الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

أشوف أمورك أستعجب!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ما أكثر ما نراه في حياتنا من قرارات وخطب عصماء، وعود هي كالورود الفواحة نشتم رحيقها فتهدأ النفوس ويرتاح البال، لكن مصدري القرارات ومطلقي الوعود لا يعلمون أن شر الأمور الانتظار، فهو قاتل لكل أمل ذابح لكل روح، خاصة إذا بانت المؤشرات حيث الجواب يعرف من عنوانه، فيتأكد الكل أن في الأمر شيئا وأن ما سمعوه وفرحوا به لم يكن سوى مسكن قوي، لم يدرك من أعطاه للناس حجم المناعة التي اكتسبوها علي مر العصور. 
رحلت حكومة محلب .. أو هكذا نظن، فالمعلن أو المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة - التي لن اتفاجأ إذا بقي فيها بعض من أثيرت حوله الشبهات-، جاء من ذات الصندوق القديم الذي لا مؤهل له سوي الحصول علي تقدير مقبول، من تلك الجهات التي تقدم تقاريرها للرئيس أو للمكلف بتشكيل الوزارة، والكارثة أنه رغم أن ما لدي الرئيس منها يستطيع معرفة نوع الجنين في بطن أمه، دون استعمال لأجهزة السونار أو غيرها، تأتي الحكومة ثم يتم اكتشاف فساد وزير أو أكثر، أما الأدهي والأمر فهم المعاونون الذين يمارسون الفساد قولا وفعلا وما الوزير إلا نوع من اثنين، إما مغيب لا يدرك ما يحاك حوله، أو مشارك بالتغطية للاستفادة أو الخوف من التورط إذا ما تم اكتشاف وقائع الفساد. 
الكارثة الأكبر أن هؤلاء الفاسدون يملكون صفات النصاب، حلو الكلام مرتب العقل صاحب الخبرة في تقنين ما سلبه أو أهداه بمقابل للمنتفعين، وما حدث بعد أن نشرنا قضية التزوير في طلبيات التقنين بوضع أسماء أخري بدلا عنها، مع الاحتفاظ برقم الطلب وتاريخه، وتغيير المنطقة المطلوب التعامل عليها، ليصبح الطلب الذي يحمل رقم 20 فدانا مطلوب تقنينها مثلا في وادي النطرون، يحمل رقم 1300 فدانا أو أكثر في منطقة أخري، المستندات نشرناها علي أمل أن يتم التحقيق فيها، لينال المفسدون عقابهم ومن ثم يعود الحق لأصحابه.
الحاصل أن قرارا تم اتخاذه بالتحفظ علي مكاتب من طالتهم الاتهامات، ونقلهم طبقا لما ورد في مذكرات جهات التحقيق المرفوعة للوزيرين السابق والمقال، ووصلت للجهات الرقابية خاصة بعد أن نشرتها "البوابة" علي يومين متتاليين، لكن المفاجأة أن من اتهمتهم لجان الفحص والتحقيق بالهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، وحولها المدير التنفيذي السابق للسلطة الأعلى طالبا التحقيق معهم ونقلهم من أماكنهم لحين اتمام التحقيق، عادوا إلي اماكنهم بالهيئة وكأن شيئا لم يكن، فتحولت الحركة المتجهة نحو التحقيق معهم داخل الجهات الرقابية إلي شلل تام، بقدرة قادر صاحب قرار، وبدلا من أن يتم تنفيذ المنطق سار الأمر كما كان مع من رفع تلك التقارير إلي السلطة الأعلى بداية، المتمثلة في وزيرين أحدهما رحل والثاني تمت إقالته وهو رهن الحبس حاليا، وكما تم نقل الرجل .. أصدر القائم بأعمال الوزير المقال، قرارا بنقل كل من أشار إليهم، المدير التنفيذي المنتهية ولايته، منذ يوم 18 أغسطس الماضي، باعتبارهم السبب الرئيس في كشف فساد مسئولي الهيئة.
هكذا تدار الأمور في مصر المنهوبة، بينما يخرج السيد رئيس الجمهورية ليقول : "أنا أتعجب ممن يحاولون سرقة البلد، ماعدش في حاجة تتاخد من البلد خلاص، ده احنا عايزين نديها من جيوبنا" مشدداً على أنه "لن يسمح بالفساد، ولن يسمح بجنيه ورق واحد يتاخد بدون وجه حق"، هكذا تفضل الرئيس بالقول، لأقول له يا سيادة المسئول الأول عن مصر: مادام الأمر كذلك فلماذا لا تحاسب من يكشف فسادهم ؟ أو تحقق معنا لكشفنا هذا الفساد، ليتحقق العدل في ولايتكم، وهو ما سيذكره التاريخ لكم، أو سيذكر العكس .. وهو ما سيجعل الخيار لكم، فإما هذا وإما ذاك ونحن نربأ بكم أن تختاروا "ذاك"، فمصر يتم ينهبها ليل نهار، والفاسدون الذين كشفناهم ذهبوا للوزير عادل لبيب ثم بدوره اصطحبهم إلي رئيس الوزراء ابراهيم محلب، الذي ألغي كافة قرارات التحفظ ليعودوا مجددا إلي مقاعدهم، فيما كاشفوا الفساد بالأدلة الدامغة من الشباب، يشردون وينقلون إلي أماكن بعيدة عقابا لهم علي ما فعلوه، اسأل يا سيادة الرئيس جهاتك الرقابية، وستعلم أن الفاسدين يسرقون، وأن في مصر أشياء تسرق، فخزانتها لو تعلمون لم توشوش حتي الان بما فيها من خيرات .