رسالة من مواطن مجهول، رفض ذكر اسمه، واكتفي بأن يكتب "عامل مفصول، حكى فيه معاناة الطبقات الدنيا من الفقراء والموظفين".
كلمات الرجل كانت بمثابة طلقات نارية موجهة لمجتمع كامل تجاهل فيه القوى الضعيف واستدار فيه الغني بظهره عن الفقير، في ظل النكبة الأكبر وهي تجاهل المسئولين لأعداد هؤلاء المعذبين وتخاذلهم عن إيجاد حلول لمشكلاتهم رغم أنهم الشريحة الأكبر في المجتمع.
ولعل ما أثار دهشتي وأنا أتصفح سطور الرسالة أنني لم أجد للرجل طلبًا بمساعدة مادية أو معنوية، ولكنه دعا بدعوة المقهورين، فاقرأ معنا نص الرسالة لتعرف ماذا قال:
"سامعينك" اسم مش كفاية يا حضرات، لازم كمان تكونوا "شايفينك وحاسينك وإيدنا بإيدك، انزلوا روحوا القرى المعدومة يا أفندم، خبطوا على بيوت الموظفين اللي بيكملوا عشاهم نوم، هناك أسر فقيرة لا تجد "العيش الحاف"، ومن عفة نفسها نايمة "رابطة بطنها"، بتتكلموا عن مقاطعة اللحوم والفراخ والسمك وقالبين الدنيا؟ ورحمة ابني الغالي لينا 4 سنين ما دقنا طعمها غير في عيد الأضحي لأجل الحلفان.
أنا من "العياط" أكيد ماتسمعوش عنها، أنا و5 ولاد وأمهم بقالنا 5 سنين عايشين على "الهياكل والرجول" اللي انتوا بتأكلوهم لقططكم وكلابكم، من يوم ما اتفصلت، ولادي من 3 سنين ما لبسوا هدمة جديدة ولا شنطة جديدة لمدارسهم، دا غير الواد اللي اتفصل بسبب تعثرنا في دفع مصاريفه، مين يحس بينا ومين يقف جنبنا، املوا رجليكم تراب وانزلوا الحواري والشقوق وبلاش تيجوا بالمصورين وتمشوا، تعالوا وفي ايدكم المسئولين، واطلبوا منهم يبدلوا أماكنا بأماكنهم ليوم واحد.
على فكرة أنا لا عايز فلوس ولا لحمة ولا فراخ ولا شقة جديدة، ولا عايز حتى أرجع شغلي، أنا عايز رحمة ربنا بس تنزل وياخدني أو القيامة تقوم.
رغم ما حملته الرسالة من غضب إلا أنها حملتنا مسئولية أكبر من تلك التي تحملناها، لذا نَعِدُه بأن نجوب كل قرى مصر وضواحيها وأزقتها لنتعرف على مشكلات وهموم المواطنين والوصول لحلول لها.
أما صاحب الرسالة فنتمنى عليه إرسال عنوانه وبياناته، حتى يتسنى لنا تقديم مساعدة حقيقية له "خارج مكاتبنا".
