الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

سنغافورة "من القاع إلى القمة".. 80 ألفًا و270 دولارًا حجم الدخل السنوي للفرد خلال 2014.. خبراء: يجب الاستفادة من التجربة السنغافورية في تنمية الاقتصاد المصري

سنغافورة من القاع
سنغافورة "من القاع إلى القمة"
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يطرح الاقتصاد السنغافوري الكثير من الجدل والتساؤلات التي لابد من معرفتها والاستفادة منها داخل مصر، لاسيما مع النمو الاقتصادي الكبير الذي استطاعت تحقيقه...سنغافورة تلك "الجزيرة" التي لا تتعدي مساحتها 710 كيلومترات مربع على الرغم من الظروف الصعبة التي عصفت بها ليصل دخل الفرد السنغافوري من إجمالي الدخل القومي لبلاده عام 2014 (80 ألفا و270 دولارا) في حين كان نظيره الياباني نحو 37 ألفا و920 دولارا في العام نفسه، وفقا لبيانات البنك الدولي في الوقت الذي يبلغ عدد سكان سنغافورة وفق آخر الإحصائيات نحو 5.5 مليون نسمة في الوقت الذي يصل خلاله عدد السكان في مصر ما يناهز 90 مليون نسمة ولا يتعدى الدخل القومي 272 مليار دولار.


من جانبه أشاد الدكتور محمد أبو النور، أستاذ الاقتصاديات الحرجة وإدارة الأزمات بالجامعة الأمريكية بالتجربة السنغافورية والتي يمكن تطبيقها داخل مصر والتي استطاعت رغم أنها بقعة صغيرة وبها موارد شبه منعدمة تحقيق النمو الاقتصادي لتتربع على عرش مجموعة النمور الآسيوية، لافتا إلى أن أهم ما يمكن الاستفادة منه من دولة مثل سنغافورة لجوء تلك الدولة على الرغم من نقص مواردها إلى الاعتماد على الإنسان باعتباره منتج التنمية، فمحور ارتكاز تلك الدولة فقيرة الموارد على التنمية البشرية والاقتصاد المعرفي وليس اقتصاد الموارد وهو ما تم في دول مثل الصين وماليزيا وغيرها.

وأضاف أن الاقتصاد المعرفي هو اقتصاد من لا اقتصاد له أي تلك الدول التي لم تتوافر لها موارد طبيعية اعتمدت على اقتصاد الإنسان وهو ما تفتقر مصر إليه مشيرا إلى أنه بالنظر إلى الاقتصاد المصري نجد ملاحظتين هامتين أولا القفزة المصرية الحالية في التسارع الاقتصادي أمر محمود ولكن ينقصه أن يكون في إطار كلي شامل تتضح معه رؤية الدولة المصرية كاملة بما فيها النهضة الاقتصادية وذلك حتى نتفادى وجود دخل ضعيف ومواطن مستهلك غير منتج لأنه مهما تعاظم الدخل يتم استهلاكه طالما ليس هناك أي إنتاج مضاف.
وتابع أبو النور أنه لم تلتفت مصر في سعيها لنقل التجارب الناجحة إلى المكون الأساسي في التنمية المعاصرة وهو التنمية البشرية لأن هناك حالة من الاستقطاب للعديد من العناصر الأخرى مثل التكنولوجيا والمستثمرين في حين أنه لم يقابل ذلك دعم نحو تهيئة الجهاز المدني للدولة بمحتواه حتى يكون قادرا على حمل تلك المسئوليات الجسيمة الجديدة التي سيكون عليه إنجازها بشكل استثنائي فنحن لم نلتفت للعنصر البشري.
ولفت أبو النور أنه هناك دلائل عديدة على ذلك من بينها تدني وجود الإصلاح في الجهاز المدني للدولة وكوادره البشرية وساعد على ذلك إلغاء وزارة التنمية الإدارية والتي كانت مسئوليتها النهوض بالعنصر البشري وتوزيع مهامها على جهتين وزارة التنمية المحلية "لتكون مسئولة عن التنمية الإدارية" الجهة الأخري بوزارة التخطيط لتكون مسئولة عن "الإصلاح الإداري"
واستطرد: يضاف إلى ذلك أنه لا يعتبر قانون الخدمة المدنية سوي تمييز غير دستوري ضد فئة من الموظفين وانصافا لفئة أخرى في الجهاز الإداري نفسه، قائلا "إذن العنصر البشري غير موجود على خريطة التنمية للدولة ولا يمكن لأي مما نسعي اليه أن يحققه الرئيس والحكومة بوزرائها ومحافظيها بنفس العنصر البشري المقهور ذاتيا.


ويضيف الدكتور رشاد عبده، خبير الاقتصاد الدولي ورئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية، أنه التجربة السنغافورية تستمد بريقها من "لي كوان يو" ذلك الرجل الذي استطاع إرساء النهضة في سنغافورا مشيرا إلى أن "لي كوان يو" قام بإصدار قوانين صارمة ضد الفساد وهو الأمر الذي ما إن مر 3 أشهر على تطبيقه حتى بدأ الجميع بالالتزام ولاسيما بعد أن حاكم ثلاثة وزراء خلال فترة وجيزة الأمر الذي ساهم في تفعيل دولة القانون لتجني مؤخرا سنغافورة ثمار ذلك ولتكون الدولة رقم 1 بالتصنيف العالمي خلال الإحصائيات الأخيرة في معدل الشفافية ومكافحة الفساد.
مشيرا إلى أن ذلك لا يمكن تطبيقه في مصر في الوقت الذي يغلب فيه الطابع الاعتراضي تحت شعار الثورية على ما تقوم به الدولة حينما تتخذ أي قرارات داخلية قائلا "لا نريد أن نطلع للأمام"، وهو ما يحدث عكسه داخل سنغافورة التي يوجد بها قانون يمنع الطعن على قرارات الدولة إلا من خلال الجهة التي لها صلة بالقضية "طرفي الاختصام".
لافتا إلى أنه يمكن الاستفادة بإدارة الموانئ والتي تتميز بها سنغافورة حيث تعد أهم دولة في العالم في إدارة الموانئ وخدمات السفن مثل الشحن والتفريغ بالإضافة إمكانية الاستفادة من تقنياتها في تحلية المياه في الوقت الذي نحتاج فيه إلى معرفة نظم تحلية المياه للمساعدة على استصلاح الأراضي الزراعية التي من المقرر زراعتها والتي تقدر ب 4 ملايين فدان بواسطة المياه الجوفية.



وأكد محمد جنيدي، نقيب المستثمرين الصناعيين ورئيس جمعية مستثمري السادس من أكتوبر، أن الطرق لتنمية اقتصاد أي دولة واحدة وتتعلق بفكرة الإصلاح العام داخل منظومة التنمية الداخلية ما يؤثر سلبا أو إيجابا على التنمية، مشيرا إلى وجود العديد من الأمور التي تحتاج إلى إعادة نظر داخل مصر مثل عدم وجود قوانين تحكم الاستثمار الداخلي بالصورة المرغوبة على الرغم من نجاح مؤتمر اقتصادي كبير مثل مؤتمر شرم الشيخ، مستنكرا عدم تحديث القوانين التي تحكم الصناعة في مصر والتي تم إصدارها منذ عام 1959 أي منذ ما يناهز نصف قرن.