي 2000 جنيه عدة مرات من ألمانيا النازية عن طريق بنك “,”درسون“,”، وهو ما أكدته البرقيات التي كانت في مكتب البعثة الألمانية في القاهرة، ومؤرخة في 16، 18 أغسطس 1938 “,”لأن جماعة الاخوان صاروا مفيدين لسياسة برلين، وأن محادثات (الهر ولهلم ستلوجن) الشخصية مع حسن البنا كانت مفيدة جدا، وأن هؤلاء الناس (يقصد الإخوان) يمكنهم فعل أشياء كثيرة“,”. كما تلقى حسن البنا أيضا إعانات مالية من إيطاليا الفاشية حليفة المانيا النازية آنذاك، كشف عنها مدير الداخلية حسن رفعت باشا في حديثه مع “,”سير والتر سميث“,” مستشار السفارة البريطانية. ثم كانت الاشاعة الكبرى التي أطلقها الاخوان في أنحاء مصر عن إشهار هتلر إسلامه، وأنه تسمى بـ “,”الحاج محمد هتلر“,”.
“,” “,”
وهذه الاكذوبة انما تعكس نموذجا للمدى التي يمكن أن تصل إليه عملية تسييس الدين، وطلاء المواقف السياسية المناهضة لمصالح الوطن بطلاء ديني زائف، حتى تكتسى الخيانة ببريق ديني.
وفي نفس الوقت الذي كان ينمى فيه حسن البنا علاقته مع مكتب ألمانيا النازية في القاهرة كان يؤسس لعلاقات وثيقة مع سلطات الاحتلال البريطاني في مصر، والتي بدأت عام 1937 بأقوى ما يمكن ، حيث رفض حسن البنا في رسالته “,”نحو النور“,” أن يهاجم الاحتلال البريطاني بأي صورة مباشرة أو غير مباشر. فبجانب ما سبق أن اشرنا إليه في الحلقة الماضية عن حصول حسن البنا على منحة مالية قدرها 500 جنيه من شركة قناة السويس “,”البريطانية – الفرنسية“,” ، فقد ذكر المؤرخ البريطاني “,”هيوارث دون“,” في كتابه “,”الدين والاتجاهات السياسية في مصر“,” أن حسن البنا قد ألمح خلال اتصالاته مع السفارة البريطانية “,”أنه على استعداد للتعاون، وسيكون سعيداً لو أن مساعدة مالية قُّدمت إليه“,”. وعندما قامت وزارة اسماعيل صدقي – المعروف بتعاونه مع البريطانيين – بإبرام معاهدة “,”صدقي – بيفن“,” التي عارضها الشعب المصري بقوة ، وقف مصطفى مؤمن - مسئول الطلاب في مكتب الإرشاد - دون أدنى خجل أو حياء معلناً تأييد الجماعة لإسماعيل صدقي، مستخدما الآية القرآنية الكريمة “,”واذكر في الكتاب اسماعيل إنه كان صادق الوعد، وكان صديقا نبيا“,”. بل وشبَّه هذه المعاهدة بصلح الحديبية الذي عقده الرسول صلى الله عليه وسلم مع كفار قريش قبل فتح مكة، وهو ما يدل على مدى تأصل صفات النفاق والتزلف والتدليس في نفوس جماعة الاخوان منذ بدء نشأتها، فهل نستغرب بعد ذلك أن نسمع أخيرا من فوق منصة رابعة من يزعم أن سيدنا جبريل نزل على أهل رابعة ، أو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل مرسي إماما له في الصلاة ؟! كما رافق حسن البنا مساعد حكمدار القاهرة في سيارته ليعمل على تهدئة المظاهرات التي اندلعت ضد هذه المعاهدة.
وفي كتابه “,”حقيقة الخلاف بين الاخوان المسلمين وعبدالناصر“,” عام 1987 ص 29-31، اعترف محمد حامد أبو النصر المرشد السابق للإخوان المسلمين باعترافات خطيرة حول اتصالات حسن البنا والاخوان المسلمين بالمخابرات البريطانية وقال: “,”أنه كان يلتقى بتعليمات ومتابعة من حسن البنا في بلدته منفلوط بضابط المخابرات البريطاني “,”باتريك“,” والميجر “,”لاندل“,”، وأن حسن البنا ارسل بنفسه رسالة باللغة الانجليزية سلمها محمد حامد أبو النصر إلى الميجر (لاندل) في منفلوط .. وأن الوزير البريطاني المسئول عن الشرق الأوسط ومعه سفير بريطانيا في مصر ووفد من السفارة زاروا المركز العام للإخوان المسلمين بالقاهرة، وتقابلوا مع الامام حسن البنا، وعرضوا معونة مالية كبيرة وسيارات وتبرعات أخرى للجماعة“,”.. وقد ذكر حامد أبو النصر في كتابه هذا باعتزاز شديد أن “,”دار السفارة البريطانية بعد هذه الاتصالات كانت تعلق صورة للإمام الشهيد حسن البنا كتب تحتها عبارة (أخطر رجل في الشرق الأوسط)“,” ص31.
“,” “,”
علاقاته مع الولايات المتحدة
أما عن علاقة حسن البنا مع الولايات المتحدة، فحدِّث عنها ولا حرج ، فلم يكن البنا غافلا عن أهمية ومغزى صعود النفوذ الامريكي في العالم بعد انتصارها في الحرب العالمية الثانية ، وتزايد الاهتمام الامريكي بمنطقة الشرق الاوسط ، فبدأ اتصالاته مع “,”سبنسر“,” المراسل الحربي الامريكي في القاهرة معربا عن استعداده للتحالف مع الغرب. كما تكشف وثائق مكتبة الكونجرس عن اتصالات حسن البنا مع السكرتير الأول بالسفارة الامريكية “,”فيليب إيرلاند“,” في 29/8/1947، حيث أشار البنا إلى انتشار الخطر الشيوعي في المنطقة، وقدرة جماعته في إشعال المظاهرات وإخمادها، واقترح تشكيل مكتب مشترك مع السفارة الامريكية للتنسيق لمواجهة الشيوعية في المنطقة ومحاربتها بكل الوسائل الممكنة ، وأن جماعته نجحت في اختراق الخلايا الشيوعية في مصر، وأشار إلى أن ذلك سيتكلف مبالغ كبيرة، لأن الاخوان الذين سيفعلون ذلك سيضطرون إلى ترك وظائفهم ويفقدون مرتباتهم وقد فهم الامريكيون اشارة مرشد الجماعة وحاجته لمساعدة مالية أمريكية، وهو مالم يستجيبوا له.
وفي كتاب يحمل اسم “,”مع الإمام الشهيد حسن البنا“,” صدر عام 1993 كشف محمود عساف “,”أمين المعلومات بالجماعة“,” معلومات خطيرة عن تفاصيل اللقاءات بين حسن البنا والمخابرات الامريكية والتي كان المؤلف يحضرها مع حسن البنا وقال في كتابه أن حسن البنا قد التقى بنفسه مع “,”فيليب ايرلاند“,”، وأنه كلف محمود عساف بمتابعة الاتصالات مع الامريكيين ، وفي اللقاء الثاني قال حسن البنا لإيرلاند أن هناك مصلحة مشتركة مع محاربة الشيوعية بين الأمريكيين “,”الذين يحاربونها لأسباب مذهبية وسياسية، وبين الاخوان المسلمين (الذين يحاربونها لما فيها من إلحاد) ، وعرض حسن البنا مساعدة الاخوان المسلمين للولايات المتحدة في محاربة الخلايا الشيوعية في مصر عن طريق إعارة (بعض رجالنا المتخصصين في هذا الأمر) وذلك للتجسس على هذه الخلايا ، على أن يتم إلحاقهم للتعيين بمعرفة السفارة في وظائف باحثين ومحققين، وقال البنا “,”إنكم تؤيدون الصهيونية وهذا أمر يوجد جفوة بيننا وبينكم“,”، ولكن الاتفاق الذي كان حسن البنا يسعى إلى عقده مع إيرلاند لم يكتمل ، وقال محمود عساف مؤكدا ذلك “,”وانفض الاجتماع ولم يتصل بي بعد ذلك ايرلاند أو غيره من طرف السفارة الامريكية“,”. ومن الجديد بالذكر أن وثائق وزارة الخارجية الامريكية التي نُشرت بعد رفع الحظر الرسمي عنها قد احتوت على تفاصيل هذه اللقاءات ، كما أورد محسن مع هذه التفصيلات الخطيرة في كتابه (من قتل حسن البنا) ص 213 نقلا عن وثائق الخارجية الامريكية.
وفي عام 1953 وبعد ثورة الجيش في يوليو 1952 حاول المرشد الثاني للجماعة حسن الهضيبي التقرب للأمريكيين “,”طبقا لما تشير إليه وثائق لجنة العلاقات الخارجية في الكونجرس – اللجنة الفرعية الخامسة“,”، موعزا لهم “,”بقدرة الجماعة على الإطاحة بعبدالناصر والمشير عبدالحكيم عامر من السلطة ، الا أن هذا الامر يتطلب دعما كبيراً“,”، وكان الامريكيون قد اعتقدوا آنذاك أن الاخوان يبالغون في قوتهم، وأنهم ليسوا موضع ثقة.
“,” “,”
بعثة قطب المشبوهة لأمريكا
حرصت الولايات المتحدة على انتقاء سيد قطب للسفر إليها في بعثة تدريبية عام 1948، ولم يكن سيد قطب حتى هذا التاريخ له أدنى علاقة بالكتابة الدينية ، بل كان مهتما بالنواحي الأدبية والفنية ، بل كان يتباهى بأنه ملحد ، حتى أنه دعا في مقال له بالأهرام في 27 مايو 1934، إلى إنشاء مستعمرة للعراة في مصر!! وقد شكل سفر سيد قطب إلى أمريكا مفاجأة للكثيرين، حيث تم اختياره في بعثة لم يُعلن عنها، كما كان قد تجاوز السن المشترط لسفر المبعوثين، كذلك كانت هذه البعثة فريدة من نوعها، ذلك أنه لم يكن مقرراً لها دراسة محددة أو جامعة بعينها، بل كانت بعثة حرة لمدة سنتين قام خلالهما بزيارة عدد من الجامعات والمعاهد الدينية والكنائس ودور الصحافة والنشر والمراكز البحثية ، بل وحضر حفلات دينية صاخبة وصفها بدقة في كتاباته ، إلا أن هذه البعثة شكلت نقطة تحول خطيرة في حياة سيد قطب ، حيث عاد بعدها إلى مصر ليتحول في كتاباته من الأدب والفن إلى الكتابة في الدين ، بل والجانب شديد التطرف في الدين ، وهو ما انعكس في كتابيه الذين صدرا بعد عودته لمصر، وهما “,”معالم في الطريق“,” و “,”في ظلال القرآن“,”. وقد اعترف سيد قطب بعد ذلك في السجن أن زيارته لأمريكا “,”كانت وليدة تخطيط أمريكي، ولم يكن يدري أنها جزء من رهان أمريكي“,” كما اعترف أيضاً بأنه “,”وقع تحت إغراء الاوساط الأمريكية بكل الوسائل، وإن لم يسقط في شباكها“,”.

“,” “,”
زوج ابنته أشهر جواسيس أمريكا
كان سعيد رمضان من أوائل من انضموا إلى جماعة الاخوان، وقد حظي بالقرب والثقة من حسن البنا حتى اختاره زوجا لابنته - وبعد مقتل حسن البنا عام 1949 غادر سعيد رمضان مصر واستقر في اوروبا حيث عاش حياة الترف والثراء، ولقد تحول سعيد رمضان هناك إلى واحد من أشهر الجواسيس والعلماء في العالم ، وعُرف بأنه كان عميلا للمخابرات الامريكية والبريطانية والألمانية والسويسرية، عمل لحسابهم وقدَّم الخدمات لهم جميعا في وقت واحد، وقد ورد اسم رمضان بين أشهر جواسيس المخابرات الامريكية في كتاب “,”تاريخ وكالة المخابرات المركزية CIA “,” للصحفي الأمريكي “,”تيم وينر“,” وأيضا ورد اسمه بين أهم جواسيس المخابرات البريطانية في كتاب “,”مغامرة داخل العالم السري لجهاز المخابرات البريطانية“,” للكاتب البريطاني “,”ستيفن دوريل“,”.
وقد ذكر على عشماوي قائد التنظيم السري في كتابه “,”التاريخ السري للإخوان المسلمين“,” أن “,”سعيد رمضان كان يبعث بالأموال إلى الحاجة زينب الغزالي التي تقوم بتوصيلها إلى فضيلة المرشد الهضيبي، وقد سأل بعض الاخوان سيد قطب عن مصدر هذه الأموال التي يتلقونها لشراء السلاح ، وهل هي دعم من جهة مشبوهة أم ماذا؟ ص 88
وبعد مقتل حسن البنا لم يتوقف الاخوان عن الاتصال بالمخابرات البريطانية والامريكية ، وقد اعترف عمر التلمساني في كتابه “,”ذكريات لا مذكرات“,” دار النشر الاسلامية عام 1985، باستمرار الاتصالات بعد حسن البنا بالسفارة البريطانية عن طريق مستر “,”ايفانز“,” المستشار بالسفارة (ص130)، وبالسفارة الامريكية عن طريق مستر “,”جوزيف لورنز“,” المستشار بالسفارة (ص 194)، وأضاف أن المرشد العام المستشار الهضيبي كان يشاركه هذه الاتصالات.
“,” “,”


التنظيم العالمي للإخوان
يعمل التنظيم الدولي للإخوان في حوالي ثمانين دولة، ولا يخفى على أحد أن أي دولة في الشرق أو الغرب يمكن أن تسمح لأي تنظيم ذو علاقات دولية مريبة - مثل جماعة الاخوان - أن يعمل على أراضيها إلا بالتنسيق مع جهاز مخابراتها، وبما يحقق مصالح هذه الدولة ولا يمس أمتها وأهدافها ، ومن ثم يمكننا إدراك حقيقة مهمة مفادها أن التنظيم الدولي للإخوان المتواجدة أفرعه في جميع هذه الدول – خاصة الدول الكبرى مثل بريطانيا وفرنسا وأمريكا – انما يعمل بالتنسيق والتعاون مع أجهزة مخابرات هذه الدول ، وبما يخدم مصالحها ويحقق أهدافها في منطقة الشرق الأوسط، وجوهرها بسط التنمية السياسية والأمنية والاقتصادية على دول هذه المنطقة، واستنزاف ثرواتها.
وقد أكد بعض قادة التنظيم السري الخاص العلاقة الوثيقة بين التنظيم العالمي لجماعة الاخوان ومخابرات الدول الأجنبية ، فقد ذكر على العشماوي آخر قادة هذا التنظيم في كتابه “,”التاريخ السري لجماعة الاخوان“,” تعليقا على تولى يوسف ندا لمنصب المشرف على التنظيم الدولي للإخوان “,”والمسمى بالمفوض العام للإخوان في العالم“,” : “,”لقد اصبح يوسف ندا شخصية عالمية تتعامل بالمليارات ، وأصبحت علاقاته وثيقة بالملوك والرؤساء ورجالات الامم المتحدة وكبار رجال المال في العالم.. ولا يمكن لشخص أن يمر في هذا الطريق إلا بتدعيم مخابرات الدول الكبرى ومباركة ودعم بيوت المال العالمية التي يسيطر عليها رأس المال الصهيوني) ص 82، ومن المعروف أن أموال كبار رجال جماعة الاخوان وشركاتهم، بل وأيضا معظم شركات توظيف الأموال الإسلامية التي برزت في الثمانينات من القرن الماضي وأبرزها شركات “,”الريان“,” و“,”السعد“,” و“,”الشريف“,” - ونهبت معظم مدخرات المصريين - وأورثتهم الفقر والمرض والحسرة ، كان يوسف ندا يودعها بنك التقوى في جزر الباهاما ، وعندما صادرت الولايات المتحدة الأموال المودعة في هذا البنك إبان إدارة بوش الابن بتهمة استخدام هذا البنك في غسيل الاموال وتمويل عمليات الارهاب، تنصَّل يوسف ندا من مسئوليته عن ضياع أموال أقطاب الاخوان، ومنهم يوسف القرضاوي الذي أخذ يصرخ في قناة الجزيرة مطالبا الحكومة القطرية بالتدخل لاستعادة أمواله المودعة في هذا البنك.

“,” “,”


وقد علق العشماوي على علاقة منصبه المرشد العام للإخوان في مصر بهذا المنصب المشبوه ، فقال: “,”كان مصطفى مشهور رئيساً لهذا النظام قبل أن يعين مرشدا، وكان نائبه هو مهدي عاكف، فالمرشد حين يمر على التنظيم الدولي الذي يمثل قمة نشاط الجماعة في التجسس فإنه يتابع جميع التنظيمات في العالم ، ويتصل بجميع الحركات المناوئة والمتمردة والهاربة من أجل جمع المعلومات والاستفادة من المواقف“,” (ص 83).
وتتضح حقيقة علاقة التنظيم الدولي “,”بأجهزة المخابرات الاجنبية إذا استعرضنا مقررات الاجتماعين اللذين عقدهما التنظيم الدولي للجماعة في تركيا عقب ثورة 30 يونيو، وكان الاجتماع الأول في استانبول خلال الفترة من 14-17 يوليو، وحضره زعماء جماعة الاخوان في الدول العربية وتركيا 12 “,”قيادة إخوانية “,”، تحت رئاسة رجب طيب أردوغان، أما الاجتماع الثاني فقد عقد في 16 أغسطس بمدينة بجنوب تركيا، وكانت أبرز مقررات الاجتماعين - بجانب السعي لإحداث أكبر فوضى في مصر، وإنشاء بؤر اعتصام جديدة، وإشعال حرائق ضخمة في أماكن كثيرة لا يمكن إطفائها ، مع اطلاق نيران عشوائي على المصريين، والاستمرار في مهاجمة أقسام الشرطة والكنائس، وقطع الطرق والكباري - فقد أوصى أيضاً باستدعاء اسرائيل - إلى المشهد السياسي في مصر بتكليف الجماعات الارهابية في سيناء بقصف مدينة إيلات بالصواريخ من جنوب سيناء ، والتعرض بالهجوم للحافلات الاسرائيلية المتحركة على الطريق بين بئر سبع وايلات ، وقتل أكبر عدد من الاسرائيليين وبما يعطي الذريعة لإسرائيل لاحتلال سيناء أو أجزاء منها بدعوى الدفاع عن أمنها القومي . هذا إلى جانب الدعوة إلى إقامة دويلة مستقلة في صعيد مصر “,”تضم محافظات بني سويف والفيوم والمنيا واسيوط وسوهاج“,”، تشكلها حكومة برئاسة محمد البرادعي تعترف بها أولاً ثلاث دول عربية “,” قطر وليبيا والسودان“,” - يحكمها الاخوان - ثم بعد ذلك تعترف بها أمريكا وباقي الدول الكبرى مع قصف السفن العابرة في قناة السويس بما يعطي المبرر لتدخل أجنبي بدعوى حماية المجرى الملاحي الدولي، هذا بالإضافة إلى بذل الجهد مع الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي والبرلمانيين في الكونجرس الامريكي والاتحاد الاوروبي للضغط على الحكومة المصرية من خلال دعوة مجلس الأمن والاتحاد الاوروبي بعقد اجتماعات تدين الحكومة المصرية ، وصولا إلى فرض عقوبات دولية عليها، وقد تم تخصيص مليار دولار في هذا الاجتماع لدعم جماعة الاخوان في مصر لتنفيذ العمليات الارهابية التي حوتها مقررات الاجتماع الاخير للتنظيم الدولي للإخوان في جنوب تركيا.
“,” “,”


علاقات تنظيم الإخوان السري واليهود
اعترف بعض أعضاء التنظيم السري الخاص للإخوان بأن اليهود كانوا يقدمون لهم المساعدات وأن العلاقات السرية لم تنقطع بين اليهود والتنظيم الخاص ، ومن هؤلاء على العشماوي آخر قادة هذا التنظيم الذي ذكر في كتابه “,”التاريخ السري لجماعة الاخوان المسلمين“,” الصادر عام 2006 عن مركز ابن خلدون ، حيث ذكر في مذكراته بالكتاب أن تاجرا يهوديا يدعى “,”فيكتور نجرين“,” قد قام بمساعدة المجموعة التي ينتمي اليها على العشماوي ويرأسها محيي هلال على إنشاء مؤسسة تجارية كبيرة في شارع عباس بالجيزة تتخفى خلفها الجماعة وتستخدم كمشروع تجاري يستخدم من جهة للإنفاق على نشاط النظام الخاص، كما يستخدم من جهة أخرى لإخفاء وتخزين السلاح ، وهي سياسة كثيرا ما اتبعها الاخوان ماضياً وحاضراً، وقد تم التعاون بين قائد المجموعة والتاجر اليهودي الذي كان يطلع على كل صغيرة وكبيرة، وقام بمعاونة تجار يهود آخرين بتجهيز كل كبيرة وصغيرة (ص109)، وعندما اكتشف البوليس حقيقة النشاط ، مما أدى إلى تعرض قائد المجموعة (محيي هلال) للملاحقة والمطاردة ، سارع اليهودي “,”فيكتور نجرين“,” بإخفائه في بنسيون بحي الظاهر تملكه امرأة يهودية. وقد ذهب اليه على العشماوي قائد التنظيم وقابله بنفسه في هذا البنسيون (ص123)، ولم تتوقف هذه العلاقة بين قائد المجموعة وعضو التنظيم حتى غادر اليهودي مصر بعد حرب 1956 متخفيا بمساعدة قائد المجموعة (ص133).
“,” “,”


التقيا والنفاق في منهج الاخوان
لقد لعب الاخوان وعلى رأسهم حسن البنا ومن بعده جميع مرشدي الجماعة – على كل الحبال، فمارسوا التقيا والنفاق السياسي على نطاق واسع عبر تاريخهم وحتى اليوم، وذلك في سبيل تحقيق هدفهم بعيد المدى في الاستيلاء على السلطة والحكم، ولكن كانت المشكلة الكبيرة التي واجهت البنا ومن جاءوا من بعده هي محاولة المواءمة بين الهدف الأعلى والأبعد للجماعة وهو السلطة والحكم ، وما يفرضه ذلك عليهم من عمل مكشوف بالسياسة، ومحاولة تغطية ذلك الهدف والمناورة حوله بادعاء أن العمل الرئيسي للجماعة هو الدعوة الاسلامية ، ومن هنا جاء ربط البنا بين السياسة والدين بدعوته إلى عودة الخلافة الاسلامية ، والتي تجمع في مفهومه بين السياسة والدين ، بل واحتكار السياسة لجماعته فقط بالمطالبة بإلغاء جميع الاحزاب السياسية القائمة والإبقاء فقط على حزب إسلامي واحد ، وهو بالطبع ما يتمثل في جماعة الاخوان، وفي هذا الشأن قال البنا في العدد الأول من مجلة “,”النذير“,” مخاطبا أتباعه في الجماعة في تحريض واضح ضد الاحزاب السياسية “,”ستخاصمون هؤلاء جميعاً“,”، في الحكم وخارجه خصومة شديدة لديدة إن لم يستجيبوا لكم“,”، ثم أعلن البنا نفسه زعيما سياسيا أوحداً في مصر، ولم يستنكف أن يحرم الآخرين جميعا من حق العمل السياسي، فنجده يقول: “,”لقد آن الأوان أن ترتفع الاصوات بالقضاء على نظام الحزبية في مصر، وأن يستبدل به نظام تجتمع فيه الكلمة، وتتوافر فيه جهود الامة حول منهج قومي إسلامي صالح“,” (النذير – العدد 30) والبنا إذ يقدم نفسه كحزب سياسي يريد السلطة ، نجده يمارس أسلوب الاستعلاء والكبر الذي زرعه في نفوس أتباعه ، فيزعم أنه لا يسعى للسلطة، ولكن السلطة هي التي تسعى إليه قائلا: “,”نحن لا نسعى للحكم، ولكن هو الذي سيسعى الينا، وحينئذ نفكر في تحديد موقفنا منه، أنقبله أم نرفضه“,”. وحينما اشتدت تساؤلات الناس في مصر حول حقيقة هوية جماعة الاخوان، رد البنا على هذه التساؤلات مراوغا: “,”إن الاخوان دعوة سلفية ، وطريقة صوفية، وهيئة سياسية، وجماعة رياضية، ورابطة علمية ثقافية، وشركة اقتصادية، وفكرة اجتماعية“,”!! وهذه المراوغة مقصودة من جانب البنا، وتخبُّط مقصود لذاته، ومخطط محكم لكي تظل الجماعة قادرة على التعامل على أي وجه، ومع أي محيط، وكي يمكنها أن تتقلب لتتلاءم مع أي وضع متغير، ذلك أن هذا الاسلوب يؤكد على الطابع الديني للجماعة إذا ما جابهت رئيس حكومة قوي، ولكنه لا يلبث أن ينغمس في الصراعات السياسية إذا ما وجد أمامه رئيس حكومة ضعيف.
وكانت استعادة الخلافة الاسلامية تشكل محور سياسة وخطابات حسن البنا، فطوال حقبة الأربعينات وبينما كانت مصر كلها تغلى بالنضال ضد الاحتلال البريطاني، كانت مؤتمرات واجتماعات الاخوان تنحرف بالقضية كلها نحو ضرورة التركيز على استرجاع الخلافة الضائعة“,”.
ففي العدد العاشر للجماعة (1938) لم يكتف حسن البنا بالتأكيد على إعطائه الأولوية لاسترداد الخلافة ، بل نجده ينفي أي اهتمام بالولاء والانتماء الوطني المصري، بل نجده يتحدث عن الوطن الاسلامي قائلا “,” انه يسمو عن حدود الوطنية الجغرافية، والوطنية الدموية، إلى وطنية المبادئ“,”.

“,” “,”


وكما وضع البنا شعار “,”الخلافة الاسلامية“,” في مجابهة “,”الوطنية“,” ويتخطى الوطن في الاولوية، فنجده يحارب أيضا القومية العربية، حيث يقبل العروبة “,”كرابطة حضارية وليس كقومية“,”، كما يرى العروبة “,” وحدة روحية بسريان الاسلام في عنق أبنائها جميعاً“,”. وخلال التأكيد على فكرة الخلافة الاسلامية لم يوضح البنا من هو الشخص الذي يمكن توليه هذا المنصب ، وكيف يمكن تحديد مواصفاته، فهل كان يقصد الملك فاروق عندما كان ينافقه و يتملقه قائلا: “,”ان لنا في جلالة الملك المسلم أيده الله أملا“,”، بل ويمتدح الملك ويصفق له ويحتفل بعيد ميلاده وعيد جلوسه إحتفالات يسودها التملق، وقد بدأ هذا التملق منذ توفي والده الملك فؤاد حين كتبت مجلة الاخوان تحت عنوان (مات الملك يحيا الملك): “,”مصر تفتقد اليوم بدرها في الليلة الظلماء، ولا تجد النور الذي اعتادت أن تجد الهدى على سناه“,”!! ثم توالت مقالات مجلة الاخوان في الدعاء لفاروق ولي العهد ودعوته للتمسك بالتقاليد الاسلامية التي كان يتحلى بها والده، وتصفه بسمو النفس وعلو الهمة وأداء فرائض الله واتباع أوامره واجتناب نواهيه، وفي مقال آخر تصف مجلة الاخوان الفتى صغير السن الذي لم يزل وليا للعهد بأنه “,”المربي والاستاذ والمثل الاعلى“,”!! وعندما بدأت الاحتفالات بتولي الملك فاروق الحكم في مصر، عقد حسن البنا المؤتمر الرابع للجماعة معلنا وبصراحة تامة أن هدف المؤتمر الوحيد هو الاحتفال باعتلاء فاروق العرش.
واعرابا من جماعة الاخوان عن ولائها للملك وتقديم فروض التهنئة له، وكان الملك قد وصل إلى الاسكندرية وركب القطار إلى القاهرة، وعلى طول الطريق حشد الاخوان اكثر من عشرين الفا من اتباع الجماعة لتحية الملك، وفي المؤتمر الرابع برزت لأول مرة جوالة الاخوان بزيها الكاكي لتقوم بدور قوة النظام والامن، ويتوجهون في مسيرة إلى قصر عابدين هاتفين للملك “,”نهبك بيعتنا وولاءنا على كتاب الله وسنة رسوله“,”. وفي إطار هذا النفاق والتملق الإخواني للملك كتب حسن البنا تحت عنوان (حامي المصحف): “,”لأن 300 مليون مسلم في العالم تهفو أرواحهم إلى الملك الفاضل الذي يبايعهم على أن يكون حاميا للمصحف فيبايعونه على أن يموتوا بين يديه جنوداً للمصحف، وأكبر الظن أن الله قد اختار لهذه الهداية العامة الفاروق، فعلى بركة الله يا جلالة الملك ومن ورائك أخلص جنودك“,”.. وهكذا أخذ البنا يدغدغ أحلام الملك الشاب الذي تولى العرش، ويلوح له بحلم الخلافة ، بل ويمنحه هداية عامة منحها له الله على كل المسلمين، فماذا كان يريد الملك أكثر من ذلك؟ بل لقد تجاوز البنا كل الحدود عندما شبه الملك بالرسول صلى الله عليه وسلم، فعندما حضر الملك الاحتفال بيوم الهجرة، قالت مجلة الاخوان “,”انه أعاد صورة سالفة، صورة الرسول الكريم حينما طلع على أنصاره طلوع البدر“,” وعندما وجّه الملك تحية إلى الشعب بمناسبة حلول شهر رمضان، كتب البنا في مجلة التدبر: “,”إن الفاروق يحيى سنة الخلفاء الراشدين، إذ يهنئ شعبه بحلول رمضان الكريم“,”. واستمر البنا على سياسة الولاء والنفاق والتملق لملك، وبالغ في ذلك مبالغة دفعت الكثيرين لانتقاده، وان كان هو وجماعته اعتبروا ذلك نصراً كبيرا، حتى ان جماعة الاخوان عند إعادة طبع كتاب البنا “,”مذكرات الدعوة والداعية“,” استبعدت كثيرا من حكايات وروايات وكتابات الولاء المفرط للملك، وحرصت على شطب كل ما له علاقة بهذا الامر.
كما تأكدت التقيا والنفاق في سياسات وممارسات الاخوان عندما اصطدم الملك فاروق بالنحاس باشا زعيم حزب الوفد ورئيس الوزراء والذي كان مسلحا بتأييد الشعب، حيث حرص حسن البنا في المقابل أن يقدم فاروق في صورة الملك الصالح المسلح بالدين. لكن النحاس باشا ظل متمسكا بأهداف ليبرالية ورفض أن يتولى فاروق شئون الملك بأسلوب اسلامي، وذلك في خطاب عنيف أمام مجلس النواب قال فيه: “,”ان هذا الاقتراح إقحام للدين فيما ليس من شئونه، وإيجاد سلطة دينية خاصة بجانب السلطة المدنية“,” وأضاف النحاس باشا قائلا:“,” الاسلام لا يعرف سلطة روحية، وليس للرسل وساطة بين الله وعباده، وليس أحرص منى ولا من الحكومة التي أتشرف برئاستها على احترام وتنزيه الاسلام، كما أنه ليس أحرص منا على الالتزام بأحكام الدستور، ولكن الاحتفال بمباشرة جلالة الملك لسلطته الدستورية شيء آخر، فهو مجال وطني يجب أن يتبارى فيه سائر المصريين مسلمين وغير مسلمين“,”. إلا أن حسن البنا سرعان ما واجه الموقف باستعراض قواته لولائهم وتأييدهم للملك على النحو السابق ايضاحه. وعندما وقع الخلاف بين الملك والنحاس باشا، وخرجت الجماهير الوفدية إلى الشارع “,”النحاس أو الثورة“,” و“,”الشعب مع النحاس“,”، نجد حسن البنا يسارع الى اثبات جدارته بالولاء الفعلي للملك، فتخرج جموع الاخوان هاتفة “,”الله مع الملك“,”، ويتباهى الاخوان كثيرا بأن جلالة الفاروق خرج الى شرفة القصر ست مرات ليحيى مظاهراتهم“,”، لذلك أعطى الملك تأييده المطلق للإخوان. وفي ذلك كتب السير “,”مايلز لامبسون“,” المندوب السامي البريطاني إلى وزارة خارجيته قائلاً: “,”إن القصر الملكي قد بدأ يجد في الاخوان أداة مفيدة، وأن الملك أصدر بنفسه أوامر لمديري الاقاليم بعدم التدخل في أنشطة الاخوان“,”. ثم ينقلب البنا في واحدة من تقلباته المعتادة، فما أن يصل الوفد إلى الحكم عقب حادث في فبراير 1942، حتى يتحالف معه البنا بصراحة ويقدم له كتابا يؤيد فيه سياسة الوزارة قائلاً: “,”أن الواجب يقتضينا والمصلحة تدعونا إلى أن ننفذ بإخلاص وحسن نية أحكام المعاهدة (معاهدة 1936) التي وقعناها بمحض اختيارنا وملء حريتنا وقصدنا من ورائها سلامة استقلالنا“,”.

“,” “,”


كما أعلن الينا أيضا انسحابه من الترشح للبرلمان إرضاء للنحاس باشا، وكان الاخير لم يقبل من حيث المبدأ وجود حزب سياسي يتحدث باسم الدين، فأصدر في سبتمبر 1942 قراراً بمنع الاجتماعات العامة للإخوان، واستدعى فؤاد سراج الدين – وزير الداخلية آنذاك – حسن البنا وسأله: “,”أنا عايز أعرف أنتم جماعة دينية أم حزب سياسي؟ “,”وأضاف سراج الدين: “,” إحنا معندناش مانع أبدا إنكم تكوِّنوا حزب سياسي.. ولكن لا تتستروا بستار الدين، ولا تتخفوا في زي الدين، أما أن تتستروا بـ “,”الله أكبر ولله الحمد“,” وفي نفس الوقت تقوموا بعمل سياسي وتباشروا الحزبية، فهذا غير معقول لأنه يخل بمبدأ تكافؤ الفرص بينكم وبين الاحزاب، فأنا كرجل سياسي حزبي لا أستطيع أن أحاكم جماعة دينية تنادي بشعارات دينية سامية، وإلا سأكون محل استنكار من الرأي العام“,”
فردّ عليه حسن البنا مراوغاً ومناوراً كعادته قائلاً: “,”نحن لن نفكر في العمل بالسياسة ، ونحن رجال دين فقط ورجال فكر ديني، واذا كان صدر من بعض رجالنا أي عمل يخالف هذا الخط أو يدل على اتجاه سياسي فأستنكره وسأوقفه عند حده فوراً“,”!!
ويلخص د. رفعت السعيد هذه المواقف المتناقضة لحسن البنا في كتابه “,”حسن البنا – الشيخ المسلح)“,” ضمن سلسلته الرائعة “,”الارهاب المتأسلم .. الجزء الثاني“,” ص227، فيقول: “,”الحقيقة أن الأستاذ حسن البنا قد استحق عن جدارة بتصرفاته ومواقفه السياسية المعلنة الرضاء الملكي ، وتمضى سياسة المناورة بصاحبها، يتصور بها أنه قادر على أن يتلاعب بالجميع، ولكنه وبعد فترة قصيرة لا يلبث أن يدفع هو وجماعته ثمناً باهظاً، ويكتشف أن الجميع كانوا يتلاعبون به إذ كان هو يتصور أنه يتلاعب بهم.