الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

أمناء الشرطة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لست مع هؤلاء الذين يصدرون الأحكام بالتآمر والخيانة على فئة نحن نعرف دورها، وتضحياتها، وندرك أنهم هدف للإرهابيين، وسقط من بين صفوفهم المئات خلال الفترة الماضية.
صحيح أن مجموعة من أمناء الشرطة أخطأوا بلجوئهم إلى الاحتجاج والاعتصام أمام مديرية أمن وأقسام محافظة الشرقية، لكنهم لم يلجأوا قطعا إلى التخريب، وكان احتجاجهم بسبب تدنى الرواتب وتراجع مستوى المعيشة، في الوقت الذي يبذلون فيه كل الجهد من أجل أمن الوطن واستقراره.
بالقطع كنت أتمنى ألا تصل الأحوال بالبعض إلى هذه الدرجة، وأن يكون التعبير عن المطالب عبر وسيلة أخرى مختلفة، فهؤلاء الرجال هم المسئولون عن الأمن والانضباط، ولا يحق أبدا اللجوء إلى مثل هذه الأساليب، ولكن ليس معنى ذلك أنهم أصبحوا أعداء للوطن بين يوم وليلة، وأنهم ينفذون مخططا لصالح جماعة الإخوان الإرهابية.
الشرقية كان لها نصيب الأسد في الشهداء من أمناء الشرطة الذين سقطوا ضحية الإرهاب، ومن العيب أن يسعى البعض إلى التحريض ضدهم، وتأليب الشارع عليهم، فهؤلاء هم أبناء مخلصون للوطن، التعامل معهم يجب أن يتم بحكمة وموضوعية، ولا تبخسوا الناس أدوارها التي لن تُنسى.
لقد ترددت معلومات تحوى قدرا كبيرا من المبالغة عن الرواتب التي يحصل عليها الأمناء، ونشرت وثائق مزورة تشير إلى أن راتب أمين الشرطة يصل إلى سبعة آلاف جنيه شهريا، والحقيقة أن الأمر غير صحيح بالمرة، فراتب أمين الشرطة يبدأ فقط بـ١٢٠٠ جنيه، وراتب الأمين بعد ١٥ عاما من الخدمة لا يتجاوز ٢٩٠٠ جنيه شهريا.
وهكذا نرى أن متوسط الراتب لا يكفى بناء حياة إنسان في مقتبل العمر، يؤدى عمله صباح مساء، ومعرض لخطر الاغتيال في كل وقت، ولكن كان يتوجب أن نبحث عن طرق بديلة للاعتصام والاحتجاج، خصوصا أن الظروف التي تمر بها البلاد ظروف صعبة، والتحديات التي تواجهها خطيرة من الداخل والخارج على السواء.
ومن المؤكد أن مطالب أمناء الشرطة الاقتصادية هي مطالب عادلة، ولكن أيضا يجب أن يكون الحوار هو السبيل الوحيد لحل هذه الأزمة، بعيدا عن لغة التصعيد التي يمكن أن تمتد شراستها لتطال فئات مجتمعية أخرى تعانى نفس المعاناة في ظل زيادة الأسعار وتدنى مستويات المعيشة.
لقد أدار السيد وزير الداخلية الأزمة بحكمة شديدة، لقيت تجاوبا لدى المعتصمين، فعلقوا اعتصامهم، وتركوا قضيتهم أمانة لدى كبار المسئولين في الدولة لاتخاذ القرار المناسب، وأعتقد أن ذلك هو الخيار الصحيح.
إن كل ما أتمناه أن يتوقف بعض الوسائل الإعلامية والصحفية عن اتهام الأمناء بالخيانة والعمالة، فهذا تجنٍّ واضح، وحكم غير منصف، وإساءة متعمدة لفئة نكن لها كل التقدير والاحترام، ونعرف حجم تضحياتها من أجل الوطن.
وإذا كان البعض يظن أن هذه اللغة قادرة على إنهاء الأزمة، فهذا غير صحيح، هؤلاء الرجال لا يقلون وطنية عن أي إنسان مخلص لرسالته في هذا البلد، ومن ثم تجب معالجة الأمر بطريقة مختلفة، وترشيد الخطاب الإعلامي تجاههم بعيدا عن لغة الإهانة والتحريض. وإذا كان الرئيس عبدالفتاح السيسى يهتم شخصيا بهذه المطالب، وأعطى توجيهاته إلى الحكومة بالبحث فيها، فلا يجب أن يستمر البعض في إهالة الثرى على هؤلاء الرجال، بل يجب أن تكون اللغة في التعامل معهم مختلفة، فهم جزء من الجماعة الوطنية، هم دفعوا ويدفعون الثمن ويضحون بلا حدود، بينما بعضنا يطلق أحكامه من غرف مكيفة.
إذا أردنا حل مشكلة أمناء الشرطة فيجب أن نشعر بمعاناة الأمناء والأفراد، ولا أظن أنهم عندما يعرفون حقائق الوضع الاقتصادى وجدية بحث مطالبهم يمكن أن يكرروا ما جرى مرة أخرى.