الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

الأخبار

زيارة السيسي إلى أندونيسيا.. آفاق جديدة لتعزيز العلاقات مع آسيا

الرئيس عبد الفتاح
الرئيس عبد الفتاح السيسى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
جسدت الزيارة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى أندونيسيا، والتي تعد الأولى لرئيس مصرى منذ عام 1983، حرص مصر على تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية مع أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان والاستفادة من التقدم الاقتصادى الذي حققته النمور الآسيوية وخاصة أندونيسيا التي تعافت من تداعيات الانهيار الاقتصادى الذي ضرب دول جنوب شرق آسيا عام 1998.
وأكدت المباحثات التي أجراها الرئيس عبد الفتاح السيسى مع الرئيس الأندونيسى جوكو ويدودو تصميم الجانبين على تنسيق وتدعيم الجهود المشتركة لدعم التجارة والاستثمارات وتصحيح الصورة الخاطئة عن الدين الإسلامي ومكافحة الإرهاب والتطرف.
واتسمت المواقف الأندونيسية تجاه مصر عقب ثورة 30 يونيو بالإيجابية، حيث أكدت الحكومة الأندونيسية احترامها لخيارات الشعب المصرى، وهو ما دفع الرئيس السيسى إلى أبداء تقديره لمواقف اندونيسيا الداعمة لخيارات الشعب المصرى وإرداته الحرة، مشيرًا إلى تجربة إندونيسيا في التحول الديمقراطي وإمكانية الاستفادة من خبرتها في هذا الصدد. كما أعرب عن تقدير مصر لموقف إندونيسيا المؤيد لحصول مصر على عضوية مجلس الأمن الدولى لعامىّ 2016/2017.
وفى السياق ذاته دفعت التحديات التي تواجه العالمين النامى والإسلامى، وفي مقدمتها ظاهرة التطرف والإرهاب، مصر وأندونيسيا إلى تعزيز التقارب لمواجهة تلك الظاهرة في ضوء معاناة البلدين من الإرهاب.. حيث نفذت الجماعات المتطرفة ومن بينها المحظورة عمليات إرهابية في العديد من المدن المصرية عقب ثورة 30 يونيو بينما تعرضت اندونيسيا لهجمات إرهابية خلال السنوات الماضية في مقدمتها تفجيرات بالى الأولى عام 2002 التي أودت بحياة 202 شخص من بينهم 88 سائحا أستراليا وتفجيرات بالى الثانية عام 2005 والتي أودت بحياة 23 شخصا وتفجيرات فندقى الريتس كارلتون والماريوت عام 2009 وغيرها.
وحرص الرئيس السيسى على التاكيد على أهمية أن تتم مكافحة الإرهاب من خلال إستراتيجية شاملة لا تقتصر فقط على المواجهات العسكرية والأبعاد الأمنية ولكن تمتد لتشمل كل الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية، لافتا إلى أن مصر تؤيد الحلول السياسية لهذه الأزمات بما يساهم في الحفاظ على كيانات ومؤسسات هذه الدول ومقدرات شعوبها.
وفى ذلك الصدد شدد الرئيس السيسى على ً ضرورة الارتقاء بمستوى التعاون بين مصر كدولة رائدة في محيطها الإقليمي، وبين إندونيسيا بثقلها في العالم الإسلامي لمواجهة تحديات التطرف والإرهاب، مؤكدًا حرص مصر على استمرار دور الأزهر الشريف في إندونيسيا كمنارة لنشر القيم السمحة للإسلام الحنيف بوسطيته واعتداله.
من جانبه، أعرب الرئيس الاندونيسي عن اتفاقه في الرؤى مع الرئيس السيسى حول أهمية إيضاح الروح الحقيقية السمحة للدين الإسلامي وتفعيل قيمه السامية لتساهم في مكافحة الإرهاب والتطرف.
وعلى الصعيد الاقليمي، اظهرت المباحثات التي أجراها الرئيس السيسى ونظيره الإندونيسى جوكو ويدودو توافق الاراء بين الجانبين تجاه تطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط وما تعانيه عدة دول فيها من ويلات الإرهاب والتطرف.
وفى ذلك الصدد أكد الرئيس السيسى على أن القضية الفلسطينية ستظل محتفظة بمكانتها المتقدمة على قائمة أولويات السياسة الخارجية المصرية، منوهًا إلى أنه يتيعن تحقيق السلام العادل والشامل وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
ومن جانبه شدد الرئيس الإندونيسي على أن بلاده تؤيد إنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة مؤكدا على أهمية قيام الدول الإسلامية بالتباحث في المشكلات والأزمات التي تواجهها منطقة الشرق الأوسط لايجاد حلول لها وتدارك آثارها الإنسانية السلبية على شعوب دول المنطقة، ومن بينها تزايد أعداد اللاجئين والهجرة غير الشرعية وما يترتب عليها من تداعيات مأساوية.
وقد رحب الرئيس السيسى بتلك الفكرة منوهًا إلى أهمية بلورتها وإعدادهًا جيدًا لتحقق أهدافها المرجوة.
ومن ناحية أخرى أكدت زيارة الرئيس السيسى إلى جاكرتا على أن التعاون المصرى الاندونيسى سوف يسهم في تعزيز العمل الإسلامي المشترك لأن الدولتين تلعبان دورا اقليميا بارزا.. فمصر لديها ثقل سياسي في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا بينما تلعب اندونيسيا دورا محوريا في منطقة جنوب شرق آسيا.
وتحرص البلدان أيضا على تبادل الاراء والتنسيق المشترك بشان القضايا الثنائية والاقليمية والدولية من خلال عدد من الآليات من بينها الامم المتحدة ومنظمتى المؤتمر الإسلامي وعدم الانحياز ومجموعة الدول النامية الثمانية للتعاون الاقتصادى ومجموعة ال 77 ومجموعة ال 15.
وتعد مصر أول دولة في العالم تعترف باستقلال اندونيسيا في السابع عشر من أغسطس عام 1945 / وقعت مصر واندونيسيا اتفاقية صداقة لانشاء العلاقات الدبلوماسية في العاشر من يونيو عام 1947/.
ومن ناحية أخرى سيسهم التعاون والتنسيق المصرى الاندونيسى في تعزيز دور الدولتين في مجال الحوار بين الاديان والثقافات حيث لعبت مصر – من خلال الأزهر- دورا رائدا في مجال تعزيز التفاهم بين الاديان والحضارات ومواجهة الحملات التي تستهدف النيل من الإسلام ونشر قيم التسامح والوسطية في العالم.
وتعد اندونيسيا – بوصفها أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان - نموذجا للتعايش بين الإسلام والديمقراطية.
وفى السياق ذاته تقدر اندونيسيا حكومة وشعبا –الدور الذي يلعبه الأزهر بوصفه اقدم جامعة إسلامية في العالم لنشر رسالة الإسلام المعتدل ومواجهة ظاهرة الخوف من الإسلام / اسلاموفوبيا / التي اجتاحت مناطق عديدة من العالم والتطرف.
وتقدم مصر سنويا 120 منحة للطلبة الاندونيسيين للدراسة بالأزهر من بينها 90 منحة للدراسة بجامعة الأزهر كما يوجد نحو 47 مبعوثا تابعين للأزهر يتولون تدريس اللغة العربية والعلوم الإسلامية في كل الاقاليم الاندونيسية، ويبلغ إجمالي عدد الطلبة الاندونيسيين الذين يدرسون بمصر يبلغ 6000 طالب.
ويشغل عدد كبير من خريجى الأزهر مواقع قيادة بارزة سواء في الحكومة أو الأحزاب السياسية أو كل المؤسسات الاندونيسية الاخرى علاوة على انهم يحظون بتقدير بالغ من جانب الرأى العام الاندونيسى.
وعلى الصعيد الاقتصادى حرص الرئيس السيسى على توجيه الشكر للرئيس الاندونيسي على إيفاده مبعوثًا شخصيًا للمشاركة في حفل افتتاح قناة السويس الجديدة في السادس من أغسطس الماضى، مستعرضًا الفرص الاستثمارية الواعدة التي سيتيحها مشروع التنمية بمنطقة قناة السويس، والمشروعات الوطنية الأخرى الجارى تنفيذها في مصر. وفي ذات السياق، أشار الرئيس إلى الإجراءات والتشريعات التي تتخذها وتصدرها مصر من أجل تهيئة مناخٍ جاذبٍ للاستثمار، منوهًا إلى الفرص التصديرية المتاحة أمام المنتجات التي يتم تصنيعها في مصر في أسواق الدول المجاورة لاسيما في المنطقة العربية والقارة الأفريقية.
وشهدت العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مصر واندونيسيا نموا ملحوظا خلال الاعوام القليلة الماضية حيث يصل حجم التبادل التجارى بين البلدين حاليا إلى نحو 5ر1 مليار دولار. وتأمل البلدان في تطوير ذلك التعاون وزيادة الصادرات المصرية إلى السوق الاندونيسية لإصلاح الخلل في الميزان الذي يميل لصالح اندونيسيا.
وتعد اندونيسيا بوابة مواتية للصادرات المصرية إلى أسواق دول جنوب شرق آسيا بينما تعتبر مصر بوابة للصادرات الاندونيسية إلى أسواق الشرق الأوسط وأفريقيا والاتحاد الأوربي.
وفى السياق ذاته اتجه العديد من الشركات الاندونيسية من بينها أندوراما واندوبهارات واندومى ومجموعة كادونج إلى إقامة مشروعات استثمارية في مصر في مجالات البتروكيماويات والنسيج والصناعات الغذائية والزجاج.
وعلى صعيد التعاون الاقتصادى الاقليمى حرص الرئيس عبد الفتاح السيسى على إجراء مباحثات مع سكرتير عام رابطة جنوب شرق آسيا / آسيان / لى لونج مينه خلال زيارته إلى جاكرتا لبحث سبل تعزيز التعاون الاقتصادى التجارى مع الدول الأعضاء بالرابطة وهى اندونيسيا / التي تستضيف سكرتارية آسيان / وماليزيا وسنغافورة وتايلاند وبروناى والفلبين وكمبوديا وميانمار وفيتنام ولاوس.
واستوعبت دول رابطة آسيان – التي تأسست في أغسطس عام 1967 – التجربة الاليمة الناجمة عن الأزمة المالية الاسيوية عام 1998 حيث سعت تلك الدول إلى تعزيز النمو الاقتصادى المرتكز على معدلات الطلب القوى بدرجة أكبر من الصادرات لتفادى التأثيرات السلبية الناجمة عن الأزمات المالية الدولية وإقامة منطقة حرة للتجارة مع الصين / ثانى أكبر اقتصاد في العالم / والتي تعد الأكبر على المستوى العالمى لأنها تضم نحو 9ر1 مليار مستهلك وقوى اقتصادية كبرى مثل اندونيسيا والصين وماليزيا وغيرها.