الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

تلاميذ ومعاصرو "محفوظ" يسردون مشواره الأدبي.. سلماوي: رأى أن الواقع المصري امتداد للتاريخه.. القعيد: أراد "تلخيص" مصر في 100 رواية.. ماضي: إتجه إلى لمس جينات الواقع

الأديب العالمي الراحل
الأديب العالمي الراحل نجيب محفوظ
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
محطات عديدة في حياة الأديب العالمي الراحل نجيب محفوظ أثرت به وجعلته ينتهج منهجا روائيا مختلفا فرغبته في التميز والوصول إلى أعلي قمة هرم الإنتاج الروائي والفلسفي كان بمثابة الدفعة التي أوصلته ليكون من بين أفضل الأدباء على الساحة مع مرتبة الشرف وهو ما جناه بالنهاية في حصوله على جائزة نوبل بالأدب عن ثلاثيته الشهيرة.
والمتابع لروايات نجيب محفوظ يجد أنه حينما بدأ كتاباته الأدبية في منتصف الثلاثينيات بدأ بكتابة القصص القصيرة في مجلة الرسالة ثم 1939، نشر روايته الأولى "عبث الأقدار" لتكون أولى الروايات التي تتناول الأدب التاريخي لتصول وتجول في تاريخ مصر القديمة بنبرة الواقع التي تحمل الحقد والكراهية للاحتلال الإنجليزي وما إن يمر الوقت حتى نجده يغير أسلوبه للتناول الواقعي للمجتمع ككل.
ولعل ذلك ما يطرح التساؤلات حول اللون الأدبي لنجيب محفوظ وأسباب الاتجاه إليه وهو ما طرحته البوابة على تلاميذه ومن عاصروه.
كانت لديه كراسة قديمة أطلعني عليها ودون بها أفكارا وموضوعات لروايات أخرى عن التاريخ المصري كان ينوي كتابتها ولكن الواقع المصري طغي على اهتمامه هكذا يقول محمد سلماوي، الكاتب والروائي الذي قام بإجراء العديد من الحوارات مع الكاتب الراحل نجيب محفوظ، مضيفا أن ما لفت نظر محفوظ للتاريخ اكتشاف مقبرة توت عنخ امون عام 1922 والتي لفتت نظر العالم كذلك للحضارة المصرية القديمة وبما فيها من كنوز تدل على سمو وتقدم الحضارة المصرية القديمة فاهتم بالتاريخ وكان يذهب إلى دار الكتب يجلس بالساعات للقراءة في التاريخ لافتا إلى أن محفوظ كتب أولى رواياته من خلال موضوعات مستمدة من التاريخ وكان ينوي أن يكرس حياته لكتابة تاريخ مصر كما فعل الكاتب السكوتلاندى "السير والتر سكوت".
وتابع: ولكن محفوظ بدأت الحارة المصرية التي نشأ بها تجذبه إلى عالمها الخاص فاتجه إلى الكتابة الواقعية المعاصرة وبدأ ذلك برواية "القاهرة الجديدة" ثم "زقاق المدق" و"بداية ونهاية" إلى أن وصل إلى ذروة المدرسة الواقعية بالرواية بثلاثيته التي تعتبر عالميا إحدى أهم نماذج المدرسة الواقعية في الكتابة على مستوى العالم.
أضاف: ولكن الحقيقة أن من يراجع الروايات الفرعونية يجد أن محفوظ كانت عينه طوال الوقت على الواقع الذي يعيشه فحين كتب رواية "كفاح طيبة" ضد احتلال الهكسكوس كان في الواقع يكتب عن كفاح مصر ضد الاحتلال البريطاني، ومع ذلك فقد عاد يهتم مرة أخرى بالتاريخ المصري القديم بعد كتابة رواياته الواقعية خلال الأربعينيات والخمسينيات وكتاباته الفلسفية بالستينيات، فكتب رواية "العائش في الحقيقة" عام 1974 ذلك أنه كان يرى أن الواقع المصري امتداد للتاريخ المصري ولم يمكن يرى انفصالا بينهما.



يوسف القعيد، الكاتب والروائي، الذي كان يربطه علاقات متينة بالروائي العالمي الراحل نجيب محفوظ، يضيف، أن محفوظ حينما بدأ في الأدب الفني أراد كتابة تاريخ مصر عبر مجموعة من الروايات بما يبدأ من 90 إلى 100 رواية بدئا من تاريخ الفراعنة ولكنه عقب رواياته الثلاثة "كفاح طيبة وعبث الاقدار وراد وبيس" التي حاول من خلالها الرجوع إلى الهوية الفرعونية خلال فترة اﻷربعينيات انصرف عن الأمر، لافتا إلى إنه قام مؤخرا بإصدار كتاب بعنوان "نجيب محفوظ إن حكى" ويتناول حواراته مع نجيب محفوظ التي تحدث فيها الأديب الراحل عن أسباب انصرافه عن كتابة تاريخ مصر عبر الرواية.
موضحا أن محفوظ لم يكمل مشروع رواياته التاريخية حينما وجد أنه لن يقدم بذلك لونا أدبيا جديدا ضد المستعمر وهو نوع أدبي مستهلك من وجهة نظره، ولذلك تساءل محفوظ لماذا لا يتجه للواقع بدلا من الأسلوب الأدبي التاريخي.
ولفت القعيد أنه على الرغم من ذلك استمر "الوجع التاريخي" يلازم محفوظ ولعل ذلك ما حمله على إصدار روايته التي عاد فيها لسرد التاريخ رائعته (العائش في الحقيقة) والذي يعد من أفضل ما كُتبَ عن هذا الفيلسوف أخناتون بمصر القديمة، مشيرا إلى أنه على كل حال فالطابع العام لجميع روايات نجيب محفوظ تتسم بالتميز والجدية والأسلوب الفني الرائع.


في حين يضيف الروائي أحمد ماضي، أن اختيار نجيب محفوظ للواقعية إنما جاء ينبع من رغبته في التناول الاجتماعي للواقع ولمس جينات المشاكل والواقع المصري ولكنه على الرغم من ذلك لا يمكن إغفال القيمة الأدبية لأي رواية كانت سواء تاريخية أو اجتماعية فكل رواية تعبر عن قيمة مضافة فاللون التاريخي يذكرنا بالماضي والاجتماعي يتناول مشاكل المجتمع.
مشيدا بأسلوب محفوظ الذي إمتزج فيه السياسة بالتاريخ في رواياته مثل رواية "كفاح طيبة" التي كان يريد أن يقول خلالها أن الشعب الذي هزم الهكسوس يمكنه هزيمة الإنجليز وهو الأسلوب المقرب من القراء.