السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

"جوته" في ذكرى ميلاده.. أحب اللغة العربية وتأثر بالمتنبي وامرؤ القيس

 يوهان فولفجانج جوته
يوهان فولفجانج جوته
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يوافق اليوم 28 أغسطس، ذكرى مولد أحد أشهر أدباء ألمانيا المتميزين، وهو يوهان فولفجانج جوته، الذي ترك إرثًا أدبيًّا ضخمًا للمكتبة الألمانية والعالمية، والذي تنوع ما بين الرواية والكتابة المسرحية والشعر، وقد أبدع في كل منها.
ولد بمدينة فرانكفورت بألمانيا عام 1749، وكان والداه ميسوري الحال، وعملا جاهدين ليحصل ابنهما على قدر وافر من العلم، وكان والده يرجوا أن يتبوأ ولده مناصب عالية في الدولة، فتدرج في مراحل التعليم المختلفة حتى درس المحاماة وتخرج من كلية الحقوق، وعلى الرغم من دراسة جوته للحقوق إلا أن ميوله وعشقه كان للأدب.
وعكف على تعلم اللغات، وساعده والده في ذلك، فدرس كل من اللاتينية، اليونانية، الإيطالية، الفرنسية، الإنجليزية والعبرية، كما سعى للتعرف على ثقافات أخرى، فتعمق في الأدب الشرقي، واطلع على الأدب الصيني والفارسي والعربي، إضافة لتعمقه في الفكر الإسلامي، ولم يكتف جوته في مجمل إطلاعه على الثقافة العربية على الشعر العربي فقط، بل اطلع على كتب النحو والصرف أيضا.
وحصل جوته على إجازته في القانون عام 1771، وعاد مرة أخرى إلى مسقط رأسه ليمارس مهنة المحاماة، وبعد ذلك انتقل إلى "فتزلار" وهي مقر المحاكم الإمبراطورية ومحكمة الاستئناف العليا.
وكانت الفترة الواقعة بين أعوام 1771، و1775 فترة مهمة في تاريخ جوته الأدبي، فأنتج بها أشهر رواياته، منها: جوتس، كلافيجو، آلام فيرتر، ستيلا، جوتر، وأروين، ما جعله يرتقي سريعًا بين الأدباء الألمان، وفاقت شهرته وتجاوزت حدود ألمانيا.
وفي عام 1774 تعرف على "كارل أوغست" دوق مقاطعة (ساكسن - فايمار - أيزيناخ) بمدينة "كالسر" في مقاطعة بادن، فدعاه لزيارة فايمار، وتوطدت علاقة الصداقة بينهما، وعيّنه الدوق في أحد مناصب الدولة، ورغم من كونها دوقية صغيرة فقيرة ومعظم أهلها من الفلاحين، إلا أنها كانت قبلة لرجال الفن والأدب والعلم.
وشجع جوته على البقاء أن والدة الدوق، كانت من المهتمين بالأدب والموسيقى، فرحبت به واستضافته، وكان قصر الدوق مركزًا أدبيًّا يلتقي فيه العديد من العلماء والأدباء والشعراء، وعُين راعيًا ومديرًا لمكتبة الدوقة حتى وفاته، وكانت الوظيفة الجديدة تدر عليه مبلغًا ماليًا مرتفعًا، فكثر حوله الحاقدون ولكن لم يأبه الدوق بكل هذا وتوطدت علاقته بجوته كثيرًا وقام بمنحه منزلًا فخمًا على ضفاف أحد الأنهار ليمكث به.
وقدم في هذه الفترة في حياته أعمالا أدبية مميزة، فكتب العديد من الروايات، والتي قدم بعض منها على مسرح فايمار، وكانت من ضمن الروايات التي قدمها في هذه الفترة رواية "انتصار العواطف".
وفي عام 1786 سافر جوته إلى إيطاليا، وبقي هناك أكثر من عام ونصف، فتعمق في حضارتها وسحرها، أبدع عددًا من أجود وأفضل رواياته التمثيلية مثل أفيجينيا، إيجمونت وناسو، معتبرا رحلته لإيطاليا أفضل شيء حدث له في حياته.
وعقب عودة جوته إلى فيمار احتلها الفرنسيون بقيادة بونابرت، وحين التقيا - جوته ونابليون - أبدى القائد الفرنسي إعجابه الشديد بشخصيته، وقال عنه: "هذا إنسان"، كما تعاطف جوته مع نابليون عندما بدأ نفوذه في الاضمحلال في أواخر عهده عام 1813، ما جعل البعض يشكك في وطنيته.
وكان جوته يميل في اتجاهه الأدبي إلى منهج "العاصفة والتيار"، والذي كان منهجًا متجددًا مفعمًا بروح الشباب، رافضًا وضع أي قيود على المشاعر والأحاسيس، مؤمنًا بحرية التعبير، ثم في مرحلة أخرى من حياته تحول إلى "الكلاسيكية"، والتي تسير على نهج الحضارة الرومانية اليونانية القديمة.
وقد تنوعت مؤلفات جوته بين الرواية والقصيدة والمسرحية، منها: آلام الشاب فرتر، ومن المسرحيات نذكر نزوة عاشق، المتواطئون، جوتس فون برليخنجن ذو اليد الحديدية، كلافيجو، إيجمونت، شتيلا، إفيجينا في تاورس، توركواتو تاسو، ومن قصائده بروميتيوس، فاوست "ملحمة شعرية من جزأين"، المرثيات الرومانية، وسيرة ذاتية بعنوان (من حياتي.. الشعر والحقيقة، الرحلة الإيطالية)، الأنساب المختارة، كما قدم واحدة من أروع أعماله وهي "الديوان الغربي والشرقي"، والذي ظهر فيه تأثره بالفكر العربي والفارسي والإسلامي، ولعل جوته هو أول شاعر أوروبي يقوم بتأليف ديوان عن الغرب والشرق مجسدًا قيم التسامح والتفاهم بين الحضارتين.
ومما قاله جوته في وصف اللغة العربية: "ربما لم يحدث في أي لغة هذا القدر من الانسجام بين الروح والكلمة والخط، مثلما حدث في اللغة العربية، وإنه تناسق غريب في ظل جسد واحد"، وقد عكف جوته على دراسة الشريعة الإسلامية دراسة متعمقة، واطلع على الأشعار والملاحم العربية، وتأثر ببعض الشعراء مثل المتنبي، وأبي تمام، والمعلقات السبع، فترجم عددًا منها إلى اللغة الألمانية عام 1783، بمساعدة معلمه هيردر، وقرأ لفحول الشعراء أمثال امرؤ القيس، وطرفة بن العبد، وعنترة بن شداد، وزهير بن أبي سلمى وغيرهم.
وتوفي يوم 22 مارس عام 1832 بفايمار، وهو في الثانية والثمانين من عمره.